كيف نترجم كلمة l’intraduisible؟ لن يكون جوابنا بسيطا إذ أننا ما أن نحاول نقل هذه الكلمة إلى اللغة العربية حتى نواجه معضلة الترجمة بكاملها. ذلك أنّ هناك مفهومين عن l’intraduisible يصدران عن مفهومين عن الترجمة: مفهوما لا يكاد يولي هذا اللفظ أهمية، ما دام يضعه خارج عملية الترجمة أو على هامشها وفي حدودها. فهو عنده ما تقف عنده الترجمة وتتوقّف إمكانيتها،إنه ما لا يمكن ترجمته. أمّا الثاني فهو ينظر إلى الترجمة على أنها غزو واكتساح، وعراك موجه ضد مقاومة ملازمة، ويرى في l’intraduisible النقاط التي تتجلّى فيها أعراض الاختلاف بين اللغات والثقافات، الأمر الذي لا يعني أن إمكانية التقارب مستحيلة، وأنّ ما لا يقبل الترجمة هو ما لن يترجم قط، وإنما هو ما لن ننفك عن ترجمته. إنّه إذن ليس ما لا يمكن ترجمته، وإنما ما يمكن ترجمته بكيفية لامتناهية L’infiniment traduisible .
يكتسي مفهوم ما لا يقبل الترجمة هنا أهمية بالغة، فهو يدخل في خضمّ عملية الترجمة، ويُفهم على أنه ما نفتأ نترجمه، أو على حد تعبير أحدهم ما نفتأ لا نترجمه. C’est ce qu’on ne cesse pas de (ne pas) traduire.
إنّه يواكب عملية الترجمة ويصاحبها ويتخلّلها، فيجعل ما يقبل الترجمة من صميم ما لا يقبل. لنقل إنه يفكك الثنائيّ: traduisible/intraduisible أي يجعل الطرفين يبتعدان عن بعضهما في اقتراب.
فبينما يرمي المفهوم الأوّل بما لا يمكن ترجمته بعيدا عن العملية، ويضعه على عتبتها، بينما يعلي من أحد طرفي الثنائي، يقارب الثاني بين الطرفين، الما يقبل والما لا يقبل، ويجعل ما ينبغي ترجمته هو بالضبط ما لا يقبل،أي ما يبدي تمنّعا ومقاومة وغيرية و غرابة.
تحديد ما لا يقبل الترجمة على أنه ما يفتأ لا يترجم، يجعل عملية الترجمة في انفتاح لامتناه وتوتر دائم. فبينما يطرح المفهوم الأول عملية الترجمة داخل زمانية منغلقة وعلاقة مهادنة، فإنّ الثاني يفتحها على المستقبل، ويجعل ما يمكن ترجمته عالقا على الدوام بما لا يمكن، قائما على رغم ما لا يمكن. كما يجعل النصّ يحيا في ترجماته حياة لامتناهية. بل إنّه يرى في عدم انفكاك ما لا يترجم عن الترجمة انتصارات متلاحقة ( أو إن شئت فقل هزائم ما تنفك تتجاوز)، وإعادة اكتشاف لا تنفكّ تتجدّد للنصّ المترجم وللغة الوصول، فيعترف ضمنيا بالحاجة الدائمة إلى الأصول والرجوع إليها والاستئناس بها، ويؤكد أنّ الترجمة إبداع متواصل، وأنها حركة دائبة بين الما يمكن و الما لايمكن ، وأنها لا يمكن أن تكون الآخر ذاته le même de l’autre ، وأنّ النص لا يحيا إلا لأنه قابل للترجمة، وغير قابل في الوقت ذاته.
كتب دريدا:" "لا يحيا النص إلا إذا بقي ودام، وهولا يبقى ويتفوق على نفسه إلا إذا كان في الوقت ذاته قابلا للترجمة وغير قابل. فإذا كان قابلا للترجمة قبولا تاما فإنّه يختفي كنصّ وكتابة وجسم للغة. أما إذا كان غير قابل للترجمة كلية، حتى داخل ما نعتقد أنه لغة واحدة، فانه سرعان ما يفنى ويزول".
إذا كان في الإمكان ترجمة نصّ مّا ترجمة نهائية، فإنّه يموت، يموت كنصّ وكتابة. إذ أنّ المحاكاة الأمينة تقضي على عمل الترجمة من حيث إنها تؤقلمها، وتنزع عنها امتياز الالتباس وعدم الاستقرار، الذي قد يرقى بعدة مؤلفات مترجمة إلى مستوى المؤلفات الرائعة. إذا سعت الترجمة إلى أن تكون نهائية، وتضع نسخة طبق الأصل، وتجعل من اللغة المترجمة مرآة تعكس النصّ الأصليّ حاسمة في ما يقبل وما لا يقبل، فاصلة بينهما فصلا مطلقا، رامية بما لا يمكن ترجمته خارج العملية بعيدا عنها، فإنّها تكون قد استعملت حالة معينة للغة، تلك الحالة التي لابد وأن تتحول. فأداة الترجمة لغة حيّة ومرآتها لا بدّ أن تنكسر.
بهذا المعنى يغدو مالا يقبل الترجمة جزءا من الترجمة، ولكن ليس ما يوجد على هامشها عند عتبة الممكن وحدوده، بل ما يجعلها ضرورة. فلأنّ هناك ما لا يقبل الترجمة، هناك ضرورة للترجمة. فالترجمة ضرورية لأنّها مستحيلة. بل إنّها بالضبط، شأنها في هذا شأن السياسة، "ما يجعل المستحيل ممكنا".
يكتسي مفهوم ما لا يقبل الترجمة هنا أهمية بالغة، فهو يدخل في خضمّ عملية الترجمة، ويُفهم على أنه ما نفتأ نترجمه، أو على حد تعبير أحدهم ما نفتأ لا نترجمه. C’est ce qu’on ne cesse pas de (ne pas) traduire.
إنّه يواكب عملية الترجمة ويصاحبها ويتخلّلها، فيجعل ما يقبل الترجمة من صميم ما لا يقبل. لنقل إنه يفكك الثنائيّ: traduisible/intraduisible أي يجعل الطرفين يبتعدان عن بعضهما في اقتراب.
فبينما يرمي المفهوم الأوّل بما لا يمكن ترجمته بعيدا عن العملية، ويضعه على عتبتها، بينما يعلي من أحد طرفي الثنائي، يقارب الثاني بين الطرفين، الما يقبل والما لا يقبل، ويجعل ما ينبغي ترجمته هو بالضبط ما لا يقبل،أي ما يبدي تمنّعا ومقاومة وغيرية و غرابة.
تحديد ما لا يقبل الترجمة على أنه ما يفتأ لا يترجم، يجعل عملية الترجمة في انفتاح لامتناه وتوتر دائم. فبينما يطرح المفهوم الأول عملية الترجمة داخل زمانية منغلقة وعلاقة مهادنة، فإنّ الثاني يفتحها على المستقبل، ويجعل ما يمكن ترجمته عالقا على الدوام بما لا يمكن، قائما على رغم ما لا يمكن. كما يجعل النصّ يحيا في ترجماته حياة لامتناهية. بل إنّه يرى في عدم انفكاك ما لا يترجم عن الترجمة انتصارات متلاحقة ( أو إن شئت فقل هزائم ما تنفك تتجاوز)، وإعادة اكتشاف لا تنفكّ تتجدّد للنصّ المترجم وللغة الوصول، فيعترف ضمنيا بالحاجة الدائمة إلى الأصول والرجوع إليها والاستئناس بها، ويؤكد أنّ الترجمة إبداع متواصل، وأنها حركة دائبة بين الما يمكن و الما لايمكن ، وأنها لا يمكن أن تكون الآخر ذاته le même de l’autre ، وأنّ النص لا يحيا إلا لأنه قابل للترجمة، وغير قابل في الوقت ذاته.
كتب دريدا:" "لا يحيا النص إلا إذا بقي ودام، وهولا يبقى ويتفوق على نفسه إلا إذا كان في الوقت ذاته قابلا للترجمة وغير قابل. فإذا كان قابلا للترجمة قبولا تاما فإنّه يختفي كنصّ وكتابة وجسم للغة. أما إذا كان غير قابل للترجمة كلية، حتى داخل ما نعتقد أنه لغة واحدة، فانه سرعان ما يفنى ويزول".
إذا كان في الإمكان ترجمة نصّ مّا ترجمة نهائية، فإنّه يموت، يموت كنصّ وكتابة. إذ أنّ المحاكاة الأمينة تقضي على عمل الترجمة من حيث إنها تؤقلمها، وتنزع عنها امتياز الالتباس وعدم الاستقرار، الذي قد يرقى بعدة مؤلفات مترجمة إلى مستوى المؤلفات الرائعة. إذا سعت الترجمة إلى أن تكون نهائية، وتضع نسخة طبق الأصل، وتجعل من اللغة المترجمة مرآة تعكس النصّ الأصليّ حاسمة في ما يقبل وما لا يقبل، فاصلة بينهما فصلا مطلقا، رامية بما لا يمكن ترجمته خارج العملية بعيدا عنها، فإنّها تكون قد استعملت حالة معينة للغة، تلك الحالة التي لابد وأن تتحول. فأداة الترجمة لغة حيّة ومرآتها لا بدّ أن تنكسر.
بهذا المعنى يغدو مالا يقبل الترجمة جزءا من الترجمة، ولكن ليس ما يوجد على هامشها عند عتبة الممكن وحدوده، بل ما يجعلها ضرورة. فلأنّ هناك ما لا يقبل الترجمة، هناك ضرورة للترجمة. فالترجمة ضرورية لأنّها مستحيلة. بل إنّها بالضبط، شأنها في هذا شأن السياسة، "ما يجعل المستحيل ممكنا".