ابن طيفــور - بلاغــات النســاء

" المدائني " قال كانت حمزة امرأة عمران بن حطان الحروري جميلة فائقة الجمال وكان دميماً شديد الدمامة فقالت له يوماً إنا لعلى خيرٍ إن شاء الله أعطيت مثلي فشكرت وابتليت بك فصبرت فقال عمران مثلي ومثلك ما قال الأحوص:
إن الحسام وإن ورثت مضاربه

إذا ضربت به مكروهة فصلا

" أحمد " بن معاوية بن بكر عن الأصمعي قال قال أبو الجنيد الأعرابي رأيت بطريق مكة أعرابية تبيع الحرض لم أرَ قط أجمل منها فوقفت أنظر إليها متعجباً من جمالها إذ أقبل شيخٌ قصير فأخذ بأذنها فسارها فقلت من هذا قالت زوجي قلت كيف رضي مثلكِ مثله قالت إن لي قصة ثم قالت:
أيا عجبي للخود يجري وشاحها
تزف إلى شيخٍ من القوم تنبال
دعاها إليه أنه ذو قرابةٍ
فويلُ الغواني من بني العم والخال

" وقالت " هند بنت عصم السدوسية وكانت عند ربيعة بن غزالة الكندي وكان عنيناً تشتاق بلادها:
ألا أرى ماء الصبح شافياً
نفوساً إلى أمواه بقعاء نزعاً
فمن جاء من ماء الشبال بشربةٍ
فإن له من ماء لينة أربعاً
وقد زادني وجداً ببقعاء أننا
رأينا مطايانا بلينة ظلعاً

" قال " رجل يرقص ابنه ويعرض بزوجته:
وهبته من ذات ضغنٍ خبة
قصيرة الأعضاء مثل الضبة
تعيا كلام البعل الاسبة

فقالت:
وهبته من مرعشٍ من الكبر
شر نفحٍ وريده مثل الوتر
بئس الفتى في أهله وفي الحضر

" وقالت " امرأة رقصت ابنها وعرضت بزوجها:
وهبته من ذي ثفالٍ خب
يقلب عيناً مثل عين الضب
ليس بمعشوق ولا محب

فقال زوجها:
وهبته من سلفع أفوك
سرح إلى جارتها ضحوك
ومن هبل قد عسا حنيك
أشيب ذا رأسٍ كرأسِ الديك

" وقال " قيس بن عاصم ينزي أنباله وأمه منفوسة بنت زيد الخيل جالسة تسمع:
أشبه أبا أمك أو أشبه عمل
وأرقاً إلى الخير زناء في الحبل
ولا تكونن كهلوفِ وكل

فقالت منفوسة:
أشبه أخي أو أشبهن أباكا
أما أبي فلن تنال ذاكا
تقصر أن تناله يداك

" أحمد " بن معاوية بن بكر عن الأصمعي قال اتهم أعرابي امرأته وجاءت بولده أبيض وكان بنوه سوداً فقال لتقعدن مقعد القصي من ذوي القاذورة المقلى أو تحلفي بربك العلي أني أبو ذيالك الصبي قد رابني ببصر رخي ومقلة كمقلة الكركي قالت فقامت تمشط رأسه فقال:
لا تمشطي رأسي ولا تفليني
ما باله أحمر كالهجين
ليس كألوان بني الجون

فردت عليه فقالت:
أن له من قبلي أجداداً
بيض الوجوه سادة أنجاداً
ما ضرهم يوم لقوا عباداً
أن لا يكون لونهم سواداً

وقال أعرابي رقص ابنه وعرض بامرأته:
وهبت من أمة سوداء
ليست بحسناء ولا جملاء
كأنها خلفة خنساء

فقالت امرأته:
وهبته من أشمط المفارق
ليس بمعشوقٍ ولا بعاشق
وليس إن فارقني بنافق

" قال " قالت امرأة ضربها زوجها فقيل لها لم ضربك فقالت طلب عندي ما لم يحلفه فضربني حتى ألثقني بالدم ولقد هجوته فقلت:
فأنت الداء ليس له دواء
وأنت الفقر ليس له انجبار

ولو مصت النضار تمج مسكاً
لخبث المسك بعدك والنضار

أنشدني حماد عن أبيه قال أنشدني إدريس بن أبي حفصة لجارية له بدوية يقال لها جمل تهجوه:
يا جمل لو كنت عند الله مسلمة
لما ابتليت بشيخٍ مثل إدريس
لما ابتليت بشيخٍ لا حراك به
أبقى لك الدهر منه شر ملبوس
يلقاك منه الذي تهوين رؤيته
عند اللقاء بأدبار وتنكيس
أمسى وأصبح مما لا يبوح به
مما تحبين رأساً في المفاليس

إسحاق قال قال ربيعة بن رميح أخبرني شيخٌ من أهل الحجاز أنه حضر رجلاً من الأعراب وامرأته قد حكما بينهما حكمين بعد تطاول من الشر فحكم بفرقتهما فقالت لزوجها فيما تقول أما والله إن كنت بخيلاً على ما ملكت مقتراً إذا أنفقت مناناً إذا وهبت تفلاً إذا باشرت فقال زوجها وأنت والله إن كنت لظاهرة الكسل ميتاء العمل كريهة المقبل شختة المخلخل " قال " إسحاق الموصلي أنشدني بعض الأعراب لامرأة تذم زوجها:
إني ندمت على ما كان من عجبي
واقصر الدهر عني أي اقصار
فليتني يوم قالوا أنت زوجته
أصابني ذو نيوب سمه ضاري
يا رب إن كان في الجنات مدخله
فاجعل أميمة رب الناس في النار

قال الأصمعي كان شيخ من بني سعد باليمامة ذا مال فجمع بين أربع نسوة وكان تفلاً مفركاً ففركته جمع وأصلح بينهن بغضة فرصدهن ذات ليلة وهن يتحدثن ويذكرنه فقالت إحداهن:
قلن جميعاً في فنون عيبه
وغيبه لا مأثم في غيبه
قالت الثانية:
اقمر عيني ببياض شيبة
وشف جسمي طول شم جيبه
قالت الثالثة:
اللؤم والخيبة حشو ثوبه
فبي فحل الموت صبحاً أو به
فقالت الرابعة:
يا ليت ما ينالني من سيبه
تطليقه تخرج من قلبيه
فأصبح فطلقهن جميعاً " قال " الجعدي نزل رجل على امرأة من بني ثعلبة بن يربوع فأحسنت قراه فلما غدا عنها هجاها وذكر أنها سامته نفسها:
ووالله ما أرضى الذي قد رضيته
لنفسي فكفى لأسقيت من القطر
فإني امرؤٌ أعطيت ربي الية
أرى زانياً ما لاح لي وضح الفجر

فقالت الثعلبية وهي جهيرة وكانت جهيرة شاعرة:
لحا الله قوماً أنت فيهم فأنهم
لئام مساعيهم سراع إلى الغدر
فلو كنت حراً يا لعين وقلت لي
جميلاً ضعفت عن الشكر

" المدائني " قال لما زفت ابنة عبد الله بن جعفر " وكانت هاشمية جليلة " إلى الحجاج بن يوسف ونظر إليها في تلك الليلة وعبرتها تجول في خديها فقال لها بأبي أنت وأمي مما تبكين قالت من شرف اتضع ومن ضعة شرفت.

" وقال المدائني " قال الحجاج لابنة عبد الله أن أمير المؤمنين عبد الملك كتب إليّ بطلاقك فقالت هو والله أبر بي ممن زوجنيك " حدثنا " عبد الله بن شبيب قال حدثني الزبير بن بكار قال حدثني أيوب بن سلمة قال تزوجت عصيمة بنت زيد النهدية رجلاً من قومها يكنى أبا السميدع واسمه سعيد بن سالم فأبغضته بغضاً شديداً فتأذته فليمت في ذلك فقالت:
يقولون لم تأخذ عصيمة مهرها
كان الذي يلحى عصيمة لاعب
ولو مارسوا ما كنت فيه لأحرجوا
ورائي ولم يطلب إلى المهر طالب
كأن رياحاً من سعيد بن سالم
رياح طبة بالت عليها الثعالب
فإن انفلت منه فإني حبيسة
طوال الليالي ما عاد الله راغب

" أنشدنا " أبو محلم الأعرابي لامرأة في زوجها تذمه:
من عذيري من بعل سوء
يراني وأراه بأعين البغضاء
تتهادى منا الضمائر وحياً
بقلى يسكن في الأحشاء
غاض مكنون ما عليه احتوينا
في قلوب إلى الفراق ظماء
نتنائى حديث أثر وعين
بادداً أنسه عن الأهواء
فكلانا على أسى البغض مبدٍ
كاذب الود من لسان رياء
رجل لو تخبر اللؤم لؤماً
كان أو زائداً ولي اللواء
مليء عين من الفواحش كاسي
الوجه من سوءة سليب حياء
يا لقومي داء عياء فأنى

لي بحمل داء عياء
ليت لي حية ببعلي صماء

وأحبب بالحية الصماء
إن بدت كان دونها لي حجاب
من حفيف الغراق أو من رقاء
أين ابن الحمام أين لقد
أحرزه منه اليوم واقي القضاء

" إسحاق " إبراهيم الموصلي عن أبي عبيدة قال كانت أم شبيب بنت قيس بن الهيثم السلمي عند جارية بن بدر الغداني ثم حلف عليها بشر بن شفاف فقالت:
بدلت بشراً بلاء أو معاقبة
من فارس كان قدماً غير غوار
فليتني قبل بشرٍ كان ضاجعني
داعٍ إلى الله أو داعٍ إلى النار

قال قال أبو الجراح الأعرابي وقع بين امرأة يقال لها ميثاء " قال أبو الجراج وقد رأيتها " وبين زوج لها يقال له خطام من بني مجاشع لحأ فقالت ميثاء تدعو عليه:
يا رب رب البيت والحجاج
رزقت ميثاء من الأزواج
هجاجة من أحمق الهجاج
عفنججاً يضل في العجاج
لا يعرف الديك من الدجاج
أجرأ من ليثٍ بليلٍ داج
عند المناجاة وعند الحاج

" وقال " استعدت امرأة هشام بن طلبة بن قيس بن عاصم واختلعت منه عند إبراهيم بن هشام المخزومي ونسبته إلى العجز عنها فلحقها عنده فقال:
من ذا الذي يمنع مني أقلقي
وإني لم أعجز ولم أطلق
أحمل أيراً مثل أير الابلق
ضخم الدينى عظيم المفرق
يصك قرطاس العجان الابرق
يترك ملساء الأديم الأخلق
واهية الخرق رحيب المفتق

قال فأجابته أمها:
إن هشاماً كاذب لم يصدق
زل هشاماً عمن مزل مزلق
وضرطته طامح لم تعشق
ضرح الشموس عن فلو مرهق
يا بن هشام ذي الفروع السمق
والحسب المحض الذي لم يمذق
إن الخبيث كاذب لم يصدق

قال فسأل عن أمها وعن خبرها فذكر له أنها ظالمة فردها إليه " الأصمعي " قال أخبرني يزيد بن ضبة مولى ثقيف قال مرت أعرابية بنادي قومٍ من بني عامر وفيهم غلام حديث السن ظريف فنكس الكوم رؤوسهم وجعل الغلام يرمقها فدنت منهم فمازحتهم وأقبلت على الغلام فقالت:
شهدت وبيت الله أنك طيب الثنايا
وأن الخصر منك لطيف
وأنك مشبوح الذراعين خلجم
وإنك إذا تخلو بهن عنيف
وإنك نعم الكمع في كل حالة
وانك في رمق النساء عفيف
نمتك إلى العليا عرانين عامر
وأعمامك الغر الكرام ثقيف
أناسٌ إذا ما الكلب أنكر أهله
فعندهم حصنٌ أشم منيف
لمن جاءهم يخشى الزمان وريبه
رحيق وزاد لا يصان وريف
فبيت بني غيلان في رأس يافع
وبيت ثقيف فوق ذاك منيف
وكان الذي يرمقها من بني معتب بن ثقيف وأمه إحدى بنات عامر بن جعفر بن كلاب. فقال لها زوجها من عنيت، قالت إياك، قال كذبت وبيت الله ما أنا الذي عنيت ولا خصري بلطيف ولا قتلتك أو لتخبريني، قالت الصدق يضرني عندك فأخذت عليه موثقاً أن لا يخبر به الناس فأعطاها ذلك فخبرته فطلقها وأفشى خبرها فقالت:
غدرت بنا بعد التصافي وخنتنا
وشرمصاً في خلة من يخونها
وبحت بسرٍ كنت أنت أمينه
ولا يحفظ الأسرار إلا أمينها

قال أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي حدثني داوود بن داوود قال كان لذي الإصبع العدواني أربع بنات وكن يخطبن فلا يزوجهن وكانت أمهن تأمره بتزويجهن وتقول إنهن يردن الأزواج فيسألهن فيستحين فيقلن لا نريد حتى خرج ليلة إلى متحدث لهن فاستمع عليهن وهن لا يعلمن فقلن تعالين فلنتمن ولتصدق كل واحدة منا فقالت الكبرى:
ألا ليت زوجي من أناس ذوي غنى
حديث الشباب طيب الروح والعطر
طبيب بأدواء النساء كأنه
خليفة جانٍ لا ينام على هجر

فقلن لها أنت تحبين رجلاً من قومك فقالت الثانية:
الأهل أراها مرة وضجيعها
أشم كنصل السيف غير مهند

لصوق بأكباد النساء وأصله
إذا ما انتمى من أهل سرى ومحتدي

فقلن لها أنت تحبين رجلاً من قومك فقالت الثالثة:
ألا ليته يملأ الجفان نديه
لنا خفنة تشقي بها الناب والحزر
به حكمات الشيب من غير كبرة
تشين فلا الفاني ولا الضرع الغمر
فقلن لها أنت تحبين رجلاً شريفاً وقيل للرابعة وهي الصغرى تمني قالت ما أريد شيئاً قلن والله لا يبرحن حتى نعرف ما في نفسك قالت زوج من عود خير من القعود فلما سمع أبوهن مقالتهن زوجهن أربعة فمكثن برهة ثم اجتمعن عنده فقال للكبرى يا بنية ما مالكم قالت الإبل قال وكيف تجدونها قالت خير مال نأكل لحومها مزعاً ونشرب ألبانها جرعاً وتحملنا وضعفتنا معاً قال فكيف تجدين زوجك قالت خير زوجٍ يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة قال مال عميم وزوجٌ كريم وقال للثانية ما مالكم قالت البقر قال وكيف تجدونها قالت خير مال تألت الفناء وتملأ الإناء وتودك السقاء ونساء مع نساء قال كيف تجدين زوجك قالت يكرم أهله وينسى فضله قال حظيت ورضيت ثم قال للثالثة ما مالكم قالت المعزى قال وكيف تجدونها قالت لا بأس بها نولدها فطماً ونسلخها أدماً قال كيف تجدين زوجك قالت لا بأس ليس بالبخيل الحتر ولا بالسمح البذر قال جدوى مغنية ثم قال للرابعة ما مالكم قالت الضان قال وكيف تجدونها قالت شر مال حوف " أي جلود " لا يشبعن وغنم لا ينفعن وصم لا يسمعن وأمر مغويتهن يتبعن قال فكيف تجدين زوجك قالت زوجٌ يكرم نفسه ويحترم عرسه قال أشبه أمره بعش بزه.

" قال " وأنشدني مروان بن أبي حفصة لامرأة من آل أبي حفصة كانت أمة لهم تهجو زوجها:
وما ظربان لبد الفطر متنه
متى يشأ يلمم بصب فيصطد
بأنتن من ريح الهجين وازع
إذا ما غد في مدرع متبدد
له قدمان تحثوان على أسته
إذا أحسن الفتيان مشى التأدد

قال الأصمعي حدثني عيسى بن عمر قال كنت بالبادية فتضيفت امرأة فدخلت الخباء فجعلت تريغ زوجها عن قراي ويريغها فسمعتها تقول أنا ابنة الأخيل المعم المخول إن كنت تجهلني فعني فاسأل قال فقال الزوج انا ابن بلال صاحب العين والخال قال فاتتني بقرص مثل فرسن الحلة قال فجعلت الملم منها مثل أثباج القطا الكدري قال الكلبي امرأة يقال لها أم الورد تزوجت برجل فعجز عنها فتقدمت إليّ وإلى اليمامة فقالت له والله ما يمسكني بضم ولا بتقبيل ولا بشم ولا بزعزاع ليسلي همي يطيج منه فتحي في كمي قال ففرق بينهما ثم تزوجت رجلاً آخر فرضيت وحظيت وزوجت أخاها أخت زوجها فعجز عنها فقالت تهجو أخاها:
يا عمرو لو كنت فتى كريماً
أو كنت ممن يمنع الحريما
أو كان رمح استك مستقيماً
نكت به جارية هضيما
ناك أخوها أختك الغليما
بذي خطوطٍ يغلق المشيما
إذا أحفت نومها الأريما
واحتدرت من ظهره العتيما
سمعت من أصواتها نئيماً

" الهيثم " قال مدح قتادة بن مغرب يزيد بن المهلب فأعطاه وملأ يديه وتزوج بنت يزيد الحنفي فلما بنا بها فركها من ليلتها فلما أصبح طلقها وقال:
وتجهزي للطلاقِ وارتحلي
ذاك دواءٌ للرامح الشمس
لليلةٍ حين بنت طالقة
ألذ عندي من ليلة العرس
بت لديها بشر منزلةٍ
لا أنا في نعمةٍ ولا فرسي
هذا على الخسف لا قضيم له
وبت ما إن يسوغ لي نفسي

قال فالحقها بأهلها وبلغها قوله فشدت عليها ثيابها وأتت باب يزيد بن المهلب فاستأذنت عليه فدخلت وقتادة عنده فقالت:
حلفت فلم أكذب والا فكل ما
ملكت لبيت الله أهديه حافية
لو أن المنايا أعرضت لاقتحمتها
مخافة فيه أن فيه لداهية
وكيف اصطباري يا قتادة بعدما
شممت العدى من فيك أدمى سماخيه
فما جيفة الخنزير عند ابن مغرب
قتادة إلا ريح مسكٍ وغالية

وقال العتبي حدثني أبو أحمد قال سئل أعرابي عن امرأته وكان حديث عهد بتزويج قال فقال أفنان أثلة وجنى نحلة ومس رملة وكأنني آيب في كل ساعة من غيبة قال وسئلت عنه فقالت أفنان الجنة وحسن الروضة وطيب الحياة في نعمة مقيمة.

العتبي قال حدثنا أبو سليمان قال سُئلت امرأة عن زوجها فقالت كان والله جمل ظعينة وليث عرينة وجار يجر وظل صخرة " وخطب " صالح بن محمد بن إسماعيل بن صالح بن علي الهاشمي أم جعفر بنت علي الهاشمية من ولد أبيه فرد عنها فقال من شدة الغيظ وكانت قبله عند ابن عمٍ لها:
يا شوصة في فؤادي
ويا قذي في جفوني
يا قية في سلاح
يا فضلة المأفون
اتأمروني بتزويجها
فأين أين يميني
وزوجها كان منها
في غيضةٍ من قرون

فقالت:
ارجع بغيظك عنا
لست لي بقرين
ولست صاحب دينا
ولست صاحب دين
يا صيحة " يا بياض في الأصل "
يا سلحة المبطون
مطيته العبد بعلاً
بكل عودٍ متين
تروم ملكي بعقل
واهٍ وحمقٍ حرون

" الأصمعي " قال قال أعرابي لامرأته إنك لتخمطين العيش خمطاً لأنك إنما تطلين من أير ذي عجزاً وطرموسة حمراء فقالت له قبح الله ما مننت به عليّ أتمن علي بعصبة نصفها في استك أو طرموسة ثلثاها رماد وكأنك اشتريت سطية أو رومية أو ملأت يدي من حلية وأنشد لامرأة تهجو زوجها من نساء الحضر:
يحب النكاح أبو صالح
وليس يطاوعه أيره
وقد أمسك البخل من كفه
فأصبح لا يرتجى خيره
فيا ليت ما في حري في أسته
وملكني رجلٌ غيره

" قال " لقيط بن بكير قالت طارقة وهي مولاة لأهل بيت من امرء القيس بن زيد وكان تزوجها مولى لبني كلب يقال له ثابت وكنيته أبو الفصيل فخطب مولاة أخرى من مواليات بني امرؤ القيس وكانت تتهم بالسحر وكان يقال لها نجود وبلغها ذلك فجعلت تقول:
لا خار ربي لأبي الفصيل .
ولا وقاه عثرة الذلول
بدل مني أخبث البدول
هوجاء مقاء كبشه الغول
تحمل رفغاً واسع الفضول
مثل إهاب الميحة المبخول
ببيتٍ فيه الذئب أو يقيل

وقالت:
الما قرورا أهل ذا البقع كله
ولا تقربا سحارة البردان
تعول عيالاً لست أنت ولدتهم
وأمهم في البيت غير حصان

" وحدثني " محمد بن سعد عن العتبي قال حدثني محمد بن جعفر رجل من أهل الحديث قال بلغني أن امرؤ القيس بن حجر كان رجلاً مفركاً تزوج من امرأة من طي فلما دخل بها سبق إلى قلبها منه ما كان يسبق إلى قلوب النساء فأيقظته من نومه فقالت يا فتى الفتيان أصبحت فاغدة قال فقام فإذا الليل معتكر فلما وضع جنبه عادت له فقالت يا فتى الفتيان أصبحت فاغدة فقام فإذا الليل على حاله فعلم أن ذلك ضجرٌ منها فجعل يقول أصبح ليلاً برق له الصبح قال لها يا هذه قد رأيت ما صنعت منذ الليلة فأنت الطلاق فأخبريني ما كرهت مني قالت والله منك ثقل صدرك وخفة عجزك وإنك سريع الهراقة بطيء الأفاقة قال أفلا أخبرك عن نفسك قالت بلى ولو استعفيتك ما أعفيتني قالت أنت والله ناتئة الجبهة حديدة الركبة واسعة الثقبة سريعة الوثبة قبيحة النقية قال فجعل يقول لها لعنك الله وتقول له لعنك الله " وقال " أحمد بن الحارث عن أبي الحسن المدايني قال كان يزيد بن هبيرة المحاربي أول أمير ولي اليمامة لعبد الملك بن مروان فتزوج امرأة من ولد طلبة بن قيس بن عاصم المنقري فقالت:
للبس عباءة وتقر عيني
أحب إليّ من لبس الشفوف
وبكر يتبع الأظعان صب
أحب إليّ من بغل زفوف
وبيتٍ تخفق الأرواح فيه
أحب إليّ من قصرٍ منيف

" وقال " أبو الحسن تزوج رجل من بني جسر امرأة من ولد طلبة بن قيس وكان الرجل دعياً فرفع إلى يزيد بن هبيرة ففرق بينهما وقالت وهي عنده:
لقد كنت عن حجر بعيداً فساقني
صروف النوى والسابقات إلى حجر
يقولون فرش من حرير وإنما
أرى فرشهم عندي كحامية الجمر

وإني لأستحي تميماً وغيرها
من إنكاحهم إياي عبد بني جسر

" قال " أبو الحسن تهاجت امرأتان من العرب كانتا عند رجل سمينة ومهزولة فقالت تزحزحي عني يا مرونة إن البراذين إذا جرينه من الجياد ساعة أعيينه قالت السمينة يا بنت مهراس قفي أقول لك ما أقبح الوجه وما أذلك فلو ركبت جندياً أقلك ولو أردت ظله أظلك " قال " أبو الحسن زوجت هند بنت بن عامر الأسلمي ابنتين لها واحدة في بني قشير وأخرى في بني أبي بكر كلاب فقالت:
لقد أرسلت ليلى أثر هند
فلم أدرك بذلك من نصيب
لعمرك ما ابنة السلمى ليلى
بفاحشة المحل ولا كذوب
ولا مشأة في يوم ريح
تحدث عن أحاديث المعيب

" قال " أبو محمد عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي قاضي فارس عن الشرقي بن القطامي قال تزوج رجل من همدان ابنة عمٍ له وكان لها محباً فلم يلبث أن ضرب عليه البعث إلى أذربيجان فأصاب بها خيراً واستفاد جارية وفرساً فسمى الفرس الورد والجارية حبابة ثم قفل البعث ولم يقفل هو فأتاه ابن عمٍ له فقال ما يمنعك من القفول قال أخشى ابنة عمي أن تحول بيني وبين هذه الجارية وقد هويتها فأنشأ يقول وكتب به إليها:
ألا لا أبالي اليوم ما صنعت هند
إذا بقيت عندي حبابة والورد
شديد نياط المنكبين إذا جرى
وبيضاء مثل الريم زينها العقد
فهذا لأيام الهياج وهذه
لموضع حاجاتي إذا انصرف الجند

فكتبت إليه امرأته:
لعمري لئن شطت بعثمان داره
وأضحى غنياً بالحبابة والورد
ألا فاقرأه مني السلام وقل له
غنياً بفتيان غطارفة مرد
إذا شاء منهم ناشئ مد كفه
إلى كفل ريان أو كعثب نهد
بحمد أمير المؤمنين أقرهم
شباباً وأغزاكم خوالف في الجند
فما كنتم تقضون حاجة أهلكم
قريباً فيقضوها على النأى والبعد
فأرسل إلينا بالسراح فإنه
مناناً ولا ندعو لك الله بالرشد
إذا رجع الجند الذي أنت منهم
فزادك رب الناس بعداً على بعد
فلما وصلت أبياتها إليه باع الجارية وأقبل مسرعاً فوجدها معتكفة على مسجدها وصلاتها فقال يا هند فعلت ما قلت قالت الله أجل في عيني وأعظم من أن أركب له مأثماً ولكن كيف وجدت طعم الغيرة فإنك غظتني فغظتك " وقال المدائني عن أبان بن تغلب قال قالت أعرابية لابنتها أزوجك فامتنعت عليها حيناً ثم قالت يا أمة إن كنت لا بد فاعلة فجنبيني ذا السن الكبير لا أتعجله فإن فيه قلة النشاط وعجزة الولد واجعلي عمود رغبتك في ذا الخلق الحسن ولابس ثوب الشكر وإن كان لا شيء خير من الكبير ذي الحدة وإذا أرسلت فأرسلي حكيماً " قال " فليتني كنت عزباً ما فاتتني حتى أتزوجها " قال " أبو الحسن نشزت أم الصريح بنت أوس وأختها أم إياس وهم من كندة التي في بني كليب بن يربوع على أبي الصريح الكليبي فقالت:
كان الدار يوم تكون فيها
علينا حفرة ملئت دخاناً
فليتك في سفين بني عباد
طريداً لا نراك ولا ترانا
وليتك غائب بالهند عنا
وليت لنا صديقا فاقتنانا
ولو أن النذور تكف منه
لقد أهديتها ماية هجاناً

" وقالت " أم الصريح وكانت هي وأم أياس أختها عند أخوين من بني كليب وكانت الحلال الكلبية ضرة لأم اياس فكانت تفاخرها فقالت أم الصريح غيرة لأختها أم إياس إلا أربعي يا بنت أم قيس أتعدين محصناً بأوس والخطفي بالأشعث بن قيس ما ذاك بالعدل ولا بالكيس فردت عليها الحلال إذا كليب زخرت في الظم ركبت في عرنينها الأشم مالك من خال ولا ابن عم غير هذين فاصبري للذم واعترفي بالرفقة الأصم رفقة ذي شقاشق هلقم " وقال " تزوج العجاج دهناً بنت مسحل من بني مالك بن سعد بن زيد مناة فنافرته إلى إبراهيم بن عربي والي اليمامة وزعمت أنها بكر وأنه معها على فراشها امرأة لا تصل إلى النساء فقال إبراهيم لعلك تعازين الشيخ وتمنعينه فقالت والله إني لأقيم له صلبي وأرخي له بادي فقال العجاج والله إني لآخذها العقيلا الشغزبيه فقال إبراهيم الشغزبية التي أهلكتك انطلقا فقد أجلته سنة فقال العجاج:
قد زعمت دهناً وظن مسحل

أن الأمير بالقضاء يعجل
عن كسلالى لي والحصان يكسل
عن الضراب وهو طرف هيكل

فقالت الدهنا:
أقسم لا يمسكني بضم
ولا بتقبيل ولا بشم
ولا بغز يسلي غمي
يطير منه فتحي في كمي

فندم العجاج فقال:
إن تكن الدهنا غدت في دارها
عامدة لفلج أستارها
فلم أكن مللت من جوارها
كان ضوء الشمس في حفارها
وعجز يرتج في اسمرارها

فقالت الدهنا:
والله لولا كرمي وخيري
وخشيتي عقوبة الأمير
ورهبة الجلواذ والترتور
لجلت عن شيخ بني البعير
جول قلوص صعبة عسير
تضرب حنوي قتب مأسور

فمكث سنة ثم جاء بهن ضعيف وقال:
وفالق الحب والنوى
لقد مددنا يدنا تحت الكرى
تحت رواق الليل والله يرى
لم أرَ كالله شهيداً يدرى

" وأنشدني " عبد الله بن شبيب قال قال مصعب الزبيري قالت امرأة توصي ابنتها:
لا تنكحي شيخاً إذا بال ضرط
أملاً اني تحت حصية شمط
رخو الدلاة عاجزاً إذا افترط
والتمسي أمرد يستاف الغلط
لمثله تتخذ الخود النقط
إذا تدانى ساعة ثم أمعط
يجبذ جبذ البعير نفسه إذا انحط

قال فرد عليها الزوج:
يا رب شيخٍ بفوديه الشمط
محتلج المتنين محبوك الوسط
يحمل جرداناً كمحراش الخبط
إذا استدر عرقه ثم امعط
بفيشلة فيعا كالرأس العطط
لو زاحمت ركن جدار لسقط
إذا رآها الأمرد البرك ضرط
أو صادفت جارية ذات نقط
ظلت تفرى جلدها من الفرط
ولم تسمع حفظ رحلها من الفلط

وقال امرأة تزوجت غلاماً غراً فقالت:
ويلك يا سلمى رأيت بعلي
شنظيرة انكحنيه أهلي
غشمشماً يحسب رأسي رجلي
لم يدر نيك النساء قبلي

" قالت جارية " من الأعراب في زوجها وزوج أختها:
أسيود مثل القرد لا خير عنده
وآخر مثل الهر لا حبذاهما
يشينان وجه الأرض إن يمشيا بها
وتخرى إذا ما قيل من فاهما

" يقول الشارح " وقد ورد في الأصل بعد الخبر السابق خمسة أبيات لامرأتين يذما زوجيهما وقد سبق ورودها قبل ذلك فأغفلناها الآن تفادياً من التكرار " ولبعض " المحدثات تذم زوجها:
يا من يلذذ نفسه بعذابي
ويرى مقارنتي أشد عذاب
مهما يلاقي الصابرون فإنهم
يؤتون أجرهم بغير حساب
لو كنت من أهل الوفاء وفيت لي
إن الوفا حلى أولي الألباب
ما زلت في استعطاف قلبك بالهوى
كالمرتجي مطراً بغير سحاب
يا رحمتي لي في يديك ورحمتي
لي منك يا شيناً من الأصحاب
يا ليتني من قبل ملكك عصمتي
أمسيت ملكاً في يد الأعراب
هل لي إليك إساءة جازيتها
إلا لباسي حلة الآداب

.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى