أبو الفضل الوليد - قبلتها فشممت وردا أحمرا

قبَّلتُها فشَمَمتُ وَرداً أحمرا = وضمَمتُها فهَصَرت غُصناً أخضرا
لِتَنفُّسي ارتعَشت وحين تنفَّست = عَرفُ البنَفسجِ كُمَّ ثوبي عطَّرا
فبقيتُ حتى اليومَ من أنفاسِها = أهوى البنفسجَ آملاً إن أزهرا
وضَعَت على قلبي اليَدينِ فأثَّرَت = فيهِ وأرجَعتِ البنانَ مُحَمَّرا
وعليهِ قد كتبت وصايا حبِّها = عَشراً وصَيَّرَتِ الأصابعَ أسطرا
ورَنت إليّ وأسبَلت دَمعاتِها = نجماً فأبصرتُ الثريَّا في الثَّرى
وعلى بقيَّةِ حمرةٍ في صفرةٍ = دمعٌ يسيل مُزَعفَراً ومُعَصفَرا
فرَأيتُ مُقلتَها خِلالَ دُمُوعِها = كالماسِ تحتَ النُّورِ يَسطَعُ أبهرا
فغدوتُ بالشَّفَتينِ أنهلُهُ كما = تترَشَّفُ الشَّمسُ النَّدى المُتَقطِّرا
وغدَت تُخاطِبُني وتكسُرُ جَفنَها = فأرى فؤادي بالكسير مُكسَّرا
فتقولُ وَيلي من وداعِكَ يا فتى = هلا ارعَوَيتَ أوِ الرَّحيلُ تأخرا
يا ليتَ قلبي ما تفَتَّحَ للهوى = أو لم يكُن في الأرضِ ما شاقَ الورى
إذ لم يَعُد لي بهجةٌ بجمالِها = لغيابِ بدرٍ في فؤادي أسفَرا
إنّ الطبيعةَ بالحبيبِ جميلةٌ = وأُحِبُّها إذ منهُ تحوي مَنظرا
سَلبَ الفراقُ على لقاءٍ عاجلٍ = نومي فكيفَ بآجلٍ يأتي الكَرى
فأجَبتُها وجعَلتُ باعي طوقها = لا بدَّ لي من أَن أخوضَ الأبحُرا
نفسي أبَت إلا العُلى لا تجزَعي = من أمرِ ترحالٍ عليَّ تقَدَّرا
مهما يَطُل وَصلُ الحبيبِ وقربُهُ = يأتِ الزّمانُ مُفَرّقاً ومُنَفِّرا
سأسيرُ مُهتَدياً بما زَوّدتِني = إن كنتُ أبغي السَيرَ أو أبغي السُّرى
فتذكَّريني في اللّيالي وارفعي =طرفاً إلى تِلكَ الكواكبِ أحوَرا
فهناكَ أرعاها وآخذُ قوةً = مِنها وأرجعُ غانماً ومظفَّرا
فضَمَمتُها حتى غدَونا واحداً = في لذَّةٍ ما ذاقها من أُسكِرا
وبلزَّةِ النَهدَينِ تمّت لذَّتي = وبلثمَةِ الشَفَتَينِ ذُقتُ الكوثرا
واللهِ تلكَ وقيعةٌ الحالِ التي = أضحَت تفوقُ تخَيُّلاً وتصَوُّرا
فلو اَنَّ رافائيلَ صَوّرَنا كما = كنَّا لمثَّلنا الغرامَ مُصَوَّرا




صورة مفقودة

.
paul de la boulaye
 
أعلى