وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) البقرة
هناك اسئلة قد تكون سخيفة فعلا كسؤال ما هي اللغة التي تعلم بها آدم الاسماء كلها ؛ فلو كانت العربية فقط فهذا يعني أن آدم لم يتعلم الأسماء كلها لأنه لم يتعلم باقي اللغات.. وان قلنا تعلمها آدم بكل اللغات فهذا يكفينا للرد على ذاك السؤال ولو لم نكن نعلم عدد هذه اللغات ولا هل هي محدودة أم بلا نهاية.
لكن دعنا نتساءل سؤالا أكثر وضوحا في حدود علم آدم (بحسب الآية) ، بالاسماء فهذا هو الأهم.
قال الشعراوي أن آدم تعلم الاسماء وهذا مدخل لتعلم الأفعال.. لكن هل الأفعال نفسها ليست أسماء للنشاط والحركة إرادية وغير ارادية. كلمة رفع هي في الحقيقة دال يسم حركة قبض شيء ثم العلو به . وكذا ضرب ، أكل شرب.... الخ. لكن أيضا هذا ليس مربط الفرس.
إن السؤال ينطلق من كلمة (كلها).
وعندما نقول كل ، فنحن نتحدث عن شمول واحاطة ، فلنضرب مثلا بالخلية ، فهذه الاخيرة اسم لجزء صغير جدا ، ولكن داخل هذا الجزء اشياء أخرى لها أسماء. من الويكيبيديا نورد الآتي:
(تحتوي الخلية على أجسام أصغر منها تسمى عضيات، مثل أجسام جولجي، وهناك أيضاً النواة التي تحمل في داخلها الشيفرة الوراثية الدي أن إيه(حمض نووي ريبوزي منقوص الأكسجين). كما يحيط بالخلية غشاء يسمى بالغشاء الخلوي، ولدى الخلايا النباتية، جدار من السليلوز يسمى غشاء بلازمي، وهو غير مرن كالغشاء الخلوي).
لو سلمنا بأن آدم تعلم الأسماء (كلها) ؛ فهذا يفضي إلى أن آدم قد بلغ منتهى العلم حتى بالذات الإلهية. فإن لم يكن على علم بها كان علمه منقوصا فلا يجوز استخدام (كلها) وكان الأوفق استخدام (بعضها) ؛ فعلم آدم بعض الأسماء.
لو قلنا بأن آدم تعلم الأسماء كلها فهو في الحقيقة تحول الى كائن موازٍ لله نفسه. فهل هذا هو المقصود من الآية بحيث أصبح آدم كُفأ لأداء دوره كخليفة لله في الأرض؟
إن تعلم الأسماء (كلها) يفضي بالتفسير الى بلوغ منتهى ما نحسب ألا نهاية له من علوم الكون وما وراء الطبيعة ، وهكذا يكون آدم إلها ثانيا يستحق السجود كما يستحق الله نفسه السجود؟
إن تفسيرا كهذا يعد تفسيرا خطيرا ؛ حيث يمنحنا نرجسية عالية لوضع أنفسنا كبشر على مركز كل شيء. كما أن هذا التفسير سيفضي إلى نتيجة أكثر خطورة وهي أن الانسان وعلى نحو ما سيبلغ منتهى العلم ليتحول إلى إله .. فإما أن يستقل بذاته أو يندمج في الذات الإلهية .
إذا كان آدم قد تعلم الأسماء كلها فهو قد تعلم الغيب بشكل كامل ، كما تعلم الجواهر ، وهكذا امتلك ناصية الخلق وناصية السيطرة على كل ما يعلمه الذي هو كل شيء.
تطرح هذه الفرضية نبوءة عنا كبشر ، وهي أن الانسان يتجه الى التأله وليس كما يقول العلماء إلى الفناء. وإذا كانت هذه نتيجة حتمية لتعلمه الأسماء (كلها). فالمحتم إذ ذاك انتفاء القيامة والبعث والحساب والنشور ، لأنه يفترض النقص ، يفترض استمرار البشر كمخلوقات محتاجة ، وليست متألهة مستغنية.
كلمة (كلها) تعني العلم الإلهي بدون شك ، وإلا لكانت كلمة (بعضها) أو (جلها) أو (أغلبها) هي الأصدق.
فهل صيرورتنا كبشر إلى القداسة المطلقة؟