خورخي لويس بورخيس - وردة صفراء

لم يمت جيامباتيستامارينو، الرجل الذائع الصيت الذي أجمعت أفواه الشهرة، ونحن نستعمل هنا مجازا محببا إلى نفسه، على إعلانه هوميروس الجديد أو دانتي الجديد. لم يمت في تلك الأمسية و لا في غيرها، بيد أن الحدث الثابت و الصامت الذي وقع حينئذ كان في الحقيقة آخر حدث في حياته. فبعد أن أغدقت له العطاء السنون و المجد، احتضر الرجل في سرير إسباني واسع، منقوش الأعمدة بالزخارف. لن يكلفنا شيئا أن نتخيل، على بعد خطوات منه، شرفة هادئة تولي وجهها شطر الغروب، وتحت الشرفة مرمرا وغارا وحديقة تضاعف أدراجها في صهريج مربع. وضعت امرأة في كأس وردة صفراء، فتمتم الرجل البيتين اللذين لا مفر منهما، واللذين كانا، إذا شئنا أن نتحدث بصدق، قد أضجراه قليلا.
أرجوان الحديقة، بذخ المروج
برعم الربيع، ومقلة أبريل...
إذ ذاك انكشف المستور.إذ رأى مارينو الوردة على نحو ما تمكن آدم من رؤيتها في الفردوس، فشعر بأنها كانت في خلوده و ليس في كلماته وأننا يمكن أن نذكر أو نلمح لكن لا نستطيع التعبير، و أن المجلدات السامقة و الشامخة، التي تشكل في إحدى زوايا الحجرة عتمة من ذهب، لم تكن ، مثلما حلم غروره بذلك، مرآة للعالم، وإنما شيئا آخر ملحقا به.
أدرك هذا الإلهام مارينو قي عشية موته، ولعل هوميروس و دانتي قد أدركاه أيضا.
 
أعلى