أجدني مقتنعاً تمام الاقتناع بصحة العلاقة الحميمة بين كل من النص بوصفه فاعلاً شهوياً، وباعثاً على اشتهاء لا يقاوَم، إنما يداوَم عليه بطريقة معينة، وما في ذلك من التوجه إلى الخارج، الخارج المقيم في الداخل، داخل ذو طبقات وعوالم ومساحات وكائنات شتى، والمعنى بوصفه جسداً حياً يمتلك أهلية تلقّ ومعانقة للآخر هذا الذي يعطى جنسية لا صلة له بها. وفي بنية هذه العلاقة ينفتح أفق ربما لا يحاط به مساحة أو رؤية أبعاد، لكنه يوفّر للباحث، إنما لكل ذي مسكون بهذا الاستئثار الجمالي للعالم من حوله، تلك الأرضية التي تجلو فيه قواه، وقد استحالت أثراً مكتوباً أو مرئياً أو مسموعاً، كون الفن نفسه نصاً، وأن هذا النص لا يمكنه أن يتشكل، أن يوحي بنصيته، إلا في اللحظة التي يتنبه كاتبه أو المنهمّ به إلى وجود حضور معتبَر لمعنى يكون مدشّناً لحقيقة مؤرخة في زمانها ومكانها، هي حالة ولادة، لها ساعتها البيولوجية من ناحية، على مستوى التوقيت، وقد دقت إيذاناً بظهور حدث، لا بد أنه مركَّب، ويملك عمقاً، ويشغل مساحة، إنما يتضمن مؤثرات وخاصية استشعار عن بعد، لا يدرَك كنهه إلا من ارتقى إلى مستوى تينك العلاقة، من كان يعيش ملَكة الشهوة هذه، شهوة تغمر كامل المرء، أضف إلى ذلك، تمنحه رحابة تحرر في متخيله، حيث يكون الرائع، الفاتن، المدهش والانجذاب إلى عالم لطالما كان يعيش هاجسه وهو بنميسمه الروحي. ربما كان هو في نقطة انعطافه تأهيلاً ذا نسب صوفي يُبقي الجسد بماديته في الخلف. هي شهوة تترجم رغبة لها مسارها وهو متعدد الاتجاهات، أكثر من كونه أفقياً، ويكون المعنى الذي أرمي إليه هو المقيم في اللامكان، هو الدال على كينونة أخرى هي منبع الإبداع فناً أم أدباً، أم حتى كتابة فكرية وما فيها من مكابدة.
إن الذين يتحدثون عن العلاقات القائمة بين كل من النص والمعنى، كثيراً ما يتخبطون في بيان طبيعتها أو زعم تعريفها، كما لو أنهم في توصيفهم لها يشيرون إلى وضعية كونكريتية، بناء على تصور هندسي مخطط، وما في المرئي من مباعدة بين أصل الكلام أو الحركة، والمومأ إليه، لا بد أن هناك خطأ في بلوغ المقصد، انحراف عن المقصد، سوء التلقي لقائمة الإشارات التي تكون حوافز إلى جانب كونها أساسيات للنظر في حقيقة أي علاقة انبثاقية مباغتة .
هذه المكابرة السافرة، الوقحة إزاء هذا المفخَّم فينا بعمقه التليد والأثير، أو الدبلوماسية المرسومة والقائمة على نوع من الرصانة الاستحيائية والأنفة الاستعراضية، يمكنها أن تكون موضوعاً للفرجة، لفيزياء تسمي حالة محسوسة يتقدمها الكم، ويكون الكيف خدمياً.
هنا يتملكني استغراب من هؤلاء الذين يدخلون في تسمية العلاقة بينهم وبين ما ينشغلون به باعتبارهم كتّاباً أو فنانين مبدعين، كما لو أنهم منفصلون عما هم عليه دون أن يرف لهم جف أحياناً، أو حين يسترسلون في الحديث عما كانوه وهم في مشهد فيلمي " سينمائي " أو غنائي، أو لقاء بلحظة إبداعية يتفاعل معها وينتقل إلى زمن التعبير عن هذا المنتظَر.
ليس للشهوة نقطة معينة لتنبه المسكون بحالة أدبية أو فكرية أوفنية، ليس له اتجاه ليلتَفَت إليه، إنما هي لحظة امتداد أو تمدد في الجهات الست " تذكيراً بما هو عمودي وأفقي "، وما في ذلك من الدخول في حالة لاتناهي المعايشة، أراها اللحظة التي تنطوي على زمن لا يقدَّر كمياً، قد تمثّل أو تحوي ما لا يحاط به، وتلك خاصية حلِمية والتي يعيشها أحدنا، كأن يطير محلقاً في الجهات تلك، رائياً بكامل كينونته وما هو خفي عنه، ناطقاً بلغات غير معهودة. لعلها لحظة الانفجار التيتلغم الجسد بلحمه ودمه وتنثره في المكان إلى ما هو أبعد من مفهوم المجدي.
هذه اللابرتوكولية، أو اللادبلوماسية هي العلامة الفارقة، الدمغة الحارقة المحرقة لكليانية الجسد المتحفّز إلى ما يلغيه ليحل فيه ما ليس فيه، وبالتالي، فإنه حين يشير إلى تجربة، يستحيل عليه نقل كل ما يسمي دون الثانية ذات القيمة في الزمن الاستثنائي، ويكذب بمقدار ما يحاول لفت النظر إلى أنه كذا وكذا... ليس لدينا سوى مجازات، ومن ثم فإن السلامة الحيوية ذات النسب الإبداعي، تتأكد في عدم المضي في الحديث والتوصيف، لأنه في لحظته هذه وما أبسطها غير لحظته التي واتته، فكان مخاضه وولادة ما أفصح عنه، وبات في حكم المكاشفة النقدية وهي في تعدد أبعادها .
نحن هنا نتحدث عن برانية العلاقة، عن برّيتها وثراء مكوناتها، عن هذا الحضور الذي يكون فجاءة، ويتعزز حالة فنية أو فكرية على قدر إرادة المعايشة أو المكابدة وهي في عفويتها. إن صرخة الوليد المجلجلة هي التي تشهد على آت يُحسَد عليه .
هذه الشهوة التي لا توهب لأي كان، التي تعاش في أي لحظة، التي تتمنع على كل توصيف، ولهذا تمتع وتؤلم معاً، ضريبة التفاعل معها، هي المدخل القويم لجسد من الداخل يُسمى بأشيائه وأسمائه المبتكرة باستمرار. جسد يخصنا، وهو ما نتلمسه عندما نعيش في إهاب أثر يحفّز فينا قوى خاصة، ونحن نمتلىء دهشة وتنويراً وحضوراً باللاتناهي، أي ما يكونه المعنى الذي يختلَف عليه وهو المؤجَّل إلى ما لانهاية بالتأكيد، دون ذلك لا شهوة، دون هذه لا معنى .
إن الذين يتحدثون عن العلاقات القائمة بين كل من النص والمعنى، كثيراً ما يتخبطون في بيان طبيعتها أو زعم تعريفها، كما لو أنهم في توصيفهم لها يشيرون إلى وضعية كونكريتية، بناء على تصور هندسي مخطط، وما في المرئي من مباعدة بين أصل الكلام أو الحركة، والمومأ إليه، لا بد أن هناك خطأ في بلوغ المقصد، انحراف عن المقصد، سوء التلقي لقائمة الإشارات التي تكون حوافز إلى جانب كونها أساسيات للنظر في حقيقة أي علاقة انبثاقية مباغتة .
هذه المكابرة السافرة، الوقحة إزاء هذا المفخَّم فينا بعمقه التليد والأثير، أو الدبلوماسية المرسومة والقائمة على نوع من الرصانة الاستحيائية والأنفة الاستعراضية، يمكنها أن تكون موضوعاً للفرجة، لفيزياء تسمي حالة محسوسة يتقدمها الكم، ويكون الكيف خدمياً.
هنا يتملكني استغراب من هؤلاء الذين يدخلون في تسمية العلاقة بينهم وبين ما ينشغلون به باعتبارهم كتّاباً أو فنانين مبدعين، كما لو أنهم منفصلون عما هم عليه دون أن يرف لهم جف أحياناً، أو حين يسترسلون في الحديث عما كانوه وهم في مشهد فيلمي " سينمائي " أو غنائي، أو لقاء بلحظة إبداعية يتفاعل معها وينتقل إلى زمن التعبير عن هذا المنتظَر.
ليس للشهوة نقطة معينة لتنبه المسكون بحالة أدبية أو فكرية أوفنية، ليس له اتجاه ليلتَفَت إليه، إنما هي لحظة امتداد أو تمدد في الجهات الست " تذكيراً بما هو عمودي وأفقي "، وما في ذلك من الدخول في حالة لاتناهي المعايشة، أراها اللحظة التي تنطوي على زمن لا يقدَّر كمياً، قد تمثّل أو تحوي ما لا يحاط به، وتلك خاصية حلِمية والتي يعيشها أحدنا، كأن يطير محلقاً في الجهات تلك، رائياً بكامل كينونته وما هو خفي عنه، ناطقاً بلغات غير معهودة. لعلها لحظة الانفجار التيتلغم الجسد بلحمه ودمه وتنثره في المكان إلى ما هو أبعد من مفهوم المجدي.
هذه اللابرتوكولية، أو اللادبلوماسية هي العلامة الفارقة، الدمغة الحارقة المحرقة لكليانية الجسد المتحفّز إلى ما يلغيه ليحل فيه ما ليس فيه، وبالتالي، فإنه حين يشير إلى تجربة، يستحيل عليه نقل كل ما يسمي دون الثانية ذات القيمة في الزمن الاستثنائي، ويكذب بمقدار ما يحاول لفت النظر إلى أنه كذا وكذا... ليس لدينا سوى مجازات، ومن ثم فإن السلامة الحيوية ذات النسب الإبداعي، تتأكد في عدم المضي في الحديث والتوصيف، لأنه في لحظته هذه وما أبسطها غير لحظته التي واتته، فكان مخاضه وولادة ما أفصح عنه، وبات في حكم المكاشفة النقدية وهي في تعدد أبعادها .
نحن هنا نتحدث عن برانية العلاقة، عن برّيتها وثراء مكوناتها، عن هذا الحضور الذي يكون فجاءة، ويتعزز حالة فنية أو فكرية على قدر إرادة المعايشة أو المكابدة وهي في عفويتها. إن صرخة الوليد المجلجلة هي التي تشهد على آت يُحسَد عليه .
هذه الشهوة التي لا توهب لأي كان، التي تعاش في أي لحظة، التي تتمنع على كل توصيف، ولهذا تمتع وتؤلم معاً، ضريبة التفاعل معها، هي المدخل القويم لجسد من الداخل يُسمى بأشيائه وأسمائه المبتكرة باستمرار. جسد يخصنا، وهو ما نتلمسه عندما نعيش في إهاب أثر يحفّز فينا قوى خاصة، ونحن نمتلىء دهشة وتنويراً وحضوراً باللاتناهي، أي ما يكونه المعنى الذي يختلَف عليه وهو المؤجَّل إلى ما لانهاية بالتأكيد، دون ذلك لا شهوة، دون هذه لا معنى .