من يحق له أن يجنّس السرد؟ هل يمكن تجنيس السرد ؟ كيف يمكن التعرُّف على السرد أولاً؟ وإذا باشرنا تعرفاً عليه، فكيف يكون وضعه في الحالة هذه، ونحن نتعامل معه من موقع تجنيسي مسبق؟ في الحالة هذه، تبعاً لأي قيمة ثقافية يمكن إقامة علاقة مع السرد ؟
تاريخياً، لم يظهِر السرد عفوياً، إنما تم اصطناعه، ليكون بهذا السرد: إنه نسج علاقات، وإشباع هذه العلاقات بقيم تضع كلاً من الذكورة والأنوثة في بنية المتشكّل المسمَّى سرداً !
في السرد هناك ما هو موجود، وهو ليس " حجراً ملقىً على قارعة الطريق " كما يقال، لأن ثمة مجتمع منسوج لغوياً، والنسج مأثرة سردية، أو أن السرد لا يعدو أن يكون نسيجاً من مواد ليست مستخرجة من الطبيعة، إنما خرجت من رحم التاريخ، وهذا الرحم لم يطرح " جنينه " الذي هو السرد بلقاح ذاتي، إنما من خارج منطقة قوة ليست حيادية من جهة، ولا يتعامَل معها من موقع النظير، فلا يعود هذا الموسوم بـ: تسمية أبوية، ونتيجة قوة فاعلة في أخرى منفعلة.
في كل مآثر التاريخ وما يُعَدُّ تاريخاً أو تاريخياً، كان الخطاب الجنساني يفصح عن طرفيته، عمَّن أوجد نقطة بداية له، عمن انتظر ولادته بفارغ الصبر، أو باهتمام معين، عمن احتفى به لأنه يشير إلى " صُلبه "، أي ما يكون " ظهراً " والظهر حديث الذكر الممرئي لقضيب حاكي كلام، ناسجه، مصوَّت به، هو ذاته نسج مأخوذ بهيمنة سلطة قائمة، في ما يكون " بطناً " والبطن يستقبل، بينما الظهر فيدفع ويؤثّر ويزرع أو فعّل أثراً " داخل " الآخر، وهو التجويف البطني، والبطن نظير استسلام، بالمفهوم التوصيفي لثنائية قوتين ليستا متكافئتين: الأولى ظهرية، لطالما كيلَ المديح للظهر وما يُسنَد إليه من إكرام وفضيلة وإكبار وفعالية، والثانية بطنية، لطالما أحيلت إلى الهشاشة، إلى الطبيعة، وأعيدَ إنتاجها بطريقة تتضمن تنازلاً لسلطة تتمثل في الأولى: الفاعلة، وليس الثانية: المنفعلة، وهي محمولة بأثر الأولى لمدة زمنية، كما لو أن المدخل الاسفلي للبطن ثغرة/ صدع ضعف أبدي لا يُردم ميتافيزيقياً. إنها كتابة القوة، إعلام بقانون لا يُستسنَخ إنما يحفَظ عن ظهر قلب، ويطبَق بحذافيره إلى حد ما، والبشرية التي تشهد على مدى آلاف السنين، على الأقل من خلال الموسوم بما هو ميثولوجي، ديني ووضعي وحتى ما بعد عولمي، مارست مختلف الحيل لتأكيد هذا التفاوت في القوة، ومن منطلق عصبوني، حياوي، أو عضوي ودشَّنت تاريخاً للغة وبها على هيئتها، أي حيث يكون المقروء ومن ثم المسموع قبل ذلك هو صك ملْكية واحتواء لصالح الذكر: السرد والسارد، بينما الأنثى التي تحوز المرأة، أو تتضمنها وفي اتجاه واحد إجمالاً، فتكون المسرود، وإن كانت المسرودة، فبلطف من إضافة، هي إضافة العنف لغوياً، أي " التاء المربوطة " الشاهدة- الشهيدة من دون إقرار بطغيان، أو سفح قيمة، أو اغتصاب " حرمة " أو تغييب كل أثر لسلطة يمكن أن تتكلم المرأة، ولو من زاوية " جائزة الترضية " مقارنة بـ" جائزة اللغة الكبرى " الذكرية، وهي في اعتبارها الأثر النفيس، الذي يمنح الذكر ديمومة قوة، وإن كان كلّي الحضور واقعاً .
أتحدث في ضوء المقروء التاريخي عن تعالي السرد، عن ميتافيزيقاه، بالرغم من كونها: فيزيقاه الماورائية، أعني بها كونها من " صلب " الواقع، لكنه الواقع الذي يتأطر، أو جرى تشكيله ليس بوصفه الواقع: أصله، إنما ما لأجله صيرَ واقعاً، واعتباره الواقع بإطلاق، أي غيّب فيه أصل ما، لا يكون هذا المحتفى به، والمقرَّر أو المسيَّر، ومن ثم المتبارى حوله وباسمه عربياً في السنوات الأخيرة، بنوع من الفضول اللاهث النَّفَس، الذي لا يصدّق أنه وجد بغيته، إنه الفضول المارق الخارق ضمناً جرّاء المأتي على فعله وتسجيله اسماً ومسمى، في نطاق " قبل فوات الأوان "، أو هكذا يلاحَظ، لأن ثمة استثارة شهية، هي نعظ نصّي فوقي، ولعل في المعمول لحظة التحرّي " نفاساً " مستعاراً خفية، صحبة المفعول فيه ذكورياً، ونزع المغايرة .
في الحديث عن تجنيس السرد، وهو ما يمكن تعقُّب خيوطه المغزولة الدقيقة، الناعمة، والطويلة والقاسية الجارحة ضمناً، تحضر اللغة في استيلادها القواعدي، وفقهيتها، ونظام الصرف العلائقي فيها، ما يجعلها تمثيلاً لمجتمع كاملاً، وإن شهد ميتات وولادات، فإن إرادة النسخية تصل اللاحق بالسابق، ارتكازاً إلى " لوح " اللغة " المحفوظ " إلى أجل غير مسمَّى.
إن كل المحاولات الكبرى التي تضعنا في مواجهة استماتات المرأة وهي تتكلم، ومن ثم وهي تكتب كل ما يعنيها: سيرة ذاتية، كتابة بوح، تاريخ جنسانية، رواية، اعترافات ومناجاة روحية ...الخ،تعيش ملحمة التقليد الاحتوائية، أن تقلد ما يؤبّد فيه المقلَّد، وكل براعة تعميق لتلك الفتنة التي تحمل بصمة الذكر، وكل تشهير جنسي يحوَّل إليها، وتحاكَم بمنطق لغة الذكر.
تجنيس السرد هو السرد الذي أشهرَ أبديته المفصَح عنها دونما مراجعة أو إمكان الطعن فيه.
هنا، يمكن لأي كان أن يطرح السؤال المنتظَر: ما محفّز هذا القول، وأي مستمسَك في اليد، أو على صعيد المناظرة لتعليق موضوع استغرق أمكنة وأزمنة ؟
لكنه السؤال الذي ينقلب على نفسه، وهو أن ليس في الوسع التأريخ للسرد، بمقدار ما يمكن سبر الضابط اللغوية له: إلى أن من ترجع اللغة أساساً؟ من فقهنها؟ من وضع لها إعراباً؟ ثمة بطانة ذكورية، لا بد أن الحراك الدلالي، والشعور النفسي المتلوَّن من خلال اعتماد مفردة دون أخرى، ومن ثم صوغ جملة: فعلية أم اسمية، وما فيها من رافعة قيمية، ومأثرة جمالية، ينعطف على هذا القيّم على اللغة وضْع أساس ومتابعة وتدقيقاً فيما تتم تهجئته ومن ثم التفوه به .
إزاء هذا الحوار مع السرد وما يكونه مفهوماً، لا أبتغي رفضاً، وما في ذلك من نزعة استئصال لكل ذي صلة به، إنما أقارب حقيقة الكيفية التي مُنِح اسماً صار لقباً، واللقب علامة سلطة، وهذه لما تزل تمارس ضابطيتها مذ أرّخ للغة، أو أفصِح عن الكلام ذي المعنى اصطلاحياً، والذي يشجّع إرادة السؤال على حقيقة أحكمت قبضتها على السرد وأجازته محكماً بأكثر من معنى.
ثمة تاريخ هو السرد، وثمة حكاية تصل حتى بما هو ميثولوجي، هي السرد، وثمة أدب قصصي فروائي، يكون السرد، وهي الشواخص الكبرى التي تعيننا على فهم السرد باعتباره الدرس القيّوم لفاعل قيوس هو الذكر المطلق السلطة والمزكّى غيبياً بالمقابل، وهذا الترسيم السلطوي يعزّز من رهبة الجاري تأكيده نحوياً ولغوياً وكانتظام ذي معنى باعث على النشوة.
يغدو الحديث عن تجنيس السرد محاولة إيهام أن هنالك أكثر من جنسية تعبير وإفهام منطقية في تقاسم سلطة السلامة اللغوية وتمثلاتها النصّية، أي وجود شراكة مجتمعية، لأن لغة مقرَّرة ببيعة تقعيد وتصريف لغوية ذات اتجاه واحد، تكون الأنثى ملحقة في حدها الأقصى، تعدِم كل حوار يسهِم في إثراء النص، أو السرد خلاف ما هو متعارَف عليه حتى تاريخ هذه الكلمة .
أعني بكل ما تقدم، وهو على عجالة، لأنه يشمل تاريخاً بكامله، وما هو طي الشفاهي، لهذا لا بد أن ينطوي على فراغات، أو أسئلة عالقة وإجابات سريعة، أو ملغزة، أعني بكل تقدم أن ليس في الإمكان الحديث، كما نوهتُ إلى استخدام التجنيس في السرد، لأن ليس من خيار، حيث العربية كلغة فصحى أساساً، وكما هو متضمَّن فيها من قيم وعلاقات تتقاسم كل ما يعنينا، تحال على في البنية المفهومية إلى الذكر، أي ما يبقي الذكر هو المحرّك والملوّن والفاعل فيها، كما لو أنها " فوق/ تعلو الذكر بالذكر، وأن المبدأ الرئيس الذي ترتكز إليه قواعدياً وفي المأخوذ به نحوياً: البدء بالحركة والانتهاء بالسكون، وهذا يترجم ديناميكية موهوبة للذكورة الفاعلة إيروسياً، أن الحركة منسوبة إلى الذكر/ الرجل، وأن السكون هو ما يختمها في المؤنث كمواقعة جنسية، أي ما يبقي الذكر في الخطاب اللغوي، وفي المفردة الواحدة" الإنسان، الرجل "، وفي حركية الفعل وكيفية تجسيده لمهامه " كان يا ما كان "، وما يلحق عمومية الجاري تأنيثه لخصوصية القائم تذكيره، وربما بالطريقة هذه، لا يعود في المستطاع الحديث- حتى- عن لعبة الذكورة والأنوثة في اللغة العربية، وبنيتها الدينية، ونوعية التوجيه فيها، لأن مفهوم " اللعبة " يستدعي تكافؤاً في العلاقة، أما هنا فثمة اللاعب والملعوب، فالأنثى في تهجئة المفردة الواحدة عموماً، وفي كتابة الجملة الواحدة وهي محكومة بالفعل، جار ٍ صهرها في خانة سلطة الذكر، ألهذا يكون السرد العربي منطوياً على مأساته أي بوصفه حكاية الجنس المنقسم على نفسه والمشهَّر به ذكورياً، أو ما هو عليه إجمالاً، في حضوره الدلالي وغيابه الإحالي ؟!
تاريخياً، لم يظهِر السرد عفوياً، إنما تم اصطناعه، ليكون بهذا السرد: إنه نسج علاقات، وإشباع هذه العلاقات بقيم تضع كلاً من الذكورة والأنوثة في بنية المتشكّل المسمَّى سرداً !
في السرد هناك ما هو موجود، وهو ليس " حجراً ملقىً على قارعة الطريق " كما يقال، لأن ثمة مجتمع منسوج لغوياً، والنسج مأثرة سردية، أو أن السرد لا يعدو أن يكون نسيجاً من مواد ليست مستخرجة من الطبيعة، إنما خرجت من رحم التاريخ، وهذا الرحم لم يطرح " جنينه " الذي هو السرد بلقاح ذاتي، إنما من خارج منطقة قوة ليست حيادية من جهة، ولا يتعامَل معها من موقع النظير، فلا يعود هذا الموسوم بـ: تسمية أبوية، ونتيجة قوة فاعلة في أخرى منفعلة.
في كل مآثر التاريخ وما يُعَدُّ تاريخاً أو تاريخياً، كان الخطاب الجنساني يفصح عن طرفيته، عمَّن أوجد نقطة بداية له، عمن انتظر ولادته بفارغ الصبر، أو باهتمام معين، عمن احتفى به لأنه يشير إلى " صُلبه "، أي ما يكون " ظهراً " والظهر حديث الذكر الممرئي لقضيب حاكي كلام، ناسجه، مصوَّت به، هو ذاته نسج مأخوذ بهيمنة سلطة قائمة، في ما يكون " بطناً " والبطن يستقبل، بينما الظهر فيدفع ويؤثّر ويزرع أو فعّل أثراً " داخل " الآخر، وهو التجويف البطني، والبطن نظير استسلام، بالمفهوم التوصيفي لثنائية قوتين ليستا متكافئتين: الأولى ظهرية، لطالما كيلَ المديح للظهر وما يُسنَد إليه من إكرام وفضيلة وإكبار وفعالية، والثانية بطنية، لطالما أحيلت إلى الهشاشة، إلى الطبيعة، وأعيدَ إنتاجها بطريقة تتضمن تنازلاً لسلطة تتمثل في الأولى: الفاعلة، وليس الثانية: المنفعلة، وهي محمولة بأثر الأولى لمدة زمنية، كما لو أن المدخل الاسفلي للبطن ثغرة/ صدع ضعف أبدي لا يُردم ميتافيزيقياً. إنها كتابة القوة، إعلام بقانون لا يُستسنَخ إنما يحفَظ عن ظهر قلب، ويطبَق بحذافيره إلى حد ما، والبشرية التي تشهد على مدى آلاف السنين، على الأقل من خلال الموسوم بما هو ميثولوجي، ديني ووضعي وحتى ما بعد عولمي، مارست مختلف الحيل لتأكيد هذا التفاوت في القوة، ومن منطلق عصبوني، حياوي، أو عضوي ودشَّنت تاريخاً للغة وبها على هيئتها، أي حيث يكون المقروء ومن ثم المسموع قبل ذلك هو صك ملْكية واحتواء لصالح الذكر: السرد والسارد، بينما الأنثى التي تحوز المرأة، أو تتضمنها وفي اتجاه واحد إجمالاً، فتكون المسرود، وإن كانت المسرودة، فبلطف من إضافة، هي إضافة العنف لغوياً، أي " التاء المربوطة " الشاهدة- الشهيدة من دون إقرار بطغيان، أو سفح قيمة، أو اغتصاب " حرمة " أو تغييب كل أثر لسلطة يمكن أن تتكلم المرأة، ولو من زاوية " جائزة الترضية " مقارنة بـ" جائزة اللغة الكبرى " الذكرية، وهي في اعتبارها الأثر النفيس، الذي يمنح الذكر ديمومة قوة، وإن كان كلّي الحضور واقعاً .
أتحدث في ضوء المقروء التاريخي عن تعالي السرد، عن ميتافيزيقاه، بالرغم من كونها: فيزيقاه الماورائية، أعني بها كونها من " صلب " الواقع، لكنه الواقع الذي يتأطر، أو جرى تشكيله ليس بوصفه الواقع: أصله، إنما ما لأجله صيرَ واقعاً، واعتباره الواقع بإطلاق، أي غيّب فيه أصل ما، لا يكون هذا المحتفى به، والمقرَّر أو المسيَّر، ومن ثم المتبارى حوله وباسمه عربياً في السنوات الأخيرة، بنوع من الفضول اللاهث النَّفَس، الذي لا يصدّق أنه وجد بغيته، إنه الفضول المارق الخارق ضمناً جرّاء المأتي على فعله وتسجيله اسماً ومسمى، في نطاق " قبل فوات الأوان "، أو هكذا يلاحَظ، لأن ثمة استثارة شهية، هي نعظ نصّي فوقي، ولعل في المعمول لحظة التحرّي " نفاساً " مستعاراً خفية، صحبة المفعول فيه ذكورياً، ونزع المغايرة .
في الحديث عن تجنيس السرد، وهو ما يمكن تعقُّب خيوطه المغزولة الدقيقة، الناعمة، والطويلة والقاسية الجارحة ضمناً، تحضر اللغة في استيلادها القواعدي، وفقهيتها، ونظام الصرف العلائقي فيها، ما يجعلها تمثيلاً لمجتمع كاملاً، وإن شهد ميتات وولادات، فإن إرادة النسخية تصل اللاحق بالسابق، ارتكازاً إلى " لوح " اللغة " المحفوظ " إلى أجل غير مسمَّى.
إن كل المحاولات الكبرى التي تضعنا في مواجهة استماتات المرأة وهي تتكلم، ومن ثم وهي تكتب كل ما يعنيها: سيرة ذاتية، كتابة بوح، تاريخ جنسانية، رواية، اعترافات ومناجاة روحية ...الخ،تعيش ملحمة التقليد الاحتوائية، أن تقلد ما يؤبّد فيه المقلَّد، وكل براعة تعميق لتلك الفتنة التي تحمل بصمة الذكر، وكل تشهير جنسي يحوَّل إليها، وتحاكَم بمنطق لغة الذكر.
تجنيس السرد هو السرد الذي أشهرَ أبديته المفصَح عنها دونما مراجعة أو إمكان الطعن فيه.
هنا، يمكن لأي كان أن يطرح السؤال المنتظَر: ما محفّز هذا القول، وأي مستمسَك في اليد، أو على صعيد المناظرة لتعليق موضوع استغرق أمكنة وأزمنة ؟
لكنه السؤال الذي ينقلب على نفسه، وهو أن ليس في الوسع التأريخ للسرد، بمقدار ما يمكن سبر الضابط اللغوية له: إلى أن من ترجع اللغة أساساً؟ من فقهنها؟ من وضع لها إعراباً؟ ثمة بطانة ذكورية، لا بد أن الحراك الدلالي، والشعور النفسي المتلوَّن من خلال اعتماد مفردة دون أخرى، ومن ثم صوغ جملة: فعلية أم اسمية، وما فيها من رافعة قيمية، ومأثرة جمالية، ينعطف على هذا القيّم على اللغة وضْع أساس ومتابعة وتدقيقاً فيما تتم تهجئته ومن ثم التفوه به .
إزاء هذا الحوار مع السرد وما يكونه مفهوماً، لا أبتغي رفضاً، وما في ذلك من نزعة استئصال لكل ذي صلة به، إنما أقارب حقيقة الكيفية التي مُنِح اسماً صار لقباً، واللقب علامة سلطة، وهذه لما تزل تمارس ضابطيتها مذ أرّخ للغة، أو أفصِح عن الكلام ذي المعنى اصطلاحياً، والذي يشجّع إرادة السؤال على حقيقة أحكمت قبضتها على السرد وأجازته محكماً بأكثر من معنى.
ثمة تاريخ هو السرد، وثمة حكاية تصل حتى بما هو ميثولوجي، هي السرد، وثمة أدب قصصي فروائي، يكون السرد، وهي الشواخص الكبرى التي تعيننا على فهم السرد باعتباره الدرس القيّوم لفاعل قيوس هو الذكر المطلق السلطة والمزكّى غيبياً بالمقابل، وهذا الترسيم السلطوي يعزّز من رهبة الجاري تأكيده نحوياً ولغوياً وكانتظام ذي معنى باعث على النشوة.
يغدو الحديث عن تجنيس السرد محاولة إيهام أن هنالك أكثر من جنسية تعبير وإفهام منطقية في تقاسم سلطة السلامة اللغوية وتمثلاتها النصّية، أي وجود شراكة مجتمعية، لأن لغة مقرَّرة ببيعة تقعيد وتصريف لغوية ذات اتجاه واحد، تكون الأنثى ملحقة في حدها الأقصى، تعدِم كل حوار يسهِم في إثراء النص، أو السرد خلاف ما هو متعارَف عليه حتى تاريخ هذه الكلمة .
أعني بكل ما تقدم، وهو على عجالة، لأنه يشمل تاريخاً بكامله، وما هو طي الشفاهي، لهذا لا بد أن ينطوي على فراغات، أو أسئلة عالقة وإجابات سريعة، أو ملغزة، أعني بكل تقدم أن ليس في الإمكان الحديث، كما نوهتُ إلى استخدام التجنيس في السرد، لأن ليس من خيار، حيث العربية كلغة فصحى أساساً، وكما هو متضمَّن فيها من قيم وعلاقات تتقاسم كل ما يعنينا، تحال على في البنية المفهومية إلى الذكر، أي ما يبقي الذكر هو المحرّك والملوّن والفاعل فيها، كما لو أنها " فوق/ تعلو الذكر بالذكر، وأن المبدأ الرئيس الذي ترتكز إليه قواعدياً وفي المأخوذ به نحوياً: البدء بالحركة والانتهاء بالسكون، وهذا يترجم ديناميكية موهوبة للذكورة الفاعلة إيروسياً، أن الحركة منسوبة إلى الذكر/ الرجل، وأن السكون هو ما يختمها في المؤنث كمواقعة جنسية، أي ما يبقي الذكر في الخطاب اللغوي، وفي المفردة الواحدة" الإنسان، الرجل "، وفي حركية الفعل وكيفية تجسيده لمهامه " كان يا ما كان "، وما يلحق عمومية الجاري تأنيثه لخصوصية القائم تذكيره، وربما بالطريقة هذه، لا يعود في المستطاع الحديث- حتى- عن لعبة الذكورة والأنوثة في اللغة العربية، وبنيتها الدينية، ونوعية التوجيه فيها، لأن مفهوم " اللعبة " يستدعي تكافؤاً في العلاقة، أما هنا فثمة اللاعب والملعوب، فالأنثى في تهجئة المفردة الواحدة عموماً، وفي كتابة الجملة الواحدة وهي محكومة بالفعل، جار ٍ صهرها في خانة سلطة الذكر، ألهذا يكون السرد العربي منطوياً على مأساته أي بوصفه حكاية الجنس المنقسم على نفسه والمشهَّر به ذكورياً، أو ما هو عليه إجمالاً، في حضوره الدلالي وغيابه الإحالي ؟!