النموذج الأول الذى أقدمه لهذه الموشحات الأندلسية البديعة هو الثاني في مجموعة الدكتور سيد غازي، وهو من تأليف الوشّاح الأول الذي احتفظت ذاكرة التاريخ باسمه أبو بكر عبادة بن ماء السماء (422هـ) الذي ينتمي إلى عصر قرطبة المرواني، وهو موشح مكتمل البنية في تنظيم مقاطعه، وإن لم يتضمن الخرجة، لكنه مخمس يأتي على وزن الرجز، مع بعض التصرف في التفعيلات، يستهله بقوله:
حب المها عبادة.
من كل بسام السوار/ قمر يطلع
من حسن آفاق الكمال/ حسنه الأبدع
لله ذات حسنٍ/ مليحة المحيا
لها قوام غضين/ وشنفها الثريا
والثغر حب مزن/ رضابه الحميا
من رشفه سعادة.
كأنه صرف العصار/ جوهر رصع
يسقيك من حلو الزلال/ طيب المشرع
تأمل معي هذا التنضيد الموسيقي المرصع بنظام هندسي محكم، مما لا يحتمل معه أن تكون هذه الموشحة من التجارب الأولى، إذ لابد أن يكون قد مضى عليها عهد طويل من النمو والتطور، فنحن أمام تكوين متعدد المستويات والأطوال والقوافي، إذ يبدأ بشطرة مفردة، ذات قافية تتكرر مركزيا على طول الموشحة “حب المها عبادة” فتوجز مذهب الشاعر الغزلي المتحرر، حيث يتجاسر على جعل عشق الحسان عبادة مباشرة، ثم يشرع في وصفهن بطريقة مجازية وفنية بليغة. فالسوار الذي يحيط بمعاصمهن يبتسم وهن يطلعن أقمارا وضيئة مكتملة الحسن والجمال.
عندئذ نجد أسماعنا قد انتبهت لثلاث قواف سيختلف حظها من الانتظام والتكرار، فبعضها سيستمر، وهو المركز والعين، والقوافي الأخرى ستتبدل وتختلف من بيت إلى آخر. على أن الأوصاف التي تدور حولها الصور الشعرية حسية باذخة، ترسم نموذج الجمال الكلاسيكي للمرأة العربية، مع إضافة لمسات أندلسية خاصة مترفة، فقوامها غض وقرطها يبدو كالثريا، أما رضابها من قطرات المطر الصافي المسكرة بخمرها الحلال، ثم يمضي لوضع لمسات أخرى في الصور الثرية:
رشيقة المعاطف/ كالغصن في القوام
شهدية المراشف/ كالدر في نظام
دعصية الروادف/ والخصر في انهضام
جوالة القلادة/ محلولة عقد الإزار/ حسنها أبدع
من حسن ذياك الغزال/ أكحل المدمع
فيتغنى مرة أخرى بالقوام اللدن الرشيق، والريق الحلو كأنه الشهد، والأرداف الممتلئة التي تحاكي كثيب الرمل في استدارتها ونعومتها تحت خصر نحيف مهضوم، ذات عنق مشرعة تجول عليه القلادة، مع إزار محلول يجعل الجمال مع الحرية أبدع وأروع من الغزال الذى اكتحلت مدامعه. إيقاعات نغمية متتالية، تشهد للمنظومة بأنها منحوتة من جسد موسيقي موشح بالخيال الحسي الذي ترتوي من لذته الأسماع والقلوب، فماذا عن بقية الموشح؟ سنوالي قراءته.
حب المها عبادة.
من كل بسام السوار/ قمر يطلع
من حسن آفاق الكمال/ حسنه الأبدع
لله ذات حسنٍ/ مليحة المحيا
لها قوام غضين/ وشنفها الثريا
والثغر حب مزن/ رضابه الحميا
من رشفه سعادة.
كأنه صرف العصار/ جوهر رصع
يسقيك من حلو الزلال/ طيب المشرع
تأمل معي هذا التنضيد الموسيقي المرصع بنظام هندسي محكم، مما لا يحتمل معه أن تكون هذه الموشحة من التجارب الأولى، إذ لابد أن يكون قد مضى عليها عهد طويل من النمو والتطور، فنحن أمام تكوين متعدد المستويات والأطوال والقوافي، إذ يبدأ بشطرة مفردة، ذات قافية تتكرر مركزيا على طول الموشحة “حب المها عبادة” فتوجز مذهب الشاعر الغزلي المتحرر، حيث يتجاسر على جعل عشق الحسان عبادة مباشرة، ثم يشرع في وصفهن بطريقة مجازية وفنية بليغة. فالسوار الذي يحيط بمعاصمهن يبتسم وهن يطلعن أقمارا وضيئة مكتملة الحسن والجمال.
عندئذ نجد أسماعنا قد انتبهت لثلاث قواف سيختلف حظها من الانتظام والتكرار، فبعضها سيستمر، وهو المركز والعين، والقوافي الأخرى ستتبدل وتختلف من بيت إلى آخر. على أن الأوصاف التي تدور حولها الصور الشعرية حسية باذخة، ترسم نموذج الجمال الكلاسيكي للمرأة العربية، مع إضافة لمسات أندلسية خاصة مترفة، فقوامها غض وقرطها يبدو كالثريا، أما رضابها من قطرات المطر الصافي المسكرة بخمرها الحلال، ثم يمضي لوضع لمسات أخرى في الصور الثرية:
رشيقة المعاطف/ كالغصن في القوام
شهدية المراشف/ كالدر في نظام
دعصية الروادف/ والخصر في انهضام
جوالة القلادة/ محلولة عقد الإزار/ حسنها أبدع
من حسن ذياك الغزال/ أكحل المدمع
فيتغنى مرة أخرى بالقوام اللدن الرشيق، والريق الحلو كأنه الشهد، والأرداف الممتلئة التي تحاكي كثيب الرمل في استدارتها ونعومتها تحت خصر نحيف مهضوم، ذات عنق مشرعة تجول عليه القلادة، مع إزار محلول يجعل الجمال مع الحرية أبدع وأروع من الغزال الذى اكتحلت مدامعه. إيقاعات نغمية متتالية، تشهد للمنظومة بأنها منحوتة من جسد موسيقي موشح بالخيال الحسي الذي ترتوي من لذته الأسماع والقلوب، فماذا عن بقية الموشح؟ سنوالي قراءته.