إدوارد ماركيز - عقوق.. ت: أبوالحسن أحمد هاتف

بقصد كتابة عمل أخر من تلك الأعمال التي تنتمي إلى فئة لا تصنف على كونها احدث الأكتشافات الأدبية، وضع نونيجي مورلا كل شيء جانبا وبدأ العمل دون انقطاع في كتابه الأول، (سيرة روائية لغوتفريد فون كينرج)، ساحر في خدمة هنري الأول الملقب ب”صياد الدجاج”. عملية الصياغة شاقة، استغرقت ما يقارب ثلاث سنوات من العزلة الإبداعية والرضا الذاتي. في صباح مثل أي صباح أخر، كان مورلا على استعداد لبدء المراجعة النهائية للرواية ذات ال 1312 صفحة، الملاحظات الأولى باللون الأحمر على شاشة الكمبيوتر: “مبالغة بالأوصاف”. “رد فعل هذه الشخصية هو أمر لا يمكن تصديقه”. “وصف بلاغي للغاية”. “استبطان نفسي بائس”، “الاستعارة طنانة جدا”، “إن المناجاة الفردية الداخلية ليست تمرينا في اللغو”،”حماقة في الترتيب الزمني”، “إن مكونات هذا الاختراع ليست صحيحة”، “أنا لا أفهم!”، “أنتقالة مبهمة في وجهة النظر”، “غوتفريد فون كينرج أبدا لم يسافر إلى ميسين”، “خطأ في الاتفاق”.. إلى آخره. ما يفعله كان واقعيا و مليئا بالمخاوف، لكن مورلا لا يمكنه العثور على أي تفسير لهذه الظاهرة التي تتكرر يوميا، كما لو أنها تشكل جزءا من دورة بيولوجية، فهو يقضي كل وقته بإزالة التعليقات كل صباح، ومع ذلك فقد عادت الملاحظات المزالة إلى أماكنها، وتفاقمت الكثبان الرملية الحمراء تجاه الصفحات التالية للرواية. بدأ مورلا يشعر بعبء على كاهله ومؤامرة على نطاق واسع، انه يفقد شهيته وكذلك نومه، كما يشعر بألم طاعن في بطنه، ترتجف عينه اليمنى، لا يحلق أو يفرش أسنانه، يهين شخصا يقوم بتوزيع النشرات التجارية. خلال ليلته الساهدة الأخيرة، وهو يشاهد الضوء المنبعث من شاشة حاسوبه، وبينما تتراقص الاشارات الحمراء، يشعر بالأساءة من هذا الجهاز، يسحب قابسه. في صباح اليوم التالي، كانت عيناه مغطاتين بغشاء هلامي نتيجة ليلة من النوم القلق. جلس أمام الكمبيوتر.. قام بتشغيله. كان الملف الذي يتضمن الرواية، قد اختفى.


* عن الصباح الجديد
 
أعلى