اقرأ في بعض المقابلات المجراة مع الأدباء والكتاب والشعراء،اوفي كتب مذكراتهم،عندما يسألون عن أوقات الكتابة،او كيف يكتبون ومتى؟جواباً كنت أنظر إليه بعين عدم الرضا،اوعدم التصديق،فغالباً ما يأتي الجواب:أنه يجلس إلى مكتبه،أو آلته الكاتبة في الساعة كذا صباحاً،ويظل يكتب حتى قبيل الظهر،ثم يتغدى ويأخذ قسطاً من الراحة،أو قيلولة قصيرة،ثم يواصل نشاطه الكتابي من الساعة كذا إلى الساعة كذا مساء.
كنت أحاور نفسي هل هذا الكاتب جندي حراسة عليه واجب ينبغي أن يؤديه في الوقت المحدد؟ وكيف تواتيه الكتابة وتأتيه،وكيف يتدفق حبر قلمه؟!وكنت أميل الى عدم تصديقها ،وإنها من تنفجات الكتاب واخيلتهم،لأني أرى أن للكتابة طقوسها الخاصة جداً،وماكل وقت ملائم للكتابة،وقد يمر على المبدع حين من الدهر ولا يستطيع أن يخط حرفا واحدا،وقد تواتيه الأفكار وتنثال عليه انثيالا في أوقات أخر،اومكان غير ملائم،وهوبعيدعن اطراسه واحباره،ويحضرني هنا ما دونه المبدع الراحل مهدي عيسى الصقر ( ١٩٢٧-٢٠٠٦)في كتابه (وجع الكتابة.مذكرات ويوميات)"بالأمس وأنا أجلس على كرسي طبيب الأسنان...ووجه الطبيب المنشغل يتحرك على مقربة من وجهي،اصابعه تقود المبرد الكهربائي ليحفر في اسناني،خطرت في بالي عبارة وردت في مسودة روايتي...لتكون أعمق دلالة،وجاءتني الكلمات البديلة وسط أزيز المبرد المزعج..ويدوي داخل رأسي بالحاج مؤلم""تراجع ص٩٧ من الكتاب.
وإذ ظللت على رأيي هذا،حتى وجدت صداه،وانا اقرأ رأيا رائعا لأحد كبار المعتزلة و أوائلهم؛ ابي سهل بشر بن المعتمر (. -٢٢٠)وكان من بلغاء المعتزلة والفصحاء،مما دونه بما عرفت في الأدبيات التراثية المعتزلية ب(صحيفة بشر بن المعتمر البلاغية)فتحدد الصحيفة كما ينقل لنا الأستاذ الجامعي والباحث السوري الدكتور وليد قصاب (١٩٤٨-)في كتابه ( التراث النقدي والبلاغي المعتزلة حتى نهاية القرن السادس الهجري)والمطبوع في الدوحة ١٤٠٥-١٩٨٥, والكتاب في الأصل بحث مقدم إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة،ونال عنه الباحث وليد قصاب درجة الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى سنة ١٩٧٦،تحدد الصحيفة للأديب أوقاتا يسمح فيها القول وتجود القريحة،فليس الأديب أو الفنان بقادر على الابداع في كل لحظة،ولايواتيه القول في كل زمن،وذلك القول الذي تأتيك به نفسك(ساعة نشاطك وفراغ بالك هو القول الجيد،وهو أكرم جوهراً وأشرف حسباً وأحسن في الأسماع والصدور،من ذلك القول الذي يعطيك يومك الأطول بالكد والمطاولة والمجاهدة).
هذا هو رأي بشر بن المعتمر،المفكر المعتزلي المؤثر في الموجة المعتزلية التي سادت الحياة العربية الإسلامية منذ بداية القرن الثاني الهجري،وتالقت يوم تبناها الخليفة المأمون.
وهذا الشاعر الفرزدق يؤكد مارسخ في ذهني،من أن الأديب قد لاتواتيه الكتابة في كل الاوقات،كما يذكر أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (١٥٠-٢٥٥)في الجزء الاول من كتابه (البيان والتبيين) يقول الفرزدق ( أنا عند الناس أشعر الشعراء
،وربمامرت علي ساعة ونزع ضرس أهون علي من أن أقول بيتا من الشعر؟ وقال العجاج:لقد قلت ارجوزتي التي أولها ( بكيت والمختزن البكي) وأنا بالرمل في ليلة واحدة،فانثالت علي قوافيها انثيالا،واني لأريد اليوم دونها في الأيام الكثيرة فما أقدر عليه) تراجع ص٢٠٩ من طبعة مكتبة الخانجي الطبعة الثالثة ١٣٨٨-١٩٦٨
* نقلا عن:
رأي بشر بن المعتمر المعتزلي في أوقات الكتابة ومواتاتها
كنت أحاور نفسي هل هذا الكاتب جندي حراسة عليه واجب ينبغي أن يؤديه في الوقت المحدد؟ وكيف تواتيه الكتابة وتأتيه،وكيف يتدفق حبر قلمه؟!وكنت أميل الى عدم تصديقها ،وإنها من تنفجات الكتاب واخيلتهم،لأني أرى أن للكتابة طقوسها الخاصة جداً،وماكل وقت ملائم للكتابة،وقد يمر على المبدع حين من الدهر ولا يستطيع أن يخط حرفا واحدا،وقد تواتيه الأفكار وتنثال عليه انثيالا في أوقات أخر،اومكان غير ملائم،وهوبعيدعن اطراسه واحباره،ويحضرني هنا ما دونه المبدع الراحل مهدي عيسى الصقر ( ١٩٢٧-٢٠٠٦)في كتابه (وجع الكتابة.مذكرات ويوميات)"بالأمس وأنا أجلس على كرسي طبيب الأسنان...ووجه الطبيب المنشغل يتحرك على مقربة من وجهي،اصابعه تقود المبرد الكهربائي ليحفر في اسناني،خطرت في بالي عبارة وردت في مسودة روايتي...لتكون أعمق دلالة،وجاءتني الكلمات البديلة وسط أزيز المبرد المزعج..ويدوي داخل رأسي بالحاج مؤلم""تراجع ص٩٧ من الكتاب.
وإذ ظللت على رأيي هذا،حتى وجدت صداه،وانا اقرأ رأيا رائعا لأحد كبار المعتزلة و أوائلهم؛ ابي سهل بشر بن المعتمر (. -٢٢٠)وكان من بلغاء المعتزلة والفصحاء،مما دونه بما عرفت في الأدبيات التراثية المعتزلية ب(صحيفة بشر بن المعتمر البلاغية)فتحدد الصحيفة كما ينقل لنا الأستاذ الجامعي والباحث السوري الدكتور وليد قصاب (١٩٤٨-)في كتابه ( التراث النقدي والبلاغي المعتزلة حتى نهاية القرن السادس الهجري)والمطبوع في الدوحة ١٤٠٥-١٩٨٥, والكتاب في الأصل بحث مقدم إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة،ونال عنه الباحث وليد قصاب درجة الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى سنة ١٩٧٦،تحدد الصحيفة للأديب أوقاتا يسمح فيها القول وتجود القريحة،فليس الأديب أو الفنان بقادر على الابداع في كل لحظة،ولايواتيه القول في كل زمن،وذلك القول الذي تأتيك به نفسك(ساعة نشاطك وفراغ بالك هو القول الجيد،وهو أكرم جوهراً وأشرف حسباً وأحسن في الأسماع والصدور،من ذلك القول الذي يعطيك يومك الأطول بالكد والمطاولة والمجاهدة).
هذا هو رأي بشر بن المعتمر،المفكر المعتزلي المؤثر في الموجة المعتزلية التي سادت الحياة العربية الإسلامية منذ بداية القرن الثاني الهجري،وتالقت يوم تبناها الخليفة المأمون.
وهذا الشاعر الفرزدق يؤكد مارسخ في ذهني،من أن الأديب قد لاتواتيه الكتابة في كل الاوقات،كما يذكر أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (١٥٠-٢٥٥)في الجزء الاول من كتابه (البيان والتبيين) يقول الفرزدق ( أنا عند الناس أشعر الشعراء
،وربمامرت علي ساعة ونزع ضرس أهون علي من أن أقول بيتا من الشعر؟ وقال العجاج:لقد قلت ارجوزتي التي أولها ( بكيت والمختزن البكي) وأنا بالرمل في ليلة واحدة،فانثالت علي قوافيها انثيالا،واني لأريد اليوم دونها في الأيام الكثيرة فما أقدر عليه) تراجع ص٢٠٩ من طبعة مكتبة الخانجي الطبعة الثالثة ١٣٨٨-١٩٦٨
* نقلا عن:
رأي بشر بن المعتمر المعتزلي في أوقات الكتابة ومواتاتها