سعيدة الحنبلي - سلطة الجنس في الأغنية الشعبية..

الحلاوة فين كاينة، شوف الشهبة يلا ضحكت كيف الجنة يلا تحلت رمي يدك يلا تفلت يلا كنتي رامي المباته، عفا شيري بشوية اههه بشوية.. راني عزبة لوالديا، على قبلك بايتة عساسة، شتو تحابى شتو دخل، هي هربت هو حصل ...

إنها مقاطع من أغاني شعبية تداولها الرواد والتابعون إلى الآن، تحفل بالعديد من المعاني والإيحاءات الجنسية التي تؤصل للجنس كتيمة "غنائية جمالية"

إن تيمة الجنس كما تغنى بها جيل الرواد وإن بشكل غير مباشر عبر التلميح بدل التصريح أمثال الحمداوية، فاطنة بنت الحسين، الزحافة، زريكة بنت الوقيد، أو التابعين كالستاتي وولد الحوات، حجيب... وغيرهم تعطي للجنس طابعا احتفاليا ولفضاءاته مدلولا كرنفاليا يجعل الخطاب الجنسي في الأغنية مستساغا غير فضائحي يطوي مسافات البعد ويسافر بالمتلقي إلى عالم متكامل ينتصر للمتعة.. عبر اللغة المستعملة فيه انطلاقا من متون العيطة والمنحول فيها إلى ما يتداوله من يصفونهم بـ "اللقايجية".

إلى أي مدى يمكن اعتبار الأغنية الشعبية مجالا خصبا للإيحاءات الجنسية؟ وكيف يردد معظم مستهلكي هذا الفن أغاني بحمولات جنسية؟
على قبلك بايتة عساسة
تحفل الأغاني الشعبية بمختلف تصنيفاتها بعدد من الإيحاءات والدلالات الجنسية التي يعمد مؤدو هذا الفن إلى تضمينها في قطعهم الموسيقية وهم يبثون آلام فقدان المحبوب وحرقة بعاده، ومرارة الجفاء وتفاصل ليلة اللقاء، ونقف في هذا السياق عند أغنية "على قبلك بايتة عساسة" والتي تندرج ضمن متون الحصبة، وتختلف تركيبتها وتنوع إيقاعاتها، وتقول: "على قبلك بايتة نتسنى سيدي أحبيبي، حرك يا مول السناح الزيتي، على قبلك بايتة عساسة، ونبوح عند راسك آوين آوين مالو ماجا، فين نصيبو إيوا إيوا، ألالة لالة كيف ديري ليه خل اعزيبو في لمليحة، والله ما أنا تاعتو ليام اعطاتو ، سيدي صباحك سيدي مساك ما جيت غير نرهى معاك، من غيرو ما نوالفوا لا يطيب علي، هذاك هذاك ازها اولا بلاك علي"..

حين نمعن النظر في هذه المقطوعة نلاحظ أنها تعبير عن شوق اللقاء، حيث تخاطب المرأة الخل وهي تستحضر جزءا من أيامها الخوالي معه وهو ما نستشفه من عبارة "بايتة نبوح عند راسك مالو ماجا"، حيث سعت المرأة التي اكتوت بنار الانتظار إلى التعبير عن معاناتها من خلال تكرار لازمة "على قبلك بايتة عساسة" وفيها دلالة واضحة لإطفاء العطش العاطفي وهو ما يستشف من خلال "ماجيت غير نزهى معاك".

تستمد هذه الأغنية عمقها ودلالتها الجنسية من الرغبة العارمة التي تستبد بالمرأة التي تنتظر على أحر من الجمر محبوبها وتهجوه بعد أن شكت في حبه لها مرددة "بايتة عندو وصابحة مريضة، نوضي كري لي لغدر عيب، ماح ماح يا ماح الروح مشات في لمزاح، نوضي كري لي أساخي بي، خويا خويا لغدر عيب اه".

بنت العبدي.. سلبت العزارى والهجالة
تحمل بعض الأغاني الشعبية في مقاطعها إيحاءات جنسية عميقة تنحو إلى لغة الوصف الدقيق لقوام الفتاة وشكل مشيتها ومناطق إثارتها، ونتوقف هنا عند أغنية "بنت العبدي" التي تقول مقاطعها :
"يابا بنت لعبدي كلها كواتو
حتى العزري مع الهجال داتو،
يا با حتى الطالب باطلة صلاتو
راه لهاتو ما تلا يقلب وريقاتو،
لغزال الطفلة عشيقها كواتو
فوك لريام والزين الداتو،
البها داتو وتحت التحتية خفاتو،
زينو وبهاه كوا لي داه"..
يبدو من خلال ثنايا الأغنية كيف يتم استحضار بعد الجمال الذي يلغي كل الاعتبارات ويجعل حتى الفقيه الذي يضرب به المثل في الاستقامة وغض الطرف مشدوها لجمال الغزال التي سلبت عقول "العزارى والهجالى" وأبطلت صلاة الطالب.. فهي قويمة الاعتدال ذات الطرف الكحيل والشعر الطويل والخصر النحيل والردف الثقيل إن أقبلت فتنت وإن أدبرت قتلت، تأخذ القلب والناظر إليها الذي يتعقب خطاها ويتلهف لكشف المفاتن التي تخفيها تحت "التحتية".

عافى شيري بشويا راني عزبة لوالديا
ومن الأغاني التي تفضح بشكل واضح البعد الجنسي الذي تعبق به متون الأغنية الشعبية نجد أغنية "بالحسن بشوية" التي تغنت بها الحاجة الحمداوية وصدحت بحنجرتها الذهبية مرددة:
"با لحسن بشوية..
يمشي ويجي بشوية...
رانا عزبة لوالديا...
رانا عزبة من الركابي...
في إحالة واضحة على العملية الجنسية التي تناشد فيها الفتاة العذراء خليلها أن يمتعها لكن شريطة أن يحافظ لها على عذريتها وتستأنف
"عفا خويا بشوية...
رانا عزبة من القصة
والقاع مشا في المدرسة
عفا شيري بشوية...
رانا عزبة من الودنين
والقاع مشا في التمرضين
عفا خويا بشوية....
رانا عزبا من الورا
والقاع مشا في الكورا
عفا شيري بشوية....
آآآآح بشوية..."

باغا نغلاض على غدايدو
من آخر الأغاني التي تتضمن أيضا بعض المعاني الجنسية تلك التي يتحدث فيها بوشعيب الزياني " عن "دردك" الذي انتشر مفعوله السحري في الزيادة في الوزن انتشار النار في الهشيم وجعل الإقبال عليه يصرف نظرهن عن الآثار الجانبية لهذا العقار، ومن ضمن العبارات يقول
"على غدايدو باغا تغلاظ على غدايدو..
على غدايدو باغا تسمن على غدايدو
ودردك قالوا مزيان ميمتي كيفرتك السيقان"..
ورغم أن الزياني يعالج موضوع الآثار المترتبة عن تعاطي "فنيد دردك" المعروف بفعاليته في الزيادة في الوزن بسرعة فائقة، فإنه قد ضمن هذه الأغنية مقاطع ذات بعد جنسي تفضح رغبة عدد من النساء في تضخيم مناطق معينة من أجسادهن خاصة الأرداف والمؤخرة لا شيء إلا بغرض الإثارة الجنسية، ومن أجل إرضاء الطرف الآخر وإشباع رغباته الجنسية وضمان عدم بحثه عن امرأة أخرى.

شتو تحابا شتو دخل، هي هربت هو حصل
على غرار باقي الأغاني لا تخرج أغنية مجموعة "تكادة" " شتو تحابى" عن هذا الإطار حيث يقولون في مقاطعها
" شفت عينو عين القفل،
شتو تحابى شتو دخل،
هي هربت وهو حصل"...
وهي الأغنية التي عرفت رواجا كبيرا عبر الموسيقى الشعبية لكونها تتطرق لمجموعة من المآسي والمغامرات من حب و غرام و انفراد بالخليل، حتى تتم "الحصلة" التي تهرب فيها الفتاة درءا للعار والفضيحة الاجتماعية و"يحصل" فيها الخليل الذي كان يمارس" العشق الممنوع".

الحلاوة كاينة هنا
سردا لبعض نماذج الأغاني الشعبية المغربية، التي تعبر أغانيها عن إغراءات جسدية وجنسية، نجد في أغاني فرقة "العونيات" الكلمات التالية:
"لحلاوة فين كاينة .. الحلاوة ماشي هنا،
لحلاوة فين كاينة .. الحلاوة تحت الحزام،
لحلاوة فين كاينة .. الحلاوة تحت القدام،
لحلاوة فين كاينة..الحلاوة كاينة لهيه،
لحلاوة فين كاينة .. الحلاوة ماشي لهيه،
لحلاوة فين كاينة ... الحلاوة كاينة هنا،
يالله وكان أبو عيون، زيد القدام ..أبو عيون،
نعطي مليون .. أبو عيون، على سمر اللون أبو عيون،
هانا غادي ..أبو عيون، منوليشي ..أبو عيون..
لكلمات هذه الأغنية وقعها الخاص نظرا للمعاني التي تتضمنها، والتي عادت للتداول على بقوة بين عدد من المجموعات الغنائية، إذ لا تقتصر الإيحاءات الجنسية التي تفيض منها على العنوان فحسب بل على كلمات الأغنية المزينة بالتأوهات، وتحديد مكان تواجد "الحلاوة" في إشارة ماجنة للعونية أو الشيخة وهي تردد:
"حك جر.. نمشيو لفاس ..أبو عيون،
نشربو شي كاس، أبو عيون،
اهيا العور،احك جر،
بو شعكاكة، أحك جر،
جاني دابة ... احك جر.."،
إن عناصر الكلمات مستمدة من التجربة المعيشية والتجربة التي تتحدث عن مناطق المتعة بجرأة تنتصر إلى البعد الجسدي أكثر دون إيلاء كبير العناية للجانب العاطفي، فإلى حدود السطر الأخير من الأغنية تبدو العبارات طافحة بالمعاني على صعيد الصورة والدلالة التي تحيل إلى المتعة الجنسية، غير أنه لا يمكن فهم طبيعة هذه الكلمات بدون استثمار الإحالات السياقية، فالكلمة "الحلاوة"، التي تحيل على مكان الذروة الجنسية تبرز فعل الوطء وشدته ، و" بوعيون" تدل على الرجل أو الفاعل الذي تحركه الإثارة الجنسية في منطقة "تحت الحزام".



.
صورة مفقودة

The Harem Dancer, Hans Zatzka
.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى