سيد القمني - الأنثى‭ ‬والدم‭ ‬الأزرق

منذ‭ ‬حوالي‭ ‬عشرين‭ ‬ألف‭ ‬سنة‭ ‬مضت‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬العصر‭ ‬الحجري‭ ‬القديم،‭ ‬بدأ‭ ‬الإنسان‭ ‬عمليات‭ ‬التشكيل‭ ‬الفني،‭ ‬فترك‭ ‬لنا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬تماثيل‭ ‬بدائية‭ ‬بسيطة‭ ‬لكنها‭ ‬تحمل‭ ‬دلالات‭ ‬الرموز‭ ‬التي‭ ‬أراد‭ ‬إبرازها‭ ‬بعمله‭ ‬الفني،‭ ‬وهي‭ ‬تماثيل‭ ‬لإناث‭ ‬ضُخّمت‭ ‬فيها‭ ‬الأعضاء‭ ‬الجنسية‭ ‬للمرأة،‭ ‬كالثديين‭ ‬والأفخاذ‭ ‬والفرج،‭ ‬وتم‭ ‬العثور‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬التماثيل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬كونها‭ ‬كانت‭ ‬آلهات‭ ‬تُقدم‭ ‬لها‭ ‬القرابين،‭ ‬فهناك‭ ‬بقايا‭ ‬نباتات‭ ‬كالحنطة‭ ‬و‭ ‬الزهور‭ ‬وما‭ ‬يشبه‭ ‬الأوعية‭ ‬الحجرية،‭ ‬وقد‭ ‬تناثرت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التماثيل‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬وأطلق‭ ‬عليها‭ ‬الخبراء‭ ‬اسم‭ ‬فينوس‭ ‬أو‭ ‬أفروديت‭ ‬آلهات‭ ‬الجمال‭ ‬في‭ ‬الزمنين‭ ‬اليوناني‭ ‬والروماني،‭ ‬مضيفين‭ ‬إليها‭ ‬لقب‭ ‬‭(‬الولادة‭)‬،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬آلهات‭ ‬للجمال‭ ‬بمفهومة‭ ‬المتطور‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬قيمتها‭ ‬أنها‭ ‬تلد‭ ‬وتعطي‭ ‬حياة،‭ ‬ودوما‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الأنصاب‭ ‬تُمثلها‭ ‬وهي‭ ‬حُبلى‭ ‬ببطن‭ ‬منتفخ‭ ‬وعضو‭ ‬تناسلي‭ ‬ضخم‭ . ‬كانت‭ ‬قيمة‭ ‬الإلهة‭ ‬وسر‭ ‬ألوهيتها‭ ‬هي‭ ‬كونها‭ ‬فينوس‭ ‬الولادة‭ ‬أو‭ ‬الأنثى‭ ‬التي‭ ‬تلد‭.‬
‬في ذلك‭ ‬الزمن‭ ‬كان‭ ‬المجتمع‭ ‬يعيش‭ ‬المشاع‭ ‬البدائي‭ ‬كل‭ ‬النساء‭ ‬لكل‭ ‬الرجال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬الذكر‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الحبل‭ ‬والولادة،‭ ‬فكان‭ ‬الرجال‭ ‬يخرجون‭ ‬للقنص‭ ‬وجمع‭ ‬الثمار‭ ‬والصيد‭ ‬ليعودوا‭ ‬ويجدوا‭ ‬هذه‭ ‬حبلى‭ ‬وتلك‭ ‬قد‭ ‬ولدت‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬مخاض،‭ ‬فاعتقدوا‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬الحبل‭ ‬والولادة‭ ‬أمر‭ ‬خاص‭ ‬بالأنثى‭ ‬وحدها‭ ‬وأنها‭ ‬مخصبة‭ ‬ذاتيا،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬كافيا‭ ‬للإبهار‭ ‬والاندهاش‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الرهبة‭ ‬والتقديس‭ ‬للقابضة‭ ‬على‭ ‬أسرار‭ ‬الحياة‭ ‬والتي‭ ‬تلد‭ ‬الحياة‭.‬

وزاد‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬فهم‭ ‬الذكر‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الحبل‭ ‬والولادة‭ ‬واعتقاده‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬دور‭ ‬له‭ ‬فيها،‭ ‬هو‭ ‬الفترة‭ ‬الفاصلة‭ ‬الطويلة‭ ‬بين‭ ‬عملية‭ ‬الجماع‭ ‬وبين‭ ‬عملية‭ ‬الولادة،‭ ‬لذلك‭ ‬لم‭ ‬يدقق‭ ‬البدائي‭ ‬ليربط‭ ‬بين‭ ‬العمليتين،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬معيشة‭ ‬الأولاد‭ ‬و‭ ‬البنات‭ ‬سوية‭ ‬دون‭ ‬عائق‭ ‬قبل‭ ‬البلوغ‭ ‬ويمارسون‭ ‬الجماع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تنتج‭ ‬عنه‭ ‬ولادة،‭ ‬فلم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬المضاجعة‭ ‬والولادة،‭ ‬بما‭ ‬انتهى‭ ‬إلى‭ ‬اعتبار‭ ‬الأنثى‭ ‬هي‭ ‬الكائن‭ ‬الوحيد‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬منح‭ ‬الحياة‭.‬

كان‭ ‬هذا‭ ‬البدائي‭ ‬قد‭ ‬عرف‭ ‬أن‭ ‬الدم‭ ‬هو‭ ‬سر‭ ‬الحياة‭ ‬المقدس‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬الجرح‭ ‬النازف‭ ‬مؤديا‭ ‬للموت،‭ ‬ثم‭ ‬لاحظ‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬دم‭ ‬الحيض‭ ‬عند‭ ‬الأنثى‭ ‬معناه‭ ‬بداية‭ ‬صنع‭ ‬المولود‭ ‬الجديد،‭ ‬فاستنتج‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدم‭ ‬الذي‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬دورته‭ ‬الشهرية،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬مختف‭ ‬بالداخل‭ ‬ليصنع‭ ‬الطفل‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬أحشاء‭ ‬المرأة‭.‬

ومن‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬دم‭ ‬الحيض‭ ‬الذي‭ ‬يميل‭ ‬لونه‭ ‬إلى‭ ‬الزرقة‭ ‬هو‭ ‬قدس‭ ‬الأقداس‭ ‬لأنه‭ ‬صانع‭ ‬الحياة،‭ ‬وبه‭ ‬وبسببه‭ ‬ومن‭ ‬أجله‭ ‬تم‭ ‬تقديس‭ ‬الأنثى‭ ‬وحيضها،‭ ‬وترافقت‭ ‬قدسية‭ ‬المرأة‭ ‬مع‭ ‬الدم‭ ‬الأزرق‭ ‬ليضعها‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬الرتبة‭ ‬الأعلى‭ ‬والأسمى،‭ ‬فكانت‭ ‬هي‭ ‬الربة‭ ‬وهي‭ ‬الملكة‭ ‬السامية،‭ ‬ومن‭ ‬يومها‭ ‬أصبحت‭ ‬السمة‭ ‬التي‭ ‬تلازم‭ ‬السلالات‭ ‬الملكية‭ ‬هي‭ ‬صفة‭ ‬الدم‭ ‬الأزرق‭.‬

واستمر‭ ‬استقرار‭ ‬المرأة‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬رصيد‭ ‬كشوفها‭ ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬اكتشاف‭ ‬الأوعية‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬الثمار‭ ‬الجافة‭ ‬كثمار‭ ‬جوز‭ ‬الهند‭ ‬وتقليدها‭ ‬للطبيعة‭ ‬بصنع‭ ‬أوعية‭ ‬مماثلة‭ ‬من‭ ‬الأحجار‭ ‬وحفرها‭ ‬لتشكل‭ ‬وعاء،‭ ‬وكلها‭ ‬كانت‭ ‬أوعية‭ ‬دائرية‭ ‬تشبه‭ ‬نصف‭ ‬ثمرة‭ ‬جوز‭ ‬الهند‭ ‬فكانت‭ ‬ثدياً‭ ‬يحفظ‭ ‬الغذاء‭ ‬والماء،‭ ‬يحفظ‭ ‬الحياة‭.‬

وعجنت‭ ‬المرأة‭ ‬وخبزت‭ ‬وتخمر‭ ‬العجين‭ ‬بالصدفة‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬ينبغي،‭ ‬تذوقته‭ ‬فسكرت،‭ ‬ويعود‭ ‬الذكور‭ ‬لتفاجئهم‭ ‬الربات‭ ‬بالخمر‭ ‬ليعيشوا‭ ‬في‭ ‬جنات‭ ‬عالمها‭ ‬السحري،‭ ‬مما‭ ‬رفعها‭ ‬إلى‭ ‬المناصب‭ ‬العلى‭ ‬الرفيعة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إدخالهم‭ ‬عالما‭ ‬من‭ ‬الخيال‭ ‬الخمري‭ ‬السعيد‭.‬

وكان‭ ‬لشكل‭ ‬المجتمع‭ ‬حينذاك‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬رصيد‭ ‬ذوات‭ ‬الدم‭ ‬الأزرق‭ ‬من‭ ‬السيادة‭ ‬والملوكية‭ ‬و‭ ‬الربوبية،‭ ‬فبينما‭ ‬كان‭ ‬الرجال‭ ‬ينطلقون‭ ‬في‭ ‬بحثهم‭ ‬عن‭ ‬الثمار‭ ‬والطرائد،‭ ‬وكان‭ ‬النساء‭ ‬يستقررن‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬أطفالهن‭ ‬لرعايتهم،‭ ‬ونتيجة‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار‭ ‬بدأت‭ ‬الملاحظة‭ ‬والتأمل،‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬لاحظت‭ ‬سقوط‭ ‬الحبوب‭ ‬و‭ ‬الثمار‭ ‬في‭ ‬التربة‭ ‬ثم‭ ‬عودتها‭ ‬للظهور‭ ‬نابتة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬جديدة،‭ ‬فقامت‭ ‬بتقليد‭ ‬الطبيعة‭ ‬بدفن‭ ‬الحبوب‭ ‬والثمار‭ ‬وريّها‭ ‬بالماء‭ ‬لتسجل‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬أنها‭ ‬مكتشفة‭ ‬الزراعة،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬الرجال‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الرهبة‭ ‬فقد‭ ‬ارتبطت‭ ‬الأنثى‭ ‬بالأرض‭ ‬الأم‭ ‬منجبة‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬الأنثى‭ ‬الولود‭ ‬والأرض‭ ‬الولود،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأنثى‭ ‬تمكّنت‭ ‬من‭ ‬ترويض‭ ‬ربة‭ ‬الحياة‭ ‬الكبرى‭ ‬الأرض‭ ‬لتجعلها‭ ‬تنجب‭ ‬حسب‭ ‬مشيئتها‭.‬

وكان‭ ‬اكتشاف‭ ‬المرأة‭ ‬للزرع‭ ‬بقدر‭ ‬نقلته‭ ‬العظيمة‭ ‬للبشرية‭ ‬نحو‭ ‬أفق‭ ‬أرقى‭ ‬بالاستقرار‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬الزرع‭ ‬رجالا‭ ‬و‭ ‬نساء،‭ ‬دوره‭ ‬السلبي‭ ‬في‭ ‬مكانة‭ ‬الأنثى‭ ‬المجتمعية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استقر‭ ‬الرجال،‭ ‬وبدأوا‭ ‬يلحظون‭ ‬دورهم‭ ‬في‭ ‬الإنجاب‭ ‬لتسقط‭ ‬أهم‭ ‬المخصصات‭ ‬القدسية‭ ‬للأنثى،‭ ‬تلاها‭ ‬احتياج‭ ‬عملية‭ ‬الزرع‭ ‬إلى‭ ‬تدجين‭ ‬حيوانات‭ ‬قوية‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬الحرث‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدته‭ ‬عضلات‭ ‬الرجل‭ ‬وليس‭ ‬فرج‭ ‬الأنثى،‭ ‬وبدأ‭ ‬دور‭ ‬الأنثى‭ ‬يتراجع‭ ‬سريعا‭ ‬في‭ ‬انهيار‭ ‬كارثي‭ ‬ليسيطر‭ ‬الذكور‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬الألف‭ ‬العاشرة‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭ ‬وحتى‭ ‬الألف‭ ‬الخامسة‭ ‬ثم‭ ‬اكتشاف‭ ‬النار‭ ‬والفخار‭ ‬وقيام‭ ‬المشتركات‭ ‬المجتمعية‭ ‬الأولى‭ ‬المستقرة،‭ ‬ليصبح‭ ‬الرجل‭ ‬هو‭ ‬السيد‭ ‬المطلق. ‬ويظهر‭ ‬الذكر‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬العبادة‭ ‬كرب‭ ‬أعلى‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يزيح‭ ‬الأنثى‭ ‬تماما‭ ‬من‭ ‬أفق‭ ‬القدسية‭ ‬فظل‭ ‬للربّات‭ ‬الإناث‭ ‬دورهن‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬الأرباب‭ ‬الذكور،‭ ‬واحتفظت‭ ‬لنفسها‭ ‬بمكان‭ ‬هام‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬الأديان‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأديان‭ ‬الإبراهيمية‭ ‬تمكنت‭ ‬المسيحية‭ ‬من‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالأم‭ ‬المخصبة‭ ‬ذاتيا‭ ‬الولود‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬ذكر‭ ‬يخصبها‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬مريم‭ ‬العذراء‭.‬

وبينما‭ ‬أوغلت‭ ‬الديانات‭ ‬الذكورية‭ ‬في‭ ‬تبخيس‭ ‬الأنثى‭ ‬حتى‭ ‬سلبتها‭ ‬أعز‭ ‬ألوية‭ ‬ملكيتها‭ ‬السيادية‭ ‬وسر‭ ‬مجدها،‭ ‬فحولت‭ ‬الدم‭ ‬الأزرق‭ ‬من‭ ‬دم‭ ‬مقدس‭ ‬إلى‭ ‬حيض‭ ‬نجس‭ ‬به‭ ‬تتنجس‭ ‬المرأة‭ ‬كالمرض‭ ‬المعدي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تبرأ‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬بانقطاعه‭.‬

وهكذا‭ ‬تم‭ ‬استتباب‭ ‬السيادة‭ ‬الذكورية‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬خلوصها‭ ‬للذكر‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬للآلهات‭ ‬الإناث‭ ‬وجودهن‭ ‬الباقي‭ ‬وأعيادهن‭ ‬واحتفالاتهن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬حضارات‭ ‬العالم‭ ‬القديم‭ ‬بعد‭ ‬نشأة‭ ‬المدن‭ ‬والدول‭ ‬المستقرة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

ولم‭ ‬تتوار‭ ‬قدسية‭ ‬المرأة‭ ‬الولود‭ ‬تماما‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬فبقيت‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬طقوس‭ ‬تذكرة‭ ‬بقدسيتها‭ ‬الأولى‭ ‬واحتفاظا‭ ‬بخصوبتها‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬هي‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تلد،‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬حضارات‭ ‬العالم‭ ‬القديم‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬عيد‭ ‬سنوي‭ ‬كبير‭ ‬يمارس‭ ‬فيه‭ ‬طقس‭ ‬هام‭ ‬و‭ ‬مثير‭ ‬تذكرة‭ ‬بالزمن‭ ‬والمشاع‭ ‬البدائي،‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬النساء‭ ‬لكل‭ ‬الرجال،‭ ‬هو‭ ‬طقس‭ ‬الجنس‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬الحقول‭ ‬كواجب‭ ‬ديني‭ ‬يحض‭ ‬فيه‭ ‬الفعل‭ ‬الجنسي‭ ‬البشري‭ ‬الجماعي‭ ‬الأرض‭ ‬على‭ ‬الولادة‭ ‬وإنجاب‭ ‬الزرع،‭ ‬وكان‭ ‬العرف‭ ‬يقضي‭ ‬بأن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬أن‭ ‬تضاجع‭ ‬غريبا‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬وهو‭ ‬الطقس‭ ‬المسمى‭ ‬في‭ ‬الأنثربولوجيا‭ ‬“sacred prostitution”‭ ‬بقصد‭ ‬تحريض‭ ‬القوى‭ ‬الإخصابية‭ ‬للأرض‭ ‬أمّ‭ ‬كل‭ ‬حي‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬السحر‭ ‬التشاكلي‭ ‬حيث‭ ‬الشبيه‭ ‬ينتج‭ ‬الشبيه. ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬نعرفه‭ ‬بالنيروز‭ ‬يوم‭ ‬الاعتدال‭ ‬الربيعي‭ ‬كرأس‭ ‬للسنة‭ ‬الجديدة. ‬وبعد‭ ‬هذا‭ ‬الجماع‭ ‬النزوي‭ ‬الجماعي‭ ‬كان‭ ‬الرجال‭ ‬يمسحون‭ ‬قضبانهم‭ ‬بزرع‭ ‬الأرض‭ ‬بينما‭ ‬تزحف‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬فروجهن‭ ‬فوق‭ ‬الزرع‭ ‬جالسات‭ ‬لإشباع‭ ‬الأرض‭ ‬بسوائلهن‭ ‬المنجبة‭.‬

* سيد القمني
الجديد
 
أعلى