عانت العلمانية في الوطن العربي من سوء فهم، لم يرافقها منذ البدء ربما، لكنه تلبسها منذ بدأ تصاعد دور الحركة الأصولية، رغم أن هذه الحركة ركزت منذ البدء، ولكي “تهزم” العلمانية، على أنها تعني الإلحاد تحديداً. وكان من الطبيعي أن يفهم العقل الأصولي المسألة على هذه الشاكلة لأنه لا يرى سوى الإلحاد خارج فضاء الإيمان، ولأن العلمانية لا تدعو إلى الإيمان، بل تدعو إلى الحياد لأنها تتعلق بالسياسة، وضعت في موضع الإلحاد. وسنلمس بأن هذا الدفع الحدي للعلمانية هو رد فعل طبيعي من أيديولوجيا تسعى لأن تهيمن على كل شيء، وبالتالي ترى في تحييد دور الدين السياسي تدميراً لها، أي تدميرا للدين، وهذا هو الإلحاد، رغم أن العلمانية تقرّ الحق في ممارسة كل الشعائر الدينية كونها تتعلق بحق شخصي.
وربما كان سوء الفهم نابع من أن “الوعي الحداثي” (أو الذي يدعي الحداثة) لم يكن قد تجاوز الوعي التقليدي. لهذا لم يخرج عن منطوق الأيديولوجيا التقليدية في رؤيته للعلمانية. أي أنه لم يستطع أن يراها إلا من منظار ديني (أو فلنقل من منظار وعي تقليدي). فقد كان المشكل الذي بدأ يتبلور في الوطن العربي هو ذاك المتصل بربط الدعوة إلى العلمانية بأقليات مسيحية أو أقليات دينية على وجه العموم. باعتبار أن من مصلحة هذه الأقليات أن يتحقق فصل الدين عن الدولة، لكي تتجاوز التهميش الذي وضعتها”الأغلبية” فيه. لتصبح العلمانية “فكراً مستورداً” تستغله الأقليات الدينية من أجل زحزحة وضع الأغلبية الدينية. وربما كان هذا هو أسوأ نظر إلى العلمانية، لأنه ينطلق من المنظومة الأيديولوجية التقليدية التي تنطلق منها الأصولية. والقائمة على تأبيد وضع الأغلبية كأغلبية دينية، وتأبيد سيطرتها كونها حق مطلق. بمعنى أن هذه النظرة تنطلق من الديني لهذا ترى في حياد الدين ربما “مؤامرة” من الأقليات. وبالتالي فهي تنطلق من أبدية هذه الثنائية القائمة على الدين، وأقصد: أغلبية وأقليات. وأي طرح لتجاوزها يعني تدميرها. والعلمانية تتضمن تجاوز هذه الثنائية بكل تأكيد، لأنها تفرض حيادية الدولة تجاه كل الأديان، مع رفض لتحويل الدين إلى مشروع سياسي يستند إلى “سلطة الله”. وهي هنا تطرح صيغة للسياسة تتجاوز التقسيم الديني، وترى البشر من منظور السياسي، أي كونهم مواطنون متساوون.
إن هذه الرؤية لا ترى في العلمانية سوى حل لمشكلة الأقليات، أو لمؤامرة الأقليات للتخلص من هيمنة الأغلبية، رغم أنها حل لمشكلة المجتمع. حل يقوم على إلغاء التمييز الذي تضعه الأغلبية،والقائم على أساس أن هناك المسلم الذي له كل حقوق السلطة السياسية، وغير المسلم الذي لا حقوق له. وبالتالي فإن العلمنة هنا هي دعوة من أجل “المساواة” في المواطنة ومن ثم في الحقل السياسي. حيث أن العلمانية هي حل لمشكل سيطرة الأيديولوجيا التقليدية التي تميز بين المسلم وغير المسلم (و”المسلم” هنا تعني أهل السنة تحديداً). بمعنى أن العلمانية هي الصيغة التي تحسم هيمنة الأيديولوجيا الأصولية على الوعي لمصلحة الحداثة، ليس في المستوى السياسي فقط بل في مستوى الوعي كذلك، لكي لا تعود الأيديولوجيا الأصولية هي الأيديولوجيا المسيطرة. حيث أن الانتقال إلى الحداثة يفرض تجاوز الأيديولوجيا التقليدية التي هيمنت لقرون قبل بدء التغلغل الإمبريالي، واستمرت بعد ذلك، ولقد قاتلت من أجل استمرار هيمنتها بعد تغلغل الفكر الحديث (الليبرالي و الماركسي).
المسألة هنا تتمثل في تجاوز “وعي” هو نتاج القرون الوسطى لمصلحة وعي حديث. وإذا كانت الحداثة بدأت بالعقلانية على صعيد الوعي، حيث أصبح العقل هو المنتج لرؤى البشر، فقد كانت الديمقراطية والعلمانية (والعلمانية قبل الديمقراطية) هما الشكل السياسي الذي حدد طبيعة الدولة. بمعنى أنه إذا كانت العقلانية قطعت مع الوعي القديم (وعي القرون الوسطى) على المستوى المنهجي، فإن العلمانية هي التي قطعت على المستوى السياسي، لأنها كرّست إزاحة الأيديولوجيا المتكئة على الدين عن موقعها الهيمني لمصلحة أيديولوجيا حديثة كانت آخذة في التبلور. هذا الموقع الذي كان لها عبر كونها أيديولوجيا السلطة، والأيديولوجيا التي تصيغ الوعي عبر المدرسة، وكذلك كونها التشريع ذاته. وبالتالي فإذا كانت العقلانية قد أسست لوعي جديد، ولأيديولوجيا حديثة، فإن العلمانية هي التي فتحت أفق تحولها إلى الهيمنة. لأن فصل الدين عن الدولة سمح لصيغة جديدة للنظام السياسي في التشكل. بمعنى أن لا حداثة دون علمنة. وسنلحظ بأنها أساس تبلور مبدأ المواطنة (كبديل عن الملل) وإرادة الشعب (كبديل عن إرادة الله)، اللذين هما مبتدأ الديمقراطية.
لهذا فإن مشكلة العلمنة ليست مشكلة أقلية تسعى لأن تلغي هيمنة أيديولوجيا الأغلبية، بل هي أساس الدخول في الحداثة، وأساس تحقيق الديمقراطية، حيث لا ديمقراطية دون مبدأ المواطنة وإرادة الشعب، وبسيطرة أيديولوجيا تكرّس سلطة أحادية تلغي الإنسان: تلغي ذاتيته وإرادته. لهذا سنلمس أنه يمكن أن تتحقق العلمانية دون الديمقراطية (النظم الدكتاتورية)، لكن ليس من الممكن أن تتحقق الديمقراطية دون العلمانية. وبالتالي فإن مشكلة العلمنة تكمن في أنها عنصر جوهري في نظام سياسي مطابق لتكوينات اقتصادية اجتماعية جديدة تبلورت مع نشوء الرأسمالية. وهي في أساس تجاوز نظام الخلافة، النظام الذي يقوم على سلطة “ولي الأمر” أو الخليفة، المستمدة من الله، وحيث يكون البشر كرعايا في مملكته.
إذن يمكن القول بأن العلمنة هي مشكلة الأغلبية قبل الأقليات، إنها مشكلة المجتمع في سعيه للتقدم، عبر الانتقال إلى تكوين سياسي حديث، أتى مع الثورة البرجوازية في أوروبا، لكنه المستقبل لكل البشرية، لأنه يشكل تقدماً في طبيعة النظام السياسي، ليس مكتملاً طبعاً لكنه خطوة مهمة إلى الأمام. هنا المسألة تتعلق بطبيعة النظام السياسي المطابق للعصر الجديد، العصر الذي تجاوز (أو ينزع إلى تجاوز) العصر الزراعي، وكل آليات النظام السياسي الذي حكمه. بمعنى أننا نعمل على تأسيس النظام السياسي المطابق للحداثة، التي أتت بها الرأسمالية. والتي ليس بالضرورة أن تكون من حق الرأسمالية فقط. فهي خطوة إلى الأمام يمكن أن يبنى عليها.
ولقد نبعت كل الاتجاهات التي ربطت تبني العلمانية (كما القومية) بالأقليات من وعي أصولي، وعي لم يقطع مع الوعي التقليدي، فظل في بوتقته، رغم أنه لهج بمصطلحات جديدة، لكنه رفض كلية الوعي الحديث. إنه الوعي الهجين الذي ساد في العقل العربي، الوعي الخواء الذي كان يميل مع ميل ميزان القوى بين التيارات المتصارعة، خصوصاً بين الأصولية واليسار.. وتحت حجة الديمقراطية دافع عن الأيديولوجيا الأصولية (الإسلام السياسي)، ودافع عن حقها في الوجود، بينما هي تقوم على نفي الآخر، وتكريس سلطة فوق البشر، وتشريع أصبح من الماضي، وعلاقات مجتمعية عفى عليها الزمن، بحجة أنها “شريعة الله”. ولهذا رفض ما يكشف عورات هذه الأيديولوجيا، وأقصد العلمنة، لأنها تضع الحد بين سلطة البشر وسلطة ما فوق البشر. إن مبدأ الديمقراطية الأول هو المساواة بين المواطنين، وهو ما يناقض التشريع الإسلامي الذي تسعى تلك القوى إلى تطبيقه. ويتناقض مع إرادة الشعب، حيث توضع إرادة الله فوقها. على العكس من ذلك فهو يميز بين المواطنين على أساس الدين، ويمنع إرادة البشر بحجة أنها مصاغة مسبقاً في الشريعة، ويكرس الحاكم الفرد كحاكم مطلق. حيث بدل أن يبحث البشر في واقعهم ويضعون القوانين التي تطابقها، أو تعبر عنها، يُخضعون للشريعة التي تبلورت قبل خمسة عشر قرناً، والتي عبرت عن واقع محدد لم يعد موجوداً. ولهذا ينصّب الخليفة الذي من مهمته أن يطبق تلك الشريعة.
العلمانية هي جزء من منظومة الحداثة، وليس من الممكن أن تتحقق الحداثة بمعزل عنها. وبالتالي فإن الساعين إلى تحقيق الحداثة يجب أن يكونوا علمانيين لكي يكونوا منسجمين مع توجهاتهم. دون أن يخضعوا العلمنة للتكتيك السياسي، أو للمماحكات السياسية. لهذا يجب النظر المنسجم لمسألة العلمانية، ولعلاقتها بالديمقراطية، وبكل مسار الحداثة. حيث لا حداثة دونها.
* عن الاوان
وربما كان سوء الفهم نابع من أن “الوعي الحداثي” (أو الذي يدعي الحداثة) لم يكن قد تجاوز الوعي التقليدي. لهذا لم يخرج عن منطوق الأيديولوجيا التقليدية في رؤيته للعلمانية. أي أنه لم يستطع أن يراها إلا من منظار ديني (أو فلنقل من منظار وعي تقليدي). فقد كان المشكل الذي بدأ يتبلور في الوطن العربي هو ذاك المتصل بربط الدعوة إلى العلمانية بأقليات مسيحية أو أقليات دينية على وجه العموم. باعتبار أن من مصلحة هذه الأقليات أن يتحقق فصل الدين عن الدولة، لكي تتجاوز التهميش الذي وضعتها”الأغلبية” فيه. لتصبح العلمانية “فكراً مستورداً” تستغله الأقليات الدينية من أجل زحزحة وضع الأغلبية الدينية. وربما كان هذا هو أسوأ نظر إلى العلمانية، لأنه ينطلق من المنظومة الأيديولوجية التقليدية التي تنطلق منها الأصولية. والقائمة على تأبيد وضع الأغلبية كأغلبية دينية، وتأبيد سيطرتها كونها حق مطلق. بمعنى أن هذه النظرة تنطلق من الديني لهذا ترى في حياد الدين ربما “مؤامرة” من الأقليات. وبالتالي فهي تنطلق من أبدية هذه الثنائية القائمة على الدين، وأقصد: أغلبية وأقليات. وأي طرح لتجاوزها يعني تدميرها. والعلمانية تتضمن تجاوز هذه الثنائية بكل تأكيد، لأنها تفرض حيادية الدولة تجاه كل الأديان، مع رفض لتحويل الدين إلى مشروع سياسي يستند إلى “سلطة الله”. وهي هنا تطرح صيغة للسياسة تتجاوز التقسيم الديني، وترى البشر من منظور السياسي، أي كونهم مواطنون متساوون.
إن هذه الرؤية لا ترى في العلمانية سوى حل لمشكلة الأقليات، أو لمؤامرة الأقليات للتخلص من هيمنة الأغلبية، رغم أنها حل لمشكلة المجتمع. حل يقوم على إلغاء التمييز الذي تضعه الأغلبية،والقائم على أساس أن هناك المسلم الذي له كل حقوق السلطة السياسية، وغير المسلم الذي لا حقوق له. وبالتالي فإن العلمنة هنا هي دعوة من أجل “المساواة” في المواطنة ومن ثم في الحقل السياسي. حيث أن العلمانية هي حل لمشكل سيطرة الأيديولوجيا التقليدية التي تميز بين المسلم وغير المسلم (و”المسلم” هنا تعني أهل السنة تحديداً). بمعنى أن العلمانية هي الصيغة التي تحسم هيمنة الأيديولوجيا الأصولية على الوعي لمصلحة الحداثة، ليس في المستوى السياسي فقط بل في مستوى الوعي كذلك، لكي لا تعود الأيديولوجيا الأصولية هي الأيديولوجيا المسيطرة. حيث أن الانتقال إلى الحداثة يفرض تجاوز الأيديولوجيا التقليدية التي هيمنت لقرون قبل بدء التغلغل الإمبريالي، واستمرت بعد ذلك، ولقد قاتلت من أجل استمرار هيمنتها بعد تغلغل الفكر الحديث (الليبرالي و الماركسي).
المسألة هنا تتمثل في تجاوز “وعي” هو نتاج القرون الوسطى لمصلحة وعي حديث. وإذا كانت الحداثة بدأت بالعقلانية على صعيد الوعي، حيث أصبح العقل هو المنتج لرؤى البشر، فقد كانت الديمقراطية والعلمانية (والعلمانية قبل الديمقراطية) هما الشكل السياسي الذي حدد طبيعة الدولة. بمعنى أنه إذا كانت العقلانية قطعت مع الوعي القديم (وعي القرون الوسطى) على المستوى المنهجي، فإن العلمانية هي التي قطعت على المستوى السياسي، لأنها كرّست إزاحة الأيديولوجيا المتكئة على الدين عن موقعها الهيمني لمصلحة أيديولوجيا حديثة كانت آخذة في التبلور. هذا الموقع الذي كان لها عبر كونها أيديولوجيا السلطة، والأيديولوجيا التي تصيغ الوعي عبر المدرسة، وكذلك كونها التشريع ذاته. وبالتالي فإذا كانت العقلانية قد أسست لوعي جديد، ولأيديولوجيا حديثة، فإن العلمانية هي التي فتحت أفق تحولها إلى الهيمنة. لأن فصل الدين عن الدولة سمح لصيغة جديدة للنظام السياسي في التشكل. بمعنى أن لا حداثة دون علمنة. وسنلحظ بأنها أساس تبلور مبدأ المواطنة (كبديل عن الملل) وإرادة الشعب (كبديل عن إرادة الله)، اللذين هما مبتدأ الديمقراطية.
لهذا فإن مشكلة العلمنة ليست مشكلة أقلية تسعى لأن تلغي هيمنة أيديولوجيا الأغلبية، بل هي أساس الدخول في الحداثة، وأساس تحقيق الديمقراطية، حيث لا ديمقراطية دون مبدأ المواطنة وإرادة الشعب، وبسيطرة أيديولوجيا تكرّس سلطة أحادية تلغي الإنسان: تلغي ذاتيته وإرادته. لهذا سنلمس أنه يمكن أن تتحقق العلمانية دون الديمقراطية (النظم الدكتاتورية)، لكن ليس من الممكن أن تتحقق الديمقراطية دون العلمانية. وبالتالي فإن مشكلة العلمنة تكمن في أنها عنصر جوهري في نظام سياسي مطابق لتكوينات اقتصادية اجتماعية جديدة تبلورت مع نشوء الرأسمالية. وهي في أساس تجاوز نظام الخلافة، النظام الذي يقوم على سلطة “ولي الأمر” أو الخليفة، المستمدة من الله، وحيث يكون البشر كرعايا في مملكته.
إذن يمكن القول بأن العلمنة هي مشكلة الأغلبية قبل الأقليات، إنها مشكلة المجتمع في سعيه للتقدم، عبر الانتقال إلى تكوين سياسي حديث، أتى مع الثورة البرجوازية في أوروبا، لكنه المستقبل لكل البشرية، لأنه يشكل تقدماً في طبيعة النظام السياسي، ليس مكتملاً طبعاً لكنه خطوة مهمة إلى الأمام. هنا المسألة تتعلق بطبيعة النظام السياسي المطابق للعصر الجديد، العصر الذي تجاوز (أو ينزع إلى تجاوز) العصر الزراعي، وكل آليات النظام السياسي الذي حكمه. بمعنى أننا نعمل على تأسيس النظام السياسي المطابق للحداثة، التي أتت بها الرأسمالية. والتي ليس بالضرورة أن تكون من حق الرأسمالية فقط. فهي خطوة إلى الأمام يمكن أن يبنى عليها.
ولقد نبعت كل الاتجاهات التي ربطت تبني العلمانية (كما القومية) بالأقليات من وعي أصولي، وعي لم يقطع مع الوعي التقليدي، فظل في بوتقته، رغم أنه لهج بمصطلحات جديدة، لكنه رفض كلية الوعي الحديث. إنه الوعي الهجين الذي ساد في العقل العربي، الوعي الخواء الذي كان يميل مع ميل ميزان القوى بين التيارات المتصارعة، خصوصاً بين الأصولية واليسار.. وتحت حجة الديمقراطية دافع عن الأيديولوجيا الأصولية (الإسلام السياسي)، ودافع عن حقها في الوجود، بينما هي تقوم على نفي الآخر، وتكريس سلطة فوق البشر، وتشريع أصبح من الماضي، وعلاقات مجتمعية عفى عليها الزمن، بحجة أنها “شريعة الله”. ولهذا رفض ما يكشف عورات هذه الأيديولوجيا، وأقصد العلمنة، لأنها تضع الحد بين سلطة البشر وسلطة ما فوق البشر. إن مبدأ الديمقراطية الأول هو المساواة بين المواطنين، وهو ما يناقض التشريع الإسلامي الذي تسعى تلك القوى إلى تطبيقه. ويتناقض مع إرادة الشعب، حيث توضع إرادة الله فوقها. على العكس من ذلك فهو يميز بين المواطنين على أساس الدين، ويمنع إرادة البشر بحجة أنها مصاغة مسبقاً في الشريعة، ويكرس الحاكم الفرد كحاكم مطلق. حيث بدل أن يبحث البشر في واقعهم ويضعون القوانين التي تطابقها، أو تعبر عنها، يُخضعون للشريعة التي تبلورت قبل خمسة عشر قرناً، والتي عبرت عن واقع محدد لم يعد موجوداً. ولهذا ينصّب الخليفة الذي من مهمته أن يطبق تلك الشريعة.
العلمانية هي جزء من منظومة الحداثة، وليس من الممكن أن تتحقق الحداثة بمعزل عنها. وبالتالي فإن الساعين إلى تحقيق الحداثة يجب أن يكونوا علمانيين لكي يكونوا منسجمين مع توجهاتهم. دون أن يخضعوا العلمنة للتكتيك السياسي، أو للمماحكات السياسية. لهذا يجب النظر المنسجم لمسألة العلمانية، ولعلاقتها بالديمقراطية، وبكل مسار الحداثة. حيث لا حداثة دونها.
* عن الاوان