خالد السليكي - الجسد في التراث العربي الاحتفاء باللذة والجسد نصوص من التراث العربي

"كنت أمر أمام الماخور وكأنني أمر أمام منزل الحبيبة" كافكا
"قد يكون الآخر هو المرأة قد يكون الآخر هو الآخر" ليفيناس
"وقد يكون الآخرهو الجسد كآخر" مورلوبنتي


- مدخل:

الاحتفاء بالجسد في التراث العربي يقدم لنا التراث العربي إرثا زاخرا من النصوص التي تحتفي بالجسد، من حيث هو آلة للمتعة والشهوة والرغبة الجنسية. فعلى رغم الهيمنة الذكورية التي تسيطر على الوعي الجنساني، فإن ما تحفل به النصوص من بذخ في طقوس الشهوة، وعوالم النساء، والتوصيفات المغرقة في الشهوانية والشبق، يجعل الجسد الإيروسي حاضرا من حيث هو منتج للدلالات الجنسية، وصانع للمتعة بشكل يجعل منه [أي الجسد] قيمة في ذاته، وقيمة استثنائية في علاقته بالجسد الأنثوي. والقارئ للنصوص التراثية، سواء كانت شرعية، فقهية، دينية، أو أدبية، أو شعرية، أوتاريخية، يفاجأ بطبيعة الخطاب اللغوي الموظف. فهي لغة تنم عن إعلاء من قيمة اللذة، ورفعا من قيمة الطقس الذي يوازي الفعل الشهواني. ولهذا فإن الخطاب الشرعي/الديني، الذي غالبا ما يسعي إلى الحط من قيمة الجسد والشهوة، واعتبارهما مؤقتين ومرتبطين بالدنس، سرعان ما يتحول، في العديد من سياقاته، إلي مدافع ومادح للذة. ولعل ما أنتجه الفقهاء من كتب حول »آداب الجماع والمعاشرة« خير دليل على مكانة الشهوة الجنسية في تراثنا. وإننا بعملنا هذا، نسعى إلي فتح نافذة على تراثنا المتنوع، والمبدع، والثر.

وهو التراث الذي يشهد على »حرية« في الإبداع، والتعدد؛ كما أنه تراث يكشف عن درجة التضييق، والتسلط، والتهميش الذي عانى، ومايزال يعاني منه، أمام هيمنة وعي مُحكم الإغلاق، غارق في التناقض، فيقصي، ويتنكر، وينتقي. يُقدس القديم لمجرد قدامته، ويقصي، ويحرم، ويكفر الحديث لمجرد حداثته.. والنصوص التي سننشرها، تباعا، في حلقات، تساهم في فهم الوعي الجنساني، من جهة، وتساهم في التمييز بين الفهم الإيروتيكي الشبقي، بما يحمله من حرية الجسد والحق في المتعة الجنسية، بل وضرورة الشهوة الجنسية من حيث هي مكون من مكونات الكينونة والكائن. كما تقول إيلونا ستايلر، إن العالم الإيروتيكي لانهائي، وبلا حدود؛ إنه يوجد وراء العالم العقلاني. والإيروتيكية ليست هي الحب، بل إنها تتعراض معه وتحوله إلى لعبة. وإنه ما وراء الخوف، والهوى، والإيروتيكية يوجد الحب. فهل الإيروتيكية لا تتحقق إلا حين يكون الجسد مسكونا بالمشاعر الإنسانية الفائضة عن معاني الحب؟ هل حضور الحب وغيابه هو الذي يجعلنا نميز بين الإيروتيكية والبرنوغرافية، هذه الأخيرة التي يحضر فيها الجسد بعيدا عن المشاعر!؟

* كاتب من المغرب مقيم في بوسطن
 
أعلى