إن المكتبة البحرينية لاتزال تشكو ندرة البحوث الخاصة بـ «صناعة الغوص». اللهم إلا نفراً مازالوا راغبين بالتطرق إلى موضوع الغوص، رغبة منهم في استجلاء صور تلك الأيام الصعبة والمجيدة، حين كان أجدادنا يغيبون لشهور طويلة في عرض البحر، من أجل تأمين قوتهم وقوت عيالهم، وقد تميزت منطقة الخليج العربي، والبحرين على وجه الخصوص بهذه الصور الرائعة من الكفاح الإنساني.. صور لا تقل روعة عما كتبه الباحثون والروائيون الغربيون من تجارب إنسانية انتصرت على أهوال الطبيعة، لذاك حري بنا عندما يصدر كتاب جديد عن الغوص، أن نحتفي به، لأنه بمثابة حبل يصلنا بأجدادنا.
وكتاب الباحث عبدالله خليفة الشملان «صناعة الغوص» الصادر ضمن «كتاب البحرين الثقافية»، جدير بالقراءة، وهو بمثابة عرض كامل لصناعة الغوص اشتمل على مقدمة وفصول، الفصل الأول تعرض إلى الاستعداد للغوص، وعنى الغوص، وبحارة الغوص وعمل كل منهم، والاستعداد للغوص، وأنواع سفن الغوص، وأقسام السفينة وتطرق الفصل الثاني إلى «الركبة»، مناطق الغوص، أدلة سفن الغوص، «اليرار»، «البريخة»، أنواع البريخة: البريخة على سدرة، بريخة الدواري، ترانيم البريخة. بينما تعرض الفصل الثالث لعملية الغوص، وأدواته، نظام «القحمات»، فترات الغوص وطبيعة كل فترة، «الخانجية»، الغوص الكبير، «النوخذة السلفي»، «النوخذة الخماس»، «الردة»، «العزاب»، «المينة»، «المطامس»، أمراض وأخطار الغوص، الأمراض، أخطار البحر والبيئة ، وتناول الفصل الرابع مواضيع : اللؤلؤ وتمويل صناعة الغوص، لؤلؤ البحرين وشهرته وأهميته، محار اللؤلؤ وأنواعه وتكاثره، تكوّن اللؤلؤة في المحارة، فرز اللؤلؤ وتصنيفه، بيع «المداسس»، تمويل صناعة الغوص، «المسقمون» و»النواخذة»، محاكم الغوص، محصول اللؤلؤ وتسويقه، وضم الفصل الخامس مواضيع تشمل: إجراءات «القفال»، شراء «القفال»، في انتظار سفن الغوص، «المرادة»، لعبة النساء والبحر، عودة سفن الغوص، أما الفصل السادس فتناول، حسابات الغوص، أهمية الرقابة على حسابات الغوص، حسابات الغوص الكبير، حسابات النوخذة السلفي، الدفاتر المستخدمة، توزيع إيراد الغوص، علاقة النوخذة بالبحارة، علاقة النوخذة بالمسقم، البحار المجزى والبحار القاصر، فك البحار، العمل بربع «المكدة»، حسابات النوخذة الخماس، محاسبة «العزال»، حسابات الخانجية، حسابات الردة، حسابات العزاب، حسابات «المينة والمطامس»، اللؤلؤ الصناعي وأثره، مستقبل صيد اللؤلؤ.
شهادات شفهية
لقد استقى المؤلف الشملان معلوماته من مصادر ثلاثة هي: المقابلات الشخصية لكثير ممن مارسوا هذه المهنة الشاقة وخاضوا مخاطرها وعرفوا دقائقها، والاطلاع على ما أمكن الحصول عليه من سجلات قديمة احتفظ بها بعض البحارة ونواخذة السفن وما عرض في متحف البحرين الوطني من وثائق تتعلق بموضوع الغوص وأنظمته وحساباته ودفاتره، إلى جانب المراجع التي كتبت عن الغوص سواء مراجع قديمة أو حديثة.
ونقرأ في مقدمة كتاب «صناعة الغوص»، «حديث الغوص ذو شجون وذكريات غالية عن أهم مورد للرزق في مملكة البحرين ومنطقة الخليج العربي عموماً قبل اكتشاف النفط، إذ إنه موضوع يثير الأشجان في النفوس عن مهنة الشدائد والمخاطر في خضم البحر الواسع طلباً للرزق الحلال»، مشيراً إلى اعتماد سكان البحرين قبل اكتشاف النفط العام 1932 في حياتهم على ثلاثة مصادر رئيسة للرزق هي صيد اللؤلؤ والزراعة والتجارة، حيث يعتبر صيد اللؤلؤ والزراعة هما الأكثر توفيراً لفرص العمل، حيث كانت مهنة الغوص في ذلك الوقت هي المهنة الأساسية للغالبية العظمى من الرجال والشباب فقد بلغ عدد سفن الغوص العام 1930 الخارجة من البحرين 509 سفن يعمل عليها 19300 بحار، وهي سنة قريبة من العام الذي تدفق فيه النفط في مملكة البحرين وتحول نتيجة لذلك عدد كبير من البحارة إلى العمل في مهن أخرى غير ركوب سفن الغوص، وبلغ عدد سفن الغوص في البحرين العام 1896 حوالي 9000 سفينة يعمل عليها 35000 بحار حسب الإحصاءات التي أوردها «لوريمر» في كتاب «دليل الخليج العربي». وقد اشتهرت البحرين بجودة لألئها وجمالها وكبر حجمها بين سائر البلدان التي تنتج اللؤلؤ الطبيعي.
إن البحرين -بحسب الشملان- كانت معروفة للعالم طوال الخمسة آلاف سنة الماضية، وعرفت في بادئ الأمر باسم دلمون ثم تايلوس ثم عرفت بعد ذلك باسم أوال وأخيراً باسم البحرين. وبفضل موقع البحرين الاستراتيجي على طريق التجارة التقليدي إلى منطقة الخليج العربي وتوافر المياه العذبة وموانئ السفن أصبحت مركزاً تجارياً واقتصادياً مهماً على مدى تاريخ الجزيرة العربية، وقد أدت ثروات البحرين -التي تعكس أهميتها التجارية والثروات التي تدرها صناعة اللؤلؤ التقليدية الرائجة آنذاك- إلى جذب اهتمام العديد من الجيوش والدول لتتنافس على السيطرة على هذه المنطقة الحيوية».
ملحمة جلجامش
يذكر الشملان معلومات مهمة نقتطف منها أن أول ذكر للغوص عن اللؤلؤ في التاريخ يظهر في ملحمة جلجامش قبل 3000 عام قبل الميلاد وأطلق عليه عيون السمك ، فقد ذكر المؤرخ البريطاني بلين عن «تايلوس» وهو الاسم القديم للبحرين أنها كانت تشتهر باللؤلؤ، وكان الغواص البحريني استطاع عبر التاريخ بقدرته على أن يزين العالم باللآلئ الطبيعية الجميلة إذ خاطر بحياته وممتلكاته بركوب أمواج أعالي البحار ومحاربة عوامل الطبيعة والأهوال في البحث عن كنز مدفون في بحار وطنه، وكانت صناعة الغوص عن اللؤلؤ كانت الحرفة الرئيسة لسكان الخليج العربي عموماً وفي البحرين بصفة خاصة، وانقرضت إلى حد كبير ولم يزاولها إلا 1% تقريباً وذلك بعد اكتشاف النفط العام 1932 ومنافسة اللؤلؤ الصناعي الياباني المستزرع.
ويذكر أن أشهر ثلاثة مصائد لللؤلؤ، هي: هير بولثامة وهير بوعمامة وهير شتية، التي تقع شمال البحرين إذ أجمع تجار الجواهر على أن لؤلؤ البحريني يفوق سائر اللآلئ بهجة ونفاسة، وقدر ثمن ما يخرج منها سنوياً من اللؤلؤ بقيمة 30 مليون روبية في ذلك الوقت، ويصدر غالبية اللؤلؤ إلى مدينة مومبي بالهند ومنها إلى باريس بفرنسا.
ويستشهد الشملان بما جاء في كتاب النبهاني «التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية»، أن سفن الغوص أنواع منها السنبوك والجالبوت والبوم والبقارة والبتيل والبغلة، ويطلق البحرينيون على مجموعة من السفن «بالخشب» ويتراوح عدد سفن الغوص بين 3-4 آلاف سفينة، ويعبرون عن ابتداء الغوص «بالركبة» وعن الانتهاء «بالقفال» ، ويطلقون على اللؤلؤ قماشا والجواهر دانات فإذا مضى برج من فصل الربيع يخرجون في سفنهم حسب ما تسع من البحارة تحت رئاسة النوخذة ويسمون الغائص غيصاً والذي يجر حبل الغيص سيباً والمساعد يسمى رضيفاً والذي يكون أصغر من الرضيف يسمى تباباً».
ويبين النبهاني أن كافة السفن تخرج إلى البحر في مواقع مختلفة العمق ويتخذ مالكو أو نواخذة السفن أسماء لسفنهم مأخوذة من الحياة مثل معدي الصقلاوي، البصرة، بيروت، سمحان، الصاروي، أبوالكباب، وأكبر سفينة غوص في تاريخ البحرين كانت سنبوك وتعود إلى عائلة العمامرة بالمحرق يسمى «معدي» وقد تمت صناعته على شواطئ المحرق الغربية بالقرب من مدرسة الهداية الخليفية ويحمل على ظهره أكثر من 200 بحار، وترسو غالبية سفن الغوص على شطآن مدينة المحرق من البسيتين شمالاً حتى حالة بوماهر جنوباً وشرقاً حتى حي فريق البوخميس. وفي مدينة الحد توجد حوالي 200 سفينة وفي حالتي النعيم والسلطة 50 سفينة وفي قلالي 20 وفي سماهيج 5 سفن وفي عراد 5 سفن وفي الدير 3 سفن، وتتواجد سفن الغوص في مدينة المنامة والبديع والزلاق وعسكر وجو وتبعد المغاصات عن الشواطئ حوالي 30 ميلاً وعمقها يتراوح بين3-14 باعاً حوالي 20 متراً.
أحمد بن ماجد
وينقل الشملان ما كتبه المؤرخ البريطاني جي.جيه.لويمر في كتابة «وكيل الخليج.. الجزء الجغرافي» أن في البحرين حوالي 20 ألف بحار يعملون بسفن الغوص وتجارة اللؤلؤ. وما ذكره الملاح العربي الكبير أحمد بن ماجد في أحد مؤلفاته عن المدن الساحلية أن في البحرين عدداً كبيراً من مغاصات اللؤلؤ وغالبية الناس يعملون في مهنة الغوص، وهناك ثمانية أنواع من محار اللؤلؤ في مياه البحرين الإقليمية وهي تنتمي إلى جنس بنكتادا وأكثر الأنواع شيوعاً وأهمية هما المحار والصديفي. ويطلق أهل الخليج العربي كلمة لولو على اللؤلؤ ولكن الكلمة الدالة والمستخدمة هي قماشة أو قماش للجمع، وكان سعر اللؤلؤ يختلف من وقت إلى آخر حيث يباع اللؤلؤ إلى الطواويش وهم تجار اللؤلؤ الذين يزورون السفينة وقت المغاص أو عند العودة. ويحصل كل من النوخذة (الكابتن) والغواص على ثلاثة أسهم بينما يحصل السيب على سهمين والرضيف على سهم واحد، والدانات الجميلة التي أوزانها أكبر من 30 قمعة، والقمعة تساوي 5% من الغرام، وتباع مفردة وثمن اللؤلؤة تحدده خصائصها كالحجم، الوزن، البريق، اللون، واللآلئ المتوسطة والصغيرة تفرز بحسب أحجامها بواسطة أمرارها في «طوس» خاصة لذلك وهناك 12 نوعاً من اللآلئ البيضاء منها اليكة البيضاء (مستديرة ناصعة البياض)، اليكة النباتي (مستديرة صفراء)، واليكة بطن (وهي نصف مستديرة كالزرار)، وهناك أربعة أنواع من اللآلئ الزرقاء فمثلاً السنجباسي (مستديرة) ومغز أزرق (غير منتظمة الشكل) وهناك خمسة أنواع من اللآلئ الحمراء، فمثلاً: اليكة (مستديرة). والبدلة الحمراء من النوعية الممتازة ولكن غير منتظمة الشكل وهناك نوع واحد من اللؤلؤ الأصفر وهو النور (الأسطواني مدبب).
وكتاب الباحث عبدالله خليفة الشملان «صناعة الغوص» الصادر ضمن «كتاب البحرين الثقافية»، جدير بالقراءة، وهو بمثابة عرض كامل لصناعة الغوص اشتمل على مقدمة وفصول، الفصل الأول تعرض إلى الاستعداد للغوص، وعنى الغوص، وبحارة الغوص وعمل كل منهم، والاستعداد للغوص، وأنواع سفن الغوص، وأقسام السفينة وتطرق الفصل الثاني إلى «الركبة»، مناطق الغوص، أدلة سفن الغوص، «اليرار»، «البريخة»، أنواع البريخة: البريخة على سدرة، بريخة الدواري، ترانيم البريخة. بينما تعرض الفصل الثالث لعملية الغوص، وأدواته، نظام «القحمات»، فترات الغوص وطبيعة كل فترة، «الخانجية»، الغوص الكبير، «النوخذة السلفي»، «النوخذة الخماس»، «الردة»، «العزاب»، «المينة»، «المطامس»، أمراض وأخطار الغوص، الأمراض، أخطار البحر والبيئة ، وتناول الفصل الرابع مواضيع : اللؤلؤ وتمويل صناعة الغوص، لؤلؤ البحرين وشهرته وأهميته، محار اللؤلؤ وأنواعه وتكاثره، تكوّن اللؤلؤة في المحارة، فرز اللؤلؤ وتصنيفه، بيع «المداسس»، تمويل صناعة الغوص، «المسقمون» و»النواخذة»، محاكم الغوص، محصول اللؤلؤ وتسويقه، وضم الفصل الخامس مواضيع تشمل: إجراءات «القفال»، شراء «القفال»، في انتظار سفن الغوص، «المرادة»، لعبة النساء والبحر، عودة سفن الغوص، أما الفصل السادس فتناول، حسابات الغوص، أهمية الرقابة على حسابات الغوص، حسابات الغوص الكبير، حسابات النوخذة السلفي، الدفاتر المستخدمة، توزيع إيراد الغوص، علاقة النوخذة بالبحارة، علاقة النوخذة بالمسقم، البحار المجزى والبحار القاصر، فك البحار، العمل بربع «المكدة»، حسابات النوخذة الخماس، محاسبة «العزال»، حسابات الخانجية، حسابات الردة، حسابات العزاب، حسابات «المينة والمطامس»، اللؤلؤ الصناعي وأثره، مستقبل صيد اللؤلؤ.
شهادات شفهية
لقد استقى المؤلف الشملان معلوماته من مصادر ثلاثة هي: المقابلات الشخصية لكثير ممن مارسوا هذه المهنة الشاقة وخاضوا مخاطرها وعرفوا دقائقها، والاطلاع على ما أمكن الحصول عليه من سجلات قديمة احتفظ بها بعض البحارة ونواخذة السفن وما عرض في متحف البحرين الوطني من وثائق تتعلق بموضوع الغوص وأنظمته وحساباته ودفاتره، إلى جانب المراجع التي كتبت عن الغوص سواء مراجع قديمة أو حديثة.
ونقرأ في مقدمة كتاب «صناعة الغوص»، «حديث الغوص ذو شجون وذكريات غالية عن أهم مورد للرزق في مملكة البحرين ومنطقة الخليج العربي عموماً قبل اكتشاف النفط، إذ إنه موضوع يثير الأشجان في النفوس عن مهنة الشدائد والمخاطر في خضم البحر الواسع طلباً للرزق الحلال»، مشيراً إلى اعتماد سكان البحرين قبل اكتشاف النفط العام 1932 في حياتهم على ثلاثة مصادر رئيسة للرزق هي صيد اللؤلؤ والزراعة والتجارة، حيث يعتبر صيد اللؤلؤ والزراعة هما الأكثر توفيراً لفرص العمل، حيث كانت مهنة الغوص في ذلك الوقت هي المهنة الأساسية للغالبية العظمى من الرجال والشباب فقد بلغ عدد سفن الغوص العام 1930 الخارجة من البحرين 509 سفن يعمل عليها 19300 بحار، وهي سنة قريبة من العام الذي تدفق فيه النفط في مملكة البحرين وتحول نتيجة لذلك عدد كبير من البحارة إلى العمل في مهن أخرى غير ركوب سفن الغوص، وبلغ عدد سفن الغوص في البحرين العام 1896 حوالي 9000 سفينة يعمل عليها 35000 بحار حسب الإحصاءات التي أوردها «لوريمر» في كتاب «دليل الخليج العربي». وقد اشتهرت البحرين بجودة لألئها وجمالها وكبر حجمها بين سائر البلدان التي تنتج اللؤلؤ الطبيعي.
إن البحرين -بحسب الشملان- كانت معروفة للعالم طوال الخمسة آلاف سنة الماضية، وعرفت في بادئ الأمر باسم دلمون ثم تايلوس ثم عرفت بعد ذلك باسم أوال وأخيراً باسم البحرين. وبفضل موقع البحرين الاستراتيجي على طريق التجارة التقليدي إلى منطقة الخليج العربي وتوافر المياه العذبة وموانئ السفن أصبحت مركزاً تجارياً واقتصادياً مهماً على مدى تاريخ الجزيرة العربية، وقد أدت ثروات البحرين -التي تعكس أهميتها التجارية والثروات التي تدرها صناعة اللؤلؤ التقليدية الرائجة آنذاك- إلى جذب اهتمام العديد من الجيوش والدول لتتنافس على السيطرة على هذه المنطقة الحيوية».
ملحمة جلجامش
يذكر الشملان معلومات مهمة نقتطف منها أن أول ذكر للغوص عن اللؤلؤ في التاريخ يظهر في ملحمة جلجامش قبل 3000 عام قبل الميلاد وأطلق عليه عيون السمك ، فقد ذكر المؤرخ البريطاني بلين عن «تايلوس» وهو الاسم القديم للبحرين أنها كانت تشتهر باللؤلؤ، وكان الغواص البحريني استطاع عبر التاريخ بقدرته على أن يزين العالم باللآلئ الطبيعية الجميلة إذ خاطر بحياته وممتلكاته بركوب أمواج أعالي البحار ومحاربة عوامل الطبيعة والأهوال في البحث عن كنز مدفون في بحار وطنه، وكانت صناعة الغوص عن اللؤلؤ كانت الحرفة الرئيسة لسكان الخليج العربي عموماً وفي البحرين بصفة خاصة، وانقرضت إلى حد كبير ولم يزاولها إلا 1% تقريباً وذلك بعد اكتشاف النفط العام 1932 ومنافسة اللؤلؤ الصناعي الياباني المستزرع.
ويذكر أن أشهر ثلاثة مصائد لللؤلؤ، هي: هير بولثامة وهير بوعمامة وهير شتية، التي تقع شمال البحرين إذ أجمع تجار الجواهر على أن لؤلؤ البحريني يفوق سائر اللآلئ بهجة ونفاسة، وقدر ثمن ما يخرج منها سنوياً من اللؤلؤ بقيمة 30 مليون روبية في ذلك الوقت، ويصدر غالبية اللؤلؤ إلى مدينة مومبي بالهند ومنها إلى باريس بفرنسا.
ويستشهد الشملان بما جاء في كتاب النبهاني «التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية»، أن سفن الغوص أنواع منها السنبوك والجالبوت والبوم والبقارة والبتيل والبغلة، ويطلق البحرينيون على مجموعة من السفن «بالخشب» ويتراوح عدد سفن الغوص بين 3-4 آلاف سفينة، ويعبرون عن ابتداء الغوص «بالركبة» وعن الانتهاء «بالقفال» ، ويطلقون على اللؤلؤ قماشا والجواهر دانات فإذا مضى برج من فصل الربيع يخرجون في سفنهم حسب ما تسع من البحارة تحت رئاسة النوخذة ويسمون الغائص غيصاً والذي يجر حبل الغيص سيباً والمساعد يسمى رضيفاً والذي يكون أصغر من الرضيف يسمى تباباً».
ويبين النبهاني أن كافة السفن تخرج إلى البحر في مواقع مختلفة العمق ويتخذ مالكو أو نواخذة السفن أسماء لسفنهم مأخوذة من الحياة مثل معدي الصقلاوي، البصرة، بيروت، سمحان، الصاروي، أبوالكباب، وأكبر سفينة غوص في تاريخ البحرين كانت سنبوك وتعود إلى عائلة العمامرة بالمحرق يسمى «معدي» وقد تمت صناعته على شواطئ المحرق الغربية بالقرب من مدرسة الهداية الخليفية ويحمل على ظهره أكثر من 200 بحار، وترسو غالبية سفن الغوص على شطآن مدينة المحرق من البسيتين شمالاً حتى حالة بوماهر جنوباً وشرقاً حتى حي فريق البوخميس. وفي مدينة الحد توجد حوالي 200 سفينة وفي حالتي النعيم والسلطة 50 سفينة وفي قلالي 20 وفي سماهيج 5 سفن وفي عراد 5 سفن وفي الدير 3 سفن، وتتواجد سفن الغوص في مدينة المنامة والبديع والزلاق وعسكر وجو وتبعد المغاصات عن الشواطئ حوالي 30 ميلاً وعمقها يتراوح بين3-14 باعاً حوالي 20 متراً.
أحمد بن ماجد
وينقل الشملان ما كتبه المؤرخ البريطاني جي.جيه.لويمر في كتابة «وكيل الخليج.. الجزء الجغرافي» أن في البحرين حوالي 20 ألف بحار يعملون بسفن الغوص وتجارة اللؤلؤ. وما ذكره الملاح العربي الكبير أحمد بن ماجد في أحد مؤلفاته عن المدن الساحلية أن في البحرين عدداً كبيراً من مغاصات اللؤلؤ وغالبية الناس يعملون في مهنة الغوص، وهناك ثمانية أنواع من محار اللؤلؤ في مياه البحرين الإقليمية وهي تنتمي إلى جنس بنكتادا وأكثر الأنواع شيوعاً وأهمية هما المحار والصديفي. ويطلق أهل الخليج العربي كلمة لولو على اللؤلؤ ولكن الكلمة الدالة والمستخدمة هي قماشة أو قماش للجمع، وكان سعر اللؤلؤ يختلف من وقت إلى آخر حيث يباع اللؤلؤ إلى الطواويش وهم تجار اللؤلؤ الذين يزورون السفينة وقت المغاص أو عند العودة. ويحصل كل من النوخذة (الكابتن) والغواص على ثلاثة أسهم بينما يحصل السيب على سهمين والرضيف على سهم واحد، والدانات الجميلة التي أوزانها أكبر من 30 قمعة، والقمعة تساوي 5% من الغرام، وتباع مفردة وثمن اللؤلؤة تحدده خصائصها كالحجم، الوزن، البريق، اللون، واللآلئ المتوسطة والصغيرة تفرز بحسب أحجامها بواسطة أمرارها في «طوس» خاصة لذلك وهناك 12 نوعاً من اللآلئ البيضاء منها اليكة البيضاء (مستديرة ناصعة البياض)، اليكة النباتي (مستديرة صفراء)، واليكة بطن (وهي نصف مستديرة كالزرار)، وهناك أربعة أنواع من اللآلئ الزرقاء فمثلاً السنجباسي (مستديرة) ومغز أزرق (غير منتظمة الشكل) وهناك خمسة أنواع من اللآلئ الحمراء، فمثلاً: اليكة (مستديرة). والبدلة الحمراء من النوعية الممتازة ولكن غير منتظمة الشكل وهناك نوع واحد من اللؤلؤ الأصفر وهو النور (الأسطواني مدبب).