(إلى ولدي آدم،
في عيد ميلاده الأوَّل)
–1–
كُنْ حَبَّةَ مِلْحٍ،
وَاحْرُسْ وَحْدَكَ ذَاكِرَةَ البَحْرِ،
وَخَبِّئْ أَحْلاَمَ طُفُولَتِكَ الذَّهَبِيَّةَ،
فِي قَوْقَعَةٍ مُلْقَاةٍ فَوْقَ مَرَايَا الرَّمْلْ…
–2–
كُنْ رِيشَةَ حَسُّونٍ، وَانْعَمْ
بِرَحِيلٍ أَبَدِيٍّ فِي بِلَّوْرِ الزُّرْقَةِ…
لِلْعُصْفُورِ الطَّائِرِ حِكْمَتُهُ السِّرِّيَّةُ،
حِينَ يُحَلِّقُ فِي الآفَاقِ صُعُودًا،
فَاحْفَظْهَا فِي أَعْمَاقِكَ تَغْنَمْ
كَنْزًا لاَ يَفْنَى…
واكْتُبْهَا فِي لَوْحِكَ،
مُبْتَهِجًا بِالغُنْمِ…
وَفَكِّرْ، مَأْخُوذًا بِالمُسْتَقْبَلِ،
فِي عُصْفُورٍ آخَرَ يَسْكُنُ فِيكَ،
وَيَكْبُرُ أَمَلاً نُورَانِيًّا،
وَيَمُدُّ جَنَاحَيْهِ
شَغُوفًا بِالطَّيَرَانْ…
–3–
كُنْ خَزَّافَ الخَيْبَةِ،
وَاصْنَعْ بِالرَّمْلِ إِلَهًا وَهَّاجًا،
تَمْحُوهُ المَوْجَةُ إِذْ تَعْلُوهُ…
فَلِلْخُسْرَانِ مَبَاهِجُهُ أَيْضًا،
وَلِقَلْبِكَ فِي غَدِكَ الْقَادِمِ
أَصْبَاحٌ عَامِرَةٌ بِالأَسْرَارْ…
–4–
كُنْ غُصْنًا يَتَبَرْعَمُ أَخْضَرَ مَزْهُوًّا،
فِي أَشْجَارٍ تَفْتَحُ أَذْرُعَهَا لِلرِّيحِ،
وتَحْضُنُ سَوْرَتَهَا المَجْنُونةَ
مُسْتَسْلِمَةً لِمَصِيرٍ أَشْهَى
[ أَنْ تَتَكَسَّرَ غُصْنًا غُصْنَا…!]
وَتَعَلَّمْ: كَيْفَ تَكُونُ
ـ وَأَنْتَ الْغُصْنُ الْغَضُّ ـ
عَصِيًّا فِي قَلْبِ العَاصِفَةِ الهَوْجَاءْ…
– 5–
كُنْ دُلْفِينًا مَفْتُونًا بِالأَزْرَقِ،
وَاسْبَحْ حُرًّا فِيهِ، وَمُغْتَبِطًا.
فَالأَزْرَقُ، يَا وَلَدِي،
جِلْبَابُ اللَّهِ الوَاسِعُ
أَلْقَاهُ عَلَى الأَمْوَاجِ،
وَنَامْ……………
………………….
مَاذَا يَنْقُصُكَ الآنَ،
لِتَدْعَكَ صَلْصَالَ الرَّغْبَةِ…؟
مَاذَا يَنْقُصُكَ الآنَ،
لِتَنْسُجَ مِنْ رُؤْيَاكَ الْفَذَّةِ
أُسْطُورَتَكَ الشَّخْصِيَّةَ جِدًّا…؟
(لاَ شَيْءَ…!)، تُجِيبُ،
عَلَى عَجَلٍ، بِيَدَيْكَ الْعَابِثَتَيْنِ،
وَتَضْحَكُ مَذْهُولاً…
(لاَ شَيْءَ…!!)، أُجِيبُ أَنَا،
حَقًّا لاَ شَيْءْ…!!!
المكّي الهمّامي
(شاعر تونسيّ)
في عيد ميلاده الأوَّل)
–1–
كُنْ حَبَّةَ مِلْحٍ،
وَاحْرُسْ وَحْدَكَ ذَاكِرَةَ البَحْرِ،
وَخَبِّئْ أَحْلاَمَ طُفُولَتِكَ الذَّهَبِيَّةَ،
فِي قَوْقَعَةٍ مُلْقَاةٍ فَوْقَ مَرَايَا الرَّمْلْ…
–2–
كُنْ رِيشَةَ حَسُّونٍ، وَانْعَمْ
بِرَحِيلٍ أَبَدِيٍّ فِي بِلَّوْرِ الزُّرْقَةِ…
لِلْعُصْفُورِ الطَّائِرِ حِكْمَتُهُ السِّرِّيَّةُ،
حِينَ يُحَلِّقُ فِي الآفَاقِ صُعُودًا،
فَاحْفَظْهَا فِي أَعْمَاقِكَ تَغْنَمْ
كَنْزًا لاَ يَفْنَى…
واكْتُبْهَا فِي لَوْحِكَ،
مُبْتَهِجًا بِالغُنْمِ…
وَفَكِّرْ، مَأْخُوذًا بِالمُسْتَقْبَلِ،
فِي عُصْفُورٍ آخَرَ يَسْكُنُ فِيكَ،
وَيَكْبُرُ أَمَلاً نُورَانِيًّا،
وَيَمُدُّ جَنَاحَيْهِ
شَغُوفًا بِالطَّيَرَانْ…
–3–
كُنْ خَزَّافَ الخَيْبَةِ،
وَاصْنَعْ بِالرَّمْلِ إِلَهًا وَهَّاجًا،
تَمْحُوهُ المَوْجَةُ إِذْ تَعْلُوهُ…
فَلِلْخُسْرَانِ مَبَاهِجُهُ أَيْضًا،
وَلِقَلْبِكَ فِي غَدِكَ الْقَادِمِ
أَصْبَاحٌ عَامِرَةٌ بِالأَسْرَارْ…
–4–
كُنْ غُصْنًا يَتَبَرْعَمُ أَخْضَرَ مَزْهُوًّا،
فِي أَشْجَارٍ تَفْتَحُ أَذْرُعَهَا لِلرِّيحِ،
وتَحْضُنُ سَوْرَتَهَا المَجْنُونةَ
مُسْتَسْلِمَةً لِمَصِيرٍ أَشْهَى
[ أَنْ تَتَكَسَّرَ غُصْنًا غُصْنَا…!]
وَتَعَلَّمْ: كَيْفَ تَكُونُ
ـ وَأَنْتَ الْغُصْنُ الْغَضُّ ـ
عَصِيًّا فِي قَلْبِ العَاصِفَةِ الهَوْجَاءْ…
– 5–
كُنْ دُلْفِينًا مَفْتُونًا بِالأَزْرَقِ،
وَاسْبَحْ حُرًّا فِيهِ، وَمُغْتَبِطًا.
فَالأَزْرَقُ، يَا وَلَدِي،
جِلْبَابُ اللَّهِ الوَاسِعُ
أَلْقَاهُ عَلَى الأَمْوَاجِ،
وَنَامْ……………
………………….
مَاذَا يَنْقُصُكَ الآنَ،
لِتَدْعَكَ صَلْصَالَ الرَّغْبَةِ…؟
مَاذَا يَنْقُصُكَ الآنَ،
لِتَنْسُجَ مِنْ رُؤْيَاكَ الْفَذَّةِ
أُسْطُورَتَكَ الشَّخْصِيَّةَ جِدًّا…؟
(لاَ شَيْءَ…!)، تُجِيبُ،
عَلَى عَجَلٍ، بِيَدَيْكَ الْعَابِثَتَيْنِ،
وَتَضْحَكُ مَذْهُولاً…
(لاَ شَيْءَ…!!)، أُجِيبُ أَنَا،
حَقًّا لاَ شَيْءْ…!!!
المكّي الهمّامي
(شاعر تونسيّ)