إبن الونان - مهلا على رسلك حادي الأينق

مهلاً على رسلك حادي الأينق = ولا تكلّفها بما لم تطق
فطالما كلفتها وسُقتها = سوق فتى من حالها لم يشفق
ولم تزل ترمي بها يد النوى = بكل فج وفلاة سملق
وما ائتلت تذرع كل فدفد = اذرعها وكل قاع قرق
وكل ابطح واجرع وجزع = وصريمة وكل أبرق
مجاهلٌ تحار فيهنّ القطا = لا دمنةٌ لا رسم دار قد بقي
ليسَ بها غيرُ السوافى والحوا= صبِ الحراجيج وكلّ زحلِق
والمرخِ والعفارِ والعضاهِ وال = بشامِ والأثلِ ونَبتِ الخربَقِ
والرّمثِ والخُلَّةِ والسعدانِ = والثغرِ وشَريٍ وسَنا وسَمسَقِ
وعُشَر ونشَمٍ وإسحَل = معَ ثُمامٍ وبهارٍ مونِقِ
والسمعِ واليعقوبِ والقِشَّةِ وال = سيد السبَنتى والقطا وجورَقِ
والليلِ والنهارِ والرئال وال = هيثم مع عكرَمَةٍ وخرنقِ
ولم تزل تقطع جلباب الدجى =بجَلَم اليد وسيف العنُق
فما استراحت من عبور جعفر = ومن صعود بصعيد زلق
ألا وفي خضخاض دمع عينها = خاضت وغابت بسراب مطبق
كأنما رقراقُه بحرٌ طما = والنوق أمواج عليه ترتقي
وكل هودج على أقتابها = مثل سفين ماخر أو زورق
مرّت بها هوج الرياح فهي في = تفرّق حينا وحينا تلتقى
وكم بسوط البغي سقم سوقها = سوق المعنّف الذي لم يتق
حتى غدت خوصا عجافا ضمّرا = اعناقُها تشكو طويل العنَق
مرثومة الأيدي شكت فرط الوجا = لكنها تشكو لغير مشفق
من بعد ما كانت هنَيدَة غدت= اكثر من ذود ودون شنق
وان تماديت على إتعابها = ولم تكن منتَهِيا عن رهَق
فوسف تعروك على اتلافها = نادمة الكسعيّ والفرزدق
وكنت قد عوّضت عن أخفافها = خفّي حنَين ظافرا بالأنَق
لأنت اظلم من ابن ظالم = ان كنت من بعد بها لم ترفق
رفقا بها قد بلغ السيل الزبى = واتسع الخرق على المرتّق
وهب لأيديهن ايداً ولها = متنا متينا ما خلا عن مصدق
فما لظُعن حملت من مرة = بظعن اودى بها في الغسق
اسأت للغيد وللنّوق ولي = اساءةً بتوبة لم تمحق
لو لم يكن بحب حلم احنف = والمنقري قلبيَ ذا تعلق
حملت رأسك على شبا القنا= مروعا به حداة الاينق
ودع يسوق بعضها بعضا فقد = دنا ولوجها بوعر ضيق
ولتتخذني رائدا فإنني = ذو خبرة بمبهمات الطرق
إن غرِثَت علفتُها ولو بما = جمعته من ذهب وورق
أو صديت اوردتها من أدمعي = نهرَ الأبلّة ونهر جلق
رفقا بها شفيعها هوادجٌ =غدت سماء كل بدر مشرق
من كل غيداء عروب بضة = رعبوبة عيطاء ذات رونق
خريدة ممسودة رقراقة = وهنانة بهنانةِ المعتنق
وقُل لربات الهوادج انجلي = ن آمنات فزع وفرق
فإنني اشجع من ربيعة = حامي الظعينة لدى وقت اللقي
فربّما يبدو إذا برزن لي = ريمٌ إليه طار بي تشوقي
لبُني وما ادرتك ما لبني بها = عرفت صباً مغرماً ذا قلق
تسبي بثغر اشنب ومرشف = قد ارتوى من قرقف معتّق
وناعم مهَيكل وفاحم =مرجل وحاجب مرقق
وعقب محجّل ومعصم =مسوّر وحاجب مرقّق
ومقلة ترمي بقوس حاجبٍ = لاحظها بسهمها المفوّق
تمنع مس جسمها لثوبها =ثلاثةٌ مثل الاثافي في الرقى
حقّان من عاج وقعب فضة = من ظاهر وباطن كالشفق
وزاد مسك الخال ورد خدها = حسناً وقد عمّ بطيب عبق
وقبّلت أقدامها ذوائب = سودٌ كقلب العاشق المحترق
كم أودعت في مقلتي من سهر = واضرمت في مهجتي من حرق
ولا يزال في رياض حسنها = يسرح فكري ويجول رمقي
ولا تسل عما أبث من جوى = وما تريق من دموع حدفي
يوم اشتكى كل بما في قلبه= لحبّه بطرفه بما لقي
ما عذرُ من يشكو الجوى لمن جفا = وهو لدمع عينه لم يرق
آه على ذكر ليالٍ سلفت =لي معها كالبارق المؤتلق
في معهد كنا به كنخلتَي = حلوان في وصل بلا تفرّق
نلنا به ما نشتهي من لذة = ودعة في ظل عيش دغفق
ازمان كان السعد لي مساعداً = ومقلةُ الرقيب ذات بخق
واليوم قد صار سلام عزة =يقنع من لبنى إذا لم نلتق
واللّه لو حلت ديار قومها = واحتجبت عني بباب مغلق
لزرتها والليل جونٌ حالك= وجفنها لم يكتحل بارق
مع ثلاثة تقي صاحبها = ما لم تكن نون الوقاية تقي
سيف كصمصامة عمرو باتر = لا يتقى بيلب ودرق
وبين جنبي فؤاد ابن ابي = صفرة قاطع قرا ابن الازرق
وفرس كداحس أو لاحق= يوم الرهان شأوه لم يلحق
تقدح نيران الحباحب حوا = فرُه عند خبب وطلق
كالريح في هبوبه والسمع في = وثوبه وكالمها في فشَق
به اجوسُ في خلال دارها = وانثني كالبارق الموتلق
فإن تك الزبا دخلت قصرها = وكقصير سقتها للنفق
ومن حماها ككليب فله = جساس رمح راصد بالطرق
لا بد لي منها وان تحصّنت = بالأبلق الفرد وبالحَوَرنَق
لا بد لي منها وان عثرَت = ذيل الحسام والسنان الازرق
وان ظفرت بالمنى من وصلها = بالغت في صيانة العرض النقي
وان بقيت مثل ما كنت فلا =زلت بغيض مضجعي ونمرقي
أشنّ كل غارة شعوا على = من يحمها في مقنب او فيلق
وفي خميس من خيار يعرب = ذوي رماح وخيول سبّق
من أسرتي بني ملوك فهم = اطوع لي من ساعدي ومرفقي
سل ابن خلدون علينا فلنا =بيَمَنٍ مآثرٌ لم تمحق
وسل سليمان الكلاعي كم لنا = من خبر بخيبر وخندق
ويوم بدر وحُنَين وتبو =كٍ والسويق وبني المصطلق
بهم فخرت ثم زاد مفخري = بأدبي الغض وحسن منطقي
وزان علمي أدبي فلن ترى = من شعره كشعري المنمق
فإن مدحت فمديحي يشتفى= به كمثل العسل المروّق
وان هجوت فهجائي كالشجى = يقف في الحلق ومثل الشرق
فإن يكُ الشعرُ عصى غيري فقد =أطاعني في عيهَق وحَنَق
وإن يكُن سيفاً محلىًّ فقَد = أبلى نجادَهُ عُنُقي
وإن يكن بُرداً فقد صرتُ به = معتَجِزاً دونَ جميع السوَقِ
وإن يكُن تاجا فقد زاد سناً = جوهَرهُ مذ حلّ فوق مفرقي
وإن يكُن حديقةً فطالما = نزّهتُ فيها خاطري وحدقي
وإن يكن بحراً غصتُ على = جوهرِه وكنتُ نعم المنتقي
وهل أنا إلّا ابنُ ونّان الذي = قرّبَهُ كم من أميرٍ مرتقي
أحقُّ من حُلّى بالأستاذِ وال = شيخ الفقيهِ العالم المحقّق
وبالمحَدِّثِ الشهير والأدي = ب والمجيد والبليغ المفلق
وأعلم الناس بدون مريَةٍ = سيّانِ من بمغرِب ومشرقِ
بالشعرِ والتاريخ والأمثال وال = أنساب سل تُصَدِّق
 
أعلى