لطالما تردَّد ويتردَّد أن المرأة بكل ما فيها عورة، من حضورها اللحمي إلى حضورها الصوتي بما أنه صادر عن الآخر. لَكَم أقلقتني هذه العورة " المفرد: الجمع "، وكانت وراء انشغالي المديد لأن أكتب تاريخ العورات: النشأة، الحافز، المناخ، والتداعيات...الخ.
سأدع ما اشتغلت عليه حتى الآن، وأنا أقدّم فكرة موجزة عن هذه العورة بالذات. مجرد فكرة!
من الذي انكشفت عورته للآخر، ومن يكون حمّال عورات، ومن الذي " ملأ الدنيا وشغل الناس " بقائمة العورات، أو بـ " شبح العورة "، وكيف تمكَّن من تفعيلها في المنامات وفي اللغة ؟
إنه هذا المشدود إلى هذا الذي يعرَف به، ويكون مثيراً للضحك أحياناً: الرَّجُل، وأنا أضع مقابله: الرّجل. فالرجل هو من يمشي على " رجْله/ رجْليْه "، هو من يترجل، ويكون راجلاً، وربما يكون مرتجلاً كلامَه ..! هل من غرابة في هذه اللمة من الكلمات ؟
العورة تتناسب والضعف الواقع، أو المصنَّع بالمقابل. هكذا أريد من المرأة أن تكون حصيلة " ضلع " من الرجل، كما يقول النص التوراتي والمزكَّى إسلامياً . أي ضلع فاسد، مأهول بالفتن وارتكاب " الموبقات "، الضلع المستقى من الرجل؟ أأراد الرجل، تبعاً للنص المرجع، أن يتحرر من الشرور والموبقات، ويكون خارج العورة، عبر طرح ضلع " مدروس " خارجاً؟
لا بد أن الذي ظهرت عورته، قبل كل شيء، هو الرجل. أي : آدم، فهو الذي لم يتمالك نفسه إزاء الثمرة الشهية البهية، الغريبة العجيب من الشجرة الإلهية الخاصة، بدافع من حوّاء. أو كان يستطيع رفض طلب لها، وهو يعيش متخيلات جسدها الذي اكتمل ضلعياً، ويتوق إليه ؟!
مَن اللعوب في المسافة الفاصلة بينهما ؟ أهو تقدير قدير، أم تدبير بصير، أم مكرُ كبير ؟
أنا على يقين شبه تام، أن أول من أبصر عورته، أعني عريه، هو آدم نفسه. رغم أنني متحفظ تماماً على مفردة/ سبّة " العورة " إلى يوم " الدين "، فهي ليست أكثر من اشتقاق للعري، سوى أنه العري الذي يتركز على منطقة معينة من الجسم، والتي تجمع بين اتجاهين متقابلين ولهما وظيفة ثابتة : الإطْراح من خلال تناول الطعام " الدبر ". ولا أدري هنا ما إذا كان دبر أبي البشرية " آدم " موجوداً قبل تناول الثمرة المحرمة أم بعدها؟ إنه سؤال منطقي، لا أتنازل عن طرحه مراراً، أو أبدّله تبديلاً، ولدي حجتي، وهي أن جنة الله لا يجوز أن " تتلوث " ببراز أو بول، وهذان متعلقان بعملية تناول الطعام والشراب.
ربما ينبري من يقول: لا بد أن الدبر أوجِد فيما بعد، دون ذلك يكون سؤال مباشر: إن لم يكن الدبر موجوداً لأداء دور بيولوجي-فيزيولوجي، أيكون لمجرد " الزينة " ؟
في الطرف الآخر، يكون الفرج والذي يشمل الاثنين، ولا يقتصر على المرأة وحدها. ربما أراد الرجل القيّوم أن يقصي عنه مفهوم الفرج باعتباره أنثوياً، ليقول فيه ما يشاء، حتى لا تختلط عليه الأمور. ويكون لعضوه، كما يقال، اسم نافذ، طبيعي " القضيب ". إنه مستعار من الخارج طبعاً، رغم أنه يوحي بالصلف. وإذا تردد اسم " الإير " فهنا أتساءل: هل من رابط بين هذا وما يتردد في اليونانية " الإيروس " أي الدال على الجنس، إنما على الحياة عموماً، نقيض الثاناتوس " كل ما يدل على الموت ". كما لو أن " الإير " هو المستفرد بالحياة، ويكون مآله الموت. ومن هناك كانت الإيروسية " الإيروتيكية المحبَّبة عند المأخوذين بحمّى المكاشفة الجنسية ! "
ماذا يحصل لو قلنا " الفرجية " ؟ لن يستقيم المعنى، أليس كذلك ؟ لتكن هناك محاولة تكرار هذا الاسم " المصطلح المقترح " لوقت كان ، ليكون هناك قبول به وتداول له .
لنعد إلى ما بدأنا به:
بين اشتهاء الثمرة، واشتعال شهوة " الأنثى " الأولى في التاريخ البشري، يكون لدينا حضور الرجل، وهو بعورته. أما المرأة فتكون التالية بعورتها. من يخيف من، ومن يخيف أكثر مِن مَن أكثر في الحالة هذه ؟
أن يكون جِماع المرأة عورة " حتى اسمها، كما يظهر "، فهذا يشير إلى عراقة " فوبيا المرأة " في خافية الرجل الذي كان انكشاف عورته بداية تاريخ غفْل من الاسم، وليجري إسقاط المرئي على الآخر، كما لو أن الرجل يعيش حالة خوف مستمر من العورة التي تقض مضجعه، بما أنها أقضت مضع" أبيه " الأول، العورة التي تذكّره باستمرار كذلك بـ" الزلَّة " القاتلة، وهي " مبرمجة " تاريخياً، حيث انكشفت عورته.. ولا أدري ماذا كان " أبوانا " يلبسان حينها، ما إذا كانا يرتديان شيئاً أما لا، وكيف؟ أم أن العورة مفهوم مجازي، حيث جاءت بداية المعرفة مدخلاً إلى التلاقي " الجنسي " بينهما، لتبدأ حياة أرضية؟ أي حيث تكون العورة مرفوضة إلهياً. ولأن آدم أبصر عورته الدالة على " زلَّته " أسقطها على حواء، أو من جاء بعده .
لتصبح اللغة ذاتها عورة، من خلال بنيتها القواعدية، في الصرف والنحو، فكل تأء تأنيث أو " دالة على المؤنث " تشبَّه بمؤخرة المرأة، أو عورتها " المتروسة " بالغواية !
دون ذلك، لماذا يخشى الرجل عورته ؟ لأن في ذلك جانباً من الشبه بينهما، وهو نفسه يؤذي مشاعره، وربما يهينه، رغم أنه يتباهى بـ " جماله الجسماني " حتى وهو يبرز صلابة مؤخرته، ويكون هناك بروز " لنتوئه " الذكري الضاغط على " شورته " إشهاراً لتميُّزه .
تكون عورة الرجل تفسيراً، وعورة المرأة تأويلاً !
أعلينا أن نمضي أكثر في مكاشفة سردية " العورة " الكبرى ؟
[SIZE=6]إبراهيم محمود[/SIZE]
سأدع ما اشتغلت عليه حتى الآن، وأنا أقدّم فكرة موجزة عن هذه العورة بالذات. مجرد فكرة!
من الذي انكشفت عورته للآخر، ومن يكون حمّال عورات، ومن الذي " ملأ الدنيا وشغل الناس " بقائمة العورات، أو بـ " شبح العورة "، وكيف تمكَّن من تفعيلها في المنامات وفي اللغة ؟
إنه هذا المشدود إلى هذا الذي يعرَف به، ويكون مثيراً للضحك أحياناً: الرَّجُل، وأنا أضع مقابله: الرّجل. فالرجل هو من يمشي على " رجْله/ رجْليْه "، هو من يترجل، ويكون راجلاً، وربما يكون مرتجلاً كلامَه ..! هل من غرابة في هذه اللمة من الكلمات ؟
العورة تتناسب والضعف الواقع، أو المصنَّع بالمقابل. هكذا أريد من المرأة أن تكون حصيلة " ضلع " من الرجل، كما يقول النص التوراتي والمزكَّى إسلامياً . أي ضلع فاسد، مأهول بالفتن وارتكاب " الموبقات "، الضلع المستقى من الرجل؟ أأراد الرجل، تبعاً للنص المرجع، أن يتحرر من الشرور والموبقات، ويكون خارج العورة، عبر طرح ضلع " مدروس " خارجاً؟
لا بد أن الذي ظهرت عورته، قبل كل شيء، هو الرجل. أي : آدم، فهو الذي لم يتمالك نفسه إزاء الثمرة الشهية البهية، الغريبة العجيب من الشجرة الإلهية الخاصة، بدافع من حوّاء. أو كان يستطيع رفض طلب لها، وهو يعيش متخيلات جسدها الذي اكتمل ضلعياً، ويتوق إليه ؟!
مَن اللعوب في المسافة الفاصلة بينهما ؟ أهو تقدير قدير، أم تدبير بصير، أم مكرُ كبير ؟
أنا على يقين شبه تام، أن أول من أبصر عورته، أعني عريه، هو آدم نفسه. رغم أنني متحفظ تماماً على مفردة/ سبّة " العورة " إلى يوم " الدين "، فهي ليست أكثر من اشتقاق للعري، سوى أنه العري الذي يتركز على منطقة معينة من الجسم، والتي تجمع بين اتجاهين متقابلين ولهما وظيفة ثابتة : الإطْراح من خلال تناول الطعام " الدبر ". ولا أدري هنا ما إذا كان دبر أبي البشرية " آدم " موجوداً قبل تناول الثمرة المحرمة أم بعدها؟ إنه سؤال منطقي، لا أتنازل عن طرحه مراراً، أو أبدّله تبديلاً، ولدي حجتي، وهي أن جنة الله لا يجوز أن " تتلوث " ببراز أو بول، وهذان متعلقان بعملية تناول الطعام والشراب.
ربما ينبري من يقول: لا بد أن الدبر أوجِد فيما بعد، دون ذلك يكون سؤال مباشر: إن لم يكن الدبر موجوداً لأداء دور بيولوجي-فيزيولوجي، أيكون لمجرد " الزينة " ؟
في الطرف الآخر، يكون الفرج والذي يشمل الاثنين، ولا يقتصر على المرأة وحدها. ربما أراد الرجل القيّوم أن يقصي عنه مفهوم الفرج باعتباره أنثوياً، ليقول فيه ما يشاء، حتى لا تختلط عليه الأمور. ويكون لعضوه، كما يقال، اسم نافذ، طبيعي " القضيب ". إنه مستعار من الخارج طبعاً، رغم أنه يوحي بالصلف. وإذا تردد اسم " الإير " فهنا أتساءل: هل من رابط بين هذا وما يتردد في اليونانية " الإيروس " أي الدال على الجنس، إنما على الحياة عموماً، نقيض الثاناتوس " كل ما يدل على الموت ". كما لو أن " الإير " هو المستفرد بالحياة، ويكون مآله الموت. ومن هناك كانت الإيروسية " الإيروتيكية المحبَّبة عند المأخوذين بحمّى المكاشفة الجنسية ! "
ماذا يحصل لو قلنا " الفرجية " ؟ لن يستقيم المعنى، أليس كذلك ؟ لتكن هناك محاولة تكرار هذا الاسم " المصطلح المقترح " لوقت كان ، ليكون هناك قبول به وتداول له .
لنعد إلى ما بدأنا به:
بين اشتهاء الثمرة، واشتعال شهوة " الأنثى " الأولى في التاريخ البشري، يكون لدينا حضور الرجل، وهو بعورته. أما المرأة فتكون التالية بعورتها. من يخيف من، ومن يخيف أكثر مِن مَن أكثر في الحالة هذه ؟
أن يكون جِماع المرأة عورة " حتى اسمها، كما يظهر "، فهذا يشير إلى عراقة " فوبيا المرأة " في خافية الرجل الذي كان انكشاف عورته بداية تاريخ غفْل من الاسم، وليجري إسقاط المرئي على الآخر، كما لو أن الرجل يعيش حالة خوف مستمر من العورة التي تقض مضجعه، بما أنها أقضت مضع" أبيه " الأول، العورة التي تذكّره باستمرار كذلك بـ" الزلَّة " القاتلة، وهي " مبرمجة " تاريخياً، حيث انكشفت عورته.. ولا أدري ماذا كان " أبوانا " يلبسان حينها، ما إذا كانا يرتديان شيئاً أما لا، وكيف؟ أم أن العورة مفهوم مجازي، حيث جاءت بداية المعرفة مدخلاً إلى التلاقي " الجنسي " بينهما، لتبدأ حياة أرضية؟ أي حيث تكون العورة مرفوضة إلهياً. ولأن آدم أبصر عورته الدالة على " زلَّته " أسقطها على حواء، أو من جاء بعده .
لتصبح اللغة ذاتها عورة، من خلال بنيتها القواعدية، في الصرف والنحو، فكل تأء تأنيث أو " دالة على المؤنث " تشبَّه بمؤخرة المرأة، أو عورتها " المتروسة " بالغواية !
دون ذلك، لماذا يخشى الرجل عورته ؟ لأن في ذلك جانباً من الشبه بينهما، وهو نفسه يؤذي مشاعره، وربما يهينه، رغم أنه يتباهى بـ " جماله الجسماني " حتى وهو يبرز صلابة مؤخرته، ويكون هناك بروز " لنتوئه " الذكري الضاغط على " شورته " إشهاراً لتميُّزه .
تكون عورة الرجل تفسيراً، وعورة المرأة تأويلاً !
أعلينا أن نمضي أكثر في مكاشفة سردية " العورة " الكبرى ؟
[SIZE=6]إبراهيم محمود[/SIZE]