نقد أمادو مختار أمبو - الطيب صالح.. الوجه الآخر

برحيل الطيب صالح في الثامن عشر من فبراير/شباط 2009 خسر العالمان العربي والأفريقي أحد ألمع مثقفي جيل الاستقلال فيهما، كما خسرت الساحتان العالميتان العلمية والثقافية أحد أكثر خادميهما تفانيا وإخلاصا.

بالفعل جاءت حياة الطيب صالح وتأليفه وعمله في حقبة حاسمة اتسمت بتغيرات دولية كبيرة، خاصة على مستوى العالمين العربي والأفريقي اللذين ينتمي إليهما، مما أعطى حياته المهنية والعلمية دلالات خاصة

وما أعمال هذا الرجل الأدبية وحياته المهنية إلا شاهد على تجليات ما عرفته تلك الحقبة من تطورات وتغيرات.

فعند ولادته كان بلده السودان يقبع تحت نير الاستعمار، وعندما بدأ دراسته الجامعية خارج بلاده كان هذا البلد قد تخلص من كل النفوذ الأجنبي تبعا لمنطق تسلسل الأحداث التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية، تلك الحرب التي وضعت أوزارها عام 1945 عندما كان الطيب صالح في ربيعه السابع عشر.

لقد ولد الطيب صالح في إقليم النوبة السوداني في الثاني عشر من يوليو/تموز 1928 في مجتمعات سرعان ما يصبح فيها الأطفال بالغين, فكان عليه إذاك أن يختار بين العودة إلى الأرض، بوصفه ينحدر من عالم الريف, أو يقرر أن يصنع لنفسه مصيرا جديدا تتحقق به رغباته، ويستجيب للطموحات التي يريدها لمجتمعه وشعبه.

لقد كان واضحا في تلك الفترة لكثير من الشبان أن النهل من معين الثقافة الحديثة, وإن كان يفتح أمامهم آفاقا جديدة على المستوى الشخصي, يفرض عليهم في الوقت ذاته مسؤوليات تجاه شعوبهم لا يمكنهم, في الغالب, تحديد طبيعتها ولا حجمها.

وبعد إكمال دراسته الابتدائية والإعدادية التحق صالح وعمره آنذاك 17عاما بثانوية وادي سيدنا السودانية, حيث حصل في عام 1948 على شهادة "كامبريدج للثانوية العامة- الدرجة الأولى", ليتابع ما بين العامين 1949 و1951 دراسات علمية بجامعة الخرطوم, ثم بمعهد بخت الرضى التربوي في العام 1951-1952.

ومهد قبوله في هذا المعهد لاختياره ممارسة مهنة التدريس, لكنه سرعان ما هجر تلك المهنة وانتقل إلى إنجلترا حيث تابع دراسات جديدة بين العامي 1956 و1959.

ولا شك أن هذا التغيير يستحق تفسيرا, لكن علينا هنا أن لا ننسى أن هذه الحقبة الهامة من حياة الطيب صالح جرت في سياق جديد كليا, إذ إن المجتمعات, مثل مجتمعي, التي طبعها حتى تلك اللحظة نوع من الجمود الناتج عن عوامل متعددة, أهمها التبعية للخارج, يجتاحها الآن وعي سياسي جديد، وقد بدأت تبحث عن سبل الخروج من الجدب الذي ميز حياة كثير من أفرادها.

أما الشباب فكان أكثرهم يحاولون جاهدين انتشال أنفسهم من براثن الجمود التي تزج بهم فيها أنظمة تربوية موجهة حتى ذلك الحين إلى تكوين يقتصر على المستويات المتدنية.

وعليه أصبحت أنظارهم تتجه نحو الغرب بحثا عن مهارات تخولهم مكانة اجتماعية مرموقة وتمنحهم الوسائل الضرورية للمساهمة بشكل أفضل في تقدم مجتمعاتهم.

فالعالم الغربي الذي طالما مارس نفوذه على بلدانهم, محتكرا لنفسه المعرفة الحديثة والثروة، بهر كثيرا من هؤلاء الشباب بتقدمه وقوته وبمستوى المعيشة العالي بين سكانه.

نعم, لقد غيرت الحرب عقلية الناس, وفتحت آفاقا جديدة للتقارب بين مختلف الشعوب، وأحيت بينهم طموحات جديدة.

فإنشاء نظام هيئة الأمم المتحدة التي ينص ميثاقها على حق الشعوب في تقرير مصيرها والتي تضع ضمن أهدافها تحقيق الرفاهية للإنسانية أثار لديهم آمالا عراضا.

ومن الآن فصاعدا, أصبحت الشعوب, ومن فيها من شباب, تسعى للتخلص من نير الاستعمار ومن كل أنواع التبعية للمستعمر.

فقد شهدت مصر التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالسودان ثورة على المملكة عام 1952 وأصبحت بعد ذلك بعامين جمهورية يحكمها الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر الذي ألهبت خطاباته العالم العربي، وفي العام 1956 نال السودان استقلاله, والتحق الطيب صالح بجامعة لندن.

وبعد نيله شهادته في العلوم السياسية, كنا نتوقع أن يتجه نحو العمل الدبلوماسي, إلا أن الذي استماله بدلا من ذلك كان الثقافة والتأليف والإعلام, كما لو أن حسه الفطري الدفين لحرية التعبير والكتابة عن ما يعتقده دون قيود هو الذي انتصر في النهاية على كل الاعتبارات الأخرى, خاصة أنه قد نشر آنذاك أول أعماله في العام 1957.

ودشن الطيب صالح في العام 1960 حياته الصحفية والإعلامية عندما تولى تغطية أعمال الجلسة العامة للأمم المتحدة بنيويورك كمراسل لإذاعة بي بي سي البريطانية.

ولا شك أن مقابلته لوفود تنتمي إلى ثقافات شتى، وتعبر بكل حرية عن آراء تتعلق بأكثر القضايا جدلية آنذاك, أثرت تجربته وشحذت فكرته عن ماهية الإعلام, الذي يرى أنه يجب أن يتجلى في نسج علاقة بين المؤلف والقارئ والإعلامي والجمهور سواء عبر الكتابة أو الكلمة أو الصورة.

ومنذ ذلك الحين ظل ميول الطيب صالح لهذا الميدان يتأكد باستمرار, يساعده في التحضير لدوره في ذلك, انفتاحه الفكري ومواهبه الروائية.

ولم يعد إلى بلاده إلا عام 1966 لتولى وظيفة مستشار في الإعلام والإذاعة بوزارة الإعلام السودانية، فينشر في العام ذاته روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" التي أعلنت بداية ارتفاع صيته.
لكن الطيب صالح ترك تلك الوظيفة بعد سنتين ليعيش منذ ذلك الحين خارج بلاده، وإن ظلت تلك الثقافة الأولى المفعمة بالتقاليد القديمة التي تربط الفرد بمجتمعه الأصلي تقطن وجدانه إلى الأبد، رغم انغماسه في ثقافة مغايرة تماما، كما حدث لعدد كبير من المثقفين الأفارقة الذين تلقوا تكوينهم في الغرب.

وقد تحولت ثنائية الثقافات تلك إلى مصدر خصب للإثراء الفكري بالنسبة لمن استطاعوا على شاكلة الطيب صالح أن يكيفوا أنفسهم مع نماذج معيشية وأنماط فكرية وأحيانا مع مثل مغايرة للمثل المعهودة في وسطهم الأصلي دون أن يؤثر ذلك في شخصياتهم على الإطلاق.

ثم عاد الطيب صالح إلى لندن ليشغل ما بين العامين 1968 و1974 منصب "مساعد رئيسي لمنتج برامج" بهيئة الإذاعة البريطانية, حيث كلف بإعداد النشرات الثقافية وبرمجتها، فكان يرأس فريقا من عشرة إلى خمسة عشر شخصا, ومنذ ذلك الحين كرس حياته كلية للإعلام والاتصالات في إنجلترا ثم قطر ثم باريس فقطر مرة أخرى.

وبالفعل كان الطيب صالح إذا كتب يهدف إلى التواصل, التواصل مع العالم بالطبع, لكن أيضا مع ذويه لكسر جمود العيش بعيدا عن الأهل والإخوان, فأصبحت كل أعماله الفنية تخبئ في طياتها تلك الازدواجية الثقافية، وتلك المسائل التي تطرحها علاقات عالمين أثرا في كيانه وحددا معالم فكره، العالم العربي الإسلامي الأفريقي والغرب.

وعندما غادر بي بي سي عام 1974 كان ذلك لتولي منصب المدير العام لوزارة الإعلام بقطر, وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى 1981، وكان من بين المهام المسندة إليه كذلك شؤون الثقافة والسياحة والآثار القديمة.

وبما أنه كان يضطلع بمسؤوليات إدارة كل خدمات هذا القطاع فإنه كان يتولى تحت إشراف الوزير تخطيط وتحديد إستراتيجيات الإعلام، كما يتولى الإشراف والتنسيق بين كل إدارات التلفزيون والإذاعة والصحافة المكتوبة والثقافة والسياحة فضلا عن الآثار.
وخلال هذه الفترة زاد ثراء تجربته الدولية سواء بمشاركته في المؤتمرات الدولية كممثل لدولة قطر أو كعضو في الوفد القطري إلى جانب وزير الإعلام.

وفي هذه الظروف تعرفت على الطيب صالح الذي انضم إلى اليونسكو في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 1981 بصفة مستشار إقليمي للإعلام مختص في شؤون البلدان العربية، وكان مقر عمله في باريس.

وهناك مبررات عدة لاختياره لشغل هذا المنصب, أولها تكوينه ثم تجربته وروابطه الحميمة مع العالم العربي، ناهيك عن معرفته العميقة بالإعلام ومشاكله وأخيرا ما يتحلى به من صفات إنسانية.
فمسيرته الجامعية ونشاطاته المهنية المختلفة خير دليل على انفتاحه الذهني وحسه المهني وقدرته على التكيف مع بيئات مختلفة وظروف معقدة.

ومن المعروف أن عالم الإعلام والاتصالات عالم معقد, وكان هذا التعقيد على أشده وقت انضمام الطيب صالح لليونسكو, إذ إن الدول الآسيوية والأفريقية والأميركية اللاتينية كانت في بداية إدراكها للرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يمثلها الإعلام والاتصالات التي تسيطر عليها بشكل واسع الدول الصناعية.

وفي إطار الجدل الدائر حول النظام العالمي الجديد الخاص بالإعلام والاتصالات الذي صمم داخل اليونسكو, اكتشفنا من ناحية الأهمية المتزايدة للقطاعات المختلفة للإعلام والاتصالات في تكوين ثروة البلدان الغنية الكبرى, ومن ناحية أخرى في تفاوت انتشار المعلومات عبر العالم.

والواقع أن جل المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تغذي وسائل إعلام غالبية دول العالم تنشرها في الأساس وكالات أنباء كبيرة توجد مقراتها في دول الشمال.

فاختلال التوازن الكمي وما ينجر عنه ينضاف إليه اختلال كيفي لا يقل خطورة.

نعم لقد ظهر جليا أن المعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة تعكس في الغالب رؤية ومصالح واهتمامات دول الشمال التي توجد بها هذه الوكالات.

وكانت علامات تطويع المعلومات والتلاعب بها لخدمة مآرب خاصة قد بدأت تصبح جلية، كما لاحظنا تدفق المنتجات الثقافية لدول الشمال باتجاه الجنوب مسببة مخاطر جمة على ثقافات دول العالم الأخرى.

ومن أجل المساهمة في التعاون مع الدول الأعضاء بغية إصلاح هذه الوضعية تم تعيين الطيب صالح مستشارا إقليميا للإعلام والاتصالات مكلفا بالدول العربية.

وقد اضطلع بهذه المسؤولية برزانة وحصافة وبكل الموهبة والفعالية التي عهدناها فيه, وخصوصا عبر مشاركته النشطة في العمل التحضيري، ولاحقا في أعمال مؤتمر الحكومات العربية الأول حول سياسات الإعلام في العالم العربي (آرابكوم) الذي نظمته اليونسكو بالخرطوم في يوليو/تموز 1987.

وتشهد وثائق العمل التي ساهم الطيب صالح بصورة نشطة في صياغتها، والتقرير النهائي الذي صدر عن هذا المؤتمر على أهمية العمل الذي أنجزه الطيب صالح.

فنتائج وتوصيات هذا المؤتمر التي جاءت بعد تشخيص دقيق للوضعية الإعلامية بالعالم العربي ككل سيكون لها تأثير في المراحل اللاحقة على التوجهات السياسية والأعمال المنفذة في هذا الميدان داخل الدول العربية الثماني عشرة التي شاركت في المؤتمر.

والطيب صالح ليس غريبا على تنفيذ هذه السياسات وكذلك كل النشاطات المتعلقة بالتعاون في مجالات التربية والثقافة والعلوم وكذلك الإعلام والاتصالات, وهذا ما برهن عليه عندما عينته في فاتح يوليو/تموز 1987 ممثلا لليونسكو في دول الخليج مقيما بقطر, حيث أثبت أنه الرجل المناسب للمنصب.

لقد كان قبل ذلك في العام 1986 أقنعني بحكمته وتعلقه بالقيم الروحية, المتجذرة في الدول التي يخدم فيها, عندما أدينا معا مناسك الحج بمكة المكرمة عام 1986.

وإذا كانت أعمال الطيب صالح كمؤلف معروفة نسبيا في العالم العربي, فإن عمله باليونسكو والخدمات التي قدمها للدول العربية وللتعاون الثقافي والفكري داخل هذه الدول لا تحظى بنفس المستوى من الشهرة.

وأنا اليوم أنحني أمام روح الفقيد, ولا يسعني في الختام إلا أن أنوه بأخلاقه العالية وتفانيه في الدفاع عن القضايا العادلة وروح الأخوة لديه واحترامه للآخرين وحبه للسلام والعدل.

______________
المدير العام السابق لمنظمة اليونسكو


أمادو مختار أمبو
 
Hommage à El-Tayeb Muhammad SALIH
Par Amadou Mahtar M’BOW

Avec la mort de El-Tayeb Muhammad SALIH, dans la nuit du 17 au 18 février 2009, le monde arabe et l’Afrique perdent un de leurs plus brillants intellectuels de la génération des indépendances, et la coopération intellectuelle et culturelle internationale un des ses fidèles serviteurs. La vie, l’œuvre et l’action de Taheb SALIH se situent en effet en une époque cruciale de l’évolution du monde et de celle des pays africains et arabes auxquels il appartient.

De cette évolution témoignent son œuvre littéraire et son action professionnelle. A sa naissance son pays est dépendant, et lorsqu’il entame des études universitaires hors de celui-ci, ce pays est libre de toute domination extérieure comme suite logique des évènements qui ont marqué l’après deuxième guerre mondiale..

Quand celle-ci s’achève en 1945, Tayeb SAlIH a dix sept ans. Né dans la Nubie soudanaise, le 12 juillet 1928, dans des sociétés où on devient vite adulte, il doit choisir de retourner à la terre, étant issu du milieu rural ou décider de se forger un nouveau destin conforme à ses aspirations et à l’ambition qu’il nourrit pour son peuple. Il apparaît, en effet, pour beaucoup de jeunes de cette époque que l’accès à une culture moderne, tout en leur ouvrant des horizons nouveaux sur le plan personnel, leur permettrait d’assumer vis-à-vis de leurs peuples des responsabilités particulières sans qu’ils puissent en mesurer, bien souvent, la nature et la portée. Car tout était à faire.

Après ses études primaires et secondaires préliminaires, Tayeb SALIH, décide donc à dix sept ans d’etntrer à la WAdi Seidna Secondary Shool Sudan où il obtient en 1948 le « Cambridge School Certficate Grade I with London matriculation ». Il fait ensuite, de 1949 à 1951, des études de sciences à l’Université de Khartoum, puis une formation à l’Institut d’éducation de Bakht el-Ruda (1951-1952) où son admission laisse présager de son choix pour le métier d’enseignant. Il n’exercera ce métier que pendant peu de temps avant de poursuivre de nouvelles études en Angleterre de 1956 à 1959.

Un tel changement s’explique sans doute par le contexte politique nouveau. Cette phase essentielle de la vie de Taheb SALIH se déroule, en effet, en un moment où des sociétés comme la sienne, longtemps figées dans un certain immobilisme dû en particulier à la dépendance extérieure, s éveillent à une nouvelle conscience politique et cherchent à sortir du dénuement qui caractérise la vie de beaucoup de leurs membres.
Quant aux jeunes, beaucoup d’entre eux veulent sortir des impasses dans lesquelles les met des systèmes éducatifs jusque là orientés vers des formations de niveau peu élevé. C’est en Occident qu’ils tournent leurs regards afin de chercher à y acquérir des compétences qui les valorisent sur le plan social et leur donnent les moyens de mieux contribuer au progrès de leurs sociétés. L’Occident qui a longtemps exercé sa domination sur leurs pays et qui concentre le savoir moderne et la richesse, fascine plus d’un par ses progrès, sa puissance et le niveau de vie élevé de ses populations.

La guerre avait, en effet, changé les mentalités ; elle a ouvert des horizons nouveaux au rapprochement entre les différents peuples et fait naître en eux des aspirations nouvelles. La création du système des Nations unies dont la Charte proclame la libre détermination des peuples et qui se fixe comme un des ses objectifs le bien être commun de l’humanité soulève beaucoup d’espoir. Désormais les peuples, et en leur sein les plus jeunes, veulent s’affranchir de tout joug colonial, de toute dépendance. L’Egypte qui est alors intimement lié au Soudan, secoue la tutelle extérieure, fait sa révolution en 1952 et devient, en 1954, République sous Nasser dont les discours enflamment le monde arabe.

L’année, 1956, où le Soudan prend elle-même son indépendance, Taheb SALIH s’inscrit à l’Université de Londres où il est Diplômé en sciences politiques. On aurait pu penser qu’il s’orienterait vers la carrière diplomatique, mais ce sont la culture, l’écriture et la communication et l’information qui l’attirent comme si son sens inné de la liberté de dire et d’écrire ce qu’il pense l’emportait sur toute autre considération. Il a déjà publié en 1957 sa première nouvelle.

En 1960, il entame une carrière dans l’information et la communication en couvrant la session de l’Assemblée générale des Nations Unies à New York pour la BBC. Ce premier contact avec les délégations appartenant aux cultures les diverses, s’exprimant en toute liberté sur les sujets les plus controversés a dû sans doute enrichir son expérience de la diversité et aiguiser son penchant pour la communication, celle qui relie l’écrivain au lecteur et l’informateur au public par l’imprimé, la parole et l’image. Dès lors sa vocation pour ce domaine ne cessera de s’affirmer. Son ouverture d’esprit et ses dons de narrateur l’y préparent particulièrement.
C’est en 1966, l’année, où il publie l’œuvre qui fera sa renommée « Saison de la migration vers le Nord. » qu’il retourne au Soudan pour y occuper les fonctions de Conseiller en information et en radiodiffusion auprès du Ministère de l’Information. Il quitte ce poste deux ans plus tard pour vivre désormais hors de son pays sans cesser d’être habité par cette culture première, issue de vieilles traditions, qui enracine l’individu à jamais dans sa société d’origine même s’il est immergé dans une autre culture comme c’est le cas de nombreux intellectuels formés en Occiden
Cette dualité de cultures devient une source féconde d’enrichissement intellectuel pour ceux qui, comme Tayeb SALIH, ont su s’adapter à des styles de vie, des formes de pensée, des systèmes de valeurs parfois différents de ceux de leur milieu d’origine sans cesser d’être fidèles à eux-mêmes.

De 1968 à 1974, il revient à Londres où il est « Senior programme Assistant » au Service Arabe de la BBC où chargé de la planification et de la programmation des émissions culturelles, il dirige une importante équipe. Sa vie sera désormais consacrée entièrement à la communication, en Angleterre puis au Qatar, à Paris et encore à Qatar.

Car s’il écrit, c’est pour communiquer avec le monde, mais aussi pour communiquer avec les siens, pour rompre la solitude qui naît du vivre loin de chez soi. La nostalgie de la terre première, celle où on s’est éveillé à la conscience des êtres et des choses ne quitte jamais l’exilé à ses heures de solitude. Toute l’œuvre littéraire de Tayeb SALIH est ainsi imprégnée de sa double culture et des interrogations qui portent les rapports entre les deux mondes qui ont marqué sa sensibilité et façonné son esprit : le monde arabo-musulman africain et l’Occident.
Quand il quitte la BBC en 1974, c’est pour le Qatar où il assume jusqu’en 1981 les fonctions de Directeur général du Ministère de l’Information, qui avait également la charge de la Culture, du Tourisme et des Antiquités. Ayant la pleine responsabilité sur l’ensemble des services du département, il assure, sous l’autorité du Ministre, la planification et la définition des stratégies de l’information, et supervise et coordonne les Directions de la télévision, de la radio, de la presse, de la Culture, du Tourisme et des Antiquités du Ministère.

Pendant cette période, il enrichit encore son expérience internationale en participant à différentes conférences intergouvernementales soit aux côtés de son Ministre soit seul représentant du Qatar. C’est dans ces conditions que me fut donnée de rencontrer Tayeb Salih qui entra au service de l’Unesco le 10 octobre 1981 en qualité de Conseiller régional pour la communication sans les Etats arabes avec siège à Paris.
Ce choix s’explique par plusieurs raisons : sa formation et son expérience, ses liens intimes avec le monde arabe et sa culture, sa connaissance des problèmes de l’information et de la communication et enfin ses qualités humaines. Son parcours universitaire et ses différentes activités professionnelles témoignaient de son sens des responsabilités et de son aptitude à exercer des fonctions complexes qui requièrent une aptitude à travailler dans une organisation où il est appelé à collaborer avec des hommes et des femmes appartenant à les toutes les cultures du monde.
Et le monde de l’information et de la communication est en effet un monde complexe par la nature des domaine où elles s’exercent, des sensibilités qu’elles touchent, des intérêts qui y sont liés. Et cette complexité était plus grande encore au moment où Taheb SALIH entrait à l’Unesco. Les pays arabes comme ceux d’Asie, d’Afrique, d’Amérique latine prenaient de plus en plus conscience des enjeux politiques, économiques, sociaux et culturels que représentaient l’information et la communication, largement dominées dans le monde par les pays industriels.

Le débat sur le nouvel ordre mondial de l’information et de la communication initié au sein de l’Unesco, montrait d’une part l’importance croissante de ce secteur dans la formation de la richesse des pays industriels, d’autre part des inégalités en matière de circulation des informations dans le monde. En effet, la plus grande partie des informations politiques économiques et sociales qui alimentaient les médias de la plupart des pays du monde provenaient essentiellement de grandes agences situées toutes dans le Nord.

Au déséquilibre quantitatif qui en résultait s’ajoutait un déséquilibre qualitatif non moins grave. En effet, les informations diffusées par les différents types des médias reflétaient généralement les problèmes, la vision, les intérêts et les préoccupations des pays du Nord où sont situées les grandes Agences de presse qui avaient pratiquement le monopole de leur collecte et de leur diffusion. Les signes de manipulation de l’information à des fins diverses étaient déjà manifestes. On constatait également que les industries culturelles du Nord déversaient leurs produits sur toute la planète provoquant un risque sérieux pour les cultures des autres pays du monde.

C’est pour contribuer à coopérer avec ses Etats membres en vue de redresser cette situation que Tayb SALIH fut nommé Conseiller régional pour la communication dans les Etats arabes. Il s’acquitta de cette tâche, dans la discrétion et avec tout le talent et l’efficacité qu’on lui connaît. En particulier, il participa activement à tout le travail préparatoire, ensuite au déroulement de la Première Conférence intergouvernementale sur les politiques de la communication dans les Etats arabes (ARABCOM), organisée par l’Unesco à Khartoum, au Soudan, en juillet 1987.
Les documents de travail à l’élaboration duquel il a activement pris part et le rapport issu de cette conférence témoignent de l’importance du travail accompli. Les conclusions et les recommandations de cette conférence après avoir procédé à un diagnostic précis de la situation dans l’ensemble du monde arabe, devaient influencer l’orientation des politiques et l’action dans ce domaine dans les dix huit Etats arabes qui avaient participé à la Conférence. .

Tayeb SALIH n’est pas étranger non plus à la mise en œuvre de ces politiques comme de toutes les activités relatives à la coopération dans les domaines de d’éducation, de la culture de la science et de la communication, puisque dès le 1er juillet 1987, je l’avais nommé au poste de Représentant de l’Unesco dans les pays du Golfe avec résidence à Qatar, poste où il donnait entièrement satisfaction. Auparavant le pèlerinage que nous avions fait ensemble à la Mecque en 1986, m’avait convaincu de sa sagesse et de son attachement aux valeurs spirituelles si prégnantes dans les pays où s’exerçaient ses responsabilités.
Si l’œuvre de Tayeb SALIH écrivain est relativement connue dans le monde arabe, son action au sein de l’Unesco et les services qu’il a rendus aux pays arabes et à la coopération culturelle et intellectuelle au sein de l’Unesco le sont moins. En rendant hommage à sa mémoire, je tiens à souligner aussi ses hautes qualités morales, son dévouement aux causes les plus justes, son sens de la fraternité, son respect pour autrui et son amour de la paix et de la justice.

DAKAR, le 10 mars 2009

Amadou Mahtar M’BOW , Directeur général de l’Unesco ( Organisation des Nations Unies pour l’Education, la Science et la Culture) de 1974 à 1987.
 
أعلى