كل ما سأقوله وجهة نظر
قد تختلف عن وجهاتكم وتوجّهاتكم (المُصيبة ) .. لكن اسمعوا قليلاً للفقير إلى الله
ملامحكم تغيّرت قبل أن أنبس ببنت شفة .. ودارت وجوهكم وشخصت أبصاركم وسُدّت مسامعكم .. لا لن أقول وجهة نظري
سأكتبها لكم كتابة رغم علمي بأنكم لن تقرؤون .. لكنّ الكتابة لها ما يشفع لها فلا أحد يقاطعها إلا علامات الترقيم .. لذا لا أستعملها .. لا أعرف الفاصلة المنقوطة ولا أميزها عن الفاصلة العادية .. أضع نقطاً متكررة علامة على أنني أريح قلمي وأسمح للقارئ أن يلتقط أنفاسه إن كان يقرأ
النقاط المتكررة قد تعني فراغاً كلامياً .. أو تعني كلمات محذوفة ويمكن فهمها من السياق على طريقة (إلى آخره ).. أو إلخ
وقد تسمح لي تلك الفراغات بأن أضيف كلاماً أو جملاً أدحشها وأحشوها .. فلا ينتبه الناقد لها .......
انتبه لقد أكثرت النقاط لأن يدي ارتجفت عند ذكر الناقد
والنقاط يستعملونها عند الحذف من القصائد .. وتقطيع أوصالها ..فيعرف القارئ أن هنالك قفزٌ بين الأبيات
في الفترة الأخيرة زادت النقاط المتكررة على السطر الواحد في كتاباتي .. حتى غدت مقالاتي نقطية فقط .. ويفصل بين النقاط كلمات مبعثرة ..كلمات مقبولة لدى الجميع وتمرّ لدى كل رقيب
أصبحت صفحاتي منقطة تنقيطاً كالشيفرة .. فالكلمة التي تعبر عن ثورتي أضغط فيها على الورق حتى أثقبه .. والكلمة التي أمررها مروراً أتركها لسنان القلم بالكاد يترك أثراً لمروره
قلمي صار كإبرة الخياطة تدرز الورق درزات ودروز .. والخيط الواصل بين ثقوب الإبر غير ظاهر .. كالحبر السري .. وبالتالي صارت كتاباتي سرية وهمية
نقطتان في مستوٍ واحد تعبّران عن خط واصل بينهما كقطعة مستقيمة .. وفي الرياضيات يسمّون القطعة المستقيمة بحرفين فقط .. فيقولون المستقيم (س.ع) وطوله ثابت كالبعد بينهما .. لذا كانت الرياضيات مستقيمة معدودة الأبعاد بوحدات سنتيمترية .. فالرياضيات مبدؤها الإستقامة كالصراط المستقيم !
ولو أضفنا نقطة ثالثة.. أصبح الشكل مضلّعاً .. فنقول المثلث (س.ع.ص)
ونقطة رابعة .. صار مربّعاً .. وهكذا
لذا كانت لغة الرياضيات عالمية .. غير مُختلَفٍ عليها منذ أيام الفراعنة وحتى اليوم .. وفيثاغورث لا أعداء له عبر التاريخ .. ولا يمكن حذف أرخميدس ولا الخوارزمي
أما في الأدب فالخط الواصل بين نقطتين يكون ملتوياً .. كالتواءات الأدب والأدباء .. ولا إحداثيات للكلمة الأدبية ولا يمكن إسقاطها في مستو واحد .. لأنها كلمات فراغية .. صوتية هلامية .. زئبقية .. غير مفسرة .. وحتى كاتبها يقلبها كيفما يريد .. يُظهِرها أو يظهّرها .. وقد يخفيها أو يبلعها أو يختبئ خلفها ..
في الأدب هنالك قطبة مخفية ..وحبكة بين الدروز غير ظاهرة ..وعندما يعجزون عن فك القطب وفتق الدروز.. يقولون ..إن المعنى في قلب الشاعر
إن فلسفة النقاط في الكتابة والحديث ليست جديدة .. هي طريقة اللاسلكي قديماً .. أو لغة المورس .. هي الشيفرة التي استخدمت في التخابر بين السفن قبل قرن من الزمان .. فالنقطة المحتفرة الغامقة على الورق .. هي نغمة عميقة أو (تون ) طويلة في لغة اللاسلكي .. وهي حرف متفق عليه .. وقس على ذلك
إذن العبرة في الإتفاق على النقاط وشدة ضغطها على الورق والبعد بينها .. وإن لم يحدث ذلك الإتفاق .. أصبحت النقاط مجهولة المعنى ..
قلمي يرتجف ياهذا .. ليس من البرد ..
والرعدة تجتاحني .. وسأكتب عن الشيء الذي أخاف منه .. سأنقده وأشتمه وأظهر عيوبه .. سأعرّيه .. وأنتف شاربيه .. بلا خوف
وسأكتب اسمي تحت رسالتي .. بوضوح
خذوها مني في وجوهكم وفي وضح النهار ..
..... .......... .... . ... ... ... ............... ،....؟....!
آه .. أنا مرتاح الآن .. فقد قلت كل مافي نفسي في السطر السابق !
وأضيف غير هيّاب وغير خوّاف :
.... ...،.... (....)...؟؟؟؟؟
كل تساؤلاتي كتبتها بوضوح ... لقد وصلت الرسالة
كلماتي صارت مفهومة في كل الأرض .. لا داعي لترجمتها للغات العالمية .. كلماتي معناها أكبر مما يوحي حجمها ... وفي الصين وجدوها مناسبة وبديلة عن كتاباتهم الالتفافية المعقدة ..
وفي الغرب استبشروا بها خيراً .. لأنها لا تفرض عليهم القراءة من اليمين إلى اليسار أو العكس .. كتاباتي يمكن قلبها من كل الجهات .. وبالتالي حذفوا الأحرف من لوحة الكمبيوتر .. وأصبحت اللوحة صغيرة .. زر واحد ونقطة واحدة يمكن تكرارها .. أصبح الأمر أسرع وأكثر عملية .. وبالتالي زاد حجم الأرقام في لوحة المفاتيح الغربية وتراجعت الأحرف
أما العرب فاستهجنوا .. وقالوا إن لغتهم المكتوبة كانت حروفاً بلا نقاط .. وكانوا يقرؤونها بطلاقة .. وعندما وضعوا النقاط على الحروف أصبحت كلماتهم مبهمة ولا معنى لها .. فكيف تأتيهم بكتابات نقطية بلا حروف ؟.. يا أيها الدخيل علينا .. أين الشَّدّة والتشديد فوق حروفك المشددة ؟
أين أحكام الهمزات في كتابتك الجديدة ؟
أين منك الخط العربي وجمال الثلث والكوفي و... ما إلى ذلك ..؟؟؟؟
في العربية هناك أمر محظور هو التقاء الساكنين .. وكتابتك ساكنة كلها .. صامتة .. واجمة .. مرتجفة .. إنك تثقب الورق ثقوباً فقط
قلت :
- ورقتي صارت دريئة أمام طلقات الرصاص .. انظروا ذلك الحائط المثقب بالطلقات النارية .. أنتم تظنونها طلقات عشوائية ... ههه .. ههه
إنها قصيدة كتبها الرامي من فوهة بندقيته .. فقط حاولوا الوصل بين تلك الفوهات المبعثرة فتجدون الكثير من الكلام
وقال أحدهم مستفهماً :
- طيب .. نحن نضع نقطة في نهاية الكلام .. فكيف نعرف أن نصّك قد انتهى في مسلسلات نقاطك؟
قلت موضحاً:
- هنا معجزة الكتابة النقطية ..فالنص الكتابي لا ينتهي .. مفتوحٌ دائماً على كل الاحتمالات .. ولا خاتمة للحديث .. والكل يمكنه الإضافة على النص .. لقد انتفى العامل الشخصي للكتابة .. أنتم تعرفون الكاتب من خط يده .. أليس كذلك ؟..
أما الآن فالكتابة النقطية صارت جماعية والكل يضيف عليها .. إنها كتابة شعوب بأكملها في نص واحد..
إنه نص واحد يبدعه كل أفراد الوطن من الطفل الأمي .. وحتى كبار الأدباء
ذاكَ هو اللوح الوطني منصوبٌ هناك كالنصب التذكاري ... فليُضِف كل مواطن نقاطه .. ويدلو بدلوه ..فتستوي وتتجانب كتابات الفقير والغني .. والأمير والحقير .. والأديب وقليل الأدب .. ذلك هو النص الوطني القادم .. إنه أشبه بالنشيد الوطني متفق عليه وكلما رددته زاد كبراً
وأشبه بالعلم الوطني يميز ذلك الإقليم عن غيره .. وكل نقطة تدق فيها علمك معناها أنك ملكت الأرض والسماء التي يرفرف فيها .. لقد ربحت الجولة بالنقاط .. لذا لا تقللوا من شأن النقطة
وهكذا أصبح لكل وطن لوح في الساحة العامة ... ويمرّ المشاة ويكتبون نقاطهم .. قد يكتبون نقطة واحدة .. أو يرشون نقاطهم برشاش أوتوماتيكي .. أو يثقبون صفحة اللوح برأس إبرة إن كانوا يهمسون همساً
وأصبح ذلك اللوح جريدة الحائط .. والجريدة الوطنية الوحيدة .. ولوحة الإعلانات الرسمية
والكل كان يكتب على ذلك اللوح اعترافاته .. وأحلامه .. وطموحاته .. بكل صدق .. ولم يتم حذف أي شيء .. وانتفت وتبخرت وظيفة الناقد والرقيب على الكتابة .. واندثرت دور النشر الورقية
هنا على هذا اللوح الجماعي .. الكل سيكتب ولا حظر ولا منع على أحد حتى الأمّي سيكتب هواجسه كما قلت .. والناس سواسية بالكتابات النقطية..
بعد سنوات طويلة .. تراكبت النقاط على بعضها .. كما تتوافق الآراء وتنطبق الكلمات تأكيداً وتوكيداً .. وتقاربت النقاط بطريقة أصبح فيها اللوح الوطني للقارئ من بعيد أسوداً (انتبه قد نختلف هنا على التنوين ).. حتى تعذرت القراءة وضاق فضاء الكتابة
يومها أضافوا الألوان للنقط .. فأصبحت النقاط حمراء أو خضراء أو صفراء .. كإشارات المرور
وعاد التمييز بين الناس .. فالبعض يكتب بالأحمر والبعض بالأخضر .. أما سواد القوم فمازالوا يكتبون بالأسود
وصارت كتاباتهم في الظل .. غير ملفتة ..
يومها أخذوا يثقبون اللوح الوطني ثقباً .. والحقد يضغط على أقلامهم ضغطاً .. لأن ضغطهم كان مرتفعاً!
وفي النهاية .. قال بعض من شاهد اللوح الوطني ينهار من أساسه .. قالوا إنه أصبح مثقوباً كالغربال .. مهترئاً وكأنّ السوس ينخره من الداخل .. وأصبح ظاهره كاشفاً لبواطنه
لقد انهار اللوح الوطني كجدار برلين ببساطة ...
دعوني أضيف الكثير من النقاط .. ................ ....... وسأتابع مقالي بالكتابة النقطية .
د. ج... س..
*********************
قد تختلف عن وجهاتكم وتوجّهاتكم (المُصيبة ) .. لكن اسمعوا قليلاً للفقير إلى الله
ملامحكم تغيّرت قبل أن أنبس ببنت شفة .. ودارت وجوهكم وشخصت أبصاركم وسُدّت مسامعكم .. لا لن أقول وجهة نظري
سأكتبها لكم كتابة رغم علمي بأنكم لن تقرؤون .. لكنّ الكتابة لها ما يشفع لها فلا أحد يقاطعها إلا علامات الترقيم .. لذا لا أستعملها .. لا أعرف الفاصلة المنقوطة ولا أميزها عن الفاصلة العادية .. أضع نقطاً متكررة علامة على أنني أريح قلمي وأسمح للقارئ أن يلتقط أنفاسه إن كان يقرأ
النقاط المتكررة قد تعني فراغاً كلامياً .. أو تعني كلمات محذوفة ويمكن فهمها من السياق على طريقة (إلى آخره ).. أو إلخ
وقد تسمح لي تلك الفراغات بأن أضيف كلاماً أو جملاً أدحشها وأحشوها .. فلا ينتبه الناقد لها .......
انتبه لقد أكثرت النقاط لأن يدي ارتجفت عند ذكر الناقد
والنقاط يستعملونها عند الحذف من القصائد .. وتقطيع أوصالها ..فيعرف القارئ أن هنالك قفزٌ بين الأبيات
في الفترة الأخيرة زادت النقاط المتكررة على السطر الواحد في كتاباتي .. حتى غدت مقالاتي نقطية فقط .. ويفصل بين النقاط كلمات مبعثرة ..كلمات مقبولة لدى الجميع وتمرّ لدى كل رقيب
أصبحت صفحاتي منقطة تنقيطاً كالشيفرة .. فالكلمة التي تعبر عن ثورتي أضغط فيها على الورق حتى أثقبه .. والكلمة التي أمررها مروراً أتركها لسنان القلم بالكاد يترك أثراً لمروره
قلمي صار كإبرة الخياطة تدرز الورق درزات ودروز .. والخيط الواصل بين ثقوب الإبر غير ظاهر .. كالحبر السري .. وبالتالي صارت كتاباتي سرية وهمية
نقطتان في مستوٍ واحد تعبّران عن خط واصل بينهما كقطعة مستقيمة .. وفي الرياضيات يسمّون القطعة المستقيمة بحرفين فقط .. فيقولون المستقيم (س.ع) وطوله ثابت كالبعد بينهما .. لذا كانت الرياضيات مستقيمة معدودة الأبعاد بوحدات سنتيمترية .. فالرياضيات مبدؤها الإستقامة كالصراط المستقيم !
ولو أضفنا نقطة ثالثة.. أصبح الشكل مضلّعاً .. فنقول المثلث (س.ع.ص)
ونقطة رابعة .. صار مربّعاً .. وهكذا
لذا كانت لغة الرياضيات عالمية .. غير مُختلَفٍ عليها منذ أيام الفراعنة وحتى اليوم .. وفيثاغورث لا أعداء له عبر التاريخ .. ولا يمكن حذف أرخميدس ولا الخوارزمي
أما في الأدب فالخط الواصل بين نقطتين يكون ملتوياً .. كالتواءات الأدب والأدباء .. ولا إحداثيات للكلمة الأدبية ولا يمكن إسقاطها في مستو واحد .. لأنها كلمات فراغية .. صوتية هلامية .. زئبقية .. غير مفسرة .. وحتى كاتبها يقلبها كيفما يريد .. يُظهِرها أو يظهّرها .. وقد يخفيها أو يبلعها أو يختبئ خلفها ..
في الأدب هنالك قطبة مخفية ..وحبكة بين الدروز غير ظاهرة ..وعندما يعجزون عن فك القطب وفتق الدروز.. يقولون ..إن المعنى في قلب الشاعر
إن فلسفة النقاط في الكتابة والحديث ليست جديدة .. هي طريقة اللاسلكي قديماً .. أو لغة المورس .. هي الشيفرة التي استخدمت في التخابر بين السفن قبل قرن من الزمان .. فالنقطة المحتفرة الغامقة على الورق .. هي نغمة عميقة أو (تون ) طويلة في لغة اللاسلكي .. وهي حرف متفق عليه .. وقس على ذلك
إذن العبرة في الإتفاق على النقاط وشدة ضغطها على الورق والبعد بينها .. وإن لم يحدث ذلك الإتفاق .. أصبحت النقاط مجهولة المعنى ..
قلمي يرتجف ياهذا .. ليس من البرد ..
والرعدة تجتاحني .. وسأكتب عن الشيء الذي أخاف منه .. سأنقده وأشتمه وأظهر عيوبه .. سأعرّيه .. وأنتف شاربيه .. بلا خوف
وسأكتب اسمي تحت رسالتي .. بوضوح
خذوها مني في وجوهكم وفي وضح النهار ..
..... .......... .... . ... ... ... ............... ،....؟....!
آه .. أنا مرتاح الآن .. فقد قلت كل مافي نفسي في السطر السابق !
وأضيف غير هيّاب وغير خوّاف :
.... ...،.... (....)...؟؟؟؟؟
كل تساؤلاتي كتبتها بوضوح ... لقد وصلت الرسالة
كلماتي صارت مفهومة في كل الأرض .. لا داعي لترجمتها للغات العالمية .. كلماتي معناها أكبر مما يوحي حجمها ... وفي الصين وجدوها مناسبة وبديلة عن كتاباتهم الالتفافية المعقدة ..
وفي الغرب استبشروا بها خيراً .. لأنها لا تفرض عليهم القراءة من اليمين إلى اليسار أو العكس .. كتاباتي يمكن قلبها من كل الجهات .. وبالتالي حذفوا الأحرف من لوحة الكمبيوتر .. وأصبحت اللوحة صغيرة .. زر واحد ونقطة واحدة يمكن تكرارها .. أصبح الأمر أسرع وأكثر عملية .. وبالتالي زاد حجم الأرقام في لوحة المفاتيح الغربية وتراجعت الأحرف
أما العرب فاستهجنوا .. وقالوا إن لغتهم المكتوبة كانت حروفاً بلا نقاط .. وكانوا يقرؤونها بطلاقة .. وعندما وضعوا النقاط على الحروف أصبحت كلماتهم مبهمة ولا معنى لها .. فكيف تأتيهم بكتابات نقطية بلا حروف ؟.. يا أيها الدخيل علينا .. أين الشَّدّة والتشديد فوق حروفك المشددة ؟
أين أحكام الهمزات في كتابتك الجديدة ؟
أين منك الخط العربي وجمال الثلث والكوفي و... ما إلى ذلك ..؟؟؟؟
في العربية هناك أمر محظور هو التقاء الساكنين .. وكتابتك ساكنة كلها .. صامتة .. واجمة .. مرتجفة .. إنك تثقب الورق ثقوباً فقط
قلت :
- ورقتي صارت دريئة أمام طلقات الرصاص .. انظروا ذلك الحائط المثقب بالطلقات النارية .. أنتم تظنونها طلقات عشوائية ... ههه .. ههه
إنها قصيدة كتبها الرامي من فوهة بندقيته .. فقط حاولوا الوصل بين تلك الفوهات المبعثرة فتجدون الكثير من الكلام
وقال أحدهم مستفهماً :
- طيب .. نحن نضع نقطة في نهاية الكلام .. فكيف نعرف أن نصّك قد انتهى في مسلسلات نقاطك؟
قلت موضحاً:
- هنا معجزة الكتابة النقطية ..فالنص الكتابي لا ينتهي .. مفتوحٌ دائماً على كل الاحتمالات .. ولا خاتمة للحديث .. والكل يمكنه الإضافة على النص .. لقد انتفى العامل الشخصي للكتابة .. أنتم تعرفون الكاتب من خط يده .. أليس كذلك ؟..
أما الآن فالكتابة النقطية صارت جماعية والكل يضيف عليها .. إنها كتابة شعوب بأكملها في نص واحد..
إنه نص واحد يبدعه كل أفراد الوطن من الطفل الأمي .. وحتى كبار الأدباء
ذاكَ هو اللوح الوطني منصوبٌ هناك كالنصب التذكاري ... فليُضِف كل مواطن نقاطه .. ويدلو بدلوه ..فتستوي وتتجانب كتابات الفقير والغني .. والأمير والحقير .. والأديب وقليل الأدب .. ذلك هو النص الوطني القادم .. إنه أشبه بالنشيد الوطني متفق عليه وكلما رددته زاد كبراً
وأشبه بالعلم الوطني يميز ذلك الإقليم عن غيره .. وكل نقطة تدق فيها علمك معناها أنك ملكت الأرض والسماء التي يرفرف فيها .. لقد ربحت الجولة بالنقاط .. لذا لا تقللوا من شأن النقطة
وهكذا أصبح لكل وطن لوح في الساحة العامة ... ويمرّ المشاة ويكتبون نقاطهم .. قد يكتبون نقطة واحدة .. أو يرشون نقاطهم برشاش أوتوماتيكي .. أو يثقبون صفحة اللوح برأس إبرة إن كانوا يهمسون همساً
وأصبح ذلك اللوح جريدة الحائط .. والجريدة الوطنية الوحيدة .. ولوحة الإعلانات الرسمية
والكل كان يكتب على ذلك اللوح اعترافاته .. وأحلامه .. وطموحاته .. بكل صدق .. ولم يتم حذف أي شيء .. وانتفت وتبخرت وظيفة الناقد والرقيب على الكتابة .. واندثرت دور النشر الورقية
هنا على هذا اللوح الجماعي .. الكل سيكتب ولا حظر ولا منع على أحد حتى الأمّي سيكتب هواجسه كما قلت .. والناس سواسية بالكتابات النقطية..
بعد سنوات طويلة .. تراكبت النقاط على بعضها .. كما تتوافق الآراء وتنطبق الكلمات تأكيداً وتوكيداً .. وتقاربت النقاط بطريقة أصبح فيها اللوح الوطني للقارئ من بعيد أسوداً (انتبه قد نختلف هنا على التنوين ).. حتى تعذرت القراءة وضاق فضاء الكتابة
يومها أضافوا الألوان للنقط .. فأصبحت النقاط حمراء أو خضراء أو صفراء .. كإشارات المرور
وعاد التمييز بين الناس .. فالبعض يكتب بالأحمر والبعض بالأخضر .. أما سواد القوم فمازالوا يكتبون بالأسود
وصارت كتاباتهم في الظل .. غير ملفتة ..
يومها أخذوا يثقبون اللوح الوطني ثقباً .. والحقد يضغط على أقلامهم ضغطاً .. لأن ضغطهم كان مرتفعاً!
وفي النهاية .. قال بعض من شاهد اللوح الوطني ينهار من أساسه .. قالوا إنه أصبح مثقوباً كالغربال .. مهترئاً وكأنّ السوس ينخره من الداخل .. وأصبح ظاهره كاشفاً لبواطنه
لقد انهار اللوح الوطني كجدار برلين ببساطة ...
دعوني أضيف الكثير من النقاط .. ................ ....... وسأتابع مقالي بالكتابة النقطية .
د. ج... س..
*********************