خورخي لويس بورخيس - حادث العدو.. ت: محمد المرادي

لسنوات عدة كان مصيري هو الهروب والانتظار، وها هو ذا العدو الآن في عقر داري. لمحته من النافذة يصعد بمشقة عبر طريق التل الوعر. كان يستند إلى عكاز؛ عكاز طائش في يدين هرمتين لا يمكنه أن يكون سلاحا بل صولجانا. كلفني جهدا إدراك ما كنت أتوقعه: طرقة خافتة على الباب. نظرت بنوع من الحنين إلى مخطوطاتي، والمسودة التي لم أفرغ منها بعد، ورسالة أرطميدورس الإفسي حول موضوع الأحلام، وهو كتاب غير مألوف في ذاك المكان كوني لا أعرف اللغة اليونانية.

فكرت: إنه يوم آخر ضائع. اضطررت إلى مغالبته بالمفتاح. خشيت أن يخر الرجل ساقطا، لكنه خطى خطوات متعثرة، وألقى بالعكاز الذي اختفى عن بصري، ثم ارتمى فوق سريري مستسلما. كان جزعي يدفعني أحيانا كثيرة إلى تخيل صورته، بيد أنني فقط وفي تلك اللحظة فطنت إلى أنه يشبه إلى حد ما وبشكل شبه أخوي آخر صورة للينكولن. كانت الساعة تشير إلى الرابعة عصرا على وجه التقريب.
انحنيت عليه لكي يسمعني ثم قلت له:
– الواحد منا يعتقد أن السنين تمر عليه فقط هو بالذات ولكن الأمر يسري أيضا على الآخرين. ها نحن أخيرا قد التقينا وكل ما كان قد حصل في الماضي ليس له أي معنى الآن .
بينما كنت أتحدث إليه قام بفك أزرار المعطف. كانت يده اليمنى مدسوسة في جيب السترة، وكان يشير إلي بشيء ما فشعرت أنه مسدس. حينها قال لي بنبرة حازمة:
– لكي أدخل إلى بيتك عمدت إلى الشفقة. والآن أنت تحت رحمتي ولن أكون رحيما بك.
جربت التلفظ ببعض الكلمات، فأنا لست بالرجل القوي والكلمات وحدها هي القادرة على إنقاذي.
تمكنت من أن أنطق:
– صحيح أنني في ما مضى من الزمن أسأت معاملة طفل صغير، لكنك ما عدت ذاك الطفل ولا أنا ذاك المعتوه. ثم إن الإنتقام لا يقل سخافة عن العفو والغفران.
– تماما لأنني لم أعد ذاك الصبي- كان جوابه- لا بد لي من قتلك. والأمر هنا لا يعني الانتقام بقدر ما هو إعمال للعدالة. إن حججك يا بورخيس لا تعدو أن تكون مجرد حيل نابعة من إحساسك بالذعر حتى لا أجهز عليك. لم يعد بإمكانك فعل أي شيء.
– يمكنني أن أفعل شيئا واحدا- أجبته.
– وما هو يا ترى؟ كان سؤاله.
– أن أستيقظ.
وهكذا فعلت.

الترجمة عن الاسبانية
 
أعلى