مراد الصوادقي - أنتِ الشعر...!

عندما تضعين الأرض
في كفيكِ
تلد الكلمة شعرا
وحينما تجتمع البحار
والمحطات والأنهار
على صدركِ
يجري الشعر
من ينابيع الفحوى

عندما تستحضرين مشاعر الوجود
وتضمين عواصف اللهفات
في مخدعكِ
تحلق طيور الشعر
في سماء الأبدية

عندما تتمرغين في رمال روحي
وتتقلبين عارية
على سواحل الأشواق
أقرأ شعرا
مكتوبا بمداد النظرات

عندما أغوص وإياكِ
في مياه النشوة
ونتعانق فوق قاع الخيال
أجد الشعر مسطورا
بحبر التلاقي

عندما أجالس أطياف الذكريات
وأستحم بفيض الأمنيات
وأخلع بدني
أكتب شعرا على وجنتيك
بيراع فؤادي

عندما يتماوج الليل
على جبين الفجر
ويرفرف النهار بأجنحته
وتغرد الأطيار
أجد الشعر حيا
يترنم على أغصان الهمسات

عندما أجالس
أبوتمام والبحتري
وإبن المعتز والمتنبي
أقف متحيرا
أمام آفاق الشعر الشادية
بألحان الوجود
التي تعزفها قلوب التراب

عندما ألج بوابة الغياب
وأذوب في قدح الطين
وأصغي لخفقان النشوة الفوارة
وأستحيل رمادا
تتحول السماء إلى ورقة
ذات سطور تشتاق شعرا

عندما أقف على أطراف قلبي
وأصدّح بلسان روحي
على صدرك الفتان
وأجوب وديان البهاء
وجبال النسيان
أكتشف أن الشعر
نبضُ إنسانٍ يغيب في الإنسان

عندما أدفن أفكاري
في رمال الواعدين
وأمنحها رسائل اليقين
فأهرب من جذب الأرض
وأتحرر من أسر الدوران
أنتظر متبصرا
أرقب دخان شعر العابرين
على جسورٍ بلا نهايات

عندما أراكِ تتمايلين
كأزهار الخزامى
على ضفاف نهر العشق
وأنتِ تراقصين الأمواج
وتلاعبين ضفائر الضياء
وتطعمين الفضاء عبير بدنكِ الوضاء
في تلك اللحظة
أذوب في ظلك
وأقرأ شعرا تكتبه خطواتكِ
على جسد النسمات

عندما تصدحين بأناشيد الحرية
وترتلين آيات الديمقراطية
وتداعبين أنياط قلب الوجود
بكلمات بلا حروف
يهطل الشعر كقطرات الندى
على جروح أوراق الزهور

عندما أتغلغل فيكِ
وأذوب في فضاء أناكِ
وأغوص عميقا
بين أصابع رؤاكِ
وأتفتت من هول النشوة
وصرخة المعنى
وصواعق البرهان
أجد الشعر يتقافز
فوق ألسنة لهيب النيران

عندما أعانق بريقَ عينيكِ
وأرتشف من أقداح روحك
وأدنو من قرمز وجنتيك
وأطلق كفي سائحة في دنياك
أعتلي منبر التصديح
وأطرب لشعر تغنيه النسمات
وتكتبه على شفتيكِ
أطياف اللهفات

عندما تتسلقين أعمدة خيالي
وتجالسين هزار زماني
وتحتفلين بميلاد جراحي
وتعرفين نزيف أبهر الحسرات
تدركين
أن الشعر لا تكتبه الأقلام

عندما تتهاوى أثمار البرهان
في أحضان الإدراك
وتتجمع المعاني
في سلال العبارات
ويشدو بالمكتوب
لسان المروج الصداحة
بأغاريد الأمل والحياة
يتحول الشعر إلى سلاف
عناقيد المحتوى
وتتربع الكلمات على عرش المراد
فيتكلم النور!



- د. مراد الصوادقي
أنتِ الشعر...!
 
أعلى