ضاحي أبو غانم - «الجنس».. وعقوبة الزنا والتحرش عند «الفراعنة»

عرض وتحليل

عرف المصري القديم التعدد أي الزواج بأكثر من امرأة، والذي كان لا يرى فيه أي إهانة للمرأة كما عرف الطلاق وشدد على جريمة الزنا، وكان الطلاق جزاءً مدنيًا في حالة وقوع الزنا من أحد المتزوجين سواء كان الزاني هو الزوج أو الزوجة وكانت عقوبة جريمة الزنا هي قطع الأنف بالنسبة للمرأة الزانية والجلد بالنسبة للرجل وكان الجلد محددًا بألف جلدة، وكان يميز بين فعل الزنا وفعل هتك العرض أو الاغتصاب، إذ يقرر أن الزنا لو تم بالغصب أو بالعنف كان الجزاء يتمثل في قطع الأجهزة التناسلية “العضو التناسلي”، أما لو تم بدون عنف، فإن الرجل الزاني كان يجلد ألف جلدة والمرأة الزانية كانت تقطع أنفها، وكانت جرائم الاغتصاب والزنا عقوبتهما تصل إلى الإعدام.

كما ان هذه الأحكام تستند إلى نقوش آني، وبردية بولاق، وبردية لييد، حيث إن الزناه كانوا يكفرون عن خطاياهم بالإعدام وأن الشروع في الزنا، التحرش كان يواجه نفس العقوبة ولو لم يرتكب فعلًا الذنب الآثم، مما يؤكد على رغبة المجتمع المصري القديم في الحفاظ على جنسيتهم وسلالتهم.

ومن النباتات التى تنشط العملية الجنسية ” الخص “، وكان يزرع في مصر منذ أقدم عهود الفراعنة وقد مثل في سلال القرابين بورقه الأخضر. وقد عثر على حبات من بذوره، وهي محفوظة الآن بمتحف برلين، و كان يرسم أمام المعبود ( مين ) إله التناسل؛ لأنه يعد من النباتات التي فيها قوة حيوية.

جنس تاني

ظهرت النزعة الجنسية في الفن المصري بأكثر اشكالها فجاجة في العديد من التماثيل الصغيرة التي تعود إلي العصر المتأخر و العصر اليوناني الروماني، و هذه الأغراض كانت تصنع من الطين او الحجر و فيما بعد بدأت تصنع من الفسيفساء الزرقاء و الخضراء، و كان اهم المواضيع التي تصورها هذه التماثيل هو الأتصال الجنسي و التي كان يصور فيها الذكر عادة بعضو ذكري ضخم جدا و غير واقعي و احيانا كان يتم كسر تمثال المرأة مما يجعل المنظر غير كامل، و كان يتم عادة ادخال الات موسيقية في المناظر الجنسية مثل “القيثارة”، كما اظهرت بعض التماثيل الأكبر مصاحبة بعض العازفين الموسيقيين للعملية الجنسية، و كذلك اظهرت بعض المناظر اشتراك عدة اشخاص في العملية الجنسية ربما كمساعدين للشخصين الممارسين. و كان الغرض من هذه التمائم و التماثيل غرض سحري ديني لزيادة الخصوبة و القوة الجنسية، و ربما كان لها بعض الأغراض الشعائرية لعبادة بعض الألهة و اهمهم أيزيس التي ارتبطت في العصر اليوناني الروماني بعبادة الجنس و الخصوبة.

و لم تخل حفلات النبلاء و مأدبهم من ممارسات جنسية محتملة، فتظهر لنا مناظر الحفلات التي تعود للدولة الحديثة ارتداء الرجال و النساء لملابس شفافة كما كان يشارك في الرقص و التسلية راقصات عاريات تماما او شبه عاريات و ربما كان بعضهم بغايا، و يوجد احتمال ان وضع هذه المناظر العارية علي جدران المقابر كان لأغراض جنائزية للحفاظ علي القدرة الجنسية و الخصوبة للمتوفي في العالم الآخر.

وتعد مدينة العمال بمنطقة دير المدينة بالبر الغربي للأقصر و المناطق المحيطة بها من اغني الأماكن التي امدتنا بوثائق نعرف من خلالها الكثير عن الحياة الجنسية للمصريين القدماء، و اغلب هذه الوثائق إن لم يكن جميعها تعود إلي عصر الدولة الحديثة و ربما يرجع السبب إلي كثرة الآثار التي تحمل مناظر جنسية من هذا العصر أن مصر اصبحت دولة عالمية و مركز لأمبراطورية شاسعة فأصبح السكان معرضين لأفكار جديدة و غريبة لم يكونوا معتادين عليها.

من هذه الوثائق التي تم العثور عليها، شقافة من الحجر الجيري مرسوم عليها بالحبر الأسود منظر جنسي لرجل يمارس الجنس مع إمرأة مستلقية علي ظهرها بينما قدماها فوق كتف الرجل بينما يقوم بالأدخال، و هذا المنظر يعد من اقدم ما تم العثور عليه في الحضارات القديمة لهذا الوضع الجنسي الشائع، و يمكن افتراض أن هذا الوضع من اكثر الأوضاع تفضيلا عند المصريين مع الوضع الخلفي لأنهم تم تصويرهم كثيرا.

كذلك تم العثور علي مخربشة في كهف بمنطقة الدير البحري، تظهر فيه امرأة ارجح الأراء تعتقد انها حتشبسوت منحنية و يمارس معها الجنس من الخلف رجل يعتقد انه سننموت الموظف الأهم لحتشبسوت و مربي ابنتها نفرورع و مهندس معبدها الشهير في الدير البحري، و السبب الذي دفع الخبراء يعتقدون انها حتشبسوت علي الرغم من عدم وضوح المخربشة هو انه يمكن تمييز غطاء الرأس الملكي بسهولة علي رأسها و تعد هذه المخربشة اقدم منظر جنسي يمثل الجنس الخلفي في العالم، و ربما رسم هذا المنظر احد العمال أو الفنانين العاملين في بناء معبدها أو العاملين في بناء المقابر في وادي الملوك القريب من هذا المكان و قد تم رسمه بغرض السخرية من علاقة جنسية ربما كانت تتم بين الملكة و سننموت، و بالطبع فأن الراسم لهذا المنظر لم يشاهده في الحقيقة و انما عبر عن الفكرة بوضع جنسي من خياله و حياته الشخصية و هذا يثبت أن هذا الوضع كان مألوف و شائع بين المصريين يزيد من احتمال شيوعه في الحياة اليومية للمصريين انه قد تكرر في احد الأوضاع الجنسية الموجودة في بردية تورين.

و لكن اهم وثيقة جنسية وصلتنا علي الأطلاق من مصر القديمة هي البردية المعروفة بأسم “بردية تورين” و هي البردية رقم 5501 في متحف المصريات بمدينة تورين الأيطالية، ترجع هذه البردية إلي عصر الرعامسة (1292 – 1075 ق.م تقريبا) و هي البردية الوحيدة التي وصلتنا من مصر القديمة و تحمل مناظر جنسية فاضحة، و من الواضح انه قد تم رسمها بواسطة فنان محترف و ليس من قبل هاوي و هذا بالأضافة إلي كون هذه المناظر مرسومة علي ورقة بردي لا تترك مجال للشك انها قد صنعت تحت رعاية احد افراد الطبقة العليا في المجتمع (لم يكن البردي رخيص الثمن بالتالي لم يكن متاح للفقراء، كما ان الكتاب و الفنانين المحترفين كانت اجورهم عالية تناسبا مع وضعهم الأجتماعي المرموق).

يبلغ طول هذه البردية 257 سم و يشغل ثلثها تقريبا مناظر ساخرة لحيوانات تقوم بأعمال البشر بينما يشغل الباقي مناظر جنسية عددهم 12 منظر يعتبروا حتي بمقاييس عصرنا مناظر فاضحة، و هذه المناظر لا يصاحبهم نص الا بقايا بعض النصوص التي كانت مكتوبة بالخط الهيراطيقي، و من الحقائق الطريفة المتعلقة بتاريخ هذه البردية أن القائمين علي متحف تورين عندما قاموا بعرض البردية وضعوا امامها منضدة حتي لا تجذب انتباه الكثير من الزائرين من فرط اباحية المناظر الموجودة عليها علي الرغم من عدم وضوحها تماما لسوء حالة البردية.

يشترك في هذه الممارسات الجنسية رجال و نساء مختلفون (يمكن تمييز رجلين علي الأقل و ثلاث نساء يمكن تمييزهم من الأشكال المختلفة لشعرهم) و كذلك يمكن تمييز عدد من المساعدين. و يشترك الرجال الموجودين في هذه المناظر انهم كلهم ممثلون بأعضاء ذكرية ضخمة بشكل غير طبيعي (هذه سمة مشتركة في اغلب المناظر الجنسية الشعبية التي وصلتنا من مصر القديمة، و يمكن تفسيرها بأكثر من طريقة منها أن المصريين كانوا يعتقدون أن الصور اي صور ربما تساعد في عودة صاحبها للحياة في العالم الأخر بالشكل الذي ظهر عليه في الصورة و ربما كانوا يمثلوا انفسهم بقضبان ضخمة حتي يبعثوا بهذه الهيئة في العالم الآخر.

و ايضا يمكن تفسيرها بشكل نفسي حيث يميل الذكور المصريين المحدثين إلي المبالغة في حجم اعضائهم عند الحديث عنها حتي لو كان هذا غير حقيقي لأعتقادهم أن هذا دليل علي القوة الجنسية، و قد اعتقد المصريين القدماء فعلا بالعلاقة بين حجم العضو و القوة الجنسية و الجسدية و ربما ترسب هذا الأعتقاد في الثقافة الجمعية الشعبية للمصريين حتي الآن) كذلك جميعهم صلع و شعر عانتهم غير محلوق، كما يبدون جميعهم اكبر سنا من الفتيات، و علي النقيض فأن الفتيات يبدون حسنوات و صغيرات السن كما تظهر عليهم علامات الأناقة (علي الحلي و طريقة تصفيف الشعر) ، و جميعهم عرايا تماما إلا من الأساور و العقود و زهرة اللوتس التي تزين شعر كل واحدة منهن و تحيط بخصرهن و يظهر كل مشهد منظر ذو طبيعة جنسية مختلفة و لا يترك النص المصاحب مجالا للشك في طبيعة المناظر حيث يدل النص علي بقايا الحوار القائم بين المشاركين.

من جملة الأدوات الموجودة في المناظر سرير و كرسي بوسادة و عربة تجرها فتاتان يافعتان و بعض الألات الموسيقية، كذلك يوجد اناء (أمفورا) يستخدم كلعبة جنسية dildo و مرآة و مستحضرات تجميل، كذلك احتوت المناظر علي بعض النباتات مثل زهرة اللوتس و هي ترمز إلي الحب و الجنس كما تظهر نبتة اخري ربما تكون اللبلاب و التي تعد ايضا رمز اخصابي لتدعيم الطابع الجنسي للمناظر و من المثير للذكر في هذه النقطة ان هذه النباتات قد ظهرت في مناظر اخري تتعلق بالولادة و اعادة الولادة في العالم الأخر و هذا ان دل علي شيئ فهو يدل علي قدسية الجنس و اهميته عند المصريين القدماء، و احتوت المناظر ايضا علي منظر لنسناس علي العجلة التي تجرها الفتاتان و منظر لرقبة بطة تزين القيثارة و كلا منهما رموز جنسية أنثوية.

تتميز الأوضاع الجنسية المصورة بالتعدد و منها ثلاثة اوضاع للمضاجعة الخلفية، و في احدي الأوضاع يقوم الرجل برفع المرأة و هو واقف بينما تلف قدماها حول عنقه، و تتميز النساء المشاركات في هذه المناظر بالتجاوب و الفعالية و من هذا ما نراه في احدي المناظر (المنظر رقم 7) حيث يظهر أن المرأة تسخر من عشيقها الملقي علي الأرض من فرط التعب و الذي يظهر انه سقط من السرير و يزحف مبتعدا فتقوم بسؤاله “هل فعلت لك اي شيئ خاطئ؟”، و ايضا أحد المناظر (رقم 10) حيث نري الرجل يرفع يده و يشيح بوجه متمنعا بينما تقوم المرأة بإمساك قضيبه و إدخاله.

و من اكثر المناظر غرابة في هذه البردية المنظر رقم 9 و الذي يوضح انثي تمتع نفسها بلعبة جنسية هي عبارة عن اناء يعرف بالأمفورا و يساعد في ادخاله في مهبلها ذكر جالس علي الأرض و الغريب انها تبدو غير مهتمة و تنظر في المرأة بينما تضع أحمر شفاه (كان احمر الشفاه معروف في مصر القديمة بالأضافة إلي العديد من ادوات التجميل الأخري و كانوا يصنعوه من اكسيد الحديد و الذي يعطي لون أحمر، و كانوا يصنعون المرايا من النحاس أو البرونز الذي يتم صقله جيدا حتي تنعكس عليه الصورة) كذلك فهي تحدث الرجل في النص و تتهمه بأنه لم يشبعها جنسيا لذلك لجأت إلي هذه الطريقة.

أما المنظر رقم 11 فإن العملية الجنسية تتم علي عجلة و هذه رمزية للنبل و الثراء و هذا المنظر مشبع بالرموز الجنسية فنري فيه النسناس و اللوتس و اللبلاب و يمسك الذكر بيده قارورة ربما تكون قاروة جعة، و نلاحظ في جميع المناظر انه توجد زهرة لوتس فوق رأس جميع السيدات و هي رمز للجنس و الأنبعاث كما ذكرنا، و ربما تم رسمها فوق رئوس السيدات حتي تثيرهم رائحتها جنسيا.
و الغرض من هذه البردية غير مؤكد تماما حتي الأن فهل هي تمثل الحياة الجنسية للألهة ؟؟؟ أو هي جزء من طقوس معينة كانت مخصصة لعبادة احد الألهة المتعلقين بالجنس ؟؟؟ لقد اتفقت اراء اغلب الآثاريين علي أنه ليس لبردية تورين أو الشقافات ذات المناظر الجنسية أي اغراض دينية مقدسة و لكن لا يجب ان نستبعد تماما هذا الأحتمال فربما يكون لها فعلا اغراض دينية.

و قد تم اقتراح أن بردية تورين ماهي الا نقد فكاهي لتصرفات بعض الرجال اثناء زيارتهم للمواخيرو بناءا عليه تكون مناظر البردية انعكاس ساخر لعادة زيارة المواخير التي ربما تكون انتشرت في ذلك الوقت، و مما يؤيد ذك انها تتطابق في العديد من العناصر مع ما يعرف باسم البردية الساخرة و الموجودة حاليا في المتحف البريطاني و التي تظهر حيوانات منهمكة في نشاطات بشرية (و هذا كان عنصر مهم من عناصر الفن المصري القديم تكررت كثيرا علي جدران المقابر لكن بشكل اكثر جدية) و بالطبع فكما ذكرنا من قبل ان بردية تورين احتوت علي مناظر مشابهة لحيوانات تقلد تصرفات البشر، و قد اقترح بعض المتخصصين كذلك انها ربما تكون اول مجلة اباحية في التاريخ، او ربما تكون مخصصة لتعليم الاوضاع الجنسية، و ايا يكن الغرض من هذه البردية فلا شك من انها تسجل اوضاع جنسية كان يقوم بها المصريون في ذلك العصر منها تقريبا 7 اوضاع جنسية ذكرتها الكاماسوترا الهندية بعد تاريخ كتابتها بأكثر من 800 عام.

وقد عرفت ممارسة البغاء في مصر القديمة و يوجد احتمال بأن بعض الغرف التي اكتشفت في سقارة و التي تعرف بأسم “غرف الأله بس” كانت تستخدم كأماكن لممارسة البغاء أو لممارسة بعض الطقوس الجنسية الدينية, كذلك تدل علي وجود البغاء بعض القصص الأدبية مثل قصة الألهة إيزيس و التي تروي لنا كيف انها اختبأت اثناء هروبها من اخيها الشرير “ست” في بيت مليئ بالنساء الذين يمارسون البغاء، كما جاء ذكر لشيئ مشابه في رواية هيرودوت عن كيف اجبر الملك خوفو ابنته علي العمل في ماخور و ذلك لأمداده بالأموال لبناء هرمه، و بالطبع فأن هذه القصة غير مقبولة تاريخيا إلا انها تدل علي معرفة المصريين ببيوت البغاء. و ربما عرف المصريين القدماء كذلك البغاء المقدس او “بغايا المعبد”، علي الأقل في فترة متأخرة من التاريخ المصري و الدليل الوحيد علي ذلك هو مشاهدات الرحالة و المؤرخ اليوناني “سترابو” و الذي زار مصر عام 25 ق.م و ذكر انه قد رأي بغايا في معبد الأله أمون.

ويعتبر التصوير الجنسي الصريح في مصر القديمة قليلا بالمقارنة مع الحضارات القديمة المعاصرة لها و كان يتم تناوله بشكل رمزي في الكثير من الأحيان فنلاحظ علي جدران المعابد و المقابر المصرية رموز متعلقة بالجنس ذكرت بعضها عندما تكلمت عن بردية تورين مثل زهرة اللوتس (رمز الجنس و الأنبعاث) و اللبلاب و رأس البطة و النسناس، و الغرض الذي وضعت من اجله هذه الرموز داخل المعابد و المقابر هي للمساعدة في اعادة الولادة في العالم الآخر.

و من ابرز الأدوات التي تتجلي فيها الرمزية الجنسية صندوق من كنوز الملك توت عنخ أمون محفوظ حاليا في المتحف المصري و قد صور علي جانب هذا الصندوق الملك جالس علي عرشه ممسكا بقوس في وضع الأستعداد للأطلاق و زوجته الملكة “عنخس-ان-اس-با-أمون” جالسة تحت اقدامه ممسكة بسهم في يدها، و المنظر بأكمله رمزي فكلمة “ساتي” التي تعني قوس هي ايضا تعني “يقذف” و التي تحمل معني جنسي واضح و يساعد في زيادة قوة هذا المعني وجود زهرة اللوتس التي هي رمز جنسي اخر فوق رأس الملك، كذلك تتضمن علامات اللغة المصرية القديمة ايضا رموز جنسية، حيث ان المصريين القدماء قد استوحوا حروف لغتهم من و نري في العديد من المعابد مناظر لهذه الالهة تظهر عارية أو بقضيب ضخم منتصب و قد عبر لنا الأدب الأسطوري المتعلق بالألهة المصرية عن الجنس بينهم فعلي سبيل المثال تحكي لنا نظرية خلق عين شمس “التاسوع” أن الأله الخالق “رع-أتوم” قد خلق العالم عن طريق الاستمناء في يده التي حملت بالألهة الاولي، و قد احيي ذكري هذا الحدث في المعابد بشكل رمزي حيث حملت الكاهنات لقب “يد الإله”.

من اهم المعبودات التي ارتبطت بالجنس ايضا هو الأله “بس” الذي كان أله للمرح و الخصوبة و الجنس و يعتبر حامي للأطفال كما كان مرتبط بالحظ الحسن و الولادة لذلك فقد كان من اهم الألهة المرتبطة بالحياة اليومية، و كان يصور هذا الأله بشكل قزم ملتحي مشوه الشكل، و من أهم الأماكن اثارة للأهتمام و التي ارتبطت بالأله بس مجموعة غرف تعرف بأسم غرف الإله “بس” في سقارة و التي زينت جدرانها بمناظر تصور الأله و معه نساء عاريات.

و الغرض من هذه الغرف غير مؤكد تماما فمن المحتمل انها كانت مخصصة لزائرين يعانون من مشاكل جنسية جائوا طمعا في الشفاء من الأله، أو ليتلقوا النصائح من كهنة الأله، و قد افترض البعض انها كانت بيوت للبغاء تذكر لنا عديدا من المقاطع الادبية المتفرقة بعض البيانات عن العلاقات الجنسية، فمثلا تحكي لنا قصة “ساتني و تابوبو” بطريقة درامية عن الطلبات التي طلبتها تابوبو من ساتني ليضاجعها و التي تضمنت قتله لابنه، كذلك تضمنت بعض قصائد الحب اشارات جنسية مستترة فمثلا ذكرت احدي القصائد ان احد الشباب “يلعب بمزلاج الباب المهتاج” و اخري تذكر أن “السماء تاتي اليه وقت العواصف” أو شم رائحة العطر في لحظات اللقاء الجنسي (راجع النص السابق عن لقاء أمون مع الملكة البشرية).

و في بعض المواضع كانت تذكر المشروبات المسكرة مثل الجعة، و احيانا كانت تشبه النصوص تأثير العلاقة مع المحبوبة بتأثير المشروبات المسكرة مثلا تقول احدي النصوص “ابتهج عندما اقبلها علي شفاهها المفتوحة من دون حتي ان احتسي الجعة” أو “لقد جعلته كالثمل و فعلت له كل ما كان يريده…فكان ثوبها تحتي و كانت محبوبتي تتحرك من حولي”، و احيانا اخري كان الغزل صريح و فج بدون تورية فمثلا يغازل احد العشاق محبوبته بالتالي “إن حبيبتي فريدة لا نظير لها..فهي كالزهرة عندما تطلع في بداية العام..ضياؤها فائق و جلدها وضاء..جميلة العينين عندما تصوب سهامها..حلوة الشفتين عندما تنطق..طويلة العنق ناعمة الثدي..شعرها اسود لامع..ذراعها تفوق الذهب طلاوة..عظيمة المؤخرة نحيلة الخصر..ساقاها تنمان عن روعتها..لقد أخذت بلبي في قبلتها..سعيد من يقبلها..لقد انثنت كل اعناق الرجال..لانبهارهم عند رؤيتها”.

و من اهم الأدلة علي اهتمام المصريين القدماء بالجنس من اجل المتعة و ليس فقط انجاب الأطفال، هو ابتكارهم لبعض الوسائل الفعالة لمنع الحمل، و كانت احدي هذه الطرق عبارة عن خلط روث التمساح بالصمغ ببذور السنط و العسل و بذور الصوف المبللة يصنع منها لبوس يتم وضعه في المهبل، و ذكرت هذه الطريقة في بردية ايبرس الطبية و ربما كانت ناجحة فعلا حيث أن معدل الحموضة العالية الموجود في روث التمساح ربما يقوم بقتل الحيوانات المنوية مما يمنع الحمل، و تجدر الأشارة إلي مدي رقي الفكر المصري الذي نستشفه من اكتشاف وسائل لمنع الحمل في حين أن الحضارات المجاورة كانت مازالت تتعامل مع ولادة الأطفال علي انها هبة الهية يعطيها او يمنعها الأله و لا يمكن لأحد أن يتدخل في منعها اذا اعطاها الأله أو منحها اذا منعها الأله و مازال هذا سائدا حتي اليوم في الكثير من المجتمعات.



.






صورة مفقودة
 
أعلى