نقد غازي عناية - أمثلة على بعض المتقوّلين على القرآن

ـ أولاً: مسيلمة بن حبيب الكذاب:
تنبأ باليمامة في بني حنيفة، وتقع شرق مدينة الرياض حالياً، وقد وفد على الرسول (ص) وأعلن إسلامه، وكان أليفاً مع الناس، ويجاهر بقبحه، وعندما عاد إلى اليمامة كتب إلى الرسول (ص) سنة 10 للهجرة: أمّا بعد، فإني شوركت في الأرض معك وإنما لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، لكن قريشاً قوم يعتدون. وكان الرسول (ص) قد أرسل أحد المسلمين، وهو «نهار الرَّجال» ـ وكان فقيهاً وقارئاً للقرآن ـ إلى مسيلمة ليرده عن فتنته، فارتد هو الآخر عن الإسلام، وكان أعظم فتنة من مسيلمة على بني حنيفة، إذ شهد أنه سمع الرسول (ص) يقول: إن مسيلمة قد أشرك معه، فصدقوه. وكان لا يقول شيئاً إلا تابعه مسيلمة، وكان يستعين به على التعرف على أحوال الرسول (ص). فكان الرَّجال شريكاً لمسيلمة في الارتداد عن الاسلام، وشريكاً له في النار بإذن الله ضرسه كجبل أحد في النار بل وأعظم.
عن أبي هريرة (رض) قال: «جلست مع النبي (ص) في رهط معنا الرَّجال بن عنفوة، فقال: إن فيكم رجلاً ضرسه في النار أعظم من أُحُد، فهلك القوم، وبقيت أنا والرَّجال، فكنت متخوفاً لها حتى خرج الرَّجال مع مسيلمة، فشهد له بالنبوة». وقد قتل الرَّجال مع مسيلمة في حرب المرتدين في اليمامة.
وقد زعم مسيلمة أنّ له قرآناً يوحى إليه عن طريق ملك يسمى رحمن. وكان قرآنه فصولاً، وجملاً يترسل به ي أمر أو حادثة تعرض له، فكان أقرب إلى سجع الكهان، وكان يقلد بكلامه أوزان، وتراكيب القرآن.
ـ أمثلة على أقوال مسيلمة الكذاب قوله:
«الفيل ما الفيل، وما أدراك ما الفيل، له ذنب ونبيل، وخرطوم طويل». وقوله: «الشاة وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المذق فما لكم لا تمجعون».
وقوله: «يا ضفدع بنت ضفدعين، نقي ما تنقين، نصفك في الماء، ونصفك في الطين، لا الماء تكدّرين، ولا الشارب تمنعين».
وقوله: «والمبذرات زرعاً، والحاصدات حصداً، والذاريات قمحاً، والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً، والثاردات ثرداً، واللاقمات لقماً، إهالة وسمناً ... لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المضر، ريفكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والباغي فناوئوه ... ».
ـ ثانياً: سجاح بنت الحارث بنت سويد التميمية:
كانت نصرانية من بني تغلب في شمال الجزيرة، وهم أخوالها، تنبأت في خلافة أبي بكر، وتبعها بعض رؤساء القبائل، وكانت تقول لهم: «إنما أنا امرأة من يربوع، وإن كان ملك، فالملك ملككم». وسارت بجيشها تريد قتال أبي بكر، وقد سمعت بقوة مسيلمة، فسارت إليه، وسألته عن وحيه، فقال: نعم. قالت: أسمعني، قال: أرأيت إن كنت حبلى، وفي بطنك حية تسعى، قالت: صدقت، وتزوجته. فقال مسيلمة: لنأكل بقومي، وقومها العرب. وقد ذكر ابن جرير الطبري في كتابه «تاريخ الأمم والملوك»: أنه عندما عادت إلى قبيلتها سألها قومها: هل أصدقك شيئاً؟ قالت: لا. قالوا: إرجعي إليه، فقبيح بمثلك أن ترجع بغير صداق. فرجعت، فقالت له: أصدقني صداقاً. قال: مَن مؤذنك؟ قالت: شبث بن ربعي الرياحي. قال: عليَّ به. فجاء، فقال: ناد في أصحابك، إن مسيلمة بن حبيب رسول الله ... وقد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد: صلاة العشاء الآخرة، وصلاة الفجر. وقد ذكر الكلبي أن مشيخة بني تميم حدثوهم أن عامة بني تميم لا يصلونها، وقالوا له: هذا حق لنا، ومهر كريمة منا لا نرده. وكان مسيلمة عندما سمع بقدوم سجاح إليه قد أمر بنصب سرادق كبير، وبفراش وثير مملوء بالطيب، فاستقبلها به، وحادثها بشجون الأحاديث، والشعر التي تثير غرائزها، إغراءً لها على تصديقه، ومن ثم زواجه منها. وكانت سجاح تزعم أنه يوحى إليها، وتسجع بكلامها كقولها حين توجهت إلى مسيلمة: «عليكم باليمامة، ورفوا رفيف الحمامة، فإنها غزوة ضرامة، لا يلحقكم بعدها ملامة». وكان لها قرآن قليل ذكر منه صاحب الأغاني: «يا أيها المؤمنون المتقون، لنا نصف الأرض، ولقريش نصفها، ولكن قريشاً قوم يبغون».
وذكرت الروايات أن سجاح رجعت إلى الإسلام، ورجع قومها معها، وحسن إسلامها، وتوفيت، ودفنت بالبصرة جنوب العراق.
ـ ثالثاً: طلحة بن خويلد الأسدي:
قدم على النبي (ص) سنة تسع للهجرة على رأس وفد أسد بن خزيمة، وأعلن إسلامه، وكان شجاعاً يعد بألف فارس، تنبأ بعد وفاة الرسول (ص)، وزعم أن ملكاً اسمه ذو النون يأتيه بالوحي. ولم يكن له قرآن إلا قليل جداً، ومنه كما ذكره ياقوت في معجم البلدان: «إن الله لا يصنع بتعفير وجوهكم، وقبح أدباركم شيئاً، فاذكروا الله قياماً، فإن الرغوة فوق الصريح». وقد أرسل إليه أبو بكر الصديق جيشاً بقيادة خالد بن الوليد، وعندما التقى الجمعان تزمل طلحة بكساء، انتظاراً لنزول الوحي عليه، ولما أطال سأله عيينة بن حصن ـ وكان معه في سبعمائة من بني فزارة ـ هل أتاك بعد؟!! فقال طلحة من تحت الكساء: لا والله. ما جاء بعد. فأعاد إليه مرتين، وهو يقول: لا. قال عيينة: لقد تركك أحوج ما كنت إليه. فقال طلحة: قاتلوا عن أحسابكم، فأما دين فلا دين.
وقد ذكر ابن الأثير في كتابه «أسد الغابة» أن عيينة قال له: تباً لك آخر الدهر ثم جذبه جذبة جاش منها، وقال: قبح الله هذا، ومَن تبعوه، فجلس طلحة، فقال عيينة: ما قيل لك!؟!! قال طلحة: إن لك رحى كرحاه، وأمراً لا تنساه، فقال عيينة: قد علم الله أن لك أمراً لن تنساه. يا بني فزارة، هذا كذاب ما بورك لنا وله في ما يطلب. وقد انهزم طلحة، وهرب إلى الشام، ولكنه أسلم، وحسن إسلامه، وأبلى بلاءً حسناً في القادسية.
ـ رابعاً: الأسود العنسي:
وهو عبهلة بن كعب. يلقب بذي الخمار، لأنه يدّعي أنه يأتيه ملك اسمه «ذو خمار». وكان فصيحاً بليغاً، معروف عنه بالكهانة، والسجع، والخطابة، والشعر، والنسب. تنبأ على عهد النبي (ص)، ومعاذ بن جبل والياً على اليمن، وقد قتل الوالي المسلم، وتزوج من زوجته فيروز، وكان له حمار علّمه أن يأتي بحركات غريبة حتى يوهم الناس بصدق نبوته، وكان جباراً شقياً، بسط سلطانه على اليمن، وجنوب الجزيرة إلى أن قتله عم زوجته فيروز بتدبير منها، وقتل قبل وفاة النبي (ص) بيوم وليلة، ورجع الحكم إلى الإسلام.


----------------------------------------
* شبهات حول القران وتنفيذها

د. غازي عناية


غازي عنايه
 
أعلى