أحمد إبن سليمان - كتاب رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه

أحمد إبن سليمان
كتاب رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه

أوله الحمد لله الذى خلق الأشياء بقدرته إلخ..
ترجمة المولى أحمد بن سليمان الشهير بإبن كمال باشا المتوفى فى سنه 940 بإشارة السلطان سليم خان ذكر كُتباً كثيره بهذا المعنى وقال جمعتُه منها ولم أقصد به إعانه المتمتع الذى يرتكب المعاصي بل قصْدتُ إعانة من قَصُرتْ شهوته عن بلوغ نيته في الحلال الذي هو سبب لعمارة الدنيا ولما كَمُلَ قَسٌمْتُهُ قِسمَيٌن قِسم يشتمل على ثلاثين بابا تتعلق بأسرار الرجال وما يقويها على الباه من الأدوية والأغذية والثاني يشتمل على ثلاثين باباً تتعلق بأسرار النساء وما يناسبها من الزينه...... إنتهى.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذى خلق الأشياء بقدرته وأتقنها بلطيف صنعته ودبرها بحكمته، أحمده على نعمته وأصلى على محمد خير خليفته وعلى آله وصحبه وعترته قال المؤلف لهذا الكتاب إنني لما رأيت الشهوات كلها منوطة بأسماء الباه وداعيه إلى الجماع ورأيت أهل الأقدار وأرباب الأموال ورؤساء أهل كل بلد فى عصرنا هذا وما تقدمه من عصور أزمان هممهم مصروفه إلى معاشرة النسوان وأحوالهم متفرقة فى بيوت القيان، ولم أر أحداً منهم يخلو من عشق المغنيه واستهتار بجاريه وغرام بفاحشة عملت أن معرفتهم بما انصرفت إليه شهواتهم وتتبعته نفوسهم مما يجعل نفعه وتعظم فائدته فدعاني ذلك إلى تأليف هذا الكتاب ولم أر أن أجعل كتابي هذا مقصوراً على أدوية الباه فقط وقد جمعته من الكتب المصنفة في الباه وغيره ككتاب الباه للنحلي وكتاب العرس والعرائس للجاحظ وكتاب القيان لأبن حاجب النعمان وكتاب الإيضاح فى أسرار النكاح وكتاب جامع اللذة لإبن السمسمانى وكتاب برجان وجناحب وكتاب المناكحه والمفاتحة في أصناف الجماع وآلاته لعز الدين المسيحي فألفت وجمعت منها هذا الكتاب ولم أقصد بتأليفه كثرة الفساد ولاطلب الإثم ولا إعانة المتمتع الذى يرتكب المعاصي ويستحل ماحرم الله تعالى بل قصدت به إعانة من قصرت شهوته عن بلوغ أمنيته فى الحلال الذى هو سبب لعمارة الكون بكثرة النسل لقوله عليه الصلاة والسلام (تناكحوا تناسلوا فإنى أباهى بكم الأمم يوم القيامة *) ولما كمل تأليفه قسمته وجعلته جزأين جزأ يشتمل على ثلاثين باباً تتعلق بأسرار الرجال وما يقويها على الباه من الأدوية والأغذية والمعاجين والخواص وما أشبه ذلك مما يقف عليه من طالع هذا الكتاب والجزء الثانى يشتمل على ثلاثين باباً تتعلق بأسرار النساء وما يناسبهن من الزينه والخضابات وما يخصب البدن وما يسمنه وما يطول الشعر ويسوده وما الذي يستجلبن به مودات الرجال والحكايات التي نقلت عنهن في أمر الباه مما يحرك شهوة السامع لها وما قيل فيهن من زيادة الشهوة وقلتها وما نقل عنهن من ورقة الألفاظ عند الجماع مما يزيد في اللذة ويقوى الشهوة، ولما كمل تأليفه وتبويبه (سميته بكتاب رجوع الشيخ إلى صباه في القوه على الباه) وهذه ترجمه الأبواب.
والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

{الباب الأول} من الجزء الأول في ذكر مزاج الإحليل وما يتعلق بذلك الأمر.

{الباب الثاني} في ذكر مزاج الاثنين وما يتعلق بذلك من أمر الباه، {الباب الثالث} في ذكر الضرر الذي يحصل من الإسراف في استعمال الباه، {الباب الرابع} في تلاحق الضرر الحادث عن الإفراط في الباه، {الباب الخامس} فيما يجب أن يستعمل بعد الجماع وتدارك خطاً من غلب عليه البرد، {الباب السادس} في ذكر منافع الباه وما الذي نقل عن الحكماء في ذلك، {الباب السابع} في الأوقات آلتي يستحب فيها الجماع ومدد النكاح ورداءة أشكاله {الباب الثامن} في مقدمة يلزم معرفتها لمن أراد تركيب أدوية الباه،{الباب التاسع} في معرفة الأدوية المفردة الزائدة في الباه {الباب العاشر} في ذكر الأدوية المركبة الزائدة في الباه {الباب الحادي عشر} في معرفة الأذهان الزائدة في الباه، {الباب الثاني عشر} في المسوحات الزائدة في الباه، {الباب الثالث عشر} في الضمانات والأدوية والأطلية الزائدة في الباه، {الباب الرابع عشر} في تركيب الجوارشات الزائدة في الباه {الباه الخامس عشر} في المربيات الزائدة في الباه، {الباب السادس عشر} في السفوفات الزائدة في الباه، {الباب السابع عشر} في تركيب الحقن الزائد في الباه {الباب الثامن عشر} في الحمولات والفتائل الزائدة في الباه، {الباب العشرون} في تركيب اللبانات الزائدة في الباه، {الباب الحادي والعشرون} في المشمومات الزائدة في الباه {الباب الثاني والعشرون} في الأغذية الزائدة في الباه {الباب الثالث والعشرون} في ذكر الأشياء المنقصة لشهوة الباه {الباب الرابع والعشرون} في ذكر ما يطول الذكر ويغلظه ويزيد فيه، {الباب الخامس والعشرون} في ذكر الأدوية الملذذة للجماع {الباب السادس والعشرون} في ذكر الأشياء المعينة على الحبل {الباب الثامن والعشرون} في ذكر الخواص الزائدة في الباه {الباب التاسع والعشرون} في ذكر الخواتم والطلاسم والأسماء المختصة بالباه {الباب الثلاثون} في تقاسيم أغراض الناس ومحبتهم وعشقهم.

{قال المؤلف رحمه الله} لما خلق الله تعالى جل جلاله اللذات وقرنها بالشهوات جعل أفضلها المناكح التي يتم بها النش ويكثر بها النسل وكان من تفضيله لذلك أنه ذكره في كتابه العزيز فقال "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين " وكان أحق الناس بإحراز علم الباه والازدياد منه والاحتياط عليه الملوك والطبقة التي تقرب منهم من خواصهم وإتباعهم لما يعاينونه من أمر النساء ولكثرة ما يجدونه منهن وليكملوا بذلك سياسة ما ظهر وليتميزوا عن العوام بحسن الترتيب ومخالفة الصنيع وقد وصفنا لهم في هذا الكتاب من علوم الفلاسفة وتجارب الحكماء وأقوال المتمتعين بالباه وحكاياتهم وما وصفه أصحاب علوم الباه في كتبهم من خفي الطبائع وعجيب المركبات وغامض الأشياء التي يستغني بها من نظر فيها عن غيرها وذكرنا من الحكايات الباهية وأخبار القيان وما يهيج جماع من يريد الجماع وينبه شهوته ويعينه على لذته وذكرنا من آداب النساء والرجال وما يلزم كل أحد منهم عند المباشرة وذكرنا شهوات والنساء والرجال وتقاسيمها وأنواعها وذكرنا أبواب الجماع وصفاته والاستلقاء والاضطجاع والقيام والقعود وصفات الجماع الذي لا تحبل منه المرأة والجماع الذي تحبل منه وصفة الرسل والسفارة والمحادثة والقبل وغير ذلك والله الموفق.

{الباب الأول في ذكر مزاج الإحليل}

اعلم أن الإحليل مركب من أعصاب تشبه الرباطات ومن عروق وهذه الرباطات ثابتة من عظم على أوردة مجوفة لتمتلئ من البخار عند الحاجة ومع أصل الإحليل غده تولد منياً منشأ غير المنى المتولد في الاثنين ومنفعته أن ينصب في الذكر قليلاً في ثقب الذكر ليدفع حدة البول وحركته إذا مر بالذكر وهو بمنزلة الدهن الذي يدهن به العضو لئلا تسرع إليه آفة من الأشياء الحارة الحريفة ولذلك إذا أكثر الإنسان الجماع أصابه حرقه في البول لأن هذا المنى يفنى وللإحليل منفعتان (أحدهما) إخراج الفضول المائية التي في الكبد والعروق والكليتين (والثانية) إبلاغه المنى ألي الرحم في طوله واستدارته وذلك أن الاثنين لهما طرق من الكبد وطرق من الدماغ وطرق من القلب ويصير إليهما من الكبد دم كثير ليجتمع فيهما قوة الغذاء الذي يكون به النمو ولتكون الثمرة مثل الولد ومن القلب القوه الحيوانية لقبول الحس الحركة اللذين بهما الحياة ومن الدماغ قوة الحس و الحركة فإذا صار إليهما من الكبد دم أحالته إلى لونها وطبعها فصار أبيض وتغذى بمشاكلها وما كان غير مشاكل لها صار منياً فإذا اشتد حميه لذع موضعه منها فحميت وجذبت العروق المتصل بها من الكبد دم كثير ومن القلب هواء كثير فيرتفع الذكر بهذا البخار ويصلب وينتصب ويشتاق إلى الولوج في الفروج وإلى الحركة لينتقص عنه ما فيه من الفضلة التي تلدغه بالحك والحرارة و الحركة تشعل الحرارة ويحمى جميع البدن لذلك فإذا تحركت أعضاء الإنسان يهتاج جميع الرطوبة التي في الجسد فيجذب الرطوبة الجوهرية من جميع الأعضاء المتشابهة الأجزاء أعنى العظام والعصب واللحم والشحم والعروق وما سوى ذلك فإذا اجتمع المنى في الدماغ نزل في العروق التي خلف الإذنين وإن انقطعت هذه العروق انقطع ماء صاحبها ثم ينزل المنى في مخ عظم الظهر في هذه الطريق فإذا وصل إلى مخ عظم الظهر نزل إلى الكليتين ثم يصير إلى الاثنين فعند ذلك يخرج من القضيب وليس يجرى من مجرى البول لكن له مجرى آخر غير مجرى البول فتتحلل بذلك تلك الفضلة البخارية فيجد عند ذلك التحليل شديدة وراحة عظيمة لآن البدن كله في تلك الحالة يحمى ويلتهب ويمتلئ بخاراً رطباً فإذا انفض هذه الفضلة يكون في الآخر مثل فضلة الحيوان فاللذة مشيده للحيوان ذلك تقدير العزيز العليم فأما الأعراض التي تعرض للإنسان ثلاثة (أحدها) مرض الأعضاء المتشابهة وهو فساد المزاج (الثاني) مرض الأعضاء الآلية التي هي 3 الودع والسدة (والثالث) تفرق الاتصال الذي هو الشق والقطع في عرض للدماغ أو القلب أو الكبد أو الكليتين فساد مزاج يلحق الإحليل ضرر ذلك لآن له من كل واحد من هذه طرقاً تنبعث فيه قوة من قوى هذه الأعضاء وذلك أنه إذا امتنع العصب الذي يؤدى إليه الحس و الحركة من الدماغ امتنع الإحليل عن فعله وربما كانت القوى سليمة ويعرض فساد وكذلك إذا امتنعت القوة التي تصل له من القلب وتؤدى إليه الحرارة الغريزية لم يسخن الإحليل ولم يتحرك ولم يصلب وكذلك إذا لم يصل إليه من العروق والكبد والآليتين من الدم ما يغذيه نقصت عند ذلك شهوة الإحليل وأمتنع عن فعله وربما كانت القوى سليمة ويعرض فساد المزاج في مزاج الإحليل فيضر بفعله وقد يعرض الإحليل علة يقال لها برياشيموس وهو امتداد الإحليل وانتفاخه وارتفاعه وصلابته في غير وقته ومن غير إرادة الإنسان وسبب ذلك بخار غليظ رطب يتولد في جوف عروق الإحليل غير البخار الذي يصل إليه قبل الحرارة الغريزية التي تجرى من القلب فأما الأمراض والأعراض الآلية ومرض تفرق الاتصال الذي هو 3الأوذم والسداد والشق والقطع إذا عرض الإحليل فذلك ظاهر للحس فأما علاج ما ذكرناه متى فسد فعل الإحليل فينظران كل ذلك من قبل الدماغ أو من فقار الظهر عولج الدماغ وفقار الظهر وأن كان سببه فساد مزاج حدث بالقلب عولج القلب وما يرد الحار الغريزي إلى حالة فإن كان ذلك من قبل الكبد أو المعدة عولج الكبد أو المعدة لآن الكبد تضعف لسوء مزاج المعدة فتعالج كل ما كان من فساد المزاج مفرداً بخلافه فما كان حاراً فبالبارد وما كان رطباً فباليابس وأما فساد المزاج الذي يعرض في نفس الإحليل فيعالج إن كان بارداً باستعمال المروخ بالأدهان المسخنة مثل دهن الرازقي والبان والقط ودهن الشب ودهن الناردين ويكون غذاؤه ما كان سانحاً مثل الشوايا والقلايا بتوابل (من الأدوية) جوارش العنبر وجوارش المسك والشقاقل المربى والجزر المربى وما أشبه ذلك ويعالج ما كان من فساد المزاج الحار بأن يمرغ الإحليل بدهن البنفسج والورد ويشرب لبن البقر أو لبن إناث أو الطباشير أو البزر قطوناً بماء بارد ويطعم السفرجل المربى والأملج المربى وما أشبه ذلك ويعالج ما عرض من فساد المزاج اليابس بالعمل في الحمام والمروخ بالدهن وما عرض فيه من سوء المزاج الرطب بالحمية والصوم ويتجنب كثرة الطعام ويعالج ما كان من فساد المزاج الحار المؤلف مع الفضل بالخيارشنبر وأيارج فيقرا وبماء الجبن وأيارح فيقرا وبالكنجبين الذي يلين البطن ويعالج ما كان من فساد المزاج البارد المركب مع الفضل بالحبوب آلتي تسخن وتخرج الفضل مثل حب الكبينج وما أشبهه ويعالج ما ذكرنا من امتداد الذكر وانتفاخه من غير حركة الجماع وغير إرادة منه بل من ريح يتولد من رطوبات غليظة لزجه وحرارة يسيره بالأشياء التي تبرد برفق وذلك متصل الشمع ودهن الورد يضرب بالماء البارد أو بالشمع ودهن البابونج ويوضع على المذاكير وعلى الصلب وتكون الأشياء التي يعالج بها لطيفه من غير أن تسخن سخونة بينه ويطعم النيلوقر ويكشت ويخلط مع طعامه وبطعم في آخر العلة مذاب والله الشافي لعباده وهو على كل شيء قدير.

{الباب الثاني في ذكر مزاج الأنثيين}

قد قلنا فيما تقدم أن الأنثيين مولدات للمنى وأنهما يطبخان الدم ويجعلانه منياً وأن المنى يقوم مقام العنصر تكون الجنين وذلك ظاهر لأنا لم نر أنثى من الإناث قط خرج منها المنى حبات لكون تكون الحبل إذا أستمسك فيهن المنى والمرأة تحس بحركة الرحم كأنها تدب وتجتمع قليلاً وتنضم إذا أستمسك فيها المنى وربما أحس الرجل في بعض الأوقات كأن الرحم تجتذب الذكر إلى داخل كاجتذاب الحجمة ومتى شرح حيوان حامل ترى الرحم منقبضة منضمة وذكر أفلاطون أن الرحم كأنها حيوان مشتاق إلى التوليد فلذلك تجتذب المنى إليها وتحتوى عليه ومتى كانت المرأة قريبه العهد بانقطاع استفراغ الطمث فإن الرحم عند ذلك تعلق المنى حتى يتم الحمل والمنى الذي يمكن أن يكون منه الولد هو إذا كان غليظاً لزجاً جداً حتى يحتمل التمدد الذي تمدده الرجم من جميع جهاته فأما إذا كان رقيقاً غير لزج ضعيفاً فإنه ينحل ومنى الأنثى أرق وأبرد من منى الذكر لكن المنيان يتمازجان فيكون منهما مانى تام فمنى الأنثى ملائم لمنى الذكر وأما مزاج الأنثيين فالدليل على حرارة الأنثيين شدة الشبق ويكون صاحبه منجباً وأكثر أولاده ذكوراً ويكون كثير الشعر فيما يلي العانة غليظة ويسرع نباته والدليل على برد مزاج الأنثيين قلة الشعر على العانة ورقته وإبطاء نباته وقلة رغبته في الباه ويكون أكثر أولاده إناثاً والدليل على رطوبة الأنثيين كثرة المنى ورقته والدليل على يبسهما قلة المنى وغلظه ومتى اجتمعت في الأنثيين حرارة مع اليبس كان المنى غليظاً جداً فكان صاحبها نحباً جداً كثير الشبق وكان احتلامه سريعاً فإن اجتمعت مع الحرارة رطوبة كثيرة كان الشعر كثيراً ويكون المنى أكثر وأغرز وتكون شهوة صاحب هذا المزاج مثل شهوة صاحب المزاج الحار اليابس ويكون المزاج اليابس ضرر لصاحبه أقل وصاحب هذا المزاج ربما أضربه الامتناع منه فإن أجتمع في الأنثيين برد مع رطوبة كان الشعر في العانة يسير أبطئ النبات ويكون قليل الشبق ويكون إدراكه بطيئاً ويكون رقيق المنى مائياً وصاحبه غير منجب وأكثر أولاده الإناث فإن أجتمع برد مع يبس كان قليل منه قليل الشبق بطئ الإدراك ويكون منيه قليلاً غليظاً فهذه دلائل مزاج يخرج عن الحرارة المعتدلة أما باليبس أو البرد أو الرطوبة فإنه ينقص عن قوة الباه وأما دليل مزاج الأنثيين الحادث والسبب الذي عنه حدث الضعف عن الباه وحالته في كثرته وقلته وغلظته ورقته فإنما يعرف بما آن ذاكرة وذلك أن الرجل إذا كان عهده بنفسه قوياً على الباه ثم ضعف عنه نظر فإن كان ذلك من قبل أنه طعن في السن أو ألح على الجماع أو جفاه مده طويلة فينبغي أن يتفقد المنى فإن كان أقل فالسبب في ذلك قلة المنى وإن كان المنى على المقدار الذي كان عليه فالسبب في ذلك أن حرارته قلت وذلك أن كان أغلظ فالسبب في ذلك اليبس وإن كان أرق فالسبب في ذلك الرطوبة فيعالج كل صنف من هذه الأصناف بضده من الأطعمة والأشربة فالأدوية فقد تبين أن نقصان القوة على الباه إذا لم يكن عن مزاج مفرطاً ظاهر فإما أن يكون من قلة المنى وأما من قلة الحرارة فيه وإما الأشياء المقوية على الباه فهي صنفان أحدهما الأشياء التي تزيد في مقدار المنى ويحتاج إليها إذا انقص المنى والثاني الأشياء التي تسخن المنى وتدره ويحتاج إليها إذا كانت حرارته ضعيفه فيحتاج إلى ما يدره ويبرزه عن مقر أوعيته إلى ما يلي ظاهر البدن فقد تبين أن الأشياء التي تقطع وتمنع من الباه صنفان أحدهما الشيء الذي ينقص المنى وثانيهما الذي يبرده ويجمده وقد يكون النقصان في الباه لضعف الآلة واسترخاء القضيب وضعف الآلة إما أن يكون مولود أو حادثاً من جنس الفالج يحدث في القضيب وهو الذي يقال له عنين وربما كان ذلك الاسترخاء لقلة موافاته لنفسه مثل الذي لا يستحسنه بل يستقبحه لأن النفس تميل إلى ما تستحسنه وتهواه.

{الباب الثالث في ذكر الضرر الذي يحصل من الإسراف في الباه}

من الناس من تغلبهم شهوة الباه فيسرفون في استعماله وذلك مما يضرهم في بعض الأحوال ضرراً إلى الغاية ولاسيما من أهمل التدبير قبله وبعده وفى بعض الأحوال ضرراً دون ذلك وقد ينتفع به البدن فرأيت أن أذكر مضاره لئلا يلزم عليه من تغلبه الشهوة فيحصل له ما يضر ونذكر له التدبير الذي ينبغي عليه أن يستعمل قبله وبعده والأحوال والأوقات التي يستحب أن يكون فيها أو يكره ليكمل به الانتفاع فنقول أن الإلحاح على الجماع يطفئ الحرارة الغريزية فتضعف لذلك الأعضاء الطبيعية وتقوى العوارض الخارجة عن الطبيعة فتسقط القوة لذلك فيقل نشاط البدن وتقل حركاته وتضعف المعدة والكبد بسوء الهضم فيها وفى جميع البدن فيفسد الدم وتلين العروق وهو أيضاً يضعف البصر ويرق الشعر الأصيل ويضعفه حتى أنه يورث الصلع ويجفف الدم ويضر بالعصب ويورث الرعشة وضعف الحركات الإرادية ويضر بالصدر والرئة ويرق الكلى ويهزلها فيضعف لذلك أكثر فاعليها فمن كان تحت شراسيفة بالطبع نفخ أعيد ذلك في بطنه وخاصرته فلذلك ينبغي أن يتوفاه ومن يكون به حدوث القولنج الكائن من الريح بالأخلاط الباردة وكان به وجع الورك والمفاصل هاجه عليه وأولجه فيه وخاصة إذا كان ذلك منه على امتلاء البطن والعروق أو حركة أو تعب شديد وأبلغ المكايد وأشدها وأشرها بأصحاب الأمزجة اليابسة والأبدان النحيفة فإنه يسرع بهم إلى الذبول وخاصة الذين عروقهم مع ذلك ضيقه ودماؤهم قليله فأما الأبدان العباه الرطبة الضيقة العروق القليلة الدم كأبدان ذوى الأمزجة الباردة فهي أبعد عن الذبول والجفوف كثيراً وأما الأجسام الساخنة ذوات العروق اليابسة الواسعة الممتلئة والدماء الكثيرة فهي أجل الأبدان في الإكثار من الباه اليابسة وأقلها تأذياً وكثير منهم يضرهم الإمساك عن الجماع مضره بينه وذلك أنه يحدث ضروباً من الأعراض الرديئة كالسدد والدوار وثقل الرأس وقلة الشهوة والأعباء والتمدد وربما ورم القضيب والأنثيان ولكن أزيد في الشرح والتطويل والتفصيل فأقول أن الأبدان النحيفة بدنان أحدهما الأبيض اللون الذي يلي الزهر لين الجلد مائلاً إلى الداكنة أو ألخضره أو الرصاصية فالمنى منهم قليل غليظ وشهوتهم للباه إلى القلة ما هو وهذه هي الأبدان التي أمزجتها باردة يابسة وأعظم ضرر على هذه الأبدان الجماع والثاني البدن الذي يميل إلى الحمرة والسواد الواسع العروق الكثير الدم الغليظ الأعصاب والأوتار والمنى من هؤلاء قليل غليظ وشهوتهم للباه كثيرة وإنعاظهم سريع مع قلة منيهم وهم أصحاب الأمزجة الحارة اليابسة والشعر على أبدانهم متكاثف وجلودهم صلبه خشنه وضرر الجماع لهؤلاء بقدر سعة عروقهم وكثرة دمائهم ولحومهم وأبدان هؤلاء لا يخالطها من الشحم الآشى نزر لطيف وهى صلبه غليظة والأبدان العبلة بدنان أحدهما الأبيض السمين اللين الجلد واللحم الخفي المفاصل الدقيق العروق وفى لونه عاجنته والمنى منه رقيق وكثير وشهوتهم للباه قليله لأن الشحم ف كل حيوان يقل الشهوة من الباه إلا أنه لا يضرهم ضرر ذوو الأمزجة اليابسة لكن على نحو ما حددناه من قبل وبين قولنا الشحيم واللحيم فرق عظيم وذلك أن الشحيم هو الذي ترى جثته عظيمه من كثرة الشحم كالنساء العظيمات الشحم واللحيم هو الذي عبالته من اللحم الصحيح المنعقد والدم في هؤلاء أكثر منه ذوى الاختلاط اللينة والثاني البدن المشرب بحمرة وبياض الذي يكون أزهر الخصيب اللحم الصحيح الواسع العروق الكثيرة الظاهرة الدم وهو لأصحاب الأمزجة الحارة الرطبة والمنى منهم غزير معتدل الرقة والغلظة والشعر على أبدانهم كثير خصوصاً في أسفل البدن مما يلي العانة والفخذين وذلك يدل على حرارة مزاج الأنثيين ورطوبتها واشتياق هؤلاء إلى الباه كثير مما يلي العانة والفخذين وذلك يدل على حرارة مزاج الأنثيين ورطوبتها واشتياق هؤلاء إلى الباه كثير وقوتهم عليه شديدة وضرره لهم يسيروهم الذين يتأذون بترك الجماع ألبته فعلى هذا يختلف ضرر الإسراف في الباه بالناس على نحو أمزجتهم وسجياتهم وبحبها ينبغي أن لا يقدم عليه ويتوقف عنهما المشايخ وذو الأبدان النحيفة والذين يفرطون في الجماع لا لتلذذهم به واسترخائهم عقبه فينبغي لهم أن يحذروه حذر العدو المهلك لأنه يشيخ ويهرم ويسرع بهم إلى الهرم فأما الأبدان الضعيفة العصب والتي يعتادها وجع المفاصل فإنه يزيد في أمراضهم فينبغي أن يجتنبوه ويحذروه فإن غلبتهم الشهوة فليستدركوا بما نحن واضعوه في الباب الذي يلي الباب الآتي وبالجملة فالإفراط في الباه يخلق البدن ويضر بالعينين والأعصاب وينقص شهوة الغذاء ويجفف البدن ويطفئ الحرارة الغريزية لأنه يستفرغ من جوهر الغذاء فيضعف مالا يضعف غيره من الاستفراغات ويستفرغ من جوهر الروح شيئاً كثيراً وأكثر الناس به تلذذ أوقعهم في الضعف وأولى الناس باجتناب الجماع من يصيبه بعده رعده برد وضيق نفس خفي وخفقات وغور عين وذهاب شهوة الطعام ومن صدره ضعيف عليل فإن ترك الجماع أوفق له ومن مضار الجماع أنه يضعف المعدة وقال أرسطو المدمن من الباه يضعف عينيه وخاصرته أما خاصرته فالضعف كله وأما عيناه فلكثرة ما يجف بدنه وقال كثرة الجماع تجحظ العينين وترفع الناظر كما يدرك الإنسان عند الموت لأن الجماع والموت يجففان الدماغ ولا ينبغي أن يجامع إلا عند الشبق لأنه حينئذ يخرج الضار من البدن وإذا لم يكن شبق فإنه يخرج الشيء النافع كما أن من الغثيان به لا يحتاج إلى أن يتقيأ وأن تقيأ فإنه يخرج من البدن ما تركه أصلح وخروج المنى والبدن فارغ أسهل وأسرع منه والبدن ممتلئ ومن أسرف على نفسه في الباه فليتدثر وليتسخن وينم لترجع قوته والجماع يتعب الصدر والرئة والرأس والعصب وهو في الخريف قالوا أنه ضار مهلك قال الرازي جربت فوجدت الباه ينقص من شعر الحاجبين والرأس وأشفار العينين ويكثر شعر اللحية وسائر البدن وينثر شعر الأجفان سريعاً.

{الباب الرابع في تلاحق الضرر الحادث عن الإفراط في الجماع قبل أن يعظم ويشتد}

يحتاج من أكثر من الجماع أن يقل من خروج الدم والتعب والتعريق في الحمام وغيره ويميل بتدبيره إلى ما يسخن ويرطب ويرفه ويقوى بدنه لأن الجماع ينزف الدم ويجففه ويضعفه ويخلخله فينبغي أن يزيد في الغذاء والشراب عند النوم والدعة والطيب والادّهان والاكتحال ويتدرج على الإكثار من الخبز السميد ولحوم الحملان والشراب الأحمر الذي له حلاوة وغلظ معتدل وليطيب طبيخه بالزنجبيل والدار صيني والدار فلفل ولا يشرب حامضاً ولا مالحا عفصاً وليزد في الاستحمام بالماء العذب المعتدل في السخونة ولا يعرق ويتنقل باللوز والسكر ويرتاض رياضه معتدلة ويتدرج إلى أن يستحم بعد الطعام ويزيد في نومه وفى وطائه ويمرخ بدهن الخيري أو دهن البان ونحوهما ويأكل المربيات المعتدلة كالشقاقل والجوز والأترج والحبة الخضراء ويأكل الأخبصه الرطبة كاللوزينج والقطائف والزلابية والعسل والسكر ويشم التمام والمرزنجوش وما أشبههما من تنشق بعض الأدهان فإن تأذى بالشم وضع منها على نافوخه أيضاً واستعطبها فإن هو مال إلى بعض الأغذية اللطيفة كلحوم الطير والجداء استدرك ما فاته من الرطوبة بالصبغة التي يصبغ بها وأن هو مال إلى التي هي أبرد كالسمك والبقول استدرك جميع ما فاته بالأصباغ التي تؤكل قبله واحده والأشربة التي تشرب عليه ولينظر إلى الأعراض التي تحدث به عن الإكثار من الباه أكثر وأعظم وأشد من برد البدن أو من يبسه أو من سقوط القوة أو من هيجان الحرارة الغريزية فيجعل أكثر قصده مقاومة ذلك العرض أما سقوط القوة عقبه فيتدارك بالأغذية الشريفة كماء اللحم الطيب بالشراب الريحاني ونبيذ الزبيب بالعسل العتيق والأبارج الطيبة واللطوخات واللخالخ بالماء البارد وهذا إنما يحدث عن الإكثار من الباه في الندرة وفى الأبدان الضعيفة كأبدان الناقهين والمسلولين وفى الأبدان التي يعرض فيها التحلل جداً كالمحمومين وفى الأبدان التي يفرط عليها الالتذاذ بالجماع كالعشاق والبعيدي العهد بالباه فينفع هؤلاء الاغتسال بالماء البارد جداً أن احتمل الزمان أو السخن وإما ذبول وسقوطها فينبغي أن يتدثر وينام قليلاً ثم يعمد إلى الغذاء القليل الكميه الكثير الغذاء كالبيض النيمبرشيت والخبز السميد والكباب ومتاء اللحم والقليل من الشراب ثم يتطيب وينام نوماً كثيراً فإن ذلك يعيد قوته إلى حالها وهذا النوع من سقوط الشهوة يحدث على الباه أكثر من النوع الآخر ويحدث كثيراً للمجامعين على الجوع والتعب وأما هيجان الحرارة الغريزية فيعلم أنها سريعة السكون وتولد البرد سريعاً حتى يكون البدن عقب سكونها أبرد مما كان قبل هيجانها اللهم إلا أن يكون البدن مشتعلاً بأخلاط فيه عتيقة قريبه من الالتهاب فإن الإفراط في الجماع جيد لاستعمال هذه الحرارة يقوم مقام السبب البادي للحركة والقصد من هذه الحالة والحالة الأولى أن يتقدم هذه الحرارة نافض ومتى رأيت البدن يعتريه عقب الجماع نافض فاحش فاستفرغه بالأغذية المسهلة للمرار الأصفر ثم عد إلى ترطيب بدنه بالتبريد حتى إذا سكن ذلك أجمع فأعده إلى تدبيره وأما أصحاب الأمزجة الباردة الرطبة فليكن الغاية في تسخينهم أكثر وأغذيتهم تسخن أما بالطبع وأما بالصبغة مما يخلط بها من التوابل وكذلك فليأخذ من المربيات المسخنة كالزنجبيل والفلفل المربى والمعجونات الحارة مثل المثرود تليوس ونحوه ويشرب من الشراب العتيق أو نبيذ العسل وهو أجود وبالجملة فإن هؤلاء يحتاجون إلى الأدوية الحارة المعروفة بأدوية الباه واحتمالهم لها وانتفاعهم بها بقدر حاجتهم وأحفظ لهم من الأمراض الباردة وأما المزاج الحار اليابس فليكن غرضك ترطيبهم وحفظهم قبل أن تشتعل بهم الحرارة الغريزية وذلك يكون بالأغذية الرطبة من البقول والفواكه وألوان الطبيخ والسمك الطري والبيض واللبن الحليب والاغتسال الكثير بالماء الفاتر والبارد والتمريخ بالأدهان المعتدلة وترك التعب والحركات والسهر ألبته والإكثار من شرب الشراب الأبيض الرقيق بالمزاج الكثير ونقيع الزبيب ولا يكون فيه عسل ويكون ما يأخذونه من أدويه الباه الأدوية الكثيرة الترطيب المعتدلة كإحساء النخالة والمتخذ من اللبن والترنجبيز ومانحوه من السمك المكبب والبيض والنيوبرشت ولحوم الرضع وأصباغ معمولة من اللوز والسكر وخبز السميد والتمر السمين المنقوع في اللبن الحليب ويستكثر من أكل العنب فإنه يرطب ترطيباً كثيراً يولد الدم الجيد ويكون ذلك سبباً للإنعاظ ويغزر الماء ويسلك به هذا النحو من التدبير وأما أصحاب الأمزجة الحارة الرطبة فقلما يضرهم الباه كثيراً منهم يضر بهم تركه حتى أنهم يحصل لهم الكآبة وسوء الفهم وسقوط الشهوة ووجع وثقل ودوران في الرأس وورم في أعضاء التناسل فمن حدث به من هؤلاء بعض هذه الأعراض فليستعمل الباه بالاعتدال ومن هؤلاء من يكثر الباه ويصيبهم من تركه هذه الأعراض فإذا هم أكثروا ضعفوا جداً وسقطت قوتهم وغارت أعينهم وأصابهم خفقان الفؤاد وبطلان الشهوة وضعف الاستمرار وأعراض رديئة وإن ضبطوا أنفسهم وأمسكوا عن الباه حدثت بهم الأعراض التي ذكرناها أولا ونالهم في النوم احتلام كثير وهؤلاء هم الذين مزاج أعضائهم مختلف ومزاج التناسل منهم حار رطب كثير يولد المنى في الغاية وأما قلوبهم وأكبادهم وأدمغتهم فضعيفة وهؤلاء ينبغي أن يتعالجوا بالعلاجات المجففة للمنى المقللة له، وأما أصحاب الأمزجة المعتدلة فينبغي أن تحفظ عليهم أمزجتهم بالأشياء المشاكلة من الأكول والمشروب وسائر التدبير الموافق وإذ قد تكلمنا في الأعراض التي تحدث عن الإفراط في الباه بحسب الأمزجة فلنذكر الأعراض الغريبة التي تحدث أحياناً فنقول أنه قد يعرض لبعض الناس رعده بعد الجماع تحدث من جنس الارتعاش لا من جنس الناقض فيسقى لهؤلاء الجوارش المعجون بماء المرزنجوش من نصف درهم إلى درهم بقدر قوة المرض فإن سكن وإلا فاسقهم الحنظل وقثاء الحمار والقنطريون وبرز الأبخرة والأشياء المحركة المنقية للعصب ويمرخ منهم الدماغ بالمسك والعنبر واللبان والطيوب الحارة القابضة ومرخه بدهن القسط ودهن النرجيل ودهن السعد والأبهل والنانخواه، وقد يعرض لبعض الناس بعد الجماع بخار رديء يصعد بمضرته إلى رؤوسهم كاللهب فتفور رؤوسهم وتصدع وتظلم أعينهم فهؤلاء إما أن يكونوا ليشربون الشراب إلا صرفاً فإنههم عن ذلك ومرهم أن يشربوا الشراب ويقو رؤوسهم بخل الخمر والماورد ودهن الورد يضرب بعضها ببعض ويكون الخل قليلاً وإن أفرط هذا العارض بهم فاجعل غذاءهم الحامض كالحصرم والسماق والخل وأكثر فيه من الكسفره فإنه نافع من صعود البخار إلى الرأس وشممهم الكافور وأسعطهم بدهن الورد ودع على رأس المصاب دهن البنفسج ومره أن يدخل الماء الصافي ويفتح عينيه فيه ويكثر النوم والشراب والحمام مدة فأما من عرض له عقبه إعياء شديد فليتدثر وليضطجع على فراش وطئ ولينم قليلاً ثم ليأكل غذاء قليل الكفاية مما يسهل نفوذه ويعاود الدثار والوطاء ولينم نوما طويلاً فإنه يذهب عنه الإعياء ويعود إلى الحالة الطبيعية وأن بقى شئ من ذلك قل أو كثر فليستحم ثم يأكل ويشرب الشراب الصرف.

{الباب الخامس فيما يجب أن يستعمل بعد الجماع}

وذلك أن ضرر الجماع الكثير قد يحدث إذا أسرف فيه مع سوء التدبير لنقصان جوهر الروح الحيواني ويتبع ذلك ضعف القلب والخفقان وظلمة الحواس وسقوط القوه والغشى وجميع أمراض العصب وذلك يحدث على وجهين أحدهما غلبه البرد على مزاج الإنسان لنقصان الحرارة الغريزية وعلامة ذلك صغر النبض وتفاوته وبطؤه وأن يجد الإنسان برداً في الأعضاء والعضل وأطراف الأعصاب وتقلصاً في منشأ العصب وألماً في الرأس والعنق وثقلاً، والثاني تغير المزاج إلى الحرارة وسوء البنية والدق وعلامة ذلك تواتر النبض مع السرعة وأن يجد الإنسان التهابا بعد سكون حركة الجماع وكرباً واستثقالا عقيب الطعام وتدارك خطا من غلب عليه البرد أن يسقى الشراب الريحاني بعد أن يغذى بماء اللحم المدقوق الذي قد طبخ حتى وجد فيه طعم اللحم مضروباً بصفرة البيض مصلحاً بالأفاويه الحارة كالدارصينى والشقاقل والقرنفل ويشم رائحة المسك ويستعمل من دواء المسك المعروف ويكثر من الحمص ممزوجاً بالشراب ويستحم بالماء الحار ويمرخ بدهن البابونج والورد والمصطكا بعد أن يذاب الجميع، وإن كانت المعدة قويه استعمل البصل المشوي والسلجم والجزر إذا شويا ويستعمل النوم والراحة بعد استيفاء الطعام وأما من مال به المزاج إلى نوع الدق فإنه يحتاج إلى استعمال الأشياء المطفئة التي ترد عوض ما تحلل من المنى وذلك مثل القرع الذي أصلح مع البيض واللبن الحلو والكشك المصلح مع الحمص ومخاخ الدجاج والديوك والمك المشوي وهو حار معتدل وحلواء السكر معدله بالخشخاش واللوز المقشور ويشرب فوقه مرق اللحم اللطيف مع ماء التفاح ويستعمل اللوز مع شئ يسير من خولنجان فإن له خاصية في هذا الباب فأما تدارك من ترك الجماع وهجره وكان معتاد له استعمال الجماع فالمبادرة إليه أن اتفق وإلا فليستعمل هذا الدواء المبارك، يؤخذ بزر الفنجنكتث وبزر السذاب مع السكر لمن كان مزاجه بارداً ويستعمل ذلك يوماً على الريق ويلازمه أنواعاً عديده وأما من كتان مزاجه حاراً فبرز البقله الحمقاء وبرز الخشخاش مستحلباً مع شراب الصندل والرمان وأقراص الكافور وإستعمال الأغذية الحامضة والمخللات وجميع الفواكه الحامضه كالرمان والأجاس ومايشاكل ذلك ويشد قطعة أسرب على القطن ويهجر اللحم في أكثر الأغذية وأما تدارك خطأ من إستعمله على الجوع والخلو من الغذاء فيكون تدبيره كثيراً كتدبير من أسرف في الجماع وأن يتغذى بماء اللحم المطبوخ من غير دق ويطبخ معه الحمص ويستعمل الشراب الريحاني وأما تدارك ضرر الجماع على الإمتلاء فإنه يحدث القولنج فينبغي أن ينظران كان الغذاء إلى الرقة والفساد واللين فليصبر عليه حتى ينحدر ويبرز ويشرب بعد ذلك ماء الحمص المطبوخ ممزوجاً بشئ من الشراب فإن كفى وإلا فليستعمل الكندر ويشرب نقيع الحمص والجلاب مع شئ من اليانسون والمصطكا وإن كان الغذاء مماثلاً إلى النفخ والرياح والإنتقال ووجد عنده نخس وألم في بعض الأمعاء ونواحى الأعضاء فليشرب الكمون فإن إعتقل الطبع زاق بخيار شنبر محلولا بماء قد طبخ فيه السبستان والزبيب المنزوع العجم وبرز الخبارى والخطمى وأصل السوس بعد أن يصفى على شئ من الترنجبين ومذاب العسل ونصف درهم تربد وأما تدارك خطا من جامع بعد الفصد فإن يستعمل من اللحم الذي قد جعل معه شئ من دهن الخروع والسذاب وصفار البيض النيمبرشت مع حبه مسك ويطبخ التفاح واللحم بالشراب بعد أن يعرق اللحم بالبصل والحمص ويستعمل أدمغة الديوك بعد أن تسمط بالماء الحار وتعرق الرؤوس بدهن الآس ودهن الورود وشحم البط وأما تدارك ضرر الجماع مع الصداع فهو أن يضمد الرأس بلعاب بزر الكتان مع الجلاب وأما تدارك ضرر الجماع مع الرمد فهو أن يقطر في العين ماء الكسفرة الرطبة مع بياض البيض وينام العليل مستلقياً يبرد الرأس بالصندل ولعاب بزر قطونا وأما تدارك ضررالجماع لمن به وجع المفاصل فينبغي لمن إعتراه ذلك أن يضمد المفاصل المتألمه ببرز قطونا مع الخطمى والماميثا ويشد المفصل المستقل إن كان الألم في العضو العالى إن كان في الأسفل واليمنى لليسرى وإن كان في المفاصل جميعها فليستعمل القئ ويدهن الدماغ بدهن الآس مخلوطاً بدهن بابونج وأما تدارك ضرر الجماع لأصحاب الأمزجة الرطبة فبأن تمرخ أعضاؤهم بدهن القسط والجندبادستر ويستعملو ماء اللحم القوى ممزوجاً بالشراب الصرف القوى ويكثر من الاستحمام وأكل الجوارشات وشحم المسك والعنبر دائماً وأما تدارك ضرر الجماع لصاحب المزاج الحار فهو بإستعمال اللبن الحليب مع العسل اليسير وملازمة الرفاهيه والدعة وأما تدارك ضرر الجماع لصاحب المزاج الرطب فيكون بإستعمال الجوارش الأترجى ومعجون الفلاسفه والتغذى بالقلايا والمطبخات المطجنات والذبول أن يشرب قدحاً من ماء العسل بقليل يومياً فإنه غاية في تقوية البدن بعد الجماع وقال جبريل بن بختيوشع ينبغي لكل من فرغ من الجماع أن يشرب عقيبه قدحاً من ماء العسل فإنه يرد ماء الصلب إلى حالته.

{الباب السادس في ذكر منافع الباه}

قد ذكرنا مضار الباه فلنذكر منافعه وذلك أن قوماً زهمو أنه لاينفع الباه في حال البيته وهذا القول مخالف لما يظهر حسا ويشهد بذلك بقراط وجالينوس فإن جالينوس قال في كتابه المعروف بكتاب الأعضاء الآلية في السادسه أن الشبان الكثيرى المنى منعو أنفسهم الجماع لضرب من الفلسفه وغيرها فبردت أبدانهم وعسرت حركاتهم ووقعت عليهم الكآبة بلا سبب وعرضت لهم الماليخوليا وقلت شهوتهم وفسد هضمهم ورايت رجلاً ترك الجماع وكان قبل ذلك يجامع مجامعه متواترة فنقصت شهوته للطعام وصار أن أكل القليل لم يستقرئه فلزمته أعراض الماليخوليا فلما رجع إلى الجماع سكنت عنه هذهالأعراض في أسرع الأوقات، وقال الرازي من كان يكثر بالجماع ثم تركه فإنه ربما عرض له العلة المعروفة بغمر ياسيموس وهو تورم الذكر وأن يهيج معه وجع شديد وربما حدث معه تشنج وفى كتاب أبزيميا أن الإكثار من الباه إذا كانت القوة معه قويه ينفع من الأمراض المهبليه وقد قيل أن المنى إذا أكثر وتكاثف وسجن يورث خفقان الفؤاد وضيق الصدر والهوس والدوران والوجع المسمى إختناق الرحم إنما يحدث بالدنيا عند فقد الجماع ولاعلاج لمن بلغ منه هذا المبلغ.وقال جالينوس في كتاب الصناعه الصغيره إن الجماع قد ينفع لكثير من الشبان وقال أوريناسبوس أن الجماع يفرغ الإمتلاء ويجفف البدن ويكسوه حلاوة ويجلوالفكر الشديد ويسكن الغضب وكذلك هو نافع من الجنون والماليخوليا وهو علاج قوى من الأمراض العارضه من البلغم ومن الناس من يكثر عليه أكله ويجود هضمه وقال في موضع آخر أن الباه يجلو الفكر الشديد وينقل الرأس إلى الهدوء والسكون ويسكن عشق العشاق وإن كان ذلك منهم في غير من يهوونه وبالجملة فيمتنع أن لايكون فيه منفعه للبدن في طرحه عند ألبته إذا كانت الطبيعه لاتصنع شيئاً باطلاً لآن المنافع التي تكون منه في صحة الأبدان تكون بتمام إعتدال المنى في علاج الأمراض فيكثر مايكون فيه بالإفراط منه مثل تجفيفه الإمتلاء والإعياء السدى وتبريد البدن الذي فيه البخارات الحارة من الرأس ومعلوم أن هذه المنافع إنما تكتسبها منه الإبدان الكثيرة الدم والمنى والحراره والقوه وأما غيرهم فلا وبالجملة فإن ترك استعمال الباه لمن كان كثير المنى وخاصته إن كان شابا يورث ثقلاً في الرأس وهوسا وقلقاً وسخونه في البدن ويكسبه حرارة عرضيه ويزيل الهم والفكر الردئ وينفع من الأعراض البلغميه والسوداويه إحدى النقوص النافعه والذين طبائعهم مفرطه الحر والرطوبه إذا أمسكوا عن الجماع أسرعت إليهم العفونه ومن أكثر من الجماع فليقلل من إخراج الدم وليكن الجماع عند تكاثف المنى وعلامته أن يهيج الإنسان ومن غير نظر إلى شئ يهيجه فإذا حصل هذا فينبغي أن يجامع لئلا يكسبه تكاثف المنى خفقانا في الفؤاد وضيق الصدر والهوس والدوران.

{الباب السابع في الأوقات التي يستحب أو يكره فيها الجماع والنكاح وأحواله ورداءة أشكاله}

ينبغي أن لايجامع على الإمتلاء ون اتفق ذلك لأحد فينبغي أن يتحرك بعد قليل ليستفرغ الطعام من المعدة ولايطفو ثم ينام بعد الجماع ما أمكنه ولايجامع على الخلوه فإنه أضر وأشق على الطبيعه وأفنى للحراره الغريزية وأجلب للذوبان والدق بل يكون عند إنحدار الطعام عن المعدة وإستكمال الهضم الأول والثاني وتوسط الهضم الثالث ومن الناس من يكون له مثل هذا الحال في أوائل الليل فيكون أنفع وذلك أن النوم الطويل عقيبه يريحه ويقتر أيضاً المنى في الرحم فيكون أنجب لحصول الولد ويجب أن يجتنب الجماع بعد التخم وبع الإستفراغات القويه من القئ والإسهال والهيضه والذرب الكائن دفعه وعند حركة البول والغائط والفصد ويجب أن يجتنب في الزمان والبلد الحارين وأجود أوقاته الوقت الذي قد حرر أنته إذا أستعمله فيه بعد مده يهجر الجماع فيها يجد صحه وخفه نفس وذكاء حواس ويتوقا صاحب المزاج اليابس في الازمنه الحارة وصاحب المزاج البارد في الأزمنه الباردة وينبغتى أن يقل منه في الصيف والخريف ويتوفاه ألبته وقت فساد الهواء والوباء والأمراض الوبائيه ويحذر أن يكون قبله قئ أو إسهال أو خروج دم او عرق كثيراً أو ضرب من ضروب الإستفراغ أو صداع مفرط ولايجامع في حتالة السكر فإنه يحدث أوجاع المفاصل والدماميل ونحوها من الأمراض لأنه يملأ الرأس بخارنيا ولايستعمل على الغيظ ولاعقب السهر الطويل والهم لأن الإكثار منه في هذه الأحوال حتى يسقط القوة ولا في حال الفرح المفرط جداً لأنه كثير التحليل من البدن في هذه الأحوال حتى يحدث منه الغنى وبالجملة فليكن في أعدل الأوقات للبدن وأقلها عوارض نفسيه حتى لايحس الإنسان بحراره يجدها خارجه عن الإعتدال ولابرودة فإن دعت الضرورة إليه في بعض هذه الأحوال فليكن البدن سخن أصلح من أن يكون البدن بارداً اللهم إلا أن تكون حرارة مفرطه وأن يكون وهو قابل للغذاء أصلح من أن يكون والبدن خار، وكما أنه لاينبغى أن يكون عقب التعب والرياضه كذلك لاينبغى أن يكون عقب التعب والحمام ولايشرب عقب الإكثار منه شراباً صافياً قوياً إلا أن يكون البدن عقبه يبرد فإذا لم يكن يبرد فلا لأنه يزيدفى تحليل البدن جداً ولاماء بارداً جداً لأنه يرخى الجسد ويهيج الذبول والرعشه ويبرد الكبد حتى أنه يخاف منه الإستسقاء وهذه العوارض تختلف بحسب الأمزجة إختلافا كثيراً فإن الإكثار من الباه عقب الرياضه والتعب والجوع والعطش يذوى الأمزجة الرطبة وأكثر الأمزجة إحتمالاً لاستعمال الباه من كان مزاجه الحرارة والرطوبه لأنهما مادتان للمنى وهذه هي طبيعة الدم وكان واسع العروق وكذلك الذين هم في سلطان الدم من الأحداث أشد شهوه من الجماع وهم عليه أقوى وأضراره بهم اقل إذا أستكثروا منه فاما من طبيعته الحرارة واليبوسه التي هي مزاج المره الصفراء فإنهم يقوون عليه لغلبة الحرارة إلا أن الإكثار منه يضرهم لزيادتة في تجفيف أبدانهم ويؤديهم إلى السل والذبول ولايتهيأ لهم من إدمانهم مايتهيأ لأصحاب الدم اليابس الغالب عليهم وأما طبيعة البرود واليبوسه التي هي مزاج المرة السوداء فإنها لاتصلح لكثرة الباه لآنها ضد مزاج الدم وربما قوى أحدهم على الباه قوة أعضائه والأبخرة الرياضيه التي تكثر في صاحب هذه الطبيعه إلا أنه لايتهيأ له الدوام عليه ولايصلح زرعه للتوليد وأما طبيعة الرطوبة والبرودة هي مزاج البلغم فإنها لاتصلح لكثرة الباه ولايكاد يوجد أصحاب هذا المزاج أقوياء ولاقادرين على إستدامته والإكثار منه بسبب البرودة الغالبه عليهم ورخاوة الأعصاب، فأما المدة التي ينبغي أن يكون النكاح فيها فهي لمن أراد أن يسعمله بإعتدال راتباً على الصحه إذا كثر شبقه وأشتدت شهوته وأحس من ذلك في بدنه بتنميل أو دغدغه فإنه إذا أستعمل في هذا الوقت خف البدن ونشط واعتدال وصح وأما من كان إلى اللذة أميل إلا أنه مع ذلك يحب الثبات على الصحه فليكن في مده لا يجد عقبه ضعفاً ولا ذبولا في النفس ولا تغير أو ليبطئ في إنزاله فإن جاوز ذلك الوقت والقدر فقد ترك الإبقاء على الصحه والحفظ ألبته واضطرب بدنه فليستدرك ما فرط فيه بنقصها كما وصفنا فبما تقدم من قولنا، ومن رداءة أشكال الجماع أن الجماع من قيام يضمر بالورك وعلى جنب ردئ لمن في جنبه عضو ضعيف ومن قعود يعسر معه خروج المنى ويورث وجع الكلا والبطن وربما أكسب ورماً في القضيب وأحد الأشكال إستلقاء المرأه على الفرش الوطيئه وعلو الرجل عليها وأن يكون وركها عالياً ماأمكن فإنه أنجب وألذ لفاعل ذلك.


.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى