شاكر لعيبي - ظلي الساقط على ظلكِ

1
ظِلِّيْ يَسْقطُ عَلى ظِلِّكِ
فِي السَّاعَةِ الهَاذِيَةِ وَالنِّصْف
بَعْدَ مُنتصَفِ الَّليْلِ
وَحْدَكِ تَبْذرِيْنَ فِي الحَقْلِ دُمُوْعَ الأقمَارِ
سَتَسْمَعُ الجَّارَاتُ رِيَاحَكِ عَالِيَةً
مَضْرُوْبَةً بالصَّوَاعِقِ
هَا أنذا أتلمَّسُ الكوْنَ فِي شَعْرِكِ المُبَعْثرِ،
الكوْنَ المُتمَاوِجَ عَلى ظَهْرِكِ طيَّةً طيَّةً
غُصَيْناً أنحَنِي عَلى قامَتِكِ، هَشّاً مُرْتجِفَاً
مُحَاطاً برَائِحَةِ القُرُنْفلِ الذي نمَا قُرْبَ البُرْكانِ
حَارِسَاً ذاك الفَوَرَان غير المَرْئِيّ
الغَزيْر
غُصَيْناً سَيَسْقطُ أخِيْراً ببُطءٍ يشْبِهُ انْطِفاءَ اليَقِيْنِ
مَسْحُوْرَاً بعِمَارَتِكِ المُتهَدِّمَةِ أمَامَ ناظِرَيَّ
طيَّةً طيَّةً
مَأخُوْذَةً بمِعْمَارِيَ الطِّيْنيّ
السَّاقِطِ ببُطءٍ كأنهُ لنْ يَسْقطَ أبَدَاً
ببُطءٍ كما لو أنّي خارِجٌ عَنْ صَرَامَةِ الجَّاذِبيَّة
نَحْوَ هَوَائِيَّةِ الحَقلِ الذي يَتشكَّلُ
مِنْ جَسَدٍ مَزْرُوْعٍ بالزُّهُوْرِ البَرِّيَّةِ المُشوَّكَةِ
وبالرَّيَاحِيْنِ غَيْرِ المَمْنُوْحَةِ بَعْدُ لأيْدِيْ القاطِفيْنَ
ببُطءٍ سَيَسْقطُ عَلى حَقلِ القُطْنِ الذيْ مَا زالَ غَافِيَاً
بَيْنَ التُّوَيْجَاتِ والكُؤُوْسِ
ببُطءٍ كمَا لوْ قدْ تأبَّدَ فوْقَ ظِلِّكِ العَارِيْ
ببُطءٍ يشْبهُ صَمْتاً لا يُحْتمَل
مَا زالَ فِي نشْوَةٍ قُصْوَى يَخْترِقُ نَحْوَكِ طَرِيْقَهُ
بَيْنَ الكَوَاكِبِ غيْرِ المُكْتَشَفةِ بَعْدُ
والدُّرُوْبِ الرِّيْفيَّةِ التي لا تَعْرِفُ العَالَمَ
لِمَاذا لا تَتحَرَّكُ ذِرَاعُكِ المَرْمِيَّةُ فِي الرَّخاءِ
ولا قدَمُكِ النَّائِمَةُ فِي البَيَاضِ
نِصْفُ مُغْمِضَةٍ أنتِ، نِصْفُ مُضَاءَةٍ
بَيْنمَا يَسِيْلُ مَاءُ الجِّنيّاتِ ببُطءٍ فِي يَنابيْعِكِ
بانتِظارِ النَّسْمَةِ التي سَتَمْسَحُ عَلى وَجْهِكِ المَمْحُوِّ
والصَّاعِقةِ التي سَتُضِيءُ الوَرْدَتيْنِ عَلى الحُلمتيْنِ
والمَاءِ الذي سَيُلامِسُ الكتفيْنِ الغائبَتيْنِ عَنِ الوَعْي
بانتِظارِ سُقُوْطِ الرَّجُلِ أخَيْرَاً قُرْبَهُمَا مُعْترِفاً لكِ بذنُوْبِهِ
لا طاهِرَاً، ولا مُلوَّثاً

2
لن تكفِي عَشْرُ قبُلاتٍ عَلى عَتبةِ سَرِيْرِكِ
ولا التوَسُّلاتُ إلى حَرِيْرِكِ
ولا مِئاتٌ أخْرَى إلى السُّهُوْلِ المُشْمِسَةِ فِي ظَهْرِكِ
ولا الآلافُ إلى حَلْوَى شفتيكِ المَائِعَتيْنِ فِي الصَّيْفِ
سَتجِدِيْنَ بَعْضاً مِنكِ هُنا وَهُناكَ، وَقليْلاً مِنّيْ
عِندَمَا أطْلِقُ عَصَافِيْرِي عَلى جَسَدِكِ المُعْتزِلِ
بمَناقِيْرِهَا الحَرِيْرِيَّةِ وأقدامِهَا المَائِيَّةِ
وَهِيَ تخْطُوْ عَلَيْهِ
وَتتناوَمُ فِيْهِ
خارِجَةً مِنْ تُرَابِهَا الأوَّل وَمِنْ رَجْفتِها الأصْلِيَّةِ
لأرَى وَجْهيَ فِي مِرْآةِ عَيْنيكِ المُخَدَّرَتيْنِ
مِثْلَ غَرِيْبٍ يَسْبَحُ فِي حَوْضٍ تَسْتَحِمِّيْنَ فِيْهِ أيْضَاً
يَسْرِيْ فِي سَوْرَةِ المَاءِ ببُطْءٍ
لكي يَسْتمْتِعَ فِي كلِّ انْحِناءَةٍ غامِضَةٍ
قَبْلَ أنْ يَرْتفِعَ للهُبُوْطِ العّذْبِ فِي وَادِي المَلِكَاتِ
وَيَصِيْر أكثرَ هَشاشةً مِن عَضَلَةٍ مُسْتَسْلِمَةٍ
دَعِيْنِيْ أذُهَب عَمِيْقاً لفترَةٍ عَمِيْقةٍ وَطَوُيْلةٍ
تُشَكِّلِيْنني وَتتشكَّلِيْنَ مَعِيْ
نُدِاعِبُ هذا العَدَمَ الحَامِضَ
دُوْنَ مَخاوِفَ
فأنّيْ فِي هذا الَّليْلِ بَوّابٌ أعْمَى
يَتلَمَّسُ تفاصِيْلَ الوُجُوْهِ لِيَعْرفَ أسْرَارَهَا
مِثْلَ طُلْسُمٍ أعْظَم لا يَعْرفهُ سِوَاهُ وَسِوَاكِ
في مَمَرَّاتٍ معتمة تَضِيْعُ كلَّما لامَسَتْهَا الخَطوَات
واقفاً على شَرَفِ نافذِتِكِ التي ذابتْ أثناءَ حُضُوْرِنا الحَمِيْمِ
ثمَّ نافِذتيْ التي يَتسَاقطُ الرِّيْشُ عَلى زُجَاجِها مِنْكِ
سَأنقضُّ عَلى الأبْجَدِيَّةِ كًلِّهَا لأخْترِعَكِ
وَتَخْترِعِيْنَ اليَدَ التي تُحِبِّيْن


نوفمبر 2010


.

صورة مفقودة
 
أعلى