انتشرت في الحياة الثقافية (خاصة في مرحلة ما بعد الحداثة) بعض المصطلحات التي تثير الجدل حول بعض الكتابات التي يميل مبدعوها للإختلاف في الطرح و الرؤى عن السائد في عموم الوسط الثقافي و الإبداعي، من هذه المصطلحات يسطع مصطلح الأدب الإيروتيكي الذي يعد حجرة من ضمن أحجار كثيرة تظهر على فترات لتحرك المياة الراكدة، و تصنع دوامات من النقاشات و تطرح التساؤلات و تعرض اجابات متابينة عليها.
كعادة الحياة عموما، عندما يظهر شيء جديد، هناك من يؤيد و يؤازر بكل قوة و هناك من يشارك و ينخرط و يتماهى مع كل جديد إذا راق له و وافق هواه و هناك من يعترض و يشجب بهوادة، و هناك من يظهر قوة في معارضته و يعلن رفضه بحزم و صرامة. هكذا الأدب الإيروتيكي في الوسط الثقافي العربي رغم أن هناك من يقول أنه ليس بجديد في الأدب العربي و يسوق الأمثلة و الأدلة من خلال الشعر الجاهلي على سبيل المثال عمر بن أبي ربيعة أو حكايات ألف ليلة و ليلة و غيرها من الأمثلة حتى في الشعر الحديث يذكر بقوة شعر نزار قباني و غيره من الشعراء ، و هناك من يذهب بعيدا لإكتشاف جذور لهذه الكتابات من خلال الكتاب المقدس.
إذا بحثنا عن أصل الكلمة erotic في اللغة الإنجليزية تعني المثير للشهوة، أما كلمة ايروسية بالروسية تعود التسمية لأحد آلهة الحب عند الإغريق.
هناك من يرى المبدع الذي يستخدم الجسد و الصور الجنسية في كتاباته ، ما هو إلا نوعا من العبثية الواضحة، و كل ما يهدف له كسر تابو الأخلاق و القيم المجتمعية و الدينية و تحطيم تابو الجسد المحرم.
هناك من يذهب إلى وصف أكثر تطرفا من حيث وصف هذا المبدع بالعاجز عن الإتصال الفعلي بالآخر و بالتالي يحتمي بنصه فتظل لذته كامنة وراء ذلك النص باعتباره نتيجة لهذا العجز.
قال رولان بارت في ( لذة النص) أن الكلمة تكون شبقية بشرطين متعارضتين هما التكرار المفرط و الحضور غير اللائق.
الأدب الإيروتيكي ما هو إلا استخداما الوصف الجسدي المخفي باللغة و الإعلان عن دواله عن قصد لكي يتم توضيح الإيحاء الذي تم من خلال الكلمة الشبقية.
فذلك هو المنتج الرئيس للصور الشعرية، حيث أن غالبية عوالم الكتابة الإبداعية مفتوحة على فعل التخييل.
تظل الكتابة عن الجسد و العلاقات الحميمية سلاحا ذو حدين إذا ظهر جليا الحد الفاصل بين ( الفن و اللافن) ، أو الحد الفاصل بين ( الإبداع و الإبتذال)، أو الحد الفاصل بين (الصور الشعرية العاطفية و الحب السامي، و بين السرد الجنسي المباشر و وصف ما لا ينبغي دون هدف سوى الجنس من أجل الجنس)، تصبح الكتابة راقية و تستحق الإهتمام و النظر داخل مميزاته الإبداعية.
الكتابة عن الحب بكل أنواعه يعد سموا و هدفا ساميا، "ايفان بونين" تقريبا كان الحب بين الرجل و المرأة هو المحور الرئيس لكل أعماله حتى أطلق بعض النقاد عليه لقب موسوعة الحب، و يعتقدون أنه لا يوجد في الأدب العربي مثيل له و من ضمن أعماله (ضربة شمس)، و (في باريس)، و (آلة الكتابة).
في الأدب العربي الحديث ظهر إبداع أدونيس الإيروتيكي، خاصة في المجموعة الشعرية " تاريخ يتمزق في جسد المرأة"، التي كتبها بين عام 2005 و 2006.
يبني ادونيس عالما بكل تفاصيله الصغيرة و الكبيرة ، عالما يجتاحه المد الغامر و يعلوه موج هادر في بحر التوق و الرغبة لترتعش الأيدي و الأصوات.
نكتشف أن ادونيس لم يكن يقصد سيرة (امرأة حية ميته)، لكنه يتعدى ذلك إلى ما آلت إليه صورتها في تاريخ البشرية بشكل عام.
بالتأكيد الأدب الإيروتيكي الراقي يبعد بمسافة كبيرة عن أدب اللذة الذي انتشر في الأدب الغربي بعد الحرب العالمية الثانية تحديدا في ستينات القرن الماضي.
في هذه الدراسة تحديدا نذكر الشعر الايروتيكي الحديث خاصة المنتج من معين المبدعات العربيات مثل جمانة حداد اللبنانية التي صرحت في حديث لموقع ايلاف أن المعيار الأول و الأخير لتقويم القصيدة، قيمتها الأدبية لا إيروتيكيتها و لا تصوفها و لا جرأتها و لا براءتها ...الخ.... تلك تجليات محب و هي إما تجليات موهبة حقيقية و إما تكون فقاعات لغوية يحكي البعض عن طهر القصيدة و فضيلتها كأن للشعر مهمة تربوية.
أضافت جمانة قائلة: أنا إذا كتبت عن جسدي، لا أفعل ذلك لكي استعرض عضلات جرأتي بل سعيا مني إلى أن أكون أمينة لما أعيشه في داخلي و لما اهجس به، جسدي جزء مني و من روحي و عقلي و هو حقل تجاربي و ميدان عيش الحياة، هو الأرض التي تستقبل في رحم ترابها الشمس و القمر و المطر و الريح و النهر و العصافير و الناس حتى عندما أكتب اشعر أني اكتب بجسدي و عليه، إن كلماتي تنفجر من مسامي و تنحفر على جلدي نفسه.
فاطمة ناعوت شاعرة مصرية تصف إيروتيكيتها بعبارة (إيروتيكية خجولة). و تعطي مثالا بقصيدتها (الرعوي) التي تعبر عن إيروتيكية مغلفة بخجل شفاف.
تكسرني و....
مثل جوزة
تحمل مجساتها و نبضها و بلل أجزائها
وتتهيأ للحياة
ترفعني
مثل تونة تفتح مخملها
وتهب عصارتها لقروي خشن
يحمل معولا
وسلة خوص.
الشاعر الهولندي يعقوب دل فراي يقول
اضاجع كلمتها فتولد القصيدة
على فراش الشعر
مخاض و لزوجة سائل
بعد قليل ثمة نهد متهور
يتكور
لكن ليس مثل كرة.
مازال الأدب العربي لا يتخذ خطوة حاسمة نحو الأدب الإيروتيكي يتقدم خطوة و يتأخر أخرى رغم المحاولات الجريئة التي تم تفعيلها لكنها مازالت في طور التجريب لم تحرز نجاحا ملحوظا ربما لشدة النقد و الهجوم الكاسح الذي يحتاج من المبدعين الذين يهتمون بالأدب الايروتيكي ايضا هجوما كاسحا مضادا اكثر قوة و عنفوان
كتب: نبهان رمضان
كعادة الحياة عموما، عندما يظهر شيء جديد، هناك من يؤيد و يؤازر بكل قوة و هناك من يشارك و ينخرط و يتماهى مع كل جديد إذا راق له و وافق هواه و هناك من يعترض و يشجب بهوادة، و هناك من يظهر قوة في معارضته و يعلن رفضه بحزم و صرامة. هكذا الأدب الإيروتيكي في الوسط الثقافي العربي رغم أن هناك من يقول أنه ليس بجديد في الأدب العربي و يسوق الأمثلة و الأدلة من خلال الشعر الجاهلي على سبيل المثال عمر بن أبي ربيعة أو حكايات ألف ليلة و ليلة و غيرها من الأمثلة حتى في الشعر الحديث يذكر بقوة شعر نزار قباني و غيره من الشعراء ، و هناك من يذهب بعيدا لإكتشاف جذور لهذه الكتابات من خلال الكتاب المقدس.
إذا بحثنا عن أصل الكلمة erotic في اللغة الإنجليزية تعني المثير للشهوة، أما كلمة ايروسية بالروسية تعود التسمية لأحد آلهة الحب عند الإغريق.
هناك من يرى المبدع الذي يستخدم الجسد و الصور الجنسية في كتاباته ، ما هو إلا نوعا من العبثية الواضحة، و كل ما يهدف له كسر تابو الأخلاق و القيم المجتمعية و الدينية و تحطيم تابو الجسد المحرم.
هناك من يذهب إلى وصف أكثر تطرفا من حيث وصف هذا المبدع بالعاجز عن الإتصال الفعلي بالآخر و بالتالي يحتمي بنصه فتظل لذته كامنة وراء ذلك النص باعتباره نتيجة لهذا العجز.
قال رولان بارت في ( لذة النص) أن الكلمة تكون شبقية بشرطين متعارضتين هما التكرار المفرط و الحضور غير اللائق.
الأدب الإيروتيكي ما هو إلا استخداما الوصف الجسدي المخفي باللغة و الإعلان عن دواله عن قصد لكي يتم توضيح الإيحاء الذي تم من خلال الكلمة الشبقية.
فذلك هو المنتج الرئيس للصور الشعرية، حيث أن غالبية عوالم الكتابة الإبداعية مفتوحة على فعل التخييل.
تظل الكتابة عن الجسد و العلاقات الحميمية سلاحا ذو حدين إذا ظهر جليا الحد الفاصل بين ( الفن و اللافن) ، أو الحد الفاصل بين ( الإبداع و الإبتذال)، أو الحد الفاصل بين (الصور الشعرية العاطفية و الحب السامي، و بين السرد الجنسي المباشر و وصف ما لا ينبغي دون هدف سوى الجنس من أجل الجنس)، تصبح الكتابة راقية و تستحق الإهتمام و النظر داخل مميزاته الإبداعية.
الكتابة عن الحب بكل أنواعه يعد سموا و هدفا ساميا، "ايفان بونين" تقريبا كان الحب بين الرجل و المرأة هو المحور الرئيس لكل أعماله حتى أطلق بعض النقاد عليه لقب موسوعة الحب، و يعتقدون أنه لا يوجد في الأدب العربي مثيل له و من ضمن أعماله (ضربة شمس)، و (في باريس)، و (آلة الكتابة).
في الأدب العربي الحديث ظهر إبداع أدونيس الإيروتيكي، خاصة في المجموعة الشعرية " تاريخ يتمزق في جسد المرأة"، التي كتبها بين عام 2005 و 2006.
يبني ادونيس عالما بكل تفاصيله الصغيرة و الكبيرة ، عالما يجتاحه المد الغامر و يعلوه موج هادر في بحر التوق و الرغبة لترتعش الأيدي و الأصوات.
نكتشف أن ادونيس لم يكن يقصد سيرة (امرأة حية ميته)، لكنه يتعدى ذلك إلى ما آلت إليه صورتها في تاريخ البشرية بشكل عام.
بالتأكيد الأدب الإيروتيكي الراقي يبعد بمسافة كبيرة عن أدب اللذة الذي انتشر في الأدب الغربي بعد الحرب العالمية الثانية تحديدا في ستينات القرن الماضي.
في هذه الدراسة تحديدا نذكر الشعر الايروتيكي الحديث خاصة المنتج من معين المبدعات العربيات مثل جمانة حداد اللبنانية التي صرحت في حديث لموقع ايلاف أن المعيار الأول و الأخير لتقويم القصيدة، قيمتها الأدبية لا إيروتيكيتها و لا تصوفها و لا جرأتها و لا براءتها ...الخ.... تلك تجليات محب و هي إما تجليات موهبة حقيقية و إما تكون فقاعات لغوية يحكي البعض عن طهر القصيدة و فضيلتها كأن للشعر مهمة تربوية.
أضافت جمانة قائلة: أنا إذا كتبت عن جسدي، لا أفعل ذلك لكي استعرض عضلات جرأتي بل سعيا مني إلى أن أكون أمينة لما أعيشه في داخلي و لما اهجس به، جسدي جزء مني و من روحي و عقلي و هو حقل تجاربي و ميدان عيش الحياة، هو الأرض التي تستقبل في رحم ترابها الشمس و القمر و المطر و الريح و النهر و العصافير و الناس حتى عندما أكتب اشعر أني اكتب بجسدي و عليه، إن كلماتي تنفجر من مسامي و تنحفر على جلدي نفسه.
فاطمة ناعوت شاعرة مصرية تصف إيروتيكيتها بعبارة (إيروتيكية خجولة). و تعطي مثالا بقصيدتها (الرعوي) التي تعبر عن إيروتيكية مغلفة بخجل شفاف.
تكسرني و....
مثل جوزة
تحمل مجساتها و نبضها و بلل أجزائها
وتتهيأ للحياة
ترفعني
مثل تونة تفتح مخملها
وتهب عصارتها لقروي خشن
يحمل معولا
وسلة خوص.
الشاعر الهولندي يعقوب دل فراي يقول
اضاجع كلمتها فتولد القصيدة
على فراش الشعر
مخاض و لزوجة سائل
بعد قليل ثمة نهد متهور
يتكور
لكن ليس مثل كرة.
مازال الأدب العربي لا يتخذ خطوة حاسمة نحو الأدب الإيروتيكي يتقدم خطوة و يتأخر أخرى رغم المحاولات الجريئة التي تم تفعيلها لكنها مازالت في طور التجريب لم تحرز نجاحا ملحوظا ربما لشدة النقد و الهجوم الكاسح الذي يحتاج من المبدعين الذين يهتمون بالأدب الايروتيكي ايضا هجوما كاسحا مضادا اكثر قوة و عنفوان
كتب: نبهان رمضان