1- سياق المعرفي لإنتاج الدراسة:
يجدر بنا قبل الانشغال بقراءة هذه الدراسة التي اتخذت عنوانا لها "الأساطير الأُخْروِيَّةُ العربية: من الإهمالِ والإخمال ِالدّيني، إلى سُؤالِ الشَّرعية الأدبيّةِ الأُسطوريّةِ"2، لجعفر ابن الحاجّ السّلَمِيّ، أنْ نحدد السياق المعرفي والنقدي العام الذي نفترض أنّ الباحث انطلق منه:
وعندما أقول السياق العام، فالمقصود ما الداعي إلى كتابة هذه الدراسة؟ أرى أنّ الغاية الأولى تتمثل في الدعوة إلى تجديد التعامل مع التراث الديني والثقافي العربي القديم، والبحث في طياته عن أجناس عمها النسيان وشملها التهميش والإخمال، من خلال إعادة النظر في التعامل مع التراث العربي، والتخلص من الوثوقية التي ميزت نظرتنا إليه؛ أيْ العمل على قراءة نصوص الأوائل من المسلمين لفهم البيئة الثقافية، التي تلت مرحلة القداسة، خصوصا مرحلة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين والسلف الصالح.
وتلك دعوة نقدية رفع شعارها الكثير من الباحثين العرب؛ ويقول عبد المجيد الشرفي في هذا الشأن: "وإذا كنا اليوم نتحدثّ عن إحياء التراث، ونبحث عن المنهج الملائم لقراءته، فإنّ من أوكد الواجبات على الباحث أنْ يتخلَّص من النظرة الوثوقية التي ميّزت هذا التراث، أي أنْ يتحلى.. بقدر كبير من التواضع في تقديم الحلول التي يرتئيها للمشاكل التي يطرحها النصّ المقدّس"3.
والغاية الثانية التي تتحرك في بحرها هذه الدراسة، فمرتبطة أساسا بوضع الأسطورة ضمن التفكير النقدي العربي، فأغلب دارسو الأدب لم يحظ هذا الجنس عندهم بوقفة خاصة، إلا بصفة عرضية أو جزئية، فكأنّهم مطمئنون إلى ضرب من الإجماع الضمن،ي على أنّها غير جديرة بالدرس من قبلهم، ولعل السبب في هذا الإعراض يعود إلى الاستهانة بها، أو استبعادها من مجال الاِختصاص الأدبي جملة وتفصيلا.
بناءً على ما تقدم، نعتبر هذه الدراسة مشروعا نقديا يتوخى إعادة التعامل مع التراث الديني، ويروم أيضا البحث في أدبية الأسطورة انطلاقا من أحد أنواعها السردية، وتحديدا الأساطير الأخروية.
2- ماهية الأسطورة عند الأستاذ السلمي:
يرى الباحث أنّ الأسطورة العربية جنس أدبي سردي وخيال إنساني رمزي ومعبر، بل إنها في نظره "كل حكي أو سرد مقدس تضمن أحداثا خارقة للعادة، جرت في الزمن الأول المقدس، أو سوف تجري لا محالة في الزمن المقدس الأخير قبيل قيام الساعة"4، ولعل هذا التعريف يشير إلى كون الأساطير مرتبطة بشخصيات تنتمي إلى زمن سحيق. وربما كان من الطريف أن نشير في هذا الصدد إلى أن الأسطورة تمثل أسلوبا "في التفكير يتلاعب بالواقع والحقيقة"5، وهذا التعريف ينطبق على الأحاديث الموضوعة والكاذبة المنسوبة إلى الرسول (ص)، أو صحابته أو جيل السلف الصالح، لما تحتويه من أخبار غير حقيقية.
وعندما نتأمل هذا التعريف السابق، ونستحضر المنجز النقدي للأستاذ السلمي نجد تعريفا آخر للأسطورة، بوصفها "كلّ حكي أو سرد تضمّن أحداثا أو تقريرات خارقة لقوانين الطبيعة والعلم والتاريخ، وحتى الدّين. وهي.. بالضرورة خيال لطيف يحضر عندما يغيب التاريخ، وأحيانا حتى في حضوره"6، ويرى الباحث في موضع آخر "أنّ الأدب الأسطوري... أدب خرق العادة من كل الوجوه، ذلك أن النص الأدبي الذي ليس فيه خرق للعادة، لا يمكن أن يكون على الإطلاق أسطورة، لأن خرق العادة شرط ضروري في أسطورية الأسطورة"7.
ولما كان قوام الأسطورة خرق العادة، كما سبق، جاز لنا القول إنّ الأسطورة أدب خارق، لخروجه عن المألوف، وكل خروج عن المألوف هو انزياح عن الواقع والطبيعة والتاريخ، وكل انزياح هو بالضرورة خيال، والخيال مكون أساس من مكونات الأدب.
3- من الأسطورة إلى الأسطورة الأُخروية:
إن المتتبع للمشروع النقدي للأستاذ السلمي يدرك أنّ الرجل منشغل بدراسة الأسطورة من حيث تجنسيها والبحث في أدبيتها وأنواعها، وهذا واضح منذ كتابه الأطروحة "الأسطورة المغربية، دراسة نقدية في المفهوم والجنس"، وما دام لكل مقام مقال، فإن الباحث يواصل في هذه الدراسة البحث في أنواع الأسطورة، التي رأى أنها أنماط متعددة ومختلفة من أبرزها الأسطورة التكوينية والأسطورة العجائبية الغرائبية والأسطورة الكرامية، والأسطورة الأخروية التي تروي ما سوف يقع في آخر الزمان أو في الدار الآخرة بتعبير المسلمين.
ويقصد بالأسطورة الأخروية أو الإسكاطولوجية بالمفهوم الغربي، تلك الاعتقادات الدينية والشعبية المتعلقة بمصير الإنسان بعد موته، والمرتبطة بمصير الكون بعد فنائه؛ أي ذلك الخطاب الذي يسرد أحداثا وأخبارا ومرويات تتنبأُ بالمصير الحتمي المقدور للإنسان والكون كله أو بعضه في آخر الزمان أو في دار الآخرة، المنسوبة إلى الرسول (ص)، والمشوبة بالعجائب، والموجودة في سيرة ابن هشام وطبقات ابن سعد، ومولد النبي لابن الجوزي (ت 597)، وكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض (ت 544)، الفتن لنُعيم بن حماد.
4- أدبية الأساطير الأخروية:
إن المتأمل في هذه الدراسة، يقف على اعتراف الباحث بأنّه لا يدعي وضع نقدية مفاهيمية ومكتملة للبحث في أدبية الأسطورة الأخروية، ولكنّه يفتح المجال أمام الباحثين العرب للاهتمام بهذا النوع، ولكن هذا التواضع النقدي - إنْ صح التعبير-، لا يمنعنا من الوقوف على تجنيس هذا النوع ضمن جنس الأسطورة، باعتباره فرعا منها، والوقوف -أيضا- على جملة من الخصائص البنائية التي تحدد نوع الأساطير الأخروية كما وردت في هذه الدراسة، والتي نجملها فيما يلي:
- الأسطورة الأخروية كما وردت في كتاب "الفتن" خطاب سردي، يحاكي شكلا ومضمونا الأحاديث النبوية.
- الأسطورة الأخروية خطاب خارق للعادة في إطار زماني ومكاني، وخرق العادة معناه تصوير أحداث مستغربة بتأثير من الدين وبإيعاز منه، تنسب إلى شخصية واقعية، وتثير دهشة المتلقي، لخروجها عن المألوف والقدرة البشرية، وتقوم الأسطورة الأخروية على المبالغات بالقياس إلى ما جرت به العادة وأقرّه العرف، وهذا الانزلاق إلى مدار المبالغة والخرق يوجه الأخبار إلى مجال العجائبية (le fantastique).
- الأسطورة الأخروية خطاب متخيل نظرا لتزييفه للنصوص الدينية المقدسة، واعتمادها على خيال أصحابها، نظرا لمفارقتها الواقع وإمكانياته، والعقل وإمكانيات تصوره للمستقبل.
- الأسطورة الأخروية خطاب المحال والتزييف والزيادة في الأصول والتأريخ، وكلها سمات تجعل هذا النوع أدبيا شبيها للنص الحديثي الصحيح، وبعيدا عنه بفضل عدم صدقه مضمونه.
الخاتمة:
وخلاصة القول تعد هذه الدراسة "الأساطير الأخروية من الإهمال والإخمال الديني، إلى سؤال الشرعية الأدبية الأسطورية"، مشروعا نقديا يفتح الأبواب أمام الباحثين الآخرين، لبيان ملامح بلاغة خاصة بالأساطير الأخروية في كتاب "الفتن" لنعيم بن حماد، وفي كتب أخرى. لأنّ هذا الخطاب على قدر من يستهان به من الغواية، التي يستحق بموجبها دراسة في البنية والأفكار والمضمرات والمقاصد، بوصفه أولا وأخيرا خطابا إنسانيا.
الهوامش:
1- مداخلة تقدمت بها في ندوة نقدية حول كتاب: "الأساطير الأخروية العربية، من الإهمال والإخمال الديني إلى سؤال الشرعية الأدبية الأسطورية" للدكتور جعفر ابن الحاج السلمي، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، من تنظيم فرقة البلاغة وتحليل الخطاب، تنسيق الدكتور محمد مشبال، بتاريخ 28 مارس 2018.
2- وحدة الدراسات المستقبلية، عدد 45، سلسلة كراسات مراصد، مارس 2018، مكتبة الاسكندرية، وهو بحث شارك به الكاتب في ندوة ببيروت التي نظمها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى عام 2015، بإشراف د. إياس حسن، في إطار مشروع الأدب على هامش الأدب.
3- في قراءة النص الديني "الإتقان في علوم القرآن"، لعبد المجيد الشرفي وآخرين. الدار التونسية للنشر. الطبعة 2. تونس 1990. ص: 27.
4- الأساطير الأخروية العربية: 4.
5- نقلا عن أبي زيد محمود "مشكلات المنهج في التحليل الاجتماعي للأساطير"، مجلة عالم الفكر. المجلد 16. العدد 3. الكويت 1985. ص: 203.
6- فصول في نظرية الأدب المغربي والأسطورة، لجعفر ابن الحاج السلمي. منشورات جمعية تطاون أسمير. تطوان، 2009. ص: 123.
7- الأسطورة المغربية، دراسة نقدية في المفهوم والجنس. لجعفر ابن الحاج السلمي. منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية. تطوان. 2003. ص: 63.
يجدر بنا قبل الانشغال بقراءة هذه الدراسة التي اتخذت عنوانا لها "الأساطير الأُخْروِيَّةُ العربية: من الإهمالِ والإخمال ِالدّيني، إلى سُؤالِ الشَّرعية الأدبيّةِ الأُسطوريّةِ"2، لجعفر ابن الحاجّ السّلَمِيّ، أنْ نحدد السياق المعرفي والنقدي العام الذي نفترض أنّ الباحث انطلق منه:
وعندما أقول السياق العام، فالمقصود ما الداعي إلى كتابة هذه الدراسة؟ أرى أنّ الغاية الأولى تتمثل في الدعوة إلى تجديد التعامل مع التراث الديني والثقافي العربي القديم، والبحث في طياته عن أجناس عمها النسيان وشملها التهميش والإخمال، من خلال إعادة النظر في التعامل مع التراث العربي، والتخلص من الوثوقية التي ميزت نظرتنا إليه؛ أيْ العمل على قراءة نصوص الأوائل من المسلمين لفهم البيئة الثقافية، التي تلت مرحلة القداسة، خصوصا مرحلة الرسول صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين والسلف الصالح.
وتلك دعوة نقدية رفع شعارها الكثير من الباحثين العرب؛ ويقول عبد المجيد الشرفي في هذا الشأن: "وإذا كنا اليوم نتحدثّ عن إحياء التراث، ونبحث عن المنهج الملائم لقراءته، فإنّ من أوكد الواجبات على الباحث أنْ يتخلَّص من النظرة الوثوقية التي ميّزت هذا التراث، أي أنْ يتحلى.. بقدر كبير من التواضع في تقديم الحلول التي يرتئيها للمشاكل التي يطرحها النصّ المقدّس"3.
والغاية الثانية التي تتحرك في بحرها هذه الدراسة، فمرتبطة أساسا بوضع الأسطورة ضمن التفكير النقدي العربي، فأغلب دارسو الأدب لم يحظ هذا الجنس عندهم بوقفة خاصة، إلا بصفة عرضية أو جزئية، فكأنّهم مطمئنون إلى ضرب من الإجماع الضمن،ي على أنّها غير جديرة بالدرس من قبلهم، ولعل السبب في هذا الإعراض يعود إلى الاستهانة بها، أو استبعادها من مجال الاِختصاص الأدبي جملة وتفصيلا.
بناءً على ما تقدم، نعتبر هذه الدراسة مشروعا نقديا يتوخى إعادة التعامل مع التراث الديني، ويروم أيضا البحث في أدبية الأسطورة انطلاقا من أحد أنواعها السردية، وتحديدا الأساطير الأخروية.
2- ماهية الأسطورة عند الأستاذ السلمي:
يرى الباحث أنّ الأسطورة العربية جنس أدبي سردي وخيال إنساني رمزي ومعبر، بل إنها في نظره "كل حكي أو سرد مقدس تضمن أحداثا خارقة للعادة، جرت في الزمن الأول المقدس، أو سوف تجري لا محالة في الزمن المقدس الأخير قبيل قيام الساعة"4، ولعل هذا التعريف يشير إلى كون الأساطير مرتبطة بشخصيات تنتمي إلى زمن سحيق. وربما كان من الطريف أن نشير في هذا الصدد إلى أن الأسطورة تمثل أسلوبا "في التفكير يتلاعب بالواقع والحقيقة"5، وهذا التعريف ينطبق على الأحاديث الموضوعة والكاذبة المنسوبة إلى الرسول (ص)، أو صحابته أو جيل السلف الصالح، لما تحتويه من أخبار غير حقيقية.
وعندما نتأمل هذا التعريف السابق، ونستحضر المنجز النقدي للأستاذ السلمي نجد تعريفا آخر للأسطورة، بوصفها "كلّ حكي أو سرد تضمّن أحداثا أو تقريرات خارقة لقوانين الطبيعة والعلم والتاريخ، وحتى الدّين. وهي.. بالضرورة خيال لطيف يحضر عندما يغيب التاريخ، وأحيانا حتى في حضوره"6، ويرى الباحث في موضع آخر "أنّ الأدب الأسطوري... أدب خرق العادة من كل الوجوه، ذلك أن النص الأدبي الذي ليس فيه خرق للعادة، لا يمكن أن يكون على الإطلاق أسطورة، لأن خرق العادة شرط ضروري في أسطورية الأسطورة"7.
ولما كان قوام الأسطورة خرق العادة، كما سبق، جاز لنا القول إنّ الأسطورة أدب خارق، لخروجه عن المألوف، وكل خروج عن المألوف هو انزياح عن الواقع والطبيعة والتاريخ، وكل انزياح هو بالضرورة خيال، والخيال مكون أساس من مكونات الأدب.
3- من الأسطورة إلى الأسطورة الأُخروية:
إن المتتبع للمشروع النقدي للأستاذ السلمي يدرك أنّ الرجل منشغل بدراسة الأسطورة من حيث تجنسيها والبحث في أدبيتها وأنواعها، وهذا واضح منذ كتابه الأطروحة "الأسطورة المغربية، دراسة نقدية في المفهوم والجنس"، وما دام لكل مقام مقال، فإن الباحث يواصل في هذه الدراسة البحث في أنواع الأسطورة، التي رأى أنها أنماط متعددة ومختلفة من أبرزها الأسطورة التكوينية والأسطورة العجائبية الغرائبية والأسطورة الكرامية، والأسطورة الأخروية التي تروي ما سوف يقع في آخر الزمان أو في الدار الآخرة بتعبير المسلمين.
ويقصد بالأسطورة الأخروية أو الإسكاطولوجية بالمفهوم الغربي، تلك الاعتقادات الدينية والشعبية المتعلقة بمصير الإنسان بعد موته، والمرتبطة بمصير الكون بعد فنائه؛ أي ذلك الخطاب الذي يسرد أحداثا وأخبارا ومرويات تتنبأُ بالمصير الحتمي المقدور للإنسان والكون كله أو بعضه في آخر الزمان أو في دار الآخرة، المنسوبة إلى الرسول (ص)، والمشوبة بالعجائب، والموجودة في سيرة ابن هشام وطبقات ابن سعد، ومولد النبي لابن الجوزي (ت 597)، وكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض (ت 544)، الفتن لنُعيم بن حماد.
4- أدبية الأساطير الأخروية:
إن المتأمل في هذه الدراسة، يقف على اعتراف الباحث بأنّه لا يدعي وضع نقدية مفاهيمية ومكتملة للبحث في أدبية الأسطورة الأخروية، ولكنّه يفتح المجال أمام الباحثين العرب للاهتمام بهذا النوع، ولكن هذا التواضع النقدي - إنْ صح التعبير-، لا يمنعنا من الوقوف على تجنيس هذا النوع ضمن جنس الأسطورة، باعتباره فرعا منها، والوقوف -أيضا- على جملة من الخصائص البنائية التي تحدد نوع الأساطير الأخروية كما وردت في هذه الدراسة، والتي نجملها فيما يلي:
- الأسطورة الأخروية كما وردت في كتاب "الفتن" خطاب سردي، يحاكي شكلا ومضمونا الأحاديث النبوية.
- الأسطورة الأخروية خطاب خارق للعادة في إطار زماني ومكاني، وخرق العادة معناه تصوير أحداث مستغربة بتأثير من الدين وبإيعاز منه، تنسب إلى شخصية واقعية، وتثير دهشة المتلقي، لخروجها عن المألوف والقدرة البشرية، وتقوم الأسطورة الأخروية على المبالغات بالقياس إلى ما جرت به العادة وأقرّه العرف، وهذا الانزلاق إلى مدار المبالغة والخرق يوجه الأخبار إلى مجال العجائبية (le fantastique).
- الأسطورة الأخروية خطاب متخيل نظرا لتزييفه للنصوص الدينية المقدسة، واعتمادها على خيال أصحابها، نظرا لمفارقتها الواقع وإمكانياته، والعقل وإمكانيات تصوره للمستقبل.
- الأسطورة الأخروية خطاب المحال والتزييف والزيادة في الأصول والتأريخ، وكلها سمات تجعل هذا النوع أدبيا شبيها للنص الحديثي الصحيح، وبعيدا عنه بفضل عدم صدقه مضمونه.
الخاتمة:
وخلاصة القول تعد هذه الدراسة "الأساطير الأخروية من الإهمال والإخمال الديني، إلى سؤال الشرعية الأدبية الأسطورية"، مشروعا نقديا يفتح الأبواب أمام الباحثين الآخرين، لبيان ملامح بلاغة خاصة بالأساطير الأخروية في كتاب "الفتن" لنعيم بن حماد، وفي كتب أخرى. لأنّ هذا الخطاب على قدر من يستهان به من الغواية، التي يستحق بموجبها دراسة في البنية والأفكار والمضمرات والمقاصد، بوصفه أولا وأخيرا خطابا إنسانيا.
الهوامش:
1- مداخلة تقدمت بها في ندوة نقدية حول كتاب: "الأساطير الأخروية العربية، من الإهمال والإخمال الديني إلى سؤال الشرعية الأدبية الأسطورية" للدكتور جعفر ابن الحاج السلمي، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، من تنظيم فرقة البلاغة وتحليل الخطاب، تنسيق الدكتور محمد مشبال، بتاريخ 28 مارس 2018.
2- وحدة الدراسات المستقبلية، عدد 45، سلسلة كراسات مراصد، مارس 2018، مكتبة الاسكندرية، وهو بحث شارك به الكاتب في ندوة ببيروت التي نظمها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى عام 2015، بإشراف د. إياس حسن، في إطار مشروع الأدب على هامش الأدب.
3- في قراءة النص الديني "الإتقان في علوم القرآن"، لعبد المجيد الشرفي وآخرين. الدار التونسية للنشر. الطبعة 2. تونس 1990. ص: 27.
4- الأساطير الأخروية العربية: 4.
5- نقلا عن أبي زيد محمود "مشكلات المنهج في التحليل الاجتماعي للأساطير"، مجلة عالم الفكر. المجلد 16. العدد 3. الكويت 1985. ص: 203.
6- فصول في نظرية الأدب المغربي والأسطورة، لجعفر ابن الحاج السلمي. منشورات جمعية تطاون أسمير. تطوان، 2009. ص: 123.
7- الأسطورة المغربية، دراسة نقدية في المفهوم والجنس. لجعفر ابن الحاج السلمي. منشورات الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية. تطوان. 2003. ص: 63.