شموئيل يوسف عجنون - ثلاث شقيقات.. قصة قصيرة - ترجمة إلى العربية: محمد عبد الدايم

أقامت ثلاث شقيقات في بيت مظلم، وكن يخيطن ثوبا أبيضا لآخرين، من طلعة الصباح حتى منتصف الليل من ليلة السبت إلى مساء السبت في الظلمة ولم تفلتن من أصابعهن لا المقصات ولا الإبرة ولا توقفت قلوبهن عن التأوه، لا في أيام الصيف ولا في أيام الشتاء، لكنهن لم يجدن بركة في عملهن، وإن وجدن كسرة خبز جافة لم تكن لتكفيهن، ذات مرة انشغلن بعمل فستان جميل لعروس ثرية، ما إن انتهين من عملهن إلا وتذكرن محنتهن، حيث ليس لديهن شيئ سوى جلد على أجسادهن، وحتى هو هرِم وضعيف. امتلأت قلوبهن حزنا.
تنهدت واحدة وقالت: كل أيامنا ونحن عاكفات ونكدح لأخريات، وليس لدينا حتى قطعة قماش كي نعمل منها أكفانا لأنفسنا.
قالت الثانية: يا أختي لا تفتحي بابا للشيطان، وحتى هي تأوهت حتى ذرفت دمعة.
أرادت الثالثة أن تقول هي الأخرى شيئا، وما إن شرعت في الحديث إلا وبصقت دفقة من دم من فمها ولوثت الفستان. حينما أحضرت الفستان للعروس، خرج السيد الثري من بهوه، رأى البقعة
فوبخ الحائكة وأخرجها مقرعا إياها، ولا حاجة للقول بأنه لم يعطها أجرها.
يا للحسرة، لو بصقت الثانية دما والثالثة كانت تبكي؛ كنا نستطيع أن نغسل الفستان بدموعها، ولم يكن السيد غضب منا، لكن ليس كل شيء يأتي جميلا في وقته، وحتى لو جاء كل شيء جميلا في وقته، أي لو كانت هذه تبكي بعدما بصقت هذه دما، فكذلك ليس هنا ثمة عزاء تام.



* من مدونة محمد عبدالدايم




شموئيل يوسف عجنون
(17 يونيو 1888- 17 فبراير 1970)
كاتب يهودي إسرائيلي أوكرانيالأصل، حاز على جائزة نوبل في الآداب عام 1966 مناصفة مع الكاتبة اليهودية السويدية نيللي زاكس
حرصت أسرته على تعليمه جيدا بعيدا عن المدارس، وحينما بلغ الثامنة من عمره تمكن من الكتابة بالعبرية والييديشية، ونشر أول قصيدة له باليديشية في عمر الخامسة عشر، وفي السنة اللاحقة نشر أول قصيدة بالعبرية.
عمل مساعدا لمحرر الصحيفة اليهودية البولندية باللغة اليديشية "الموقظ اليهودي" في عامي 1906و 1907، حيث نشر بعض أعماله الأدبية الأولى.
هاجر إلى فلسطين عام ١٩٠٧ ، وعاش يافا والقدس، في عام 1908 نشر قصة "عجونوت" (النساء المخذولات) ، ونشر أول رواية له بعنوان "ويصير المعوج مستقيما" (عنوان الكتب مأخوذة من سفر إشعيا ٤٠/ ٤ )
سافر عجنون فى عام 1913الى ألمانيا، و التقى هناك بالفيلسوف اليهودى "مارتن بوبر"، وبمساعدته عمل على تدوين القصص الشعبيه لحركة الحاسيديم، و فى عام 1924 عاد الى فلسطين ومكث في القدس.

من أشهر أعماله:
· "دخلة العروس"
· "حكاية بسيطة"
· "أمس وأول من أمس"


شموئيل بن عجنون.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى