عبد الله بنصر علوي - مجالات الحركة الأدبية في العصر السعدي.

إن الدارس للحركة الأدبية في العصر السعدي، ومن خلال البنيات بعناصرها العامة المكونة لها، يلمس أن تلك الحركة قد اتجهت في نهضتها إلى إقرار جملة من المعطيات كونت مجالات خصبة في الإبداع السعدي يمكن إجمالها فيما يلي :
1 – إذا كانت المجالس الأدبية ظاهرة متأصلة في الآداب الإنسانية بعيدا عن كراسي التدريس، فإن اهتمام العصر السعدي بها جعل حضور الأدب فعالا، فكان المجلس مجال إرهاص لكثير من الإبداع الشعري.
ولعل أحمد المنصور كان أكثر تنظيما لهذه المجالس نظرا لمؤهلاته الأدبية، فمشاركته أتاحت التنافس بين الأدباء والشعراء في إبداع صورة شعرية أو معارضتها أو توليدها، أو إجازة أبيات أو تخمسيها، بالإضافة إلى الجدل والحوار والمدارسة، مما كان سبيلا إلى تبادل الرأي ومطارحة الإبداع.
وكثيرا ما كان المنصور يبدي إعجابه بتورية أو لغز فيحث شعراء مجلسه على إبداع له مواصفاته ليثير القرائح، كما أن إنشاد الشعر العربي (1) جسد حركة دلت على تمثل أصالة الآداب العربية في عصر بزغ فيه الأدب بين العلوم الدينية كأقوى سند للإبداع وللتفاعل.
ولم تكن هذه المجالس تنحصر في قصور السعديين بفاس ومراكش والمحمدية أو في محلاتهم فحسب، بل كانت مظهرا شائعا للحركة الأدبية، إذ برزت علاقات الأدباء ببعضهم، رصدتها تلك الرسائل والأشعار المتبادلة.
ولعل وجود أحمد المقري أتاح لهذه العلاقات نماء وتطورا من خلال المجالس الإخوانية التي حرص على حضورها وتدوين ما راج فيها من سجال وسمر ومطارحة، فكانت هدفا لحركة أدبية كما عايشها.(2)
ودون شك، فإن هذه المجالس الأدبية العامة والخاصة كان لها دور هام في الحركة الأدبية حيث حققت إبداعا وتأليفا سعى نشطاهما إلى تأصيل شعرية أو أدبية الإيداع المغربي.
2 – ومن أبرز المجالس الأدبية ما عرفته مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي من إبداع أدبي كان مجالا لحركة شعرية متميزة تجلت في نمط المولديات.
ولئن عرف الاحتفال بهذه المناسبة الدينية في أواخر العهد الموحدي، وخلال العصر المريني، فإن العصر السعدي يعتبر عصر تأصيل لهذا الاحتفال، إذ أصبحت له تقاليد وأصول.(3) فإنشاد الشعر وصناعة الشموع، مما تتميز به هذه المناسبة، كما أن القصيدة المولدية، عرفت شيوعا كبيرا، فقد كان أحمد المنصور- خاصة – حريصا على قيمها الفنية في أساليبها وصورها باعتبارهما أسمى مقال في أشرف مقام، لذا لم يقدم للمجلس إلا "كتاب الدولة وشعراء الخلافة فرسان هذا الميدان وجهابذة هذا الشأن، ودفعتهم لهذا المضمار العادة العلية الكريمة الإمامية فتباروا في إحراز الخصل تباري الجياد يوم الرهان"، (4) ولم يكن هذا شأن من سلفه، إذا تساهلوا في سماع الغث من الشعر.(5)
ولا يقتصر أمر هذا الاحتفال ومظاهره على البلاط فحسب، بل إن جميع الطبقات الاجتماعية دأبت على هذا الاحتفال لإبداعي.
ويسجل تاريخ "الملحون" كثرة قصائده في هذه المناسبة خلال هذا العصر،(6) مما يجعل ظاهرة المولديات أغرز أنماط الإبداع المغربي في فصيحه وعاميه.
3 – وفي حضور الكاتب والشاعر في مجال الحركة الأدبية دور إبداعي واجتماعي وسياسي، فإذا كانت للكاتب مكانته الخاصة لدى السعديين في تهيئ مراسلات تسيير الدول، وتنظيم شؤونها وتوطيد علاقتها، (7) فإن الشاعر نال حظوة كبيرة في هذا العصر لكونه استمد مشروعيته من أمرين :
- الأول منهما، أن إحساس السعديين بقرشيتهم وتطلعهم إلى أزهى فترات الخلافة العربية أثار لديهم ظاهرة تبني الشاعر، باعتباره قوة ذات فعالية في قيام سلطتهم، إذ نظروا إليه نظرة القبيلة، لأنه يخلد مآثرها ويشيد بذكرها.(8)
لذ كان بلاط السعديين بلاط شعراء، ولو كانوا كتابا أو فقهاء أو قوادا، فقد استكثروا منهم وقربوهم لأنفسهم لما في وظيفتهم الإبداعية / الإعلامية من التغني بمنجزات الدولة وتعداد مفاخرها، وفي ذلك شعور دافق بعروبة الحكم السعدي، وبزهو ذات طموح.
- أما الأمر الثاني : فإن مجال الحركة الأدبية اعتمد الشعر اعتماده على الترسل وذلك بالحرص على المهارات الفائقة نظما ونثرا، ولعل اقتصار الكتابة – غالبا – على نمط المراسلات جعل الشعر يتنوع إلى أغلب أنماطه، بالرغم من تداخل منها بالتاريخ والتراجم. فمنهال الصفا ومنتقى المقصور مثلا تتراوح فيهما النصوص الإبداعية بالمعرفية، ففيها ما يشكل ديوانا كبيرا في الشعر العربي مشرقه ومغربه، ولا يعنى ذلك أن الشعر مجرد استطراد أو تراكم بل إنه رؤية ومنهجية في الاستشهاد، يعكس جوهر الحركة الأدبية من جهة، ويمثل مدى ثقافة المؤلف الأدبية من جهة أخرى. ومثل هذا التزاوج بين النثر والشعر في أغلب المؤلفات السعدية مرده إلى طبيعة التكوين الثقافي للمؤلف، ولعل حرصه على الشعر – خاصة – تجسيد للقيمة المهيمنة على ثقافته وذاكرته.
4 – ومع ذلك، فالحركة الأدبية – بالإضافة إلى بنية الدرس الأدبي – تضمنت في مجالها إبداعا وتأليفا.
ويمكن تلمس مظانها في الكتب الأدبية الصرف (9) ونستجلي منها بعض ما وقفنا على أسمائها (10) في المصنفات التالية :
المجموعات الشعرية، والشروح، وفن الترسل، والمؤلفات الأدبية، والتراجم، والمختصرات.

المجموعات الشعرية :
النفحات العنبرية في نعال خير البرية : لأحمد المقري، جمع فيه من محاسن مثال النعل النبوي أكثر من مائة قصيدة، ثم وسع الموضوع في " فتح المتعال في مدح النعال".(11)
روضة الآس العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين مراكش وفاس: لأحمد المقري.(12)
طلائع اليمن والنجاح فيما اختص مولانا الشيخ من الأمداح : جمعها عبد العزيز بن محمد التيمني .(13)
مدد الجيش : لعبد العزيز الفشتالي.(14)
ديوان أشعار : لمحمد بن عبد العزيز الرسموكي.(15)
مجموع من شعر سعيد الحامدي.(16)
مجموع من شعر أبي القاسم الأزاريفي.(17)
مجموع من شعر أبي يعقوب الإيسي.(18)
ديوان محمد المكي.(19)
الأشعار العلوية : لأحمد المنصور.(20)
العنبر الشحري فيما أنشدنيه صاحبنا أبو العباس المقري: لمحمد ابن علي الوجدي.(21)?
ومن المعارضات :
- معارضة بانت سعاد : لعبد الهادي بن طاهر الحسني.(22)
- معارضة وتريات البغدادي : لعبد العزيز الرسموكي.(23)
- معارضة بردة البوصيري : لعبد الله بن أحمد الولاتي.(24)
ومن التخميس :
- تخميس البردة : لأحمد بن الحسن الحاجي.(25)
- تخميس البردة : لابن يجبش التازي.(26)
الشروح :
- إتحاف ذوي الإرب بمقاصد لامية العرب : لسعيد الماغوسي.(27)
- إيضاح المبهم من لامية العجم : للماغوسي أيضا.(28)
- شرح ديوان المتنبي : للنابغة الهوزالي.(29)
- ترتيب ديوان المتنبي : لعبد العزيز الفشتالي، (30) وبه حواش كثيرة تتعلق باللغة والبلاغة والسرقات الأدبية.
- شرح مقصورة المكودي : لعبد العزيز الفشتالي.(31)
- شرح آخر : لأبي بكر التملي.(32)
- شرح آخر: لسعيد الماغوسي.(33)
- شرح بانت سعاد : لمحمد العربي الفاسي.(34)
- شرح مقصورة المكودي : لعبد الواحد الحسني.(35)
- شرح الشقراطسية : لمحمد العربي الفاسي.(36)
- شرح آخر : لأحمد بن محمد البجائي.(37)
- شرح القلب الجريح بشرح بردة المديح : لعبد الواحد بن عاشر.(38)
- شرح بردة البوصيري : لمحمد بن سعيد العباسي.(39)?
- شرح همزية البوصيري : لأحمد الصومعي.(40)
- شرح آخر : لمحمد بن سعيد العباسي.(41)
- شرح إحدى قصائد أحمد المنصور : لعلي بن منصور الشيظمي.(42)
- شرح سعيد الحامدي لميميته في محمد الشيخ السعدي.(43)
- الفريد في تقييد الشريد : لأبي القاسم الفجيجي، (44) شرح فيه قصيدة روض السلوان لإبراهيم بن محمد الفجيجي.
- شرح محمد بن إبراهيم التمنارتي لتائية ابن الفارض.(45)
- نظم الفرائد الغرر في سلك فصول الدرر : لسعيد الماغوسي، (46) وهو شرح "لدرر السمط في مناقب السبط" لابن الأبار.
- شرح رائية الشريشي على مقامات الصوفية : لأحمد الصومعي.(47)
فن الترسل :
- مجموع رسائل باسم أحمد المنصور : لمحمد لن علي الفشتالي.(48)
- المقامة الدعابية والمقامة النقدية : لمحمد بن عيسى التاملي.(49)
المؤلفات الأدبية :
- تحفة الأدب في ذكر مسائل من كلام العرب : للقاسم بابن القاضي.(50)
- تميمة الألباب ورتيبة الآداب : لمحمد بن علي الوجدي.(51)
- تقديم الإمام : لعبد العزيز الفشتالي، ضمنه فن التورية.(52)
التراجم الأدبية :
- زهرة البستان المتضوعة بمحاسن أبناء الزمان : لأحمد ابن القاضي.(53)
- أزهار الرياض في أخبار عياض : لأحمد المقري.(54)
- جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس : لأحمد بن القاضي.(55)?
- درة الحجاب في أسماء الرجال : لأحمد بن القاضي.(56)
المختصرات :
- المستطرف من كل فن مستظرف : اختصره ييبورك السملالي.(57)
- المحاضرات والمحاورات : لجلال الدين السيوطي، اختصره ييبورك السملالي.(58)
- حياة الحيوان : للدميري، اختصره عبد الجبار الفجيجي.(59)
وبقراءة في أسماء هذه المصنفات نلمس جملة من الملاحظات :
- أن حضور قصائد الشقراطسية، والبردة، والهمزية، ووتريات البغدادي – رغم دلالاتها الصوفية – يمثل نصا إبداعيا وتأليفيا.
- أن الحرص على الشروح ينم عن رغبة في ممارسة الدرس الأدبي.
- أن جمع الأشعار أو اختيارها أو معارضتها أو تخميسها يعكس الذوق الأدبي في النموذج الفني / الدلالي.
- أن قصائد المدحة النبوية والقصائد المادحة يعد كلاهما النمط الشعري الغالب في الإبداع السعدي.
- أن اختصار المؤلفات يستجيب لدواعي الاختيار، وهو ثمرة التمرس بالمجالس الأدبية.
ومن خلال هذه الملاحظات يمكن أن نتساءل :
هل هذه المصنفات تمثل الحركة الأدبية كما نزعمها؟
فبنظرة عامة يكون الجواب سلبيا، لأن هذه المصنفات لا نتوفر إلا على أقلها، وهو لا يعكس إلا حركة بسيطة لا ترقى إلى نهضة يجزم بها كثير من الباحثين، (60) وفيما نحاوله من بحث في أحد معالمها وهو الشعر، أما الترسل الفني فدراسته جديرة بالاهتمام.
لكن بنظرة خاصة يكون الجواب إيجابيا انطلاقا من أمرين :
- الأول منهما، أن مصادر الحركة الأدبية – وخاصة الشعرية منها – لا تقتصر على الدواوين والمجموعات الشعرية فحظنا منها قليل جدا، لذلك كانت الرحلة على مصنفات التاريخ والتراجم والفهارس وغيرها ضرورة لارتياد آفاق البحث.
- أما الأمر الثاني : فحقيقة نصطدم بها – رغم ثراء ما وصلنا من أخبار الشعر وكثرة شعرائه في العصر السعدي الأول - تتمثل في ضياع الأشعار، وغالبا ما كان أحمد بن القاضي يتحسر على ضياعها، (61) ويحرص على استدراكها.(62)
ولعل ضياع خزانة البلاط السعدي، (63) وتفرق الكتب النحوية (64) والأدبية (65) في قرى الجنوب خاصة يجسد إشكالية مصادر الحركة الأدبية.
ومن ثم نتساءل مرة أخرى : أين مجال الحركة الأدبية التي نزعهما للعصر السعدي؟
فبالإضافة إلى ما أشرنا إليه آنفا من ظواهر وملاحظات، نشير إلى أن الحركة الأدبية كانت سلوكا اجتماعيا /ثقافيا، وما اهتمامها باللغة والعروض والبلاغة إلا حرص على مقومات النص الإبداعي، كما أن دراسة النص – في تفاعله – ينحو – ببنيته ومجاله – إلى شعرية لها سماتها، وليس خطاب النص ومرجعه وأنساقه إلا خلفية تفرض أدبيته.
5 – وعندما نواجه أعلام هذه الحركة الأدبية، كتابا كانوا أو علماء أو متصوفة أو فقهاء أو أدباء... نجد مجال الشعر لديهم يرتكز على أساس التفاعل بين الواقع والفكر والإبداع، إذ ساهموا فيه بالقدر الذي يحقق الاستجابة بينها، باعتبارهم يكونون جيلا له رؤيته ونهجه، غير أن جملة من الإشكاليات تعترض الباحث في سبيل فهمه ودراسته.
فما مفهوم الجيل الأدبي؟
وعلام نعتمد في تحديد دالته : أعلى عامل زمني يحدد الموالد في فترة معينة؟
أم على توافق أو تباين بين رؤاهم؟
أم نهج شعري ذي رؤية جمالية؟
وإذا كان هذا الجيل شعريا – أي متعاطيا لفن الشعر – فما مفهوم الشاعر ؟ هل باعتبار كمي لعدد القصائد المبدعة؟ أم كيفي لتحقيق شعرية الإبداع؟
كما أن مفهوم "الديوان" هل يتحدد باعتباره مجموع شعرية ذات قدر محدد أم مقارب له؟ أم باعتباره نسقا إبداعيا يرتبط بشاعر أو بظاهرة أو بيئة؟
تلك تساؤلات تقيم توازنا بين الحركة الأدبية ومدى تمثل الشعراء لها.
ولئن كانت إشكالية التساؤلات لا يعدو البحث في مجالها إلا مقاربة، فلكوننا لا نتغيي تحديد مفاهيم الجيل في العصر السعدي، كما لا نهدف إلى قراءة اجتماعية للجيل وإنتاجه، وإنما نحرص على مدى استجابة الجيل للتفاعل بين الواقع والفكر والإبداع.
ولعل معركة – وادي المخازن – باعتبارها فاصلا بين طوري الاستقرار والنهضة أي بين مرحلتي انتعاش الأدب ونهضته – ليست مجرد ظاهرة دينية لمواجهة الغزو الصليبي فحسب، كما أنها ليست مجرد ظاهرة اجتماعية لتواصل شرائح المجتمع وحرصها على الدفاع على أمن الذات وحريتها وعقيدتها فحسب، بل إنها ظاهرة التفاعل بين عناصره، فالمعركة أتاحت للواقع المغربي عهدا ساده الشعور بالكرامة والقوة والأمن، مما مكن المجتمع من نهضة شاملة، كما جعلت الفكر يستجلي من مظهر الجهاد حركة فكرية لتحرير ما احتل من أطراف العالم الإسلامي، فأنتجت إبداعا له من الغزارة والشعرية ما يعبر عن رؤية فاعلة.
ومن ثم كانت المعركة ظاهرة أدبية، إذ أفرزت جيلا له رؤية – سواء في توحدها أو تعددها – تتسم بمعطيات التفاعل.
لذلك نتخذ المعركة / الظاهرة منطلقا لتحديد الجيل أو الأجيال تلافيا لقصور المفاهيم الأخرى.(66)
وحين نقدم على ذكر بعض أعلام جيلي ما قبل المعركة وما بعدها لا نغفل جملة من العوائق، منها :
1 – إن الأجيال لا تتحدد إلا من خلال التعاقب أو التواتر بشكل حلزوني في مدة معينة، (67) ويعني ذلك أن التواصل بينها أمر ضروري.
ب – إن ذكر الأعلام ليس مجرد تعدادا للبعض دون الآخر، بل لابد من وضع مقاييس للاختيار.
وأيا كان التواصل، وأيا كانت المقاييس، فلسنا أمام بحث في اجتماعية الأدب الذي يغور في مظاهر نعتبر بعضها على هامش التفاعل.
ولذلك فلا مناص في جرد لبعض الأعلام.
فمن جيل ما قبل لمعركة :
- سعيد بن علي الحامدي.
- أحمد بن سعيد الحامدي.
- أبا القاسم بن منصور الغمري.
- سعيد بن إبراهيم الهلالي.
- عبد الواحد بن أحمد الونشريسي.
- موسى المرجاني
ومن جيل ما بعدها نذكر :
- أبا القاسم الوزير بن محمد الغساني.
- أحمد بن علي الفشتالي.
- أحمد بن محمد الغرديس التغلبي.
- أحمد بن القاضي.
- الحسن بن أحمد المسفيوي.
- حسين بن أبي القاسم الملوكي الدرعي.
- داود بن عبد المنعم الدغوغي.
- علي بن أحمد الشامي الخزرجي.
- عبد الواحد بن أحمد الحسني.
- عبد العزيز بن محمد التملي.
- عبد العزيز بن محمد الفتشالي.
- محمد بن يوسف التملي.
- محمد بن علي الوجدي المعروف بالغماد.
- محمد بن علي الفشتالي.
- محمد بن علي الهوزالي المعروف بالنابغة.
- محمد بن يعقوب الإيسي.
إن الجيل الأول عرف حركة انتعش فيها التعرف تأسس النموذج الذي غلبت عليه عناصر الاتجاه البدوي، كما كان التفاعل مظهرا باديا في القصائد المادحة، ومعظم شعراء هذا الجيل من الجنوب خاصة.
أما الجيل الثاني فقد اتسم بحركة نهض فيها الشعر، فمع استمرار الاتجاه البدوي ساد الاتجاه الحضري، كما كان التفاعل مجال القصائد المادحة والمولدية والواصفة.. وشعراء هذا الجيل من سائر المراكز الفكرية التي عرفها المغرب على هذا العهد.
وهذه الأعلام وغيرها مما لم نذكره تتفاوت في إبداعه كما وكيفا، فمن حيث الكم لم يصلنا ديوان شاعر منهم، وإنما جملة من القصائد تقل أو تكثر في مصادر معرفية مختلفة، وقد نتساءل : لم؟ فبالإضافة إلى العرف الاجتماعي الثقافي – مما سبقت الإشارة إليه – نجد غياب الديوان يعني غياب التواصل بين المبدع والقارئ، لأن ما تفرق من القصيد قد لا يوحي للمتلقي بتكوين فكرة عامة عن الشاعر، كما أن الإنتاج قد يستنفذ طاقته الإبداعية لدى متلقي المجالس والبلاط.
ويمكن رصد سبب آخر من أن شعر هؤلاء الأعلام بتفاوت – حسب ما أحصيناه في المصادر التي رجعنا إليها – كما بين ألف بيت (68) ومائة (96) وذلك بالقياس إلى كثرة الشعر ومناسبات القول يمثل جهد المقلين، مما يجعل صورة الشاعر قد تبدو باهتة، ولا تنضح إلا بتزكية صور أخرى كالكتابة أو الفتوى، وعندئذ يتحول الشاعر على الشخص بنمطه الغالب شاعرا أو كاتبا أو فقهيا أو قائدا. ولا مراء في أن جهد المقلين يرتبط بفرضية ضياع جزء هام من الأشعار.
ولعل حرص المقري على حفظ ما وصله منها تبرير بعدم اهتمام الشعراء بأشعارهم إلا قليلا، كما أن حرص ابن القاضي على الإشارة إلى ضياع الأشعار التي اهتم بجمعها إقرار بغزارتها.
ومن ثم، فصنع ديوان لكل شاعر سعدي يتيح إمكانية تأسيس ديوان بحق، فكما لا تتحقق شروط الشاعر بالغزارة، لا تتحدد دلالة الديوان بعدد ما من الأبيات أو القصائد. ولعل غياب التحديد – عدا أنه مجموعة شعرية – حضور للديوان ما دام صنعه سيظل مفتوحا بظهور نصوص جديدة.
أما من حيث الكيف، فإن إبداع المثل نفترض فيه الإجادة، وإلا فمفهوم الشعر يختل، وحينئذ يقف عند حدود النظم.
وحين نتساءل : هل القلة تحول عن تحقيق شعرية الإبداع؟ لا نجزم بذلك ما دام الإبداع يمثل طفرة، إلا أن غنى المجال الأدبي من جهة، وفقر الإنتاج من جهة أخرى، يجعلنا نقر بإشكالية دراسة الإبداع في العصر السعدي، ومقاربتها على نحو يقيم التفاعل بين عناصره التي عبرت عن موقف الذات في علاقاتها بالآخر، ومن ثم، كانت القصيدة المادحة والمولدية والنعلية والواصفة والمعماة والوجدانية .. من أبرز أغراض شعرية العصر السعدي لاستجلاء بنياته ومجالاته.
إن هذه الحركة الأدبية في العصر السعدي قد حققت دورا هاما في إشعاع الإبداع، إذ بفضلها تمكن الإيليغيون والدلائيون ثم العلويون من بناء نهضتهم الأدبية، فانتقلت بنياتها إلى الأجيال اللاحقة، ولا زال التراث السعدي – من خلال المخطوطات والربائد التي وصلتنا منه – يمثل أغزر مصدر معرفي فيما أبدع أو ألف أو شرح أو ذيل.. في التراث المغربي عامة.
وحفاظ السعديين على التراث العربي والإسلامي وحرصهم على استمراريته كان ذلك خاصيته الكبرى في عصر كان الأتراك قد همشوا اللغة العربية وآدابها، مما ترك أثرا وضحا في جمود الأدب وتقهقر الإبداع.
وقد أدرك المشارقة واقعهم فتطلعوا إلى المغرب من خلال رحلات المغاربة إليه والرسائل المتبادلة بين العلماء والسفارات... مما جعل كثيرا من أعلامه يحنون إلى المغرب، ويقرظون بعض ما وصلهم من مؤلفاته، بل يحرصون على زيارته ولقاء أدبائه ومبايعة ملوكه.


1) – المنتقى، ص :1 /329 و 346.
2) – راجع "الروضة"
- نفح الطيب : ج:2 و 5و 6.
- أزهار الرياض : ج : 3و4.
3) – راجع : المناهل :221 -243.
- المنتقى : 1/367 -380.
- الروضة : 3 – 14.
- النفحة المسكية : 168.
4) – المنتقى، ص : 1/241.
5) – ن.م.ص : لم تمكن المصادر من بعض نصوصه وإعلامه.
6) – راجع :"معلمة الملحون" لمحمد الفاسي – 1 /134.
7) – التصوف والمجتمع : لعبد اللطيف الشاذلي – ص :238.
8) – العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده : تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد – ص : 1/65.
9) – لن نشير إلى كتب آداب الصوفية، ولا إلى كتب اللغة والعروض والبلاغة، ولا على كتب تصانيف المعرفة.
10) – نعتمد في ذكر بعضها على الحركة ( ص : 149 -153).
11) – طبع بالهند عام 134 هـ.
12) – نشر عبد الوهاب بمنصور / المطبعة الملكية 1964.
13) – مخطوط خاص بفاس.
14) – موشحات مغربية : للجراري – ط:1/ ص:126.
15) – سوس العالمة، ص :185.
16) – مجموع شعري مخطوط خاص.
17) – ضلال جزولة : 2/81.
18) – سوس العالمة، ص :212.
19) – مناهل الصفا، ص :360.
20) – ن.م.ص : 219.
21) – الروضة، ص : 99.
22) – مخطوط خ، ع ضمن مجموع 74 د.
23) – الحركة : ص :150 هـ 87.
24) – الحركة، ص : 2/633.
25) – ن.م.ص. : 149 هـ 85.
26) – الدوحة، ص : 71.
27) – الحركة، ص : 149، هـ :80.
28) – ن.م.ص، هـ 81.
29) – الحركة، ص :149 هـ :82.
30) – الروضة، ص :162.
31) – شعر عبد العزيز الفشتالي – ص :101.
32) – الحركة، ص : 149 هـ 83.
33) – الروضة، ص :227.
34) – الحركة : 149 هـ 84.
35) – الحركة، ص : 149 هـ83.
36) – الحركة، ص :147 هـ 65.
37) – الدوحة، ص :127.
38) – الحركة، ص :149 هـ85.
39) – ن.م.ص.
40) – ن.م.ص : مخطوط خ.م /835 و2166 ز.و.خ.ع 895 ج.
41) – ن.م.ص : 149 هـ86.
42) – الروضة : 182.
43) – سوس العالمة، ص :180.
44) – من تحقيق د . عبد الهادي التازي، نشر المعهد الجامعي لبحث العلمي 1983.
45) – الحركة، ص :147.
46) – الإعلام : 2/279.
47) – ن.م.ص. : 328.
48) – الحركة، ص :339.
49) – أدبيات محمد بن عيسى التاملي : مخطوط خ.م / 5408 – ص :6-8.
50) – الحركة، ص :153 / مخطوط خ.ع. 53.
51) – الروضة : 99.
52) – الروضة : 162.
53) – المنتقى، ص :98 و 627.
54) – من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الرباط ( من خمسة أجزاء).
55) – نشرت بدار المنصور – الرباط 1973 – 1974 (في جزئين).
56) – درة الحجال في أسماء الرجال.
57) – سوس العالمة، ص :183.
58) – سوس العالمة، ص : 184.
59) – الحركة، ص : 2/511.
60) – محمد حجي، وإبراهيم حركات، وعبد الكريم كريم، ومحمد بن تاويت.
61) – المنتقى، في عدة أماكن منها : 246، 256، 367، 353، 587، 625..
62) – ن.م.ص. : 586.
63) – خزانة مراكشية بالأسكوريال لـ بينبين عمر شوقي – كلية الآداب بالرباط /ع 9 – ص : 127-142.
64 )– ككتاب سيبويه، انظر كتاب "سيبويه في المغرب والأندلس" لمحمد حجي /دعوة الحق / س16 ع7 (غشت 1974) ص :160-164.
65) – كديوان ملك غرناطة يوسف الثالث، انظر : "مقدمة ديوان ابن فركون" – محمد بنشريفة / ص :85.
66) – راجع في الموضوع : سسيولوجية الأدب : روبرت اسكاربيه / ص :64-72.
67) – ن.م.ن. ص : 65، وهو رأي (عني ميشو) ويحدد المدة في 70 سنة.
68) – لعبد العزيز الفشتالي.
69) – لأحمد المنصور.


العدد 324 رجب-شعبان 1417/ دجنبر 1996


الادب المغربي.jpg
 
أعلى