يتابع ابن سهل الإشبيلي أبيات موشحته الفريدة، تأمله عن كثب وهو يرد على من سأله عن سبب جفاء المحبوب وهجرانه له قائلاً:
أيها السائل عن جرمي لديه
لي جزاء الذنب وهو المذنب
فأطلق الذنب على تجني الظبي وهجرانه، وهذا من قبيل المفارقة، ويقول شارح الموشحة، إن الذي وقعت به الفتوى عند أهل الفن في مثل هذا الوقف من الإعراض عن المحب ما ذكره ديوان الصبابة قال: يستحب لمن وسم بالجمال، وأخذ بمجامع القلوب أن يكون كثير التدلل، قليل التبذل، فإن ذلك أدعى للسلامة، وأبعد عن الملامة.
وقد لاحظ الشراح أيضاً أن وصف المحبوب بالمذنب، مهما كام السبب غير لائق، وامتدحوا لذلك ما فضله لسان الدين بن الخطيب في معارضته الشهيرة لموشحة ابن سهل حيث يقول:
إن يكن جار، وخاب الأمل
وفؤاد الصب بالشوق يذوب
فهو للنفس حبيب أول
ليس في الحب لمحبوب ذنوب
فيبرئ محبوبه من كل ذنب، بل يذهب الشعراء إلى أبعد من ذلك، فلا يكتفون بغفران ذنب الهجر، ويتجاوزون ذلك إلى امتداح من يقتلهم في الحب.
وفي بيت ابن سهل المتقدم لون من البديع يسمى الإرصاد، وهو أن يتقدم في البيت ما يشعر بالروي، ويجعل القارئ يتوقع القافية، فالذي يقرأ قول الشاعر “لي جزاء الذنب” ويفهم مراده لا بد أن يستشعر أن القافية البائية ستكون “المذنب”.
ويبدو للوهلة الأولى أنه لا علاقة له بما سبقه، اللهم إلا أن يكون الشروق علامة الإقبال والوصال، والغروب علامة الهجر والغياب، وليس في ذلك ذنب على أحد، فهو من ظواهر الطبيعة، ويبقى أن يظل وجه الحبيب نموذجاً مصغراً للفلك الذي تدور فيه الشمس فتتورد خدوده بالإشراق وتخبو بالغروب، فالشاعر يعود مرة أخرى إلى الضحى الذي سبق له أن قرنه بالابتسام وذكر به السورة القرآنية الكريمة.
والملاحظ أن اختلاف المناخ في المشرق عن المغرب. قد جعل المثل الأعلى لجمال المرأة في المشرق هو القمر، لنداوة ضيائه وسحر نوره الفضي وهو يبدد ظلمات الليل، فيقع على الإنسان برداً وسلاماً وطمأنينة حالمة، بينما شمس الصحراء في المشرق لاهبة كاذية لا يمكن أن توحى بالجمال والتحنان، فيأخذها المغاربة والأندلسيون وأهل الشمال – كما نرى في ذا البيت لابن سهل – مثلاً أعلى لجمال المرأة، حيث تخترق الغيوم وتبدد البرد بدفء الحب وسكينة الروح، فمحبوبة ابن سهل قد تجسدت فيها شمس الضحى، فأصبحت وجناتها مشرقا لها يتضمن أيضاً شفق الغروب بحمرته الضاربة وشجنه الغالب.
أيها السائل عن جرمي لديه
لي جزاء الذنب وهو المذنب
فأطلق الذنب على تجني الظبي وهجرانه، وهذا من قبيل المفارقة، ويقول شارح الموشحة، إن الذي وقعت به الفتوى عند أهل الفن في مثل هذا الوقف من الإعراض عن المحب ما ذكره ديوان الصبابة قال: يستحب لمن وسم بالجمال، وأخذ بمجامع القلوب أن يكون كثير التدلل، قليل التبذل، فإن ذلك أدعى للسلامة، وأبعد عن الملامة.
وقد لاحظ الشراح أيضاً أن وصف المحبوب بالمذنب، مهما كام السبب غير لائق، وامتدحوا لذلك ما فضله لسان الدين بن الخطيب في معارضته الشهيرة لموشحة ابن سهل حيث يقول:
إن يكن جار، وخاب الأمل
وفؤاد الصب بالشوق يذوب
فهو للنفس حبيب أول
ليس في الحب لمحبوب ذنوب
فيبرئ محبوبه من كل ذنب، بل يذهب الشعراء إلى أبعد من ذلك، فلا يكتفون بغفران ذنب الهجر، ويتجاوزون ذلك إلى امتداح من يقتلهم في الحب.
وفي بيت ابن سهل المتقدم لون من البديع يسمى الإرصاد، وهو أن يتقدم في البيت ما يشعر بالروي، ويجعل القارئ يتوقع القافية، فالذي يقرأ قول الشاعر “لي جزاء الذنب” ويفهم مراده لا بد أن يستشعر أن القافية البائية ستكون “المذنب”.
ويبدو للوهلة الأولى أنه لا علاقة له بما سبقه، اللهم إلا أن يكون الشروق علامة الإقبال والوصال، والغروب علامة الهجر والغياب، وليس في ذلك ذنب على أحد، فهو من ظواهر الطبيعة، ويبقى أن يظل وجه الحبيب نموذجاً مصغراً للفلك الذي تدور فيه الشمس فتتورد خدوده بالإشراق وتخبو بالغروب، فالشاعر يعود مرة أخرى إلى الضحى الذي سبق له أن قرنه بالابتسام وذكر به السورة القرآنية الكريمة.
والملاحظ أن اختلاف المناخ في المشرق عن المغرب. قد جعل المثل الأعلى لجمال المرأة في المشرق هو القمر، لنداوة ضيائه وسحر نوره الفضي وهو يبدد ظلمات الليل، فيقع على الإنسان برداً وسلاماً وطمأنينة حالمة، بينما شمس الصحراء في المشرق لاهبة كاذية لا يمكن أن توحى بالجمال والتحنان، فيأخذها المغاربة والأندلسيون وأهل الشمال – كما نرى في ذا البيت لابن سهل – مثلاً أعلى لجمال المرأة، حيث تخترق الغيوم وتبدد البرد بدفء الحب وسكينة الروح، فمحبوبة ابن سهل قد تجسدت فيها شمس الضحى، فأصبحت وجناتها مشرقا لها يتضمن أيضاً شفق الغروب بحمرته الضاربة وشجنه الغالب.