قصة قصيرة كبلان روسلي - الحدُبان ومن معهم

ذات يوم، جاء ألأمر بالبحث عن الحدبان في المدينة، وإجبارهم على البقاء في بيوتهم حتى إشعار آخر. .ولتبرير ذلك، قيل بإن هناك بحثا يهدف الى تخليص هؤلاء من حدباتهم. وقد حاول البعض أن يقنعوا السلطات المعنيّة بالأمر بأنهم لا يعانون ضيقا من عاهتهم، غير أنهم آصطدموا بجدار من الرّفض. وفي النهاية، آضطرّوا الى الإنحناء أمام القرار المذكور!
في البداية مُدّوا بما يحتاجونه وهو قابعون في بيوتهم. ولمّا آتّضح أنّ تلك الطريقة مُكْلفة جدّا، وغير ملائمة، تقرّر تجميع الحدبان في نفس الحيّ ذلك أنّ المصلحة العامّة تقتضي بعض التضحيات. الأكثر ثراء صرخوا محتجّين على الفضيحة. غير أنهم لم يلبثوا أن غادروا بيوتهم الفخمة تماما مثلما غادر الفقراء أكواخهم الحقيرة. وكان من المحتمل أن يتعاضد الحدبان عند وجودهم في نفس الحيّ. غير أن ذلك لم يتمّ. فالبعض كانوا يتصوّرون أن حدباتهم الصغيرة يمكن أن تكون ايجابيّة. أمّا الآخرون فقد كانوا يعتقدون أنّ الحدبات الكبيرة سمة من سمات النّبل. وبما أنّ الضغائن أخذت تشتدّ بين الحدبان، فإنّ السلطات المعنيّة بالأمر، أشاعت أن العمليّة المرتقبة وشيكة الوقوع. أكيد أنه من الطبيعي أن يرفض كلّ شخص أيّة مجازفة غير مجدية. لكن لا يتوجّب القلق البتّة بشأن هذا ألأمر. فهناك أطبّاء متمرّسون سوف يشرفون على تنفيذ جميع الإجراءات، وبأقلّ كلفة ممكنة. خلال ذلك تعاظم الإضطراب والهوس في المدينة. وكلّ واحد أصبح ينظر الى ظهره في المرآة عند آرتداء ملابسه. هل هناك أثر لورم ما؟ وثمّة رعشة كانت تجمّد العروق. هل هناك تقوّس يدأ في الظهور؟ لقد كان الفزع عامّا. هذا العصر يعيش تكاثر الجرّاحين، وأساتذة الصّيانة. البعض يشقّون اللحم في الحين. أمّا الآخرون فيعلمون كيف تنفخ الصدور حتى تختفي الأشياء الناشزة.
العرجان خَلَصوا هم أيضا الى أنّ السلطات المعنيّة سوف تهتمّ بعاهتهم حالما تحسم مسألة الحدبان حسما نهائيّا. وبما أنهم تعوّدوا على العيش يعاهتهم تلك، فإنهم أصيبوا بالقلق على مصيرهم تماما مثل العور، والحولان، وكلّ الذين يعانون من مرض في العين. ثمّ جاء دورأصحاب الآذان المقطوعة، والأنوف الخانسة، والذقون المائلة. وشيئا فشيئا، آستبدّ الرعب بالقضاة أنفسهم. والبعض منهم بدأوا يخافون من ظهور بعض تلك العاهات الصغيرة في أوساط اقاربهم، وأبنائهم: ذلك الجدّ كانت له ساق معوجّة. راحت الوشايات تتكاثر بشكل سريع. وبلغت القطيعة حدّا بات معه من السّهل أن تهوي المدينة بأسرها وسط دوّامة الفوضى بسبب حادث بسيط للغاية. عندئذ وجدت المدينة المجاورة الفرصة سانحة لإنجاز المهمّة التي تعهّدت بالقيام بها، ذلك أنّها قديماكانت تحبّ النّظام. ولم يلبث القضاة أن شاهدوا رجالا مسلّحين يقتربون من أسوار المدينة. ولم يكن الوقت كافيا بالنسبة لهم لكي يؤكدوا للحدبان أنهم لن يصابوا بأيّ أذى، ويعيدوا الثقة للعرجان، ولجميع المصابين بعاهات. وهكذا آستولى الغزاة على المدينة،وغرسوا السّيف في صدرها.
وكانت المدينة الأخرى في حالة آنتشاء بآنتصارها لمّا آرتفعت بين سكّانها أصوات تندّد بالدماء المسفوحة. وآتخذ القضاة قرارا سريعا يقضي بعزل السّاخطين لكي لا تتفشّى العدوى. ثمّ أشيع أن هناك مدينة أخرى مجاورة تتابع بآهتمام شديد ما يجري خلف حدودها.



كبلان روسلي(شاعر ألباني-أمضى 20 عاما في سجون نظام انور خوجه الشيوعي)
 
أعلى