إبن حجة الحموي - خزانة الأدب وغاية الأرب

(...) ويعجبني في هذا الباب قول النجيب بن الدباغ وهو معدود من المرقص
( يا رب إن قدرته لمقبل ... غيري فللمسواك أو للأكؤس )
( ولئن قضيت لنا بصحبة ثالث ... يا رب فليك شمعة في المجلس )
( وإذا حكمت لنا بعين مراقب ... في الحب فلتك من عيون النرجس )
وعدوا من مرقصات الطريق الغرامية قول القائل
( أستغفر الله إلا من محبتكم ... فإنها حسناتي حين ألقاه )
( فإن يقولوا بأن العشق معصية ... فالعشق أحسن ما يعصى به الله )
ومن مطرب الانسجام الغرامي قول علية بنت المهدي
( وأحسن أيام الهوى يومك الذي ... تروع بالهجران فيه وبالعتب )
( إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا ... فأين حلاوات الرسائل والكتب )
ومثله من المطرب قول الحسين بن الضحاك
( له عبثات عند كل تحية ... بعينيه تستدعي الحليم إلى الوجد )
( رعى الله عصرا لم نبت فيه ليلة ... خليا ولكن من حبيب على وعد )
ومن الغايات في هذا الباب أعني الانسجام الغرامي ما كان يكثر من الترنم به أبو القاسم القشيري وهو
( لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... وشهدت حين نكرر التوديعا )
( أيقنت أن من الدموع محدثا ... وعلمت أن من الحديث دموعا )
ومثله قول خالد الكاتب
( بكى عاذلي من رحمتي فرحمته ... وكم مثله من مسعد ومعين )
( ورقت دموع العين حتى كأنها ... دموع دموعي لا دموع جفوني )
ويعجبني من هذا الباب قول إسحاق بن إبراهيم الموصلي
( على عصر أيام الصبابة والصبا ... ووصل الغواني والتذاذي بالشرب )
( سلام امرئ لم تبق منه بقية ... سوى نظر العينين أو شهوة القلب )
ومن غراميات القاضي الفاضل في باب الانسجام قوله
( ترى لحنيني أو حنين الحمائم ... جرت فحكت دمعي دموع الغمائم )
( وهل من ضلوع أو ربوع ترحلوا ... فكل أراها دارسات المعالم )
( لقد ضعفت ريح الصبا فوصلتها ... فمني لا منها هبوب السمائم )
( دعوا نفس المقروح يحمله الصبا ... وإن كان يهفو بالغصون النواعم )
( تأخرت في حمل السلام عليكم ... لدينا لما قد حملت من سمائم )
( فلا تسمعوا إلا حديثا لناظري ... يعاد بألفاظ الدموع السواجم )
ومثله قوله
( يا طرف مالك ساهد في راقد ... يا قلب مالك راغب في زاهد )
( من يشتري عمري الرخيص جميعه ... من وصلك الغالي بيوم واحد )
( عاتبته فتوردت وجناته ... والقلب صخر لا يلين لقاصد )
( فنظرت من ذي في حرير ناعم ... وضربت من ذا في حديد بارد )
ويعجبني من غراميات البها زهير قوله
( عتبتكم عتب المحب حبيبه ... وقلت بإدلال فقولوا بإصغاء )
( لعلكم قد صدكم عن زيارتي ... مخافة أمواه لدمعي وأنواء )
( فلو صدق الحب الذي تدعونه ... وأخلصتم فيه مشيتم على الماء )
( وإن تك أنفاسي خشيتم لهيبها ... وهالتكم نيران وجد بأحشائي )
( فكونوا رفاعيين في الحب مرة ... وخوضوا لظى نار لشوقي حمراء )
وألطف منه وأسجم قوله
( تعيش أنت وتبقى ... أنا الذي مت عشقا )
( حاشاك يا نور عيني ... تلقي الذي أنا ألقى )
( ولم أجد بين موتي ... وبين هجرك فرقا )
( يا أنعم الناس بالا ... إلى متى فيك أشقى )
( سمعت عنك حديثا ... يا رب لا كان صدقا )
( وما عهدتك إلا ... من أكرم الناس خلقا )
( لك الحياة فإني ... أموت لا شك حقا )
( يا ألف مولاي مهلا ... يا ألف مولاي رفقا )
( قد كان ما كان مني ... والله خير وأبقى )
ومثله قوله
( أنت الحبيب الأول ... ولك الهوى المستقبل )
( عندي لك الود الذي ... هو ما عهدت وأكمل )
( القلب فيك مقيد ... والدمع منك مسلسل )
( يا من يهدد بالصدود ... نعم تقول وتفعل )
( قد صح عذرك في الهوى ... لكنني أتعلل )
( نفدت معاذيري التي ... ألقى بها من يسأل )
( حتام أكذب للورى ... وإلى متى أتحمل )
( قل للعذول لقد أطلت ... لمن تقول وتعذل )
( عاتبت من لا يرعوي ... وعذلت من لا يقبل )
( غضب العذول أخف من ... غضب الحبيب وأسهل )
ومن انسجاماته التي تكاد أن لا تكون موزونة
( إن شكا القلب هجركم ... مهد الحب عذركم )
( لو رأيتم محلكم ... من فؤادي لسركم )
( لو أمرتم بما عسى ... ما تعديت أمركم )
( قصروا مدة الجفا ... طول الله عمركم )
( شرفوني بزورة ... شرف الله قدركم )
( كنت أرجو بأنكم ... شهركم لي ودهركم )
( قد نسيتم وإنما ... أنا لم أنس ذكركم )
( وصبرتم وليتني ... كنت أعطيت صبركم )
( ورأيتم تجلدي ... في هواكم فسركم )
( لو وصلتم محبكم ... ما الذي كان ضركم )
ومن انسجاماته التي هي في غاية الظرف
( يا قلب بعض الناس هل ... للضيف عندك زاويه )
( إني ببابك قد وقفت ... عسى ترد جوابيه )
( يا ملبسي ثوب الضنا ... يهنأك ثوب العافيه )
( لم يبق مني في القميص ... سوى رسوم باليه )
( وحشاشة ما أبقت الأشواق ... منها باقيه )
( يا من إليه المشتكى ... أنت العليم بحاليه )
( وإليك عني يا غرام ... فقد عرفت مكانيه )
( فكأنما لك قد قعدت ... على طريق القافيه )
( من لي بقلب اشتريه ... من القلوب القاسيه )
( مولاي يا قلبي العزيز ... ويا حياتي الغاليه )
( إني لأطلب حاجة ... ليست عليك بخافيه )
( أنعم علي بقبلة ... هبة وإلا عارية )
( وأعيدها لك لا عدمت ... بعينها وكما هيه )
( وإذا أردت زيادة ... خذها ونفسي راضيه )
ومثله قوله في هذا الروي
( قالوا كبرت عن الصبا ... وقطعت تلك الناحية )
( فدع الصبا لرجاله ... واخلع ثياب العاريه )
( ونعم كبرت وإنما ... تلك الشمائل باقيه )
( وتفوح من عطفي أنفاس ... الشباب كما هيه )
( ويميل بي نحو الصبا ... قلب رقيق الحاشيه )
( فيه من الطرب القديم ... بقية في الزاوية )
ومن غراميات الحاجري في هذا الباب
( لك أن تشوقني إلى الأوطان ... وعلي أن أبكي بدمع قان )
( إن الذي رحلوا غداة المنحنى ... ملؤوا القلوب لواعج الأشجان )
( فلا بعثن من النسيم إليهم ... ما حل بالأغصان والغزلان )
( نزلوا برامة قاطنين فلا تسل ... ما حل بالأغصان والغزلان )
وقد تقدم قولي إن الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري شيخ شيوخ حماه سقى الله من غيث الرحمة ثراه هو غيث هذا الانسجام وغريم هذا الغرام
فمن انسجاماته الغرامية الموعود بإيرادها قوله
( حديثي في المحبة ليس يشرح ... فدعني من حديث اللوم واسرح )
( فما لك مطمع ببراح قلبي ... عن الحب الذي أعيا وبرح )
( فكم من لائم أنحى إلى أن ... تأمل من هويت فما تنحنح )
( فيا لله ما أشهى وأبهى ... ويا لله ما أحلى وأملح )
( له طرف يقول الحرب أحرى ... ولي قلب يقول الصلح أصلح )
( سألت سواره المثري فنادى ... فقير وشاحه الله يفتح )
( وماس من القوام بغصن بان ... إذا أنشدت أغزالي ترنح )
( وحياني بألحاظ مراض ... صحيحات فأمرضني وصحح )
( أعاتبه فلا يصغي لعتبي ... ولا أسلو فاتركه وأربح )
ومن غايات انسجامه قوله
( كم شرحت من وجد ... كم سفحت من دمعه )
( كم بعثت من رسل ... دفعة على دفعه )
( بنتم وأعرضتم ... ما أمرها جرعه )
( هل عليكم باس ... في المقال بالرجعة )
( قد حججت مغناكم ... لا تحرموا المتعه )
( ترك سنتي فيكم ... سادتي من البدعه )
( هذه صباباتي ... والوصال في منعه )
( كيف لو تعلمتم ... غير هذه الصنعه )
( يا مليك قلبي خذ ... ما يليه بالشفعه )
( واس بيننا أو لا ... ردنا إلى القرعه )
( لا تحل عني قلبي ... ليس فيه من نجعه )
( قد تركت أرداني ... من مدامعي نقعه )
( ما لناظري كحل ... غير هذه الطلعه )
ومثله قوله
( خبروه تفصيل حالي جمله ... فعساه يرق لي ولعله )
( كم تنحنحت إذ تبدى حذارا ... من رقيبي وكم تكلفت سعله )
( ليس لي عن هدى هواه ضلال ... أكثر اللوم عاذلي أو أقله )
( ركبت في جبلتي نشوة العشق ... وصعب تغيير ما في الجبله )
( سادتي عادوا رضاكم وعودا ... عن جفاكم فما بقي في فضله )
( ذبت شوقا فعالجوني بقرب ... مت عشقا فحنطوني بقبله )
( وأشغلوني عن لائم ما أتاني ... برشاد أتته آفة غفله )
( قلت بالله خلني فتمادى ... وقليل من يترك الشر لله )
ومثله قوله
( صب أخذ الهوى زمامه ... قد صار جمالكم أمامه )
( في حسنكم البديع شغل ... عن علوة لي وعن إمامه )
( من لي بمحجب أراه ... بالفكر ولا أرى خيامه )
( أشدو بتغزلي لديه ... فيه فيحد لي خصامه )
( يزهو ويقول كان ماذا ... لو يترك جاهل كلامه )
( شبهت بطلعتي هلالا ... ما كنت رضيته قلامه )
( والغصن حسبته شبيها ... مني بتعطف وقامه )
( والظبي إذا رنت لحاظي ... لا كيد له ولا كرامه )
( أفديه بمهجتي وإني ... لا حسرة لي ولا ندامه )
( كم دعوة موعد لوصل ... قامت لحضورها القيامة )
( أخبرت بها العذول لكن ... ما قلت له كم الغرامه )
ومثله قوله
( لا تعاتبني فلا عتب علي ... خرج الأمر وعقلي من يدي )
( ليس للنصح قبول يرتجى ... عند شيخ هام وجدا بصبي )
( وأرى لومك يغريني به ... لا تزدني أو فزدني يا أخي )
( أنا في الحب إمام فإذا ... صرت من أبنائه فاخضع لدي )
( لا تسل غيري في شرع الهوى ... وخذ التنزيل فيه عن أبي )
( خلقي أني شحيح بهم ... وبروحي لهم حاتم طي )
( فاختصر في شرح أشواقي فإن ... رمت إسهابا فوكل مقلتي )
( سادتي فارقتكم فاستلبت ... بنوا كم راحتي من راحتي )
( فاجبروا قلبي بشيء منكم ... فلقد أوتيتم من كل شي )
( صادني منكم غرير أغيد ... فيه ما يشغل عن هند ومي )
( قلت قد أضنيت جسمي قال قد ... قلت كي تذهب روحي قال كي )
( قلت أفديك بنفسي قال مه ... ما إليك الأمر فيها بل إلي )
ومثله قوله من أبيات يخاطب العذول
( أراك بخيلا بعوني فهبني ... سكوتك عني إذا لم تعني )
( ذممت الهوى ورجوت السلو ... فأبكيت عيني وأضحكت سني )
( فإن عفت شربي من خمرتي ... فدعني ما بين كأسي ودني )
( وإياك عربدتي فاخشها ... فإني قد أخذ السكر مني )
ويعجبني من انسجامات ابن سنا الملك قوله
( دنوت وقد أبدى الكرى منه ما أبدى ... فقبلته في الثغر تسعين أو إحدى )
( وأبصرت في خديه ماء وخضرة ... فما أملح المرعى وما أعذب الوردا )
( تلهب ماء الخد أو سال جمره ... فيا ماء ما أذكى ويا جمر ما أندى )
( أقول لناه قد أشار بتركه ... لقد زدتني فيما أشرت به زهدا )
( فلم لا نهيت الثغر أن يعذب اللمى ... ولم لا أمرت الصبر أن يكتم النهدا )
( وأقسم ما عندي إليه صبابة ... وكيف وجور الشوق لم يبق لي عندا )
( وفي القلب نيران الخليل توقدت ... وما ذقت منها لا سلاما ولا بردا )
ومثله قوله ويعجبني إلى الغاية
( نعم المشوق وأنعم المعشوق ... فالعيش كالخصر الرقيق رقيق )
( خصر أدير عليه معصم قبلة ... فكأن تقبيلي له تعنيق )
( ونعم لقد طرق الحبيب وماله ... إلا خدود العاشقين طريق )
( فرشوا الخدود طريقه فكأنما ... زفراتهم لقدومه تطريق )
( وافى وصبح جبينه متنفس ... وأتى وجيد رقيبه مخنوق )
( فصنعت فيه صناعة شعرية ... فالصدر يرحب والعناق يضيق )
ومثله قوله وهو في غاية الظرف
( لا أجازي حبيب قلبي بجرمه ... أنا أحنى عليه من قلب أمه )
( ضن عني بريقه فتحيلت ... إلى أن سرقته عند لثمه )
( وإلى اليوم من ثلاثين يوما ... لم تزل من فمي حلاوة طعمه )
( إن قلبي لصدره ورقادي ... ملك أجفانه وروحي لجسمه )
( يكسر الجفن بالفتور ومالي ... عمل وقت كسره غير ضمه )
ومن غراميات الشاب الظريف شمس الدين محمد بن العفيف قوله في باب الانسجام
( عفا الله عن قوم عفا الصبر منهم ... فلو رمت ذكرى غيرهم خانني الفم )
( تجنوا كأن لا ود بيني وبينهم ... قديما وحتى ما كأنهم هم )
( وبالجزع أحباب إذا ما ذكرتهم ... شرقت بدمع في أواخره دم )
( ومشبوب ناري وجنة وجناية ... تعلمه ألحاظه كيف يظلم )
( ألم وما في الركب منا متيم ... وعاد وما في الركب إلا متيم )
( وليس الهوى إلا التفاتة طامح ... يروق لعينيه الجمال المنعم )
( خليلي ما للقلب هاجت شجونه ... وعاوده داء من الشوق مؤلم )
( أظن ديار الحي منا قريبة ... وإلا فمنها نفحة تتنسم )
ومثله قوله
( لا تخف ما فعلت بك الأشواق ... واشرح هواك فكلنا عشاق )
( فعسى يعينك من شكوت له الهوى ... في حمله فالعاشقون رفاق )
( لا تجزعن فلست أول مغرم ... فتكت به الوجنات والأحداق )
( واصبر على هجر الحبيب فربما ... عاد الوصول وللهوى أخلاق )
( كم ليلة أسهرت أحداقي بها ... وجدا وللأفكار بي إحداق )
( يا رب قد بعد الذين أحبهم ... عني وقد ألف الفراق فراق )
( واسود حظي عندهم لما سرى ... فيه بنار صبابتي إحراق )
( عرب رأيت أصح ميثاق لهم ... أن لا يصح لديهم ميثاق )
ومثله قوله
( بتثني قوامك الممشوق ... وبأنوار وجهك المعشوق )
( وبمعنى للحسن مبتكر فيك ... وقلب كقلبي المحروق )
( جد بوصل أو زورة أو بوعد ... أو كلام أو وقفة في الطريق )
( أو بإرسالك السلام مع الريح ... وإلا فبالخيال الطروق )
ويعجبني في هذا المعنى على هذا الطريق قول بعض المواليا
( زر شهر في عام يا من قد غلا في السوم ... أو يوم في شهر أحلى من صدودك )
( وإن عز هذا وهذا يا عزيز القوم ... في الدهر ساعة وإن لم ترتض في النوم )
ومن ألطف انسجامات ابن العفيف قوله أيضا
( لي من هواك بعيده وقريبه ... ولك الجمال بديعه وغريبه )
( يا من أعيذ جماله بجلاله ... حذرا عليه من العيون تصيبه )
( إن لم تكن عيني فإنك نورها ... أو لم تكن قلبي فأنت حبيبه )
( هل حرمة أو رحمة لمتيم ... قد قل فيك نصيره ونصيبه )
( ألف القصائد في هواك تغزلا ... حتى كأن بك النسيب نسيبه )
( لم يبق لي سر أقول تذيعه ... عني ولا قلب أقول تذيبه )
( دع لي فؤادا بالغرام تشبه ... واستبق فودا بالصدود تشيبه )
( كم ليلة قضيتها متسهدا ... والدمع يجرح مقلتي مسكوبه )
( والنجم أقرب من لقاك مناله ... عندي وأبعد من رضاك مغيبه )
ومثله قوله
( رشيق القامة النضره ... لقد أصميت بالنظره )
( وقد سودت حظي منك ... يا أبهى الورى غره )
( سواد الخال والمقله ... مع العارض والطره )
( قديم الهجر هل لفتى ... قديم في الهوى هجره )
( وكم تلقاه بالإيعاد ... والأبعاد والنفره )
( وكم يشكو ولا تطرح ... في قفته كسره )
( رأينا من جفا وجنى ... ولكن زدت في كره )
( فهل تمنح أو تسمح ... بالوصل ولو مره )
( فقد أصبحت لا أملك ... من صبري ولا ذره )
( وقد صيرني هجرك ... في كس أخت من أكره )
ومن انسجاماته الرقيقة قوله
( حتام حظي لديك حرمان ... وكم كذا لوعه وهجران )
( أين ليال مضت ونحن بها ... أحبة في الهوى وجيران )
( وأين ود عهدت صحته ... وأين عهد وأين أيمان )
( قد رضي الدهر والعواذل والحساد ... عنا وأنت غضبان )
( فاسلم ولا تلتفت إلى مهج ... بها جوى قاتل وأشجان )
( ونم خليا وقل كذا وكذا ... من كل من أطلعت تلمسان )
ومثله قوله
( أعز الله أنصار العيون ... وخلد ملك هاتيك الجفون )
( وضاعف بالفتور لها اقتدارا ... وإن تك أضعفت عقلي وديني )
( وأبقى دولة الأعطاف فينا ... وإن جارت على قلبي الطعين )
( واسبغ ظل ذاك الشعر منه ... على قد به هيف الغصون )
( وصان حجاب هاتيك الثنايا ... وإن ثنت الفؤاد إلى الشجون )
( حملت تسهدي والشيب هذا ... على رأسي وذاك على عيون )
ومن غراميات ابن النبيه في باب الانسجام
( تعالى الله ما أحسن ... شقيقا حف بالسوسن )
( خدود لثمها يبري ... من الأسقام لو أمكن )
( فما تجني وحارسها ... بقفل الصدغ قد زرفن )
( غزال ضيق العينين ... ينسيني الرشا الأعين )
( له قلب وأعطاف ... فما أقسى وما ألين )
( ولم أر قبل مبسمه ... صغير الجوهر المثمن )
( أبث هواه من خوف ... لنجم الليل لما جن )
( وما ينفع كتماني ... ودمع العين قد أعلن )
( وقد أسكنته قلبي ... فسار وأحرق المسكن )
ومما كتبه القاضي الفاضل بخطه وهو غاية في باب الانسجام الغرامي وكان كثيرا ما يترنم به قصيدة القاضي المهذب ابن الزبير ووجدت بخط الفاضل غير تامة وقد أثبت هنا منها ما وجد بخط الفاضل من غراميها واختصرت المديح وهو
( بالله يا ريح الشمال ... إذا اشتملت الروح بردا )
( وحملت من نشر الخزامي ... ما اغتدى للند ندا )
( ونسجت ما بين الغصون ... إذا اعتنقن هوى وودا )
( وهززت عند الصبح من ... أعطافها قدا فقدا )
( ونثرت فوق الماء من ... أجيادها للزهر عقدا )
( فملأت صفحة وجهه ... حتى اكتسى آسا ووردا )
( فكأنما ألفت فيه ... منهما صدغا وخدا )
( مري على برد عساه ... يزيد في مسراك بردا )
( نهر كنصل السيف تكسو ... متنه الأزهار غمدا )
( صقلته أنفاس النسيم ... بمرهن فليس يصدا )
( أحبابنا ما بالكم ... فينا من الأعداء أعدى )
( وحياة حبكم بتربة ... وصلكم ما خنت عهدا )
وغاية الغايات في باب الانسجام الغرامي ما كتبه القاضي فتح الدين بن عبد الظاهر إلى والده القاضي محيي الدين وقد توجه صحبة الركاب الشريف الظاهري في مهم شريف فحصل له ضعف بدمشق المحروسة وهو
( إن شئت تبصرني وتبصر حالتي ... قابل إذا هب النسيم قبولا )
( تلقاه مثلي رقة ونحافة ... ولأجل قلبك لا أقول عليلا )
( فهو الرسول إليك مني ليتني ... كنت اتخذت مع الرسول سبيلا )
خطاب مثل هذا الولد لمثل هذا الوالد بقوله ولأجل قلبك لا أقول عليلا فيه ما يفتت الأكباد ويحرك الجماد
سبحان المانح إن من البيان لسحرا
ومن غراميات والده القاضي محيي الدين في باب الانسجام
( لا آخذ الله بندك ... فكم وشى بي عندك )
( وقال عني بأني ... شبهت بالغصن قدك )
( وأنت تعظم عندي ... أن يمسي البدر عبدك )
( ولست والله أرضى ... أن يحكي الورد خدك )
( فقاتل الله طرفي ... فكم به نلت قصدك )
( ولا رعى الله قلبي ... فكم رعى لك عهدك )
( فمن ترى أنا حتى ... جعلت صدري وكدك )
( وما عشقتك وحدك ... بلى عشقتك وحدك )
( وكم أطعتك جهدي ... وكم تجنيت جهدك )
( وبعد هذا وهذا ... وذاك لا ذقت فقدك )
ويعجبني في هذا الباب رشاقة ناصر الدين بن النقيب بقوله
( سلك الشوق بقلبي ... بعدكم صعب المسالك )
( ورمى قلبي بنيران ... ولا نيران مالك )
( هذه بعض صفاتي ... طالع العبد بذلك )
وأظرف ما رأيت في باب الانسجام الغرامي المترجل ما أورده صاحب روضة الجليس ونزهة الأنيس
ذكر أنه كان بأفريقية رجل نبيه شاعر مفلق وكان يهوى غلاما من غلمانها جميلا فاشتد كلفه به وكان الغلام يتجنى عليه ويعرض عنه كثيرا فانفرد بنفسه ليلة جمع فيها بين سلاف الراح وسلاف الذكر فتزايد به الوجد وقام على الفور وقد غلب عليه السكر ومشى إلى أن انتهى إلى باب محبوبه ومعه قبس نار فوضعه عند باب الغلام فلما دارت النار بالباب بادر الناس بإطفائها واعتقلوه
فلما أصبحوا نهضوا به إلى القاضي فأعلموه بفعله
فقال له القاضي لأي شيء أحرقت باب هذا الغلام فقال مرتجلا
( لما تمادى على بعادي ... وأضرم النار في فؤادي )
( ولم أجد من هواه بدا ... ولا معينا على السهاد )
( حملت نفسي على وقوفي ... ببابه حملة الجواد )
( فطار من بعض نار قلبي ... أقل في الوصف من زناد )
( فأحرق الباب دون علمي ... ولم يكن ذاك من مرادي )
فرق القاضي لارتجاله الغرامي وتحمل عنه جناية الباب
وقد انتهت الغاية بنا إلى غراميات العارفين وابن الفارض هو قائد زمامها وقتيل غرامها
فمن قوله في هذا الباب الذي ليس لغيره فيه مدخل ما ألفته من تائيته وجعلته قصيدا غراميا ينتظم بها شمل الانسجام وإذا هب نسيمها العذري تنسمت العشاق منه أخبار الغرام وهو قوله
( نعم بالصبا قلبي صبا لأحبتي ... فيا حبذا ذاك الشذا حين هبت )
( تذكرني العهد القديم لأنها ... حديثة عهد عن أهيل مودتي )
( فلي بين هاتيك الخيام ضنينة ... علي بجمعي سمحة بتشتتي )
( محجبة بين الأسنة والظبا ... إليها انثنت ألبابنا إذ تثنت )
( تتيح المنايا إذ تبيح لنا المنى ... وذاك رخيص منيتي بمنيتي )
( متى أوعدت أولت وإن وعدت لوت ... وإن أقسمت لا تبرى السقم برت )
( وإن عرضت أطرق حياء وهيبة ... وإن أعرضت أشفق فلم أتلفت )
( وقد سخنت عيني عليها كأنها ... بها لم تكن يوما من الدهر قرت )
( فإنسانها ميت ودمعي غسله ... وأكفانه ما أبيض حزنا لفرقتي )
( خرجت بها عني إليها فلم أعد ... إلي ومثلي لا يقول برجعة )
( فوصلي قطعي واقترابي تباعدي ... وودي صدي وابتدائي نهايتي )
( وفيها تلاف الجسم بالسقم صحة ... له وتلاف النفس عين الفتوة )
( ولما تلاقينا عشاء وضمنا ... سواء سبيلي ذي طوى والثنية )
( وضنت وما منت علي بوقفة ... تعادل عندي بالمعرف وقفتي )
( عتبت فلم تعتب كأن لم يكن لقا ... وما كان إلا أن أشرت وأومت )
( وبانت فأما حسن صبري فخانني ... وأما جفوني بالبكاء فوفت )
( أغار عليها أن أهيم بحبها ... وأعرف مقداري فأنكر غيرتي )
وكنت بها صبا فلما تركت ما ... أريد أرادتني لها وأحبت )
( بها قيس لبنى هام بل كل عاشق ... كمجنون ليلى أو كثير عزة )
( بدت فرأيت الحزم في نقض توبتي ... وقام بها عند النهى عذر محنتي )
( فموتي بها وجدا حياة هنيئة ... وإن لم أمت في الحب عشت بغصتي )
( تجمعت الأهواء فيها فلا ترى ... بها غير صب لا يرى غير صبوتي )
( وعندي عيدي كل يوم أرى به ... جمال محياها بعين قريرة )
( وكل الليالي ليلة القدر إن دنت ... كما كل أيام اللقا يوم جمعة )
( وأي بلاد الله حلت بها فما ... أراها وفي عيني حلت غير مكة )
( وما سكنته فهو بيت مقدس ... بقرة عيني فيه أحشاي قرت )
( ومسجد الأقصى مساحب بردها ... وطيبي ثرى أرض عليها تمشت )
( مواطن أفراحي ومربى مآربي ... وأطوار أوطاري ومأمن خيفتي )
( مغان بها لم يدخل الدهر بيننا ... ولا كادنا صرف الزمان بفرقة )
( ولا صحبتنا النائبات بنبوة ... ولا حدثتنا الحادثات بنكبة )
( ولا اختص وقت دون وقت بطيبة ... بها كل أوقاتي مواسم لذتي )
( فإن رضيت عني فعمري كله ... زمان الصبا طيبا وعصر الشبيبة )
( وإن قربت داري فعامي كله ... ربيع اعتدال في رياض أريضة )
( بها مثل ما أمسيت أصبحت مغرما ... وما أصبحت فيه من الحسن أمست )
( فلو بسطت جسمي رأت كل جوهر ... به كل قلب فيه كل محبة )
( وقد جمعت أحشاي كل صبابة ... بها وجوى ينبيك عن كل صبوة )
( وكنت أرى أن التعشق منحة ... لقلبي فما إن كان إلا لمحنتي )
( ألا في سبيل الحب حالي وما عسى ... بكم أن ألاقي لو دريتم أحبتي )
( أخذتم فؤادي وهو بعضي عندكم ... فما ضركم لو كان بعضي جملتي )
( وهي جسدي مما وهي جلدي لدى ... تحمله يبلى وتبقى بليتي )
( ومنذ عفار سمي وهمت وهمت في ... وجودي فلم تظفر بكوني فكرتي )
( وبالي أبلى من ثياب تجلدي ... بل الذات في الإعدام نيطت بلذتي )
( كأني هلال الشك لولا تأوهي ... خفيت فلم تهد العيون لرؤيتي )
( وقالوا جرت حمرا دموعك قلت عن ... أمور جرت في كثرة الشوق قلت )
( نحرت لضيف السهد في جفني الكرى ... قرى فجرى دمعي دما فوق وجنتي )
( فطوفان نوح عند نوحي كأدمعي ... وإيقاد نيران الخليل كلوعتي )
( ولولا زفيري أغرقتني أدمعي ... ولولا دموعي أحرقتني زفرتي )
( وحزني ما يعقوب بث أقله ... وكل بلا أيوب بعض بليتي )
( وكل أذى في الحب منك إذا بدا ... جعلت له شكري مكان شكيتي )
( نعم وتباريح الصبابة إن عدت ... علي من النعماء في الحب عدت )
( وعنوان ما بي ما أبثك بعضه ... وما تحته إظهاره فوق قدرتي )
( وأسكت عجزا عن أمور كثيرة ... بنطقي إن تحصى ولو قلت قلت )
( وعن مذهبي في الحب ما لي مذهب ... وإن ملت يوما عنه فارقت ملتي )
( هو الحب إن لم تقض لم تقض مأربا ... من الوصل فاختر ذاك أو خل خلتي )
( ودع عنك دعوى الحب واختر لغيره ... فؤادك وادفع عنه غيك بالتي )
( وجانب جناب الوصل هيهات لم يكن ... وها أنت حي إن تكن صادقا مت )
( وقالوا تلاف ما بقي منك قلت لا ... أراني إلا للتلاف تلفتي )
( غرامي أقم صبري انصرم دمعي انسجم ... عدوي انتقم دهري احتكم حاسدي اشمت )
( ويا نار أحشائي أقيمي من الجوى ... حنايا ضلوعي فهي غير قويمة )
( ويا جسدي المضنى تسل عن الشقا ... ويا كبدي من لي بأن تتفتتي )
( ويا كلما أبقى الضنى مني ارتحل ... فما لك مأوى في عظام رميمة )
( وماذا عسى عني أناجي توهما ... بياء الندا أونست منك بوحشتي )
( فنفسي لم تجزع بإتلافها أسى ... ولو جزعت كانت بغيري تأست )
( فيا سقمي لا تبق لي رمقا فقد ... أبيت لبقيا العز ذل البقية )
ومن غرامياته التي خلبت القلوب وعرف العارفون بها طريق التوصل إلى معرفة المحبوب قوله من قصيدة
( أهفو إلى كل قلب بالغرام له ... شغل وكل لسان بالهوى لهج )
( وكل سمع عن اللاحي به صمم ... وكل جفن إلى الإغفاء لم يعج )
( لا كان وجد به الآماق جامدة ... ولا غرام به الأشواق لم تهج )
( عذب بما شئت غير البعد عنك تجد ... أوفى محب بما يرضيك مبتهج )
( وخذ بقية ما أبقيت من رمق ... لا خير في الحب إن أبقى على المهج )
( من لي بإتلاف روحي في هوى رشإ ... حلو الشمائل بالأرواح ممتزج )
( من مات فيه غراما عاش مرتقيا ... ما بين أهل الهوى في أرفع الدرج )
وما أحلى ما قال منها
( قل للذي لامني فيه وعنفني ... دعني وشأني وعد عن نصحك السمج )
( فاللوم لؤم ولم يمدح به أحد ... فهل رأيت محبا بالغرام هجي )
منها
( لم أدر ما غربة الأوطان وهو معي ... وخاطري أين كنا غير منزعج )
( فالدار داري وحبي حاضر ومتى ... بدا فمنعرج الجرعاء منعرجي )
منها
( ليهن ركب سروا ليلا وأنت بهم ... فسيرهم في صباح منك منبلج )
( فليصنع الركب ما شاؤوا لأنفسهم ... هم أهل بدر فلا يخشون من حرج )
وما ألطف ما قال منها
( أهلا بما لم أكن أهلا لموقعه ... قول المبشر بعد اليأس بالفرج )
( لك النشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثم على ما فيك من عوج )
ومثله في الرقة والانسجام قوله من قصيدة
( ابق لي مقلة لعلي يوما ... قبل موتي أرى بها من رآكا )
( أين مني ما رمت هيهات بل أين ... لعيني باللحظ لثم ثراكا )
( وبشيري لو جاء منك بعطف ... ووجودي في قبضتي قلت هاكا )
( قد كفى ما جرى دما من جفون ... لي قرحي فهل جرى ما كفاكا )
( فأجر من قلاك فيك معنى ... قبل أن يعرف الهوى يهواكا )
( بانكساري بذلتي بخضوعي ... بافتقاري بفاقتي لغناكا )
( لا تكلني إلى قوي جلد خان ... فإني أصبحت من ضعفاكا )
( كنت تجفو وكان لي بعض صبر ... أحسن الله في اصطباري عزاكا )
( كم صدود عساك ترحم شكواي ... ولو باستماع قولي عساكا )
( شنع المرجفون عنك بهجري ... وأشاعوا أني سلوت هواكا )
( ما بأحشائهم عشقت فأسلو ... عنك يوما دع يهجروا حاشاكا )
( كيف أسلو ومقلتي كلما لاح ... بريق تلتفت للقاكا )
( كل من في حماك يهواك لكن ... أنا وحدي بكل من في حماكا )
( ومن كاساته الغرامية التي سكر العشاق بقديمها وحديثها قوله
( أدر ذكر من أهوى ولو بملام ... فإن أحاديث الحبيب مدامي )
( فلي ذكرها يحلو على كل صيغة ... ولو مزجوه عذلي بخصام )
( كأن عذولي بالوصال مبشري ... وإن كنت لم أطمع برد سلام )
وما أبدع وأرق ما قال منها
( يشف عن الأسرار جسمي من الضنا ... فنوجي بها معنى نحول عظامي )
( طريح جوى حب جريح جوارح ... قريح جفون بالدوام دوامي )
( صحيح عليل فاطلبوني من الضنى ... ففيها كما شاء النحول مقامي )
منها
( فلي كل عضو فيه كل حشا بها ... إذا نظرت أغراض كل سهام )
( ولو بسطت جسمي رأت كل جوهر ... به كل قلب فيه كل غرام )
ومن غرامياته التي يتحرك الجماد لرقتها قوله من قصيدة
( ما لي سوى روحي وباذل نفسه ... في حب من يهواه ليس بمسرف )
( فلئن رضيت بها لقد أسعفتني ... يا خيبة المسعى إذا لم تسعف )
وما أسجم ما قال منها
( يا أهل ودي أنتم أملي ومن ... ناداكم يا أهل ودي قد كفي )
( عودوا لما كنتم عليه من الوفا ... كرما فإني ذلك الخل الوفي )
( وحياتكم وحياتكم قسما وفي ... عمري بغير حياتكم لم أحلف )
( لو أن روحي في يدي ووهبتها ... لمبشري بوصالكم لم أنصف )
( لا تحسبوني في الهوى متصنعا ... كلفي بكم خلق بغير تكلف )
( أخفيت حبكم فأخفاني أسى ... حتى لعمري كدت عني أختفي )
( وكتمته عني فلو أبديته ... لوجدته أخفى من اللطف الخفي )
وما أحلى ما خاطب العذول منها بقوله
( دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى ... فإذا عشقت فبعد ذلك عنف )
وما أعذب ما قال منها
( يا ما أميلح كلما يرضي ... ورضابه يا ما أحيلاه بفي )
ولقد أحسن الله خاتمته فيها بقوله
( ما للنوى ذنب ومن أهوى معي ... إن غاب عن إنسان عيني فهو في )
ولقد أقام القواعد الغرامية بقوله من قصيدة
( تعرض قوم للغرام وأعرضوا ... بجانبهم عن صحة فيه واعتلوا )
( رضوا بالأماني وابتلوا بحظوظهم ... وخاضوا بحار الحب دعوى فما ابتلوا )
( فهم في السرى لم يبرحوا من مكانهم ... وما ظعنوا في السير عنه وقد كلوا )
وعن مذهبي لما استحبوا العمى على الهدى حسدا من عند أنفسهم ضلوا وما أحلى ما قال بعده
( أحبة قلبي والمحبة شافعي ... لديكم إذا شئتم بها اتصل الحبل )
( عسى عطفة منكم علي بنظرة ... فقد تعبت بيني وبينكم الرسل )
( أحباي أنتم أحسن الدهر أم أسا ... فكونوا كما شئتم أنا ذلك الخل )
( إذا كان حظي الهجر منكم ولم يكن ... بعاد فذاك الهجر عندي هو الوصل )
وما ألطف ما قال منها
( وماذا عسى عني يقال سوى غدا ... بنعم له شغل نعم لي بها شغل )
( أخذتم فؤادي وهو بعضي وما الذي ... يضركم لو كان عندكم الكل )
وما أظرف ما قال منها
( تبا له قومي إذ رأوني متيما ... وقالوا بمن هذا الفتى مسه الخبل )
( وقال نساء الحي عنا بذكر من ... جفانا وبعد العز لذ له الذل )
( إذا أنعمت نعم علي بنظرة ... فلا أسعدت سعدى ولا أجملت جمل )
وما أرق ما قال منها
( خفيت ضني حتى لقد ضل عائدي ... وكيف يرى العواد من لا له ظل )
( وما عثرت عيني على أثري ولم ... تدع لي رسما في الهوى الأعين النجل )
( ولي همة تعلو إذا ما ذكرتها ... وروح بذكراها إذا رخصت تغلو )
( فنافس ببذل النفس فيها أخا الهوى ... فإن قبلتها منك يا حبذا البذل )
( فمن لم يجد في حب نعم بنفسه ... وإن جاد بالدنيا إليه انتهى البخل )
ومن الغراميات التي تهيج الأشواق ولواعج الغرام وتنتظم بها عقود الانسجام قول أحد المشايخ العارفين الشيخ عفيف الدين التلمساني
( لذ بالغرام ولذة الأشواق ... واختر فناءك في الجمال الباقي )
( واخلع سلوك فهو ثوب مخلق ... والبس جديد مكارم الأخلاق )
( وتوق من نار الصدود بشربة ... من ماء دمعك فهو نعم الواقي )
( وإذا دعاك إلى الصبا نفس الصبا ... فأجب رسول نسيمه الخفاق )
( وإذا شربت الصرف من خمر الهوى ... إياك تغفل عن جمال الساقي )
( والق الأحبة إن أردت وصالهم ... متلذذا بالذل والإملاق )
( أوليس من أحلى المطامع في الهوى ... عز الحبيب وذلة العشاق )
ويطربني من رقائق انسجاماته الغرامية قوله
( تعلم في مرافقة النديم ... مطاوعة الأراكة للنسيم )
( وعاشره بأخلاق فإني ... وحقك عبد رق للنديم )
( أعاطيه أحاديثي وكأسي ... فأسكر بالحديث وبالقديم )
( ولي عند الأحبة قلب صب ... صحيح الود في جسد سقيم )
( أقام وسافر السلوان عنه ... فلا اجتمع المسافر بالمقيم )
وقد أوردت هنا ما أمكن من جهد الطاقة في باب الانسجام الغرامي وبديع بيوته وقد تقدم قولي أني أخرت فيه المتقدم وقدمت المتأخر عصرا لئلا ينفرط سلكه وتذهب لذته فإن الانسجام يدخل في الأبواب الغرامية وفي غيرها ولكنه يوجد فيها أكثر لعذوبتها وارتياح الخواطر إليها لا سيما غراميات العارفين مثل الشيخ شرف الدين بن الفارض وغيره
ومما يستظرف في باب الانسجام من الطرائق الغرامية الغريبة قول عبد المحسن الصوري
( وأخ مسه نزولي بقرح ... مثل ما مسني من الجوع قرح )
( بت ضيفا له كما حكم الدهر ... وفي حكمه على الحر قبح )
( فابتداني يقول وهو من السكرة ... بالهم طافح ليس يصحو )
( لم تغربت قلت قال رسول الله ... والقول منه نصح ونجح )
( سافروا تغنموا فقال وقد قال ... تمام الحديث صوموا تصحوا )
ومن الانسجام المطرب قول مروان بن أبي حفصة
( مسحت ربيعة وجه معن سابقا ... لما جرى وجرى ذوو الأحساب )
ومن الانسجام المرقص قول أبي نواس
( فتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم )
ومثله قوله
( دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء )
( صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء )
( من كف ذات حر في زي ذي ذكر ... لها محبان لوطي وزناء )
( قامت بإبريقها والليل معتكر ... فلاح من وجهها في البيت لألاء )
( وأرسلت من فم الإبريق صافية ... كأنما أخذها للعقل إغفاء )
( رقت عن الماء حتى ما يلائمها ... لطافة وخفى عن شكلها الماء )
ومن الانسجام المطرب قول محمد بن صالح الحسني
( وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه )
( يبدو كحاشية الرداء وصوته ... صعب الذرا متمنع أردانه )
( فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سحت به أجفانه )
وعدوا من الانسجام المطرب قول عبد الرحمن العطوي في رثاء أحمد بن أبي دؤاد
( وليس صرير النعش ما تسمعونه ... ولكنه أصلاب قوم تقصف )
( وليس فتيق المسك ما تجدونه ... ولكنه ذاك الثناء المخلف )
وعدوا من الانسجام المرقص قول العكوك في أبي دلف
( إنما الدنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره )
( فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره )
ومن الانسجام المرقص قول بكر بن النطاح
( من كان مرعى عزمه وهمومه ... روض الأماني لم يزل مهزولا )
ومن الانسجام المطرب قول أبي تمام
( ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله )
ومثله قوله
( ظبي تقنصته لما نصبت له ... في آخر الليل أشراكا من الحلم )
ومن الانسجام المرقص قول ديك الجن
( بها غير مغذول فداوي خمارها ... وصل بعشيات الغبوق ابتكارها )
( موردة من كف ظبي كأنما ... تناولها من خده فأدارها )
ومن الانسجام المطرب قول دعبل
( إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في الموطن الخشن )
ومن الانسجام المرقص قول أبي علي البصير
( لعمر أبيك ما نسب المعلى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم )
وعدوا من الانسجام المطرب قول يزيد بن خالد المهلبي
( ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد معايبه )
ومن الانسجام المرقص قول البحتري
( تخفي الزجاجة لونها فكأنها ... في الكف قائمة بغير إناء )
ومثله قوله
( متعتب في غير ما متعتب ... إن لم يجد جرما علي تجرما )
( ألف الصدود فلو يمر خياله ... بالصب في سنة الكرى ما سلما )
ومن الانسجام المرقص قول ابن الرومي
( فالموت إن نظرت وإن هي أعرضت ... وقع السهام ونزعهن أليم )
ومثله قوله يخاطب بني طاهر
( علوتم علينا علو النجوم ... فجودوا علينا بأنوائها )
وعدوا من المطرب قول أبي العتاهية
( أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها )
( فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها )
ومثله في المطرب قول سلم الخاسر
( لا تسأل المرء عن خلائقه ... في وجهه شاهد من الخبر )
وعدوا من الانسجام المرقص قول عبد الله بن المعتز
( أهلا بفطر قد أنار هلاله ... فالآن فاغد إلى المدام وبكر )
( فانظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر )
وعدوا من مرقصات المتنبي قوله
( وأصبح شعري منهما في مكانة ... وفي عنق الحسناء قد يحسن العقد )
ومثله قوله
( والهجر أقتل لي مما أراقبه ... أنا الغريق فما خوفي من البلل )
ومثله قوله
( فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال )
ومن الانسجام المرقص قول أبي نصر بن نباتة
( لم يبق جودك لي شيئا أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل )
ومن الانسجام قول الوأواء الدمشقي
( وأمطرت لؤلؤا من نرجس فسقت ... وردا وعضت على العناب بالبرد )
ومثله قوله
( متى أرعى رياض الحسن منه ... وعيني قد تضمنها غدير )
ومن الانسجام المرقص قول أبي العباس الضبي
( زعم البنفسج أنه كعذاره ... حسنا فسلوا من قفاه لسانه )
ومن الانسجام المرقص قول أبي الحسن اللحام
( يا سائلي عن خالد عهدي به ... رطب العجان وكفه كالجلمد )
( كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندي )
وعدوا من الانسجام المطرب قول أبي نصر العتبي
( الله يعلم أني لست ذا بخل ... ولست ملتمسا في البخل لي عللا )
لكن طاقة مثلي غير خافية ... والذر يعذر في القدر الذي حملا )
وعدوا من الانسجام المرقص المطرب قول أبي الفرج بن هند
( عابوه لما التحى فقلنا ... عبتم وغبتم عن الجمال )
( هذا غزال ولا عجيب ... تولد المسك في الغزال )
ومثله قول الأمير شمس المعالي قابوس
( وفي السماء نجوم ما لها عدد ... وليس يكسف إلا الشمس والقمر )
وعدوا من الانسجام المرقص قول ابن الحجاج
( كأن أيري شمع في رخاوته ... فكلما لمسته راحتي لانا )
ومثله قوله
( فأصبح الدهر به هيضة ... فنحن غرقى في خرا الدهر )
وعدوا من المرقص قول أبي العلاء المعري
( والخل كالماء يبدي لي ضمائره ... مع الصفاء ويخفيها مع الكدر )
وعدوا من الانسجام المرقص قول المنازي الذي لا يوجد في معناه مثله
( وقانا لفحة الرمضاء واد ... سقاه مضاعف الغيث العميم )
( نزلنا دوحه فحنا علينا ... حنو المرضعات على الفطيم )
( وأرشفنا على ظمإ زلالا ... ألذ من المدامة للنديم )
( يصد الشمس أني واجهتنا ... فيحجبها ويأذن للنسيم )
( تروع حصاه حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم )
وعدوا من الانسجام المرقص قول ابن الشحناء العسقلاني
( ومهفهف علق السقام بطرفه ... وسرى فخيم في معاقد خصره ) ( مزقت أثواب الظلام بثغره ... ثم انثنيت أحوكها من شعره )
وعدوا من الانسجام المرقص قول ابن الخياط الدمشقي وهو من شعراء المائة السادسة
( ومحتجب بين الأسنة معرض ... وفي القلب من إعراضه مثل حجبه )
( أغار إذا آنست في الحي أنة ... حذارا وخوفا أن تكون لحبه )
وهذا الانسجام غرامي وعدوا من الانسجام المرقص قول القاضي الأرجاني
( وما ينزل الغيث إلا لأن ... يقبل بين يديك الثرى )
ومثله قول ابن الهبارية
( ولولا نداه خفت نار ذكائه ... عليه ولكن الندى مانع الوقد )
وعدوا من المرقص قول أبي عبد الله النقاش البغدادي
( إذا وجد الشيخ من نفسه ... نشاطا فذلك موت خفي )
( ألست ترى أن ضوء السراج ... له لهب عندما ينطفي )
ومن الانسجام المرقص قول ابن المفضل البغدادي
( خطرت فكاد الورق يسجع فوقها ... إن الحمام لمغرم بالبان )
( من معشر نشروا على هام الربا ... للطارقين ذوائب النيران )
ومثله قول سبط التعاويذي
( بين السيوف وعينيه مشاركة ... من أجلها قيل للأغماد أجفان )
ومن الانسجام المرقص قول القاضي الفاضل في وكيله الشريف الكحال
( رجل توكل لي وكحلني ... فأصبت في عيني وفي عيني )
ومثله قوله فيه
( عادى بني العباس حتى أنه ... خلع السواد من العيون بكحله )
ومثله قول ابن الساعاتي
( والطير يقرأ والغدير صحيفة ... والريح تكتب والغمام ينقط )
ومثله قوله في النهر
( صدأ الظلام يزيد رونق حسنه ... أرأيت سيفا قط يصقل بالصدا )
وعدوا من الانسجام المرقص قول عبد الملك بن مازة البخاري وقد دخل عليه مملوك وفي يده قوس
( نهاني لما بدا عقرب ... على خده أن أروم السفر )
( فقلت وفي يده قوسه ... أسير ففي القوس حل القمر )
ومثله قول ابن أردخل التكريتي
( ألفي القوام عني أمالوه ... فقلبي مكسور تلك الإماله )
وعدوا من الانسجام المرقص قول ابن عنين
( دمشق فبي شوق إليها مبرح ... وإن لج واش أو ألح عذول )
( بلاد بها الحصباء در وتربها ... عبير وأنفاس الشمال شمول )
( تسلسل فيها ماؤها وهو مطلق ... وصح نسيم الروض وهو عليل )
ومن الانسجام المرقص قول الحاجري
( إني لأعذر في الأراك حمامه الشادي ... كذلك تفعل العشاق )
( حكم الغرام الحاجري بأسرها ... فغدت وفي أعناقها الأطواق )
وعدوا من الانسجام المرقص قول الصاحب بهاء الدين زهير
( فيا ظبي هلا كان منك التفاتة ... ويا غصن هلا كان منك تعطف )
( ويا حرم الحسن الذي هو آمن ... وألبابنا من حوله تتخطف )
( عسى عطفة بالوصل يا واو صدغه ... علي فإني أعرف الواو تعطف )
وعدوا من المرقص قول محيي الدين بن زيلاق
( ومن عجبي أن يحرسوك بخادم ... وخدام هذا الحسن من ذاك أكثر )
( عذارك ريحان وثغرك جوهر ... وخدك كافور وخالك عنبر )
ومثله قول ابن عربي الموصلي في المرقص
( أنا صب وماء عيني صب ... وأسير من الضنى في قيود )
( وشهودي على الهوى أدمع العين ... ولكنني قذفت شهودي )
ومثله قول ابن الحلاوي الموصلي
( كتبت فلولا أن هذا محلل ... وذاك حرام قست لفظك بالسحر )
( فوالله ما أدري أزهر خميلة ... بطرسك أم در يلوح على نحر )
( فإن كان زهرا فهو صنع سحابة ... وإن كان درا فهو من لجة البحر )
ومثله قول ابن ظهير الأزبكي
( طرفي وقلبي ذا يسيل دما وذا ... دون الورى أنت العليم بقرحه )
( وهما بحبك شاهدان وإنما ... تعديل كل منهما في جرحه )
( والقلب منزلك القديم فإن تجد ... فيه سواك من الأنام فنحه )
أنظر هذه القافية ما أحلاها وأمكنها
ومثله قوله
( غارت مناطقة وأنجد ردفه ... يا بعد شقة غوره من نجده )
ومن الانسجام المرقص قول تاج الدين بن الحواري
( فوالله ما أخرت عنك مدائحي ... لأمر سوى أني عجزت عن الشكر )
( وقد رضت فكري مرة بعد مرة ... فما ساغ أن أهدي إلى مثلكم شعري )
( فإن لم يكن درا فتلك نقيصة ... وإن كان درا كيف يهدى إلى البحر )
ويعجبني من الانسجام المرقص قول النجم القمراوي
( وحاكمت النسيم على مرور ... بعطفيه فمال مع النسيم )
ومثله قول عبد الكردي
( إذا ما اشتقت يوما أن أراكم ... وحال البعد بينكم وبيني )
( بعثت لكم سوادا في بياض ... لأبصركم بشيء مثل عيني )
وعدوا من الانسجام المطرب قول المهذب بن الخيمي الحلي وقد كتب إلى والده
( جننت فعوذني بكتبك أن لي ... شياطين شوق لا يفارقن مضجعي )
( إذا استرقت أسرار وجدي تمردا ... بعثت إليها في الدجا شهب أدمعي )
ومن الانسجام المرقص قول ابن عبد ربه
( يا ذا الذي خط العذار بخده ... خطين هاجا لوعة وبلابلا )
( ما كنت أقطع أن لحظك صارم ... حتى رأيت من العذار حمائلا )
ومن أغرب ما رأيت من الانسجام المرقص قول جعفر بن عثمان المصحفي
( خفيت على شرابها فكأنما ... يجدون ريا في إناء فارغ )
ومن الانسجام المرقص قول إدريس بن السمان
( ثقلت زجاجات أتتنا فرغا ... حتى إذا ملئت بصرف الراح )
( خفت فكادت أن تطير بما حوت ... وكذا الجسوم تخف بالأرواح )
ومثله قول المعتمد بن عباد
( سميدع يهب الآلاف مبتدئا ... وبعد ذلك يلفى وهو معتذر )
( له يد كل جبار يقبلها ... لولا نداها لقلنا إنها الحجر )
ويعجبني قول الفضل بن شرف في المرقص
( لم يبق للجور في أيامكم أثر ... إلا الذي في عيون الغيد من حور )
ومثله قوله
( تقلدتني الليالي وهي مدبرة ... كأنني صارم في كف منهزم )
وعدوا من الانسجام المرقص قول ابن رشيق صاحب العمدة في المعز بن باديس سلطان أفريقية وقد غاب يوم العيد وكان يوما ماطرا
( تجهم العيد وانهلت بوادره ... وكان يعهد منك البشر والضحكا )
( كأنه جاء يطوي الأرض من بعد ... شوقا إليك فلما لم يجدك بكى )
وعدوا من الانسجام المرقص قول عبد الله بن محمد العطار
( وكأس ترينا آية الصبح والدجا ... فأولها شمس وآخرها بدر )
( مقطبة ما لم يزرها مزاجها ... فإن زارها جاء التبسم والبشر )
( فواعجبا للدهر لم يخل مهجة ... من العشق حتى الماء يعشقه الخمر )
ومثله قول القاضي الجليس بن الجناب المصري
( ومن عجب أن الصوارم في الوغى ... تحيض بأيدي القوم وهي ذكور )
( وأعجب من ذا أنها في أكفهم ... تأجج نارا والأكف بحور )
وظريف من الانسجام المرقص قول ابن مكنسة
( والسكر في وجنته وطرفه ... يفتح وردا ويغض نرجسا )
وعدوا من الانسجام المرقص قول ظافر الحداد
( ونفر صبح الشيب ليل شبيبتي ... كذا عادتي في الصبح مع من أحبه )
ومثله قول أبي إسحاق بن خفاجة
( ونمت بأسرار الرياض خميلة ... بها الزهر ثغر والنسيم لسان )
وعدوا من الانسجام المرقص قول ابن اللبانة
( بروحي وأهلي جيرة ما استعنتهم ... على الدهر إلا وانثنيت معانا )
( أراشوا جناحي ثم بلوه بالندى ... فلم أستطع من أرضهم طيرانا )
وعدوا أيضا من الانسجام المرقص قول ابن الرقاق
( وأغيد طاف بالكؤوس ضحى ... وحثها والصباح قد وضحا )
( والروض أهدى لنا شقائقه ... وآسه العنبري قد نفحا )
( قلنا وأين الأقاح قال لنا ... أودعته ثغر من سقى القدحا )
( فظل ساقي المدام يجحد ما ... قال فلا تبسم افتضحا )


.
صورة مفقودة
 
أعلى