أدب السجون أدب السجون : المتوكل طه - قمر الممرّ.. قصة قصيرة

سريرٌ فوق سرير، ومثلهما يقابلان الباب الحديد، وممرٌ صغير بينهما، لا يكاد يكفي ليكون جلستنا حول الطعام، فنأكل جالسين على حواف الأسرّة، ونصلّي فرادى .

في الصباح، لاحظ زملاء الزنزانة أنني أتحسس الممرّ وقطعة البطانية المفرودة فوقه !

في اليوم الثاني، رأيت زميلي يتحسّس البطانية، كأنه يتأكد من جفافها!

في اليوم الذي يليه، رأيت الثالث يتأكد من أن القطعة ناشفة، حيث راح يعصرها، وكذلك فعل الرابع.

في اليوم الخامس، أزحنا قطعة البطانية من مكانها، وتركنا الممرّ عارياً نظيفاً.

في اليوم السادس، كنّا أربعتنا نتحسس بأقدامنا العارية الممرّ، ونتأكد من أن ماءً لامسه أو جرى فوقه!

في اليوم السابع، كان البحرُ الذي يزورنا كل ليلة، فيعبئ الزنزانة بأمواجه الصغيرة، فتتراقص الأسرّة فوقه، كأنها تتهادى ببطء ورويّة! كان البحر قد حمل على صفحته قمراً صغيراً، فيندرج كالكرة على ثناياه! كان البحرُ قد ترك لنا القمرَ على الممرّ، فأصبح بقعةً بيضاء كالحليب، وصار الممرّ سماءنا، ونحن على وسائد السحاب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
أدب السجون والمعتقلات
المشاهدات
801
آخر تحديث
أعلى