-1-
تستضيف مدينة القنيطرة ابتداء من فاتح أبريل القادم، الملتقى الدولي السابع للفنون التشكيلية، بحضور ومشاركة نخبة وازنة من الفنانين والنقاد والمثقفين من المغرب، ومن جهات مختلفة من العالم العربي، إذ سيعمل هذا الملتقى من جديد على لقاء المبدعين لقراءة أوضاعهم، وطرح الإشكاليات التي تعترض وجودهم، وإناطة اللثام عن القضايا التي تفصلهم عن التفاعل مع قيمهم الثقافية والحضارية، إضافة إلى الكشف عن مواطن القوة والضعف في أعمالهم الإبداعية، برؤية منفتحة، غايتها تأهيل شخصية الفنان العربي المبدع في الزمن الراهن، ليكون فاعلا ومفتعلا.
-2-
لربما يكون هذا الملتقى الذي نحتفل بنسخته السابعة، فرصة للتساؤل من جديد، عن جدوى هذا النوع من الملتقيات الفنية / الثقافية في بلد كالمغرب، ما زل مثقفيه يلحون على مشاركة القطاع الثقافي في السياسة الحكومية، وهو ما يجعل توصيات هذا الملتقى وفاعليته كيف ما كانت أهميتها صيحات على ورق، بعيدة عن حيز التنفيذ... ولكنها تشهد بقوة على حمولتها الفنية والفكرية.
في واقع الأمر، إن مؤسسة محمد البوكيلي، التي تصر على أن يبقى هذا الملتقى حيا فاعلا رغم إصرار وزارة الثقافة المغربية على تهميشه وعدم دعمه وإهمال توصياته وصيحاته.
إن هذا الإصرار يعود إلى نظرة هذه المؤسسة التي تقول : إن الفنان مثلما يحتاج إلى العزلة لترصين عمله الإبداعي، يحتاج إلى اللقاءات، ليس فقط للتعرف على زملائه وشركائه في العمل، ولكن أيضا للاندماج في مسيرة الجنس الفني / الثقافي، والانخراط في حطاباته / وقيمه، إذ لا يمكن للمبدع أن يطور الحالة الإبداعية للعالم الحديث، التي هو جزء منها إلا بتواصل ايجابي / فاعل، يكشف عن قيمه وأفكاره وصراعاته .
وليسمح لي هذا الملتقى أن أفتح قوسين هنا ، لأخاطب وزارة الثقافة من خلال هذا الحدث الثقافي، وأهمس لها، أن وجودنا التاريخي والجغرافي والحضاري يقترن دائما وباستمرار بالوجود الثقافي، الذي يجب أن ترعاه هذه الوزارة بالدعم المالي والمعنوي، وهو ما يفرض عليها ليس فقط وضع هذا الملتقى في موقعه اللائق، كما هو شأن كل الملتقيات والمؤسسات الفاعلة في الحقل الثقافي بالعالم اليوم، ولكن أيضا مشاركتها في الانتشار والفاعلية، لمواجهة التحديات القائمة ضد هويتنا الثقافية في ظل العولمة وإستراتيجيتها المتحكمة.
لقد أصبحت العولمة وأسلحتها في الزمن الراهن، تفرض وتلح علينا وعلى كل البلاد العربية، تعزيز وجودنا الثقافي، ولن يتحقق هذا المبتغى دون دعم ومشاركة القطاع الثقافي في الحكومات العربية.
برجوعنا إلى الملتقيات السابقة لمؤسسة الفنان محمد البوكيلي، سنجدها رغم ما عانته مع إشكاليات الدعم الرسمي واللوجستيك والإعلام، قد بذلت جهدا مضاعفا من أجل حماية الهوية الثقافية، كما ساعدت في اختصار المدى الزمني الذي يفصل بين البلاد العربية، إذ استقطبت المدارس والاتجاهات والأسماء الرائدة في الفن التشكيلي العربي، واعتمدت في عملها على نتائج العقل وعلى حصيلة الخبرة والمعرفة التقنية، وليس فقط على المواد الخام.
ولأن مواكبة هذا العمل تستلزم استثمارا في مجالات الفن والمعرفة، ظلت ومنذ وجودها تطالب وزارة الثقافة بدعمها ومشاركتها من اجل تطوير مهارتها وتنمية أنشطتها الفنية والثقافية، ولكن مع شديد الأسف ظلت صيحاتها تغرق في واد الإهمال.
وان قراءة متأنية لمسار هذا الملتقى من بداياته وحتى الآن، تضعنا أمام عمل هام، كان باستمرار هدفا نبيلا من أهدافه، يتعلق بتعزيز الهوية الثقافية بأقوى عناصرها، ما يجعل الفنان مرتبطا بقيمه الثقافية والروحية، منصهرا في هذه القيم من خلال الخط واللون والحركة والحرف...والكلمة.
-4-
إن الهوية الثقافية كما تعلمون هي نظام من القيم والتصورات التي يتميز بها المجتمع تبعا لخصوصياته التاريخية والحضارية / هي كيان يتطور باستمرار ويتأثر بالهويات الثقافية الأخرى، ويؤثر فيها بنفس القوة من خلال الفنون والآداب والتاريخ والحضارة والعلوم وغيرها.
يعني ذلك، أن هذا الملتقى أدرك منذ بداياته الأولى، أن الإبداع التشكيلي العربي في حاجة ماسة إلى الانخراط في هويته الثقافية، وفي عصره كفاعل مساهم، كما هو في حاجة إلى مقاومة الاختراق وحماية خصوصياته الثقافية من الانحلال والتلاشي، تحت تأثير الغزو الذي يمارس على الوطن العربي بكل الأشكال والصفات واللغات.
ويعني ذلك أيضا هذا الملتقى أدرك منذ بداياته الأولى، أن نجاح الفنون العربية ومن ضمنها الفنون التشكيلية، في الحفاظ على الهوية والدفاع هن الخصوصية، مشروط بالانخراط في العمق الثقافي / التاريخي / الحضاري للعالم العربي، على نحو يهدف إلى تأصيل الملامح الحضارية في الشخصية العربية في هذه الفنون.
لذلك نتمنى لهذا الملتقى في دورته الحالية وفي دوراته المستقبلية، أن ينظم للمشاركين والمشاركات ندوات مفتوحة، بهدف إصدار توصيات إلى المسؤولين في المغرب وفي العالم العربي، تؤكد على ضرورة خلق فن ناضج يساهم في بناء الإنسان العربي الواعي والقادر على أن يكون فاعلا في حوار الثقافات / أن يكون قادرا على دعم الحرية الثقافية وإغنائها وزيادة عطائها برؤية منفتحة، غايتها الإنسان العربي وقيمه وتراثه وانخراطه في العالم الحديث...ولن يحدث ذلك دون سياسة ثقافية مؤمنة، فاعلة.
أفلا تنظرون....
تستضيف مدينة القنيطرة ابتداء من فاتح أبريل القادم، الملتقى الدولي السابع للفنون التشكيلية، بحضور ومشاركة نخبة وازنة من الفنانين والنقاد والمثقفين من المغرب، ومن جهات مختلفة من العالم العربي، إذ سيعمل هذا الملتقى من جديد على لقاء المبدعين لقراءة أوضاعهم، وطرح الإشكاليات التي تعترض وجودهم، وإناطة اللثام عن القضايا التي تفصلهم عن التفاعل مع قيمهم الثقافية والحضارية، إضافة إلى الكشف عن مواطن القوة والضعف في أعمالهم الإبداعية، برؤية منفتحة، غايتها تأهيل شخصية الفنان العربي المبدع في الزمن الراهن، ليكون فاعلا ومفتعلا.
-2-
لربما يكون هذا الملتقى الذي نحتفل بنسخته السابعة، فرصة للتساؤل من جديد، عن جدوى هذا النوع من الملتقيات الفنية / الثقافية في بلد كالمغرب، ما زل مثقفيه يلحون على مشاركة القطاع الثقافي في السياسة الحكومية، وهو ما يجعل توصيات هذا الملتقى وفاعليته كيف ما كانت أهميتها صيحات على ورق، بعيدة عن حيز التنفيذ... ولكنها تشهد بقوة على حمولتها الفنية والفكرية.
في واقع الأمر، إن مؤسسة محمد البوكيلي، التي تصر على أن يبقى هذا الملتقى حيا فاعلا رغم إصرار وزارة الثقافة المغربية على تهميشه وعدم دعمه وإهمال توصياته وصيحاته.
إن هذا الإصرار يعود إلى نظرة هذه المؤسسة التي تقول : إن الفنان مثلما يحتاج إلى العزلة لترصين عمله الإبداعي، يحتاج إلى اللقاءات، ليس فقط للتعرف على زملائه وشركائه في العمل، ولكن أيضا للاندماج في مسيرة الجنس الفني / الثقافي، والانخراط في حطاباته / وقيمه، إذ لا يمكن للمبدع أن يطور الحالة الإبداعية للعالم الحديث، التي هو جزء منها إلا بتواصل ايجابي / فاعل، يكشف عن قيمه وأفكاره وصراعاته .
وليسمح لي هذا الملتقى أن أفتح قوسين هنا ، لأخاطب وزارة الثقافة من خلال هذا الحدث الثقافي، وأهمس لها، أن وجودنا التاريخي والجغرافي والحضاري يقترن دائما وباستمرار بالوجود الثقافي، الذي يجب أن ترعاه هذه الوزارة بالدعم المالي والمعنوي، وهو ما يفرض عليها ليس فقط وضع هذا الملتقى في موقعه اللائق، كما هو شأن كل الملتقيات والمؤسسات الفاعلة في الحقل الثقافي بالعالم اليوم، ولكن أيضا مشاركتها في الانتشار والفاعلية، لمواجهة التحديات القائمة ضد هويتنا الثقافية في ظل العولمة وإستراتيجيتها المتحكمة.
لقد أصبحت العولمة وأسلحتها في الزمن الراهن، تفرض وتلح علينا وعلى كل البلاد العربية، تعزيز وجودنا الثقافي، ولن يتحقق هذا المبتغى دون دعم ومشاركة القطاع الثقافي في الحكومات العربية.
برجوعنا إلى الملتقيات السابقة لمؤسسة الفنان محمد البوكيلي، سنجدها رغم ما عانته مع إشكاليات الدعم الرسمي واللوجستيك والإعلام، قد بذلت جهدا مضاعفا من أجل حماية الهوية الثقافية، كما ساعدت في اختصار المدى الزمني الذي يفصل بين البلاد العربية، إذ استقطبت المدارس والاتجاهات والأسماء الرائدة في الفن التشكيلي العربي، واعتمدت في عملها على نتائج العقل وعلى حصيلة الخبرة والمعرفة التقنية، وليس فقط على المواد الخام.
ولأن مواكبة هذا العمل تستلزم استثمارا في مجالات الفن والمعرفة، ظلت ومنذ وجودها تطالب وزارة الثقافة بدعمها ومشاركتها من اجل تطوير مهارتها وتنمية أنشطتها الفنية والثقافية، ولكن مع شديد الأسف ظلت صيحاتها تغرق في واد الإهمال.
وان قراءة متأنية لمسار هذا الملتقى من بداياته وحتى الآن، تضعنا أمام عمل هام، كان باستمرار هدفا نبيلا من أهدافه، يتعلق بتعزيز الهوية الثقافية بأقوى عناصرها، ما يجعل الفنان مرتبطا بقيمه الثقافية والروحية، منصهرا في هذه القيم من خلال الخط واللون والحركة والحرف...والكلمة.
-4-
إن الهوية الثقافية كما تعلمون هي نظام من القيم والتصورات التي يتميز بها المجتمع تبعا لخصوصياته التاريخية والحضارية / هي كيان يتطور باستمرار ويتأثر بالهويات الثقافية الأخرى، ويؤثر فيها بنفس القوة من خلال الفنون والآداب والتاريخ والحضارة والعلوم وغيرها.
يعني ذلك، أن هذا الملتقى أدرك منذ بداياته الأولى، أن الإبداع التشكيلي العربي في حاجة ماسة إلى الانخراط في هويته الثقافية، وفي عصره كفاعل مساهم، كما هو في حاجة إلى مقاومة الاختراق وحماية خصوصياته الثقافية من الانحلال والتلاشي، تحت تأثير الغزو الذي يمارس على الوطن العربي بكل الأشكال والصفات واللغات.
ويعني ذلك أيضا هذا الملتقى أدرك منذ بداياته الأولى، أن نجاح الفنون العربية ومن ضمنها الفنون التشكيلية، في الحفاظ على الهوية والدفاع هن الخصوصية، مشروط بالانخراط في العمق الثقافي / التاريخي / الحضاري للعالم العربي، على نحو يهدف إلى تأصيل الملامح الحضارية في الشخصية العربية في هذه الفنون.
لذلك نتمنى لهذا الملتقى في دورته الحالية وفي دوراته المستقبلية، أن ينظم للمشاركين والمشاركات ندوات مفتوحة، بهدف إصدار توصيات إلى المسؤولين في المغرب وفي العالم العربي، تؤكد على ضرورة خلق فن ناضج يساهم في بناء الإنسان العربي الواعي والقادر على أن يكون فاعلا في حوار الثقافات / أن يكون قادرا على دعم الحرية الثقافية وإغنائها وزيادة عطائها برؤية منفتحة، غايتها الإنسان العربي وقيمه وتراثه وانخراطه في العالم الحديث...ولن يحدث ذلك دون سياسة ثقافية مؤمنة، فاعلة.
أفلا تنظرون....