محمد بنهمور - الجنس والدين في المجتمع

يقول عالم الاجتماع الفرنسي ميشال فوكو في كتابه تاريخ الجنسانية ،يقال لنا أن القمع ،إذا كان هو الأسلوب الأساسي منذ العصر الكلاسيكي ،للربط بين السلطة و المعرفة و الجنسانية ،فانه لا ينبغي القيام من اجل ذلك ،بأقل من خرق للقوانين ، و رفع للمحظورات ،و اقتحام للكلمة .
كما أشار ميشال فوكوا فانه ينبغي على الباحث عن المعرفة خرق قوانين الصمت و رفع الحظر عن المحظورات و اقتحام الكلمة ،في مواضيع معتمة بين الجدران و داخل الحجرات، و في موضوعنا هذا سنقتحم الكلام عم محرمين وهما الجنس و الدين.
بما أن علاقة الجنس بالدين تطرح عدة إشكالات و قضايا ،تمس بالأساس الواقع المعاش المرتبط بالتحولات الاجتماعية التي ما لبتت أن تغيرت و مست قيم الشباب و تمثلاته اتجاه عدة مواضيع, و من بينها الجنس والدين ،وهما من طابوهات المجتمع ،حيث تبقى هده المواضيع محرمة اجتماعيا على مستوى القول، بالنضر إلى التحريم الديني و الأخلاق السائدة ، فحتى الأبحاث السوسيولوجية نجد نقص كبير في دراسة السلوكات و الممارسات الجنسية في المجتمع، بالقياس مع الحاجة الماسة عند هده الفئة , في ظل متغيرات عدة فرضت نفسها بقوة،منها ما هو اجتماعي و اقتصادي،أو كدخول التكنولوجيا و الانترنيت و الهواتف الذكية على الخط بشكل كبير. ، ونضرا للأهمية المتزايدة التي يكتسبها الجنس في الحياة اليومية لدى المجتمع ، حيت أضحت الممارسات الجنسية والإغراق فيها مبتغى وقمة الأمنيات لدي كثير من الناس بقوة إلحاح الحاجة او للطلب المتعة واللذة و التي أصبح من الصعب حدها باسم الدين والحرام ، او الخوف من الأمراض المتنقلة جنسيا.
الإقبال على الجنس بلهفة كبيرة عند الشباب بما فيهم المتزوجين و العزاب أظهرت سلوكات و ممارسات جنسية مختلفة من قبيل (الجنس الفموي و الجنس من الدبر الاستمناء) و هو في الغالب ما يتنافى مع المرجعية الدينية للمجتمع أو الأخلاق الدينية خصوصا و ان المجتمع محافظ ، فعدم التطابق الحاصل بين المعايير الدينية وبعض الممارسات الجنسية في إطار الزواج أو خارجه يعكس تماما التناقض الحاصل.
فنجد ان أفراد المجتمع من خلال تفاعلاتهم وسلوكياته الجنسية، تنسف المعايير الدينية و الأخلاقية باستمرار و بصفة يومية, غير ان الدراسات السوسيولوجية في هذا المجال مازلت غير كافية و محتشمة ،وتستوجب تشخيص العوامل الثقافية و الاجتماعية المحيطة بالممارسات الجنسية ، حيث لا يزال هذا الحقل ملغوم و ممنوع من الغوص فيه ,بحكم قوة و سيطرة الإيديولوجية الدينية أو تعتيم الاجتماعي عليه. فالنشاط الجنسي في المجتمع يتجه أكثر فأكثر نحو الانفصال عن هدف الزواج ليخضع إلى أهداف أخرى مثل إشباع الرغبة أو تجسيد الحب و استهلاك متع الحياة ليصبح الجنس هدف في حد ذاته أي المتعة من اجل المتعة
و تظل أي أبحاث تتعلق به مزعجة إلى أقصى حد، ذالك أنها تؤدي إلى تسجيل سلوكيات و ممارسات جنسية غير شرعية من وجهة الفقه الديني الإسلامي، تتجسد في بعض الأحيان في السلوكات المذكورة سابقا بالإضافة إلى غض السلطات نظرها عن العمل الجنسي أو ما يسمى بالبغاء ,مما يجعل السلطات تتهم بالفساد الأخلاقي ، مع العلم أن شرعية النظام مرتبطة بالدين الإسلامي ،مما يدفع الأنظمة إلى التعتيم على موضوع الجنس الذي قد يعرضها للانتقاد من طرف الأصولية نظرا لحساسية هذا الشأن.
يقول عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي إن من سمات المجتمع المدني الحقيقي توجيه القيم الجنسية نحو ديمقراطية علمانية...أي الانتقال من النظام ديني إلى نظام مدني من دون التنكر للعقائد الدينية السائدة.
لاشك في ا ن الكثير من الدول العربية تحتجز موضوع الجنس في غرفات مظلمة و تفرض التعتيم على اي نقاش علمي حول هذا الموضوع ،و تبقى اول مواجهة معرفية مباشرة حول موضوع الجنسانية، يرجع الى انتشار مرض الايدز الذي فرض على الأنظمة السياسية الحاجة الى دراسة الجنسانية في إطار الوقاية ،اضطرت الكثير من الدول العربية الى تشخيص كل السلوكات الجنسية لكل الافراد ،سواء كانت تلك السلوكات شرعية ام لا ،سوية ام شاذة, ويعود الفضل الى هذه الدراسات ، التي أظهرت الكثير من الامراض الجنسية و النفسية ,و اتبثت ان هذا الحقل ما زال يقوم على السلطوية و القمع المهيمن على العلاقات الجنسية ،أي ان السلوك الجنسي ناتج عن الحاجة او الخوف او الواجب او استغلال الفرصة.
و يظل الفكر الديني التقليدي داخل المجتمع ، يفرض نفسه بقوة إلى حد ما، غير أن السلوكات العلمانية الجنسية عند أفراد المجتمع تطفوا على السطح في عدة صور ،فحتى مفهوم الحرام عاجز اليوم وحده عن كبح الرغبة الجنسية قبل الزواج و بحث المتزوجين عن المتعة بكل الأشكال، فرغم المرجعية الإسلامية ،فالسلوكات الجنسية تنزع نحو الاستقلال و التحرر من القيود الدينية .


.
صورة مفقودة
 
أعلى