كان في قرية الدير شمال المحرق في مملكة البحرين، راهب اتخذ له صومعة في إحدى النواحي، وعندما توفّي تحوّلت الصومعة إلى مسجد، واتخذ الحي الذي يسكنه اسدمه من هذا الراهب فسمي بفريق الراهب، كما سميت القرية بـ «الدير» نظراً لوجود هذا الدير قبل دخول البحرين في ظل الإسلام.
قرية الدير التي تقع على الساحل الشمالي لجزيرة المحرق وتبعد قرابة الثلاثة كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة المحرق، ارتبط سكانها ومازالوا مرتبطين بحياة البحر فهو يشكل مصدر رزق للكثير منهم، وفي الماضي كانت مهنة الغوص هي المهنة السائدة بجانب مهنة صيد الأسماك.
وتذكر مصادر أن الدير وردت في كتابات بعض الرحالة الإنجليز عندما زاروا البحرين العام 1905 أي قبل (سنة الطبعة) بعشرين عاماً حيث ذكر أن (إن أهلها يشتغلون بصيد اللؤلؤ وإن بها 25 سفينة تستخدم لصيد اللؤلؤ كما كان بها 1700 نخلة و 300 منزل مبنية من الطين والجص).
وتضيف المصادر أنه كان في الدير أكثر من 15 مزرعة كانت أغلبها تروى من عيون عذبة أشهرها: عين السادة: وموقعها شمال المسجد الغربي وبقيت حتى الستينات ثم ردمت، ومازال أثرها باقياً، عين النسوان: وتقع شمال شرق عين السادة وهي مخصصة للنساء فقط للاستحمام وغسل الملابس والأدوات المنزلية وقد بقيت حتى عهد قريب ثم غار ماؤها وتم ردمها، عين الدولاب: (عين حيوة) وتقع في مزرعة شمال غرب المسجد الغربي وبقيت هذه العين حتى أواخر السبعينات وتم ردمها، عين أم الكراسي: وسميت بهذا الاسم لوجود أحجار كبيرة تشكل سلم النزول فيها على هيئة الكراسي، وهذه العين مع عين أم الجريش وعين الباب، وجميعها من عيون (البستان الغربي) وموقعة جنوب المسجد الغربي ويشمل جميع البيوت الجديدة التي تقع جنوب المسجد بما فيها جمعية الدير والبيوت الواقعة شمالها وغربها وقد اندثرت تلك العيون عندما أبيد ذلك البستان الكبير، عين ريه: نسبة إلى المزرعة التي تسمى “ريه” ومازالت موجودة إلى الآن، عين الراهب: وموقعها في مدرسة الدير الابتدائية للبنات (القديمة) وقد طمرت، عين الشركة أو عين الحمبوة: وسميت بعين الشركة لأن التي قامت بحفرها هي شركة نفط البحرين وذلك بعد سنة (الطبعة) وهي من أشهر العيون التي اعتمدت عليها القرية للحصول على الماء للشرب وكذلك للسباحة والغسيل وتقع شرق مسجد الخيف حيث إن تلك المنطقة كانت خالية من السكان، وقد بقيت هذه العين حتى نهاية السبعينات ومنبعها موجود حتى الآن في المنطقة الشرقية من الدير وقد امتازت عن غيرها بوجود مجرى طويل مبني من الإسمنت والحجارة يوصل عين المنبع حتى بركة داخل المزرعة التي تسمى (دالية الشركة). ومن معالم تلك العين أن النساء يتجمعن في فترة الصباح والظهيرة عند المنبع أما الجزء الجنوبي للمجرى فيكون للذكور، عين بن يوسف: وموقعها على وجه التقريب بالقرب ن مأتم سيد علي، عين تنه: وهي موجودة حتى الآن وسميت بهذا الاسم نسبة إلى المزرعة التي هي فيها (تنه).
كثافة سكانية
وتذكر مصادر أن قرية الدير من أكبر قرى البحرين كثافة وعدد السكان، حيث يُقدر عدد ساكنيها بحوالي أكثر من 19 ألف نسمة وأكثرهم شباب حيث يبلغ عددهم حوالي 5000 نسمة تتراوح أعمارهم ما بين 16 - 35 سنة. أما أصل سكان القرية فيعود إلى المسيح إلى أن جاء المبشر بالإسلام إلى البحرين حيث كان أهل الدير قد أسلموا بعد القرية الأم في المحرق آنذاك وهي سماهيج ويذكر أن أصول سكان الدير هم من سماهيج وهم أول من أسلموا بالبحرين بعد دخول الإسلام فيها وقد كبرت هذه القرية لتصبح عدة أحياء: الغرب، الشرق، الشركة، الراهب، البدو، الدفنة، كربلاء، حي العسكريين.
أما عن المساجد فتذكر موسوعة ويكيبيديا أنه يتواجد في قرية الدير عدة مساجد وهي: جامع الخيف (رجال ونساء)، الجامع الغربي (رجال ونساء)، المسجد الوسطي، المسجد الغربي، مسجد فاطمة الزهراء، مسجد بردان، مسجد الروضة (مجاور روضة طريقة الخير)، مسجد بن مطر ويُطلق عليه مسجد (أهل السنة والجماعة السُنة)، بالإضافة لمسجد الراهب، ومسجد المقبرة الذي تم هدمه. أما بشأن المآتم فإن في القرية ستة مآتم للرجال أقدمها مأتم الحاج محسن الذي يسمى حالياً مأتم الحاج عبد الرضا ومن أشهر الخطباء الذين قرءوا فيه: بن سليم-ملا حسن أبو الشلان- ملا محسن التمليخة وملا عبيد الحساوي. وكانت أجور الخطباء في ذلك الوقت تتراوح بين 15-50 روبية، وبعد مأتم الحاج محسن يأتي مأتم محمد علي في الأقدمية ويسمى بالمأتم الشمالي أو المأتم العود وسمي بمأتم محمد علي نسبة إلى مؤسسة المرحوم الحاج محمد علي الذي جاء من جزيرة النبيه صالح وسكن في الدير ثم انتقل إلى قرية سماهيج فأفاض الله عليه من فضله ومن أشهر من قرأ في هذا المأتم من الخطباء المرحوم الملا علي بن فايز الذي نبعت شهرته من الدير ثم أخذه الحاج حسن بن مرزوق إلى سترة. ومن الخطباء أيضاً ملا عطية الجمري الذي قرأ في هذا المأتم سنوات طويلة وملا سعيد العرب وملا حسن بن الشيخ وملا صنقور. والمآتم الموجودة في الدير مأتم الحاج علي المطوع ومأتم سيد علي ويسمى حالياً (مأتم الإمام المنتظر) ومأتم الحاج راشد ومأتم الإمام الهادي (ع)، ومأتم الإمام علي (ع) أما مآتم النساء فتزيد على 30 مأتماً على هيئة مجالس ملحقة بالبيوت.
جزيرة خصيفة
جزيرة خصيفة كانت إحدى معالم الدير. تبعد عشرات الأمتار عن شمال القرية. وكانت كما تنقل المصادر متنفساً إلى أهالي القرية، وقامت الحكومة بإنشاء جسر يمتد من اليابسة إلى جزيزة خصيقة وقبل ذالك كان الأهالي يذهبون إليها في وقت الجزر ويعودون لأن المياه تنحسر تماماً بين القرية وبين الجزيرة. أما عن سبب تسميتها بخصيفة فجاءت من كلمة خسف، ويذكر الآباء والأجداد أنه كان هناك أم وابنتها الرضيعة ولما أرادت أمها أن تطهرها لم تجد سوى خبز الرقاق لتطهرها به وبما أن الخبز من أعظم النعم على الإنسان، خسف الله خسف وابنتها جزيرة، وللعلم فإن هناك بجانب الجزيرة صخرة كبيرة لا تغطيها المياه.
ويعطي صاحب كتاب (دليل الخليج) الإنجليزي لوريمر وصفاً جغرافياً للجزيرة، فيشير إلى أن موقع جزيرة خصيفة على بعد نصف ميل من قرية الدير، وطبيعتها جزيرة صخرية صخور على الشاطئ، وبينها وبين الشاطئ يوجد ثلاثة ينابيع عذبة مكشوفة في الجزر المنخفضة تغذي الدير بالماء وتعلو عن سطح البحر 8 أقدام.
ويذكر بن الدير الباحث والأكاديمي د. علي هلال في مدونته أن «خصيفة» جزيرة صغيرة تقع شمال قرية الدير وعلى مسافة قصيرة من الساحل عندما كان للدير ساحل، هذه الجزيرة التي ارتبطت بسكان الدير وارتبطوا بها كباراً وصغاراً رجالاً ونساء ولقد دخلت هذه الجزيرة في الموروث الشعبي «الإنثربولوجيا»، وكانت الجدات والأمهات يحكين للأحفاد والأبناء قبل النوم حكاية المرأة التي وضعت غائط ابنها على رغيف من الخبز فعاقبها الله سبحانه وتعالى على فعلتها الشنيعة بأن خسفها وحولها إلى هذه الجزيرة لتكون عبرة للآخرين. وعموم أهل الدير يطلقون عليها اسم «خُصَيْفة» بقلب السين إلى صاد وهو أمر جائز لغوياً وحتى في القراءات القرآنية مثل بسطة وبصطة وسلطان وصلطان وخُسَيْفة تصغير لكلمة خسفَة.
وفي مقالة له يقول بن الدير المربي السابق إبراهيم حسن إبراهيم: مازلت أتذكر ذلك المشهد الجميل في أيام الشتاء عندما كنا نقف بجوار بيوت القيظ المهجورة والمبنية من سعف النخيل – عندما كان في البحرين مليون نخلة – والمقامة على الساحل ويطلق عليها «عرش» ومفردها عريش كنا ننظر إلى آلاف النوارس وهي تحط جنوب هذه الجزيرة إذ كانت تمثل مكاناً ملائماً يحميها من شدة الرياح كما كان محيط جزيرة خُصَيْفة بيئة خصبة لتجمع الأسماك الصغيرة مثل (المنكوس والميد) وهي تمثل فرائس سائغة لطيور النورس ونوع آخر من الطيور ويطلق علية البحارة صُر ومفردها صُرّة وهي بحجم الحمامة، وكانت تنقض على الأسماك الصغيرة كالسهم، كما كانت هذه الجزيرة مكاناً يرتاده (الحداقة) وبالأخص حداقة السبيطية وينطقها عموم الناس الصبيطية، وكان ظلالها يشكل محل استراحة في أيام الصيف الحارة لمرتادي البحر أثناء الجَزر من أصحاب الحظور وجامعي الحشائش وبالأخص من جهة الشرق والشمال إذ يوجد ما يشبه المظلات الطبيعية وتحتها يكون الهواء بارداً، كما إن محيطها الشرقي والشمالي الشرقي والشمالي والشمالي الغربي من أثرى المناطق بأنواع الحشائش التي يجمعها الصيادون في أيام الصيف كطعم للأسماك وبالأخص (الصافي والقرقفان) ومن هذه الأنواع حشائش (العلوب والخيضر والليّن والفريها والجباس والنغول) وكان الصيادون يحرصون على المحافظة عليها وإبعادها عن التعفن إذ إن الصافي يعافها إذا تعفنت فلا يدخل إلى (القراقير)، ومن أشهر حقول الحشائش البحرية القريبة من خصيفة منطقة تسمى لسفارة وتقع شمال هذه الجزيرة ثم تأتي من بعدها منطقة تسمى الحالة، وما يزيد جزيرة خصيفة جمالاً وجود لسان من الرمل من الجهة الجنوبية إذ يشكل مرسى طبيعياً للقوارب الصغيرة «الهواري» وكان هذا اللسان قبل الحرب العالمية الثانية يمتد جنوباَ لمسافة كبيرة إلا أنه تقلص خلال الحرب العالمية الثانية لأن القوات البريطانية استخدمت كميات كبيرة من رمال هذا اللسان لتستخدمها كدشم عسكرية، وكان الكثير من أهالي الدير يرتادونها للترويح عن النفس وخاصة الشباب إذ يقومون برحلات تستغرق نصف النهار ووجبتهم المفضلة الفاصوليا والخبز، وكان البعض يعتقد بوجود خطوة للإمام المهدي «ع» في الجهة الغربية من الجزيرة إذ توجد ما تشبه الخطوة غائرة في الصخر، وعلى هذه الجزيرة نجد بيض طيور النورس وبيض الصّر كما تجد بعض الطيور الصغيرة التي لم تتعلم الطيران بعد وفي الجهة الجنوبية الشرقية من الجزيرة وعلى بعد عشرات الأمتار هناك نبع ماء «كوكب»ماؤه عذب فرات كان الناس فيما مضى من زمان وقبل وصول الماء إلى البيوت يرتادون هذا الكوكب وغيره من الكواكب الكثيرة الموجودة في بطح الدير، وكانت عملية جلب الماء إلى المنازل يتحملها النساء أكثر من الرجال، ولقد بقيت هذه الكواكب على حالها حتى امتدت إليها يد الردم والدفان التي طالت جميع سواحل البحرين.
على طريق «الحضارة»
ويشير إلى أن ما يعطي هذه الجزيرة من خصوصية لأهل الدير موقعها في طريق (الحظّارة) إذ هناك العشرات من الحظور تقع شمال وشمال شرق وشمال غرب هذه الجزيرة إذ ترى العشرات بل المئات يمرون عليها ليلاً ونهاراً صباحاً ومساء، وما يزيد المنطقة المحيطة بهذه الجزيرة جمالاً عندما يكون البحر جزراً، وجود قناة مائية ممتدة من الشمال إلى الجنوب ثم تنحرف غرباً وهي قناة عميقة لا يجف عنها ماء البحر وتكثر فيها حشائش سوداء تسمى (مشعورة) ولونها أسود وتسمى (غليل) والجزء الضيق منها والمتجه إلى الغرب يسمى (غليل العميان) ويرتاده الأطفال والشباب للسباحة وكلمة غليل معناها الماء الجاري ولها معانٍ أخرى، كما يوجد في محيط هذه الجزيرة ما يسميه الحظّاره بالعلامات وهي أكوام صغيرة من الحجارة وضعوها كعلامات يفصل بين الكومة والأخرى عدة أمتار وهم يتبعونها حتى توصلهم إلى حظورهم.
ويضيف إبراهيم: في الصيف تجد المئات من طلبة المدارس وهم ينتشرون في محيط هذه الجزيرة إذ يرتادون البحر وقت الجزر «الثبر» لجمع الحشائش فهم يمارسون هواية صيد الأسماك في منطقة (الكاف) وتقع شمال الحظور الواقعة شمال جزيرة خصيفة وكانوا يوفرون مصروف العام الدراسي من عملية الصيد. أما اليوم وكلما نظرنا إلى هذه الجزيرة وما آل إليه أمرها وكيف تبدل حالها ينتابنا الكثير من الغم والحزن وخاصة ونحن من الجيل الذي عايش هذه البيئة وخير هذه الطبيعة عندما كانت بكراَ لم تمتد إليها يد التغيير فالبساتين والعيون والشواطئ والطيور والحظور والحداق والحبال كلها كانت مأنسنا، وكان الواحد منا يستطيع أن يلقي بنفسه وسط أحضان البحر متى شاء لينسى الكثير من آلامه وأحزانه أما اليوم فكلما يممت شطر البحر تريد أن تراه ويراك وتعانقه ويعانقك فدون ذلك خرط القتاد والكثير من الحواجز والسدود والموانع تحول بينك وبين ما تحب فتعود أدراجك وقد اختنقت بعبرتك.
ويتساءل إبراهيم: هل يعود الزمان كما كان وهل يجود الزمان بهذه الأمنية ويتحقق هذا الحلم وتلبس خصيفة حلتها القشيبة ولتصبح عروس بحيرة تدغدغ مخيلة أهالي المنطقة تمتد من شمال مرفأ رأس رية متجهة غرباً لتحتضن هذه الجزيرة؟ أم أن الدنيا قد أدبرت وأدبر معروفها؟ إن أهالي الدير ليحدوهم الأمل بأن يتعطف المسؤولون على أهل هذه المنطقة ويعيدون لهم حلمهم بإعادة هذه الجزيرة إلى أحضانهم.
أيام الستينات
عبر مقالة طويلة يكتب بن الدير التربوي السابق حسن الوردي عن قرية الدير أيام الستينات بعنوان (على ضفاف الصبا) متذكراً جانباً من ذكريات الطفولة والصبا.
يقول الوردي إن فصل الصيف هو من أحلى الفصول وأمتعها، نترقبه بشغف كبير، ويبدأ عادة فور الانتهاء من الامتحانات النهائية، ويستمر أكثر من ثلاثة شهور، فعند خروجنا من المدرسة في آخر يوم من الامتحان ورجوعنا للمنزل نستبدل ثيابنا المدرسية البسيطة والمكونة من ثوب عادة غير مفصل بمقاس الجسم، وغير مكوي وغترة بيضاء، ننزع عن أجسامنا ذلك اللباس لنستبدله بلباس آخر أساسه (الوزار) الذي يغطي الملابس الداخلية وعلى الفور تبدأ مراوحتنا بين البحر بمياهه المالحة من جهة، والعيون العذبة المنتشرة في المنطقة من جهة أخرى وأشهرها في منطقتنا (عين ريّا) (وعين نصر). سريعاً تصطبغ بشرتنا باللون الأسمر، وفي بداية الموسم يخجل بعض الصغار من الخروج مباشرة للبحر لأن بشرتهم مازالت بيضاء ! فيمكث البعض في المنزل لأخذ حمام شمسي سريع لتكتسب بشرته اللون الأسمر بعدها يخرج مع الأطفال إلى البحر أو المزارع والعيون ! أما حينما يأتي المساء فالنوم عادة يكون مبكراً بعد نهار حافل بالألعاب والسباحة، فلا تلفاز ولا مذياع، ولكن كيف يتصور صغار اليوم وشبابه؟ كيف كنا ننام في هذا الجو الحار والرطب؟ – حيث لا يتحمل أولادنا اليوم انقطاع الكهرباء لساعات قليلة، أو تعطل المكيف لفترة بسيطة – كنا كما عودنا الأهل نتكيف مع الجو حيث لا مهرب لنا عند النوم ليلاً إلا في فناء المنزل أو على السطح، فنجهز أسرّتنا القطنية مبكراً، وعند حلول الليل تبرد نوعاً ما وتكون رطبة، لكننا ننام عليها ملء جفوننا، وقبل النوم ننظر للنجوم في ذلك الجو الصافي ونعدّها – وصية لنا إذا استعصى عليك النوم فحاول أن تعد النجوم – ! ولكن كيف تستطيع عد النجوم وسلطان النوم أقوى من ذلك، فسرعان ما نستسلم لنوم هادئ جميل مليء بالأحلام الهادئة غير المزعجة، لأن عقولنا الباطنية خالية تماماً من ترسبات مشاهد العنف والمغامرات الخطيرة، كما يشاهدها الأولاد في هذا الوقت، وفكرة عدّ النجوم اجتهاد عفوي من الأهل للتغلب على الأرق !. وكم شاهدنا من الشهب لدى دخولها الغلاف الجوي للأرض مخلفّة وراءها ضوءاً طويلاً ساطعاً يسببه احتكاك الهواء الجوي بسطحها ونادراً ما تصل هذه النيازك والشهب إلى سطح الأرض، ونحن نخاف من هذه المناظر ولا نعرف طبيعتها في ذلك الوقت ونردّد بوصية من الأهل عندما نراها (سيف الله على عدو الله).
ويضيف الوردي: نصحو في الصباح الباكر لأداء صلاة الصبح قبل شروق الشمس وفي بعض الأحيان نقوم متأخرين عندما تلسعنا أشعة الشمس بحرارتها، ونسرع مهرولين للنزول من أعلى السطح وأيدينا تغطي أعيننا لمنع أشعّة الشمس القوية أن تصل إلينا، وبعد غسل وجوهنا وأدائنا صلاة الصبح، نتناول الفطور وهو عبارة عن شاي بالحليب الطازج مع بعض الخبز أو (البخصم)، أما الجبن والبيض فنادراً ما نتناوله، وعلى ذكر البيض فلا نستمتع بأكله إلا في مناسبة قدوم مولود جديد للأسرة لأن هدايا النساء في مناسبة الولادة في ذلك الزمن تتكون من أعداد من البيض البلدي، ونتيجة لوجود الجمر والرماد الحار عادة في الحجرة أو قريباً منها نقوم بدفن بيضة أو أكثر تحت الرماد، ونغطيها بالجمر، وتكون جاهزة للأكل بعد فترة وجيزة، مشيراً إلى أنه من أوائل مايو يبدأ تساقط (الخلال) من النخيل، وهو لذيذ الطعم خاصة (الخنيزي) (والغرى) (والخلاص) وعادة نجمع المتساقط منه لأنه مقبول للأكل، أما الثابت في عراجين النخيل فطعمه غير مستساغ، وبنهاية هذا الشهر ومن منتصف يونيو إلى نهاية سبتمبر يدخل علينا موسم الرطب، وهو من الأوقات الممتعة جداً للكبار والصغار على السواء، لما فيه من ديناميكية تشمل الجميع، جُلها يتعلق بهذا الموسم فالمنازل تكون طاردة للكثير من سكانها خاصة الأطفال والرجال، فتنتشر (البرائح) خارج المنزل في وقت العصر والليل، وتشاهد الأطفال والنساء منتشرين حول العيون وفي المزارع، ومن طقوس هذا الموسم والخاصة بالرطب أن الكثير من العوائل كبيرة العدد (تتضمّن) أنواع مختارة من النخيل تغطي كل الموسم والتضمين هو حجز بعض النخيل المرغوبة في وقت مبكر قبل الإنضاج، وذلك بوضع شارة على ساق النخلة عبارة عن قطعة من القماش أو أي رباط آخر، للدلالة على أن هذه النخلة محجوزة، وعادة يختار الأهالي ما يرغبون من نخيل من المزارع القريبة من مساكنهم، مثل مزرعة (أم انخيلة) للشيخ خليفة بن سلمان ومزرعة (ريّا) للشيخ عيسى بن علي (ودالية الشركة)، أما الأسر قليلة العدد فلا تحجز أي أنواع من النخيل وإنما يحضر لها صاحب المزرعة وبشكل يومي سلة صغيرة إلى المنزل ويسمى (راتب).
حجز النخيل
ويتابع الوردي: لأننا أسرة كبيرة كان أهلنا عادة ما يتضمنون بعض النخيل من (اُم نخيلة)، ويحجزونها لعدة سنوات متتالية خاصة نخيل (البجيري) (والخنيزي) (والخلاص) (والمرزبان)، وفي إحدى السنوات بشرني الوالد رحمه الله أنه حجز نخلتين من مزرعة ريّا، وكدت أطير من الفرح لما لهذه المزرعة من سمعة حسنة لجودة لوزها وكبر حجمه ونقاء مياهها سواء في نبع عينها النقي أو بركتها الواسعة، لكن تلك الفرحة لم تدم إلاّ يوم واحد لأن الوالد كما قال لي إنه وعند ذهابه للنوم في الليل مرت بفكره بعض الهواجس من أن مزرعة ريّا قريبة من المقبرة وربما تصل جذور النخيل إلى القبور ! لذلك ذهب في اليوم التالي إلى صاحب المزرعة وألغى الحجز !! وفي مرحلة الطفولة المبكرة كنا نصحب أمهاتنا للمزارع لجلب ما تجود به النخلة علينا، ولكن بعد أن اشتد عودنا وأصبحنا قادرين على تحمل ثقل الرطب المجني من النخلة، نذهب لوحدنا، وكم هو رائع وممتع وجودنا في المزرعة، حيث نستغل فترة انتظار موعدنا، لأنّ من يقوم بجني الرطب من النخيل يعتمد الأولوية في الوصول للمزرعة، فنستغل هذه الفترة في التقاط اللوز والرمان أو السباحة في البركة الواسعة، ونذكر أن من يقوم بركوب النخيل وجني الرطب هم من المواطنين البحرينيين أو من الأخوة العرب من سلطنة عمان. وعند حوالي الساعة التاسعة أو أكثر قليلاً نرجع مقفلين لمنازلنا محملين بسلال الرطب، ومن عاداتنا وأعرافنا التي درجنا عليها إننا لا نمر على أي شخص من الرجال دون أن نعرض عليه تناول شيئاً من الرطب ونقول له بلهجتنا (اقدع) يعني تفضل وكل ما تشاء، وأنه من المعيب أن تمر على شخص دون أن تفعل ذلك.
ويقول الوردي: من الطرائف التي حدثت لي في هذا الجانب وأثناء الرجوع إلى المنزل محملاً بسلة الرطب الثقيلة من مزرعة (أم نخيلة)، لمحت من بعيد على ما بدا لي شيخاً وقوراً قادماً من الجهة المعاكسة من الشارع، وعلى الفور توجهت إليه وقطرات الدبس تسيل على القماش الموضوع تحت راسي لتنزل على عيني ووجهي وأحس بطعم الدبس في فمي، كما إن تساقط قطرات الدبس يحجب الرؤية عني بعض الشيء، انحنيت لهذا القادم أمامي حتى تكون سلة الرطب في مستوى بصره ويده، ودون أن أنظر إلى وجهه قلت له تفضل، فأخذ الرجل على ما اعتقدته بعض الرطب، بعدها سمعت صوتاً نسائياً يناديني باسمي ! رفعت عيني وإذا من ظننت أنه رجلاً هو امرأة وقد بادرتني بسؤالها أنت (حسين) بن فلانة ! وذكرت اسم والدتي قلت نعم ! فقالت لي سلم على الوالدة وقل لها إن الشيخة عائشة بنت خليفة تسلم عليها ! طبعاً رجعت إلى المنزل لأقص على والدتي رحمها الله ما حدث وإنّ امرأة تسلم عليها اسمها الشيخة عائشة ! بالطبع فتحت الوالدة الكثير من الحكايات وذكرت لي صداقتها هي وأقرانها مع الشيخة وهنا أحب أن أفرد مساحة بسيطة لصدى صوت الوالدة وهي تحدثني عن بعض المحطات الإنسانية والاجتماعية لهذه المرأة حيث تقول إنها تترك منزلهم في اُم نخيلة، وتأتي للعب مع بنات القرية، وقد تعلّمت القرآن الكريم على يد معلمّة من القرية هي المعلمة (شريفة) رحمها الله، وكانت الشيخة عايشة تقضي معظم النهار وشطر من الليل معنا وقد طاب لها المقام في قريتنا، حيث كانت تلهو مع الأطفال وتشاركهم الأفراح والأحزان، وتدخل جميع الأماكن العامة في القرية، وأصبح لها معارف كثيرين من نساء المنطقة تزورهم في منازلهم ويزورونها، ومازال الكثير من صغار الأمس يتذكرون الآن كيف كانت الشيخة تقدم لهم كميات من البيض المسلوق عندما يزورونها مع أمهاتهم، وكبرت الطفلة لتصبح امرأة يافعة، ويشاء الله أن يتوفى والدها الشيخ خليفة رحمه الله وتنتقل عائلتها من منطقة الدير إلى الرفاع وبالطبع تصحبهم بجسمها إلى هناك، لكن مشاعرها وقلبها معلق بالمكان الذي قضت فيه سنين طفولتها وصباها، لذلك لم يطب لها المقام هناك ولم تستطع أن تنسى ذكرياتها ومرابع طفولتها وأماكن لعبها، فقررت العودة إلى منطقة الدير، حيث شيدت لها بيت حديث في القرية وكانت تتواصل مع عائلتها في الرفاع بزيارتهم يوم الجمعة وفي المناسبات بصحبة سائقها وهو شاب من منطقة الدير، وعاشت معظم حياتها معززة مكرمة لم تسمع أو ترى ما يعكر صفو حياتها، ألفت المكان وألفها الناس وارتاحوا لمعشرها، وقدّموا لها كل ما تحتاجه من خدمة واعتبروها بنت القرية الوفية، وقد ذهبت إلى حج بيت الله مع حملة الحاج عبد الرضا الديري، كما صحبت هذه الحملة أيضاً العام 1972 إلى كل من العراق وسوريا وإيران لزيارة العتبات المقدسة هناك. وقد وافاها الأجل المحتوم في حوالي – 1989 ووارى جثمانها الثرى في مقبرة الرفاع. رحمها الله ورحم أمهاتنا جميعاً.
قرية الدير التي تقع على الساحل الشمالي لجزيرة المحرق وتبعد قرابة الثلاثة كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة المحرق، ارتبط سكانها ومازالوا مرتبطين بحياة البحر فهو يشكل مصدر رزق للكثير منهم، وفي الماضي كانت مهنة الغوص هي المهنة السائدة بجانب مهنة صيد الأسماك.
وتذكر مصادر أن الدير وردت في كتابات بعض الرحالة الإنجليز عندما زاروا البحرين العام 1905 أي قبل (سنة الطبعة) بعشرين عاماً حيث ذكر أن (إن أهلها يشتغلون بصيد اللؤلؤ وإن بها 25 سفينة تستخدم لصيد اللؤلؤ كما كان بها 1700 نخلة و 300 منزل مبنية من الطين والجص).
وتضيف المصادر أنه كان في الدير أكثر من 15 مزرعة كانت أغلبها تروى من عيون عذبة أشهرها: عين السادة: وموقعها شمال المسجد الغربي وبقيت حتى الستينات ثم ردمت، ومازال أثرها باقياً، عين النسوان: وتقع شمال شرق عين السادة وهي مخصصة للنساء فقط للاستحمام وغسل الملابس والأدوات المنزلية وقد بقيت حتى عهد قريب ثم غار ماؤها وتم ردمها، عين الدولاب: (عين حيوة) وتقع في مزرعة شمال غرب المسجد الغربي وبقيت هذه العين حتى أواخر السبعينات وتم ردمها، عين أم الكراسي: وسميت بهذا الاسم لوجود أحجار كبيرة تشكل سلم النزول فيها على هيئة الكراسي، وهذه العين مع عين أم الجريش وعين الباب، وجميعها من عيون (البستان الغربي) وموقعة جنوب المسجد الغربي ويشمل جميع البيوت الجديدة التي تقع جنوب المسجد بما فيها جمعية الدير والبيوت الواقعة شمالها وغربها وقد اندثرت تلك العيون عندما أبيد ذلك البستان الكبير، عين ريه: نسبة إلى المزرعة التي تسمى “ريه” ومازالت موجودة إلى الآن، عين الراهب: وموقعها في مدرسة الدير الابتدائية للبنات (القديمة) وقد طمرت، عين الشركة أو عين الحمبوة: وسميت بعين الشركة لأن التي قامت بحفرها هي شركة نفط البحرين وذلك بعد سنة (الطبعة) وهي من أشهر العيون التي اعتمدت عليها القرية للحصول على الماء للشرب وكذلك للسباحة والغسيل وتقع شرق مسجد الخيف حيث إن تلك المنطقة كانت خالية من السكان، وقد بقيت هذه العين حتى نهاية السبعينات ومنبعها موجود حتى الآن في المنطقة الشرقية من الدير وقد امتازت عن غيرها بوجود مجرى طويل مبني من الإسمنت والحجارة يوصل عين المنبع حتى بركة داخل المزرعة التي تسمى (دالية الشركة). ومن معالم تلك العين أن النساء يتجمعن في فترة الصباح والظهيرة عند المنبع أما الجزء الجنوبي للمجرى فيكون للذكور، عين بن يوسف: وموقعها على وجه التقريب بالقرب ن مأتم سيد علي، عين تنه: وهي موجودة حتى الآن وسميت بهذا الاسم نسبة إلى المزرعة التي هي فيها (تنه).
كثافة سكانية
وتذكر مصادر أن قرية الدير من أكبر قرى البحرين كثافة وعدد السكان، حيث يُقدر عدد ساكنيها بحوالي أكثر من 19 ألف نسمة وأكثرهم شباب حيث يبلغ عددهم حوالي 5000 نسمة تتراوح أعمارهم ما بين 16 - 35 سنة. أما أصل سكان القرية فيعود إلى المسيح إلى أن جاء المبشر بالإسلام إلى البحرين حيث كان أهل الدير قد أسلموا بعد القرية الأم في المحرق آنذاك وهي سماهيج ويذكر أن أصول سكان الدير هم من سماهيج وهم أول من أسلموا بالبحرين بعد دخول الإسلام فيها وقد كبرت هذه القرية لتصبح عدة أحياء: الغرب، الشرق، الشركة، الراهب، البدو، الدفنة، كربلاء، حي العسكريين.
أما عن المساجد فتذكر موسوعة ويكيبيديا أنه يتواجد في قرية الدير عدة مساجد وهي: جامع الخيف (رجال ونساء)، الجامع الغربي (رجال ونساء)، المسجد الوسطي، المسجد الغربي، مسجد فاطمة الزهراء، مسجد بردان، مسجد الروضة (مجاور روضة طريقة الخير)، مسجد بن مطر ويُطلق عليه مسجد (أهل السنة والجماعة السُنة)، بالإضافة لمسجد الراهب، ومسجد المقبرة الذي تم هدمه. أما بشأن المآتم فإن في القرية ستة مآتم للرجال أقدمها مأتم الحاج محسن الذي يسمى حالياً مأتم الحاج عبد الرضا ومن أشهر الخطباء الذين قرءوا فيه: بن سليم-ملا حسن أبو الشلان- ملا محسن التمليخة وملا عبيد الحساوي. وكانت أجور الخطباء في ذلك الوقت تتراوح بين 15-50 روبية، وبعد مأتم الحاج محسن يأتي مأتم محمد علي في الأقدمية ويسمى بالمأتم الشمالي أو المأتم العود وسمي بمأتم محمد علي نسبة إلى مؤسسة المرحوم الحاج محمد علي الذي جاء من جزيرة النبيه صالح وسكن في الدير ثم انتقل إلى قرية سماهيج فأفاض الله عليه من فضله ومن أشهر من قرأ في هذا المأتم من الخطباء المرحوم الملا علي بن فايز الذي نبعت شهرته من الدير ثم أخذه الحاج حسن بن مرزوق إلى سترة. ومن الخطباء أيضاً ملا عطية الجمري الذي قرأ في هذا المأتم سنوات طويلة وملا سعيد العرب وملا حسن بن الشيخ وملا صنقور. والمآتم الموجودة في الدير مأتم الحاج علي المطوع ومأتم سيد علي ويسمى حالياً (مأتم الإمام المنتظر) ومأتم الحاج راشد ومأتم الإمام الهادي (ع)، ومأتم الإمام علي (ع) أما مآتم النساء فتزيد على 30 مأتماً على هيئة مجالس ملحقة بالبيوت.
جزيرة خصيفة
جزيرة خصيفة كانت إحدى معالم الدير. تبعد عشرات الأمتار عن شمال القرية. وكانت كما تنقل المصادر متنفساً إلى أهالي القرية، وقامت الحكومة بإنشاء جسر يمتد من اليابسة إلى جزيزة خصيقة وقبل ذالك كان الأهالي يذهبون إليها في وقت الجزر ويعودون لأن المياه تنحسر تماماً بين القرية وبين الجزيرة. أما عن سبب تسميتها بخصيفة فجاءت من كلمة خسف، ويذكر الآباء والأجداد أنه كان هناك أم وابنتها الرضيعة ولما أرادت أمها أن تطهرها لم تجد سوى خبز الرقاق لتطهرها به وبما أن الخبز من أعظم النعم على الإنسان، خسف الله خسف وابنتها جزيرة، وللعلم فإن هناك بجانب الجزيرة صخرة كبيرة لا تغطيها المياه.
ويعطي صاحب كتاب (دليل الخليج) الإنجليزي لوريمر وصفاً جغرافياً للجزيرة، فيشير إلى أن موقع جزيرة خصيفة على بعد نصف ميل من قرية الدير، وطبيعتها جزيرة صخرية صخور على الشاطئ، وبينها وبين الشاطئ يوجد ثلاثة ينابيع عذبة مكشوفة في الجزر المنخفضة تغذي الدير بالماء وتعلو عن سطح البحر 8 أقدام.
ويذكر بن الدير الباحث والأكاديمي د. علي هلال في مدونته أن «خصيفة» جزيرة صغيرة تقع شمال قرية الدير وعلى مسافة قصيرة من الساحل عندما كان للدير ساحل، هذه الجزيرة التي ارتبطت بسكان الدير وارتبطوا بها كباراً وصغاراً رجالاً ونساء ولقد دخلت هذه الجزيرة في الموروث الشعبي «الإنثربولوجيا»، وكانت الجدات والأمهات يحكين للأحفاد والأبناء قبل النوم حكاية المرأة التي وضعت غائط ابنها على رغيف من الخبز فعاقبها الله سبحانه وتعالى على فعلتها الشنيعة بأن خسفها وحولها إلى هذه الجزيرة لتكون عبرة للآخرين. وعموم أهل الدير يطلقون عليها اسم «خُصَيْفة» بقلب السين إلى صاد وهو أمر جائز لغوياً وحتى في القراءات القرآنية مثل بسطة وبصطة وسلطان وصلطان وخُسَيْفة تصغير لكلمة خسفَة.
وفي مقالة له يقول بن الدير المربي السابق إبراهيم حسن إبراهيم: مازلت أتذكر ذلك المشهد الجميل في أيام الشتاء عندما كنا نقف بجوار بيوت القيظ المهجورة والمبنية من سعف النخيل – عندما كان في البحرين مليون نخلة – والمقامة على الساحل ويطلق عليها «عرش» ومفردها عريش كنا ننظر إلى آلاف النوارس وهي تحط جنوب هذه الجزيرة إذ كانت تمثل مكاناً ملائماً يحميها من شدة الرياح كما كان محيط جزيرة خُصَيْفة بيئة خصبة لتجمع الأسماك الصغيرة مثل (المنكوس والميد) وهي تمثل فرائس سائغة لطيور النورس ونوع آخر من الطيور ويطلق علية البحارة صُر ومفردها صُرّة وهي بحجم الحمامة، وكانت تنقض على الأسماك الصغيرة كالسهم، كما كانت هذه الجزيرة مكاناً يرتاده (الحداقة) وبالأخص حداقة السبيطية وينطقها عموم الناس الصبيطية، وكان ظلالها يشكل محل استراحة في أيام الصيف الحارة لمرتادي البحر أثناء الجَزر من أصحاب الحظور وجامعي الحشائش وبالأخص من جهة الشرق والشمال إذ يوجد ما يشبه المظلات الطبيعية وتحتها يكون الهواء بارداً، كما إن محيطها الشرقي والشمالي الشرقي والشمالي والشمالي الغربي من أثرى المناطق بأنواع الحشائش التي يجمعها الصيادون في أيام الصيف كطعم للأسماك وبالأخص (الصافي والقرقفان) ومن هذه الأنواع حشائش (العلوب والخيضر والليّن والفريها والجباس والنغول) وكان الصيادون يحرصون على المحافظة عليها وإبعادها عن التعفن إذ إن الصافي يعافها إذا تعفنت فلا يدخل إلى (القراقير)، ومن أشهر حقول الحشائش البحرية القريبة من خصيفة منطقة تسمى لسفارة وتقع شمال هذه الجزيرة ثم تأتي من بعدها منطقة تسمى الحالة، وما يزيد جزيرة خصيفة جمالاً وجود لسان من الرمل من الجهة الجنوبية إذ يشكل مرسى طبيعياً للقوارب الصغيرة «الهواري» وكان هذا اللسان قبل الحرب العالمية الثانية يمتد جنوباَ لمسافة كبيرة إلا أنه تقلص خلال الحرب العالمية الثانية لأن القوات البريطانية استخدمت كميات كبيرة من رمال هذا اللسان لتستخدمها كدشم عسكرية، وكان الكثير من أهالي الدير يرتادونها للترويح عن النفس وخاصة الشباب إذ يقومون برحلات تستغرق نصف النهار ووجبتهم المفضلة الفاصوليا والخبز، وكان البعض يعتقد بوجود خطوة للإمام المهدي «ع» في الجهة الغربية من الجزيرة إذ توجد ما تشبه الخطوة غائرة في الصخر، وعلى هذه الجزيرة نجد بيض طيور النورس وبيض الصّر كما تجد بعض الطيور الصغيرة التي لم تتعلم الطيران بعد وفي الجهة الجنوبية الشرقية من الجزيرة وعلى بعد عشرات الأمتار هناك نبع ماء «كوكب»ماؤه عذب فرات كان الناس فيما مضى من زمان وقبل وصول الماء إلى البيوت يرتادون هذا الكوكب وغيره من الكواكب الكثيرة الموجودة في بطح الدير، وكانت عملية جلب الماء إلى المنازل يتحملها النساء أكثر من الرجال، ولقد بقيت هذه الكواكب على حالها حتى امتدت إليها يد الردم والدفان التي طالت جميع سواحل البحرين.
على طريق «الحضارة»
ويشير إلى أن ما يعطي هذه الجزيرة من خصوصية لأهل الدير موقعها في طريق (الحظّارة) إذ هناك العشرات من الحظور تقع شمال وشمال شرق وشمال غرب هذه الجزيرة إذ ترى العشرات بل المئات يمرون عليها ليلاً ونهاراً صباحاً ومساء، وما يزيد المنطقة المحيطة بهذه الجزيرة جمالاً عندما يكون البحر جزراً، وجود قناة مائية ممتدة من الشمال إلى الجنوب ثم تنحرف غرباً وهي قناة عميقة لا يجف عنها ماء البحر وتكثر فيها حشائش سوداء تسمى (مشعورة) ولونها أسود وتسمى (غليل) والجزء الضيق منها والمتجه إلى الغرب يسمى (غليل العميان) ويرتاده الأطفال والشباب للسباحة وكلمة غليل معناها الماء الجاري ولها معانٍ أخرى، كما يوجد في محيط هذه الجزيرة ما يسميه الحظّاره بالعلامات وهي أكوام صغيرة من الحجارة وضعوها كعلامات يفصل بين الكومة والأخرى عدة أمتار وهم يتبعونها حتى توصلهم إلى حظورهم.
ويضيف إبراهيم: في الصيف تجد المئات من طلبة المدارس وهم ينتشرون في محيط هذه الجزيرة إذ يرتادون البحر وقت الجزر «الثبر» لجمع الحشائش فهم يمارسون هواية صيد الأسماك في منطقة (الكاف) وتقع شمال الحظور الواقعة شمال جزيرة خصيفة وكانوا يوفرون مصروف العام الدراسي من عملية الصيد. أما اليوم وكلما نظرنا إلى هذه الجزيرة وما آل إليه أمرها وكيف تبدل حالها ينتابنا الكثير من الغم والحزن وخاصة ونحن من الجيل الذي عايش هذه البيئة وخير هذه الطبيعة عندما كانت بكراَ لم تمتد إليها يد التغيير فالبساتين والعيون والشواطئ والطيور والحظور والحداق والحبال كلها كانت مأنسنا، وكان الواحد منا يستطيع أن يلقي بنفسه وسط أحضان البحر متى شاء لينسى الكثير من آلامه وأحزانه أما اليوم فكلما يممت شطر البحر تريد أن تراه ويراك وتعانقه ويعانقك فدون ذلك خرط القتاد والكثير من الحواجز والسدود والموانع تحول بينك وبين ما تحب فتعود أدراجك وقد اختنقت بعبرتك.
ويتساءل إبراهيم: هل يعود الزمان كما كان وهل يجود الزمان بهذه الأمنية ويتحقق هذا الحلم وتلبس خصيفة حلتها القشيبة ولتصبح عروس بحيرة تدغدغ مخيلة أهالي المنطقة تمتد من شمال مرفأ رأس رية متجهة غرباً لتحتضن هذه الجزيرة؟ أم أن الدنيا قد أدبرت وأدبر معروفها؟ إن أهالي الدير ليحدوهم الأمل بأن يتعطف المسؤولون على أهل هذه المنطقة ويعيدون لهم حلمهم بإعادة هذه الجزيرة إلى أحضانهم.
أيام الستينات
عبر مقالة طويلة يكتب بن الدير التربوي السابق حسن الوردي عن قرية الدير أيام الستينات بعنوان (على ضفاف الصبا) متذكراً جانباً من ذكريات الطفولة والصبا.
يقول الوردي إن فصل الصيف هو من أحلى الفصول وأمتعها، نترقبه بشغف كبير، ويبدأ عادة فور الانتهاء من الامتحانات النهائية، ويستمر أكثر من ثلاثة شهور، فعند خروجنا من المدرسة في آخر يوم من الامتحان ورجوعنا للمنزل نستبدل ثيابنا المدرسية البسيطة والمكونة من ثوب عادة غير مفصل بمقاس الجسم، وغير مكوي وغترة بيضاء، ننزع عن أجسامنا ذلك اللباس لنستبدله بلباس آخر أساسه (الوزار) الذي يغطي الملابس الداخلية وعلى الفور تبدأ مراوحتنا بين البحر بمياهه المالحة من جهة، والعيون العذبة المنتشرة في المنطقة من جهة أخرى وأشهرها في منطقتنا (عين ريّا) (وعين نصر). سريعاً تصطبغ بشرتنا باللون الأسمر، وفي بداية الموسم يخجل بعض الصغار من الخروج مباشرة للبحر لأن بشرتهم مازالت بيضاء ! فيمكث البعض في المنزل لأخذ حمام شمسي سريع لتكتسب بشرته اللون الأسمر بعدها يخرج مع الأطفال إلى البحر أو المزارع والعيون ! أما حينما يأتي المساء فالنوم عادة يكون مبكراً بعد نهار حافل بالألعاب والسباحة، فلا تلفاز ولا مذياع، ولكن كيف يتصور صغار اليوم وشبابه؟ كيف كنا ننام في هذا الجو الحار والرطب؟ – حيث لا يتحمل أولادنا اليوم انقطاع الكهرباء لساعات قليلة، أو تعطل المكيف لفترة بسيطة – كنا كما عودنا الأهل نتكيف مع الجو حيث لا مهرب لنا عند النوم ليلاً إلا في فناء المنزل أو على السطح، فنجهز أسرّتنا القطنية مبكراً، وعند حلول الليل تبرد نوعاً ما وتكون رطبة، لكننا ننام عليها ملء جفوننا، وقبل النوم ننظر للنجوم في ذلك الجو الصافي ونعدّها – وصية لنا إذا استعصى عليك النوم فحاول أن تعد النجوم – ! ولكن كيف تستطيع عد النجوم وسلطان النوم أقوى من ذلك، فسرعان ما نستسلم لنوم هادئ جميل مليء بالأحلام الهادئة غير المزعجة، لأن عقولنا الباطنية خالية تماماً من ترسبات مشاهد العنف والمغامرات الخطيرة، كما يشاهدها الأولاد في هذا الوقت، وفكرة عدّ النجوم اجتهاد عفوي من الأهل للتغلب على الأرق !. وكم شاهدنا من الشهب لدى دخولها الغلاف الجوي للأرض مخلفّة وراءها ضوءاً طويلاً ساطعاً يسببه احتكاك الهواء الجوي بسطحها ونادراً ما تصل هذه النيازك والشهب إلى سطح الأرض، ونحن نخاف من هذه المناظر ولا نعرف طبيعتها في ذلك الوقت ونردّد بوصية من الأهل عندما نراها (سيف الله على عدو الله).
ويضيف الوردي: نصحو في الصباح الباكر لأداء صلاة الصبح قبل شروق الشمس وفي بعض الأحيان نقوم متأخرين عندما تلسعنا أشعة الشمس بحرارتها، ونسرع مهرولين للنزول من أعلى السطح وأيدينا تغطي أعيننا لمنع أشعّة الشمس القوية أن تصل إلينا، وبعد غسل وجوهنا وأدائنا صلاة الصبح، نتناول الفطور وهو عبارة عن شاي بالحليب الطازج مع بعض الخبز أو (البخصم)، أما الجبن والبيض فنادراً ما نتناوله، وعلى ذكر البيض فلا نستمتع بأكله إلا في مناسبة قدوم مولود جديد للأسرة لأن هدايا النساء في مناسبة الولادة في ذلك الزمن تتكون من أعداد من البيض البلدي، ونتيجة لوجود الجمر والرماد الحار عادة في الحجرة أو قريباً منها نقوم بدفن بيضة أو أكثر تحت الرماد، ونغطيها بالجمر، وتكون جاهزة للأكل بعد فترة وجيزة، مشيراً إلى أنه من أوائل مايو يبدأ تساقط (الخلال) من النخيل، وهو لذيذ الطعم خاصة (الخنيزي) (والغرى) (والخلاص) وعادة نجمع المتساقط منه لأنه مقبول للأكل، أما الثابت في عراجين النخيل فطعمه غير مستساغ، وبنهاية هذا الشهر ومن منتصف يونيو إلى نهاية سبتمبر يدخل علينا موسم الرطب، وهو من الأوقات الممتعة جداً للكبار والصغار على السواء، لما فيه من ديناميكية تشمل الجميع، جُلها يتعلق بهذا الموسم فالمنازل تكون طاردة للكثير من سكانها خاصة الأطفال والرجال، فتنتشر (البرائح) خارج المنزل في وقت العصر والليل، وتشاهد الأطفال والنساء منتشرين حول العيون وفي المزارع، ومن طقوس هذا الموسم والخاصة بالرطب أن الكثير من العوائل كبيرة العدد (تتضمّن) أنواع مختارة من النخيل تغطي كل الموسم والتضمين هو حجز بعض النخيل المرغوبة في وقت مبكر قبل الإنضاج، وذلك بوضع شارة على ساق النخلة عبارة عن قطعة من القماش أو أي رباط آخر، للدلالة على أن هذه النخلة محجوزة، وعادة يختار الأهالي ما يرغبون من نخيل من المزارع القريبة من مساكنهم، مثل مزرعة (أم انخيلة) للشيخ خليفة بن سلمان ومزرعة (ريّا) للشيخ عيسى بن علي (ودالية الشركة)، أما الأسر قليلة العدد فلا تحجز أي أنواع من النخيل وإنما يحضر لها صاحب المزرعة وبشكل يومي سلة صغيرة إلى المنزل ويسمى (راتب).
حجز النخيل
ويتابع الوردي: لأننا أسرة كبيرة كان أهلنا عادة ما يتضمنون بعض النخيل من (اُم نخيلة)، ويحجزونها لعدة سنوات متتالية خاصة نخيل (البجيري) (والخنيزي) (والخلاص) (والمرزبان)، وفي إحدى السنوات بشرني الوالد رحمه الله أنه حجز نخلتين من مزرعة ريّا، وكدت أطير من الفرح لما لهذه المزرعة من سمعة حسنة لجودة لوزها وكبر حجمه ونقاء مياهها سواء في نبع عينها النقي أو بركتها الواسعة، لكن تلك الفرحة لم تدم إلاّ يوم واحد لأن الوالد كما قال لي إنه وعند ذهابه للنوم في الليل مرت بفكره بعض الهواجس من أن مزرعة ريّا قريبة من المقبرة وربما تصل جذور النخيل إلى القبور ! لذلك ذهب في اليوم التالي إلى صاحب المزرعة وألغى الحجز !! وفي مرحلة الطفولة المبكرة كنا نصحب أمهاتنا للمزارع لجلب ما تجود به النخلة علينا، ولكن بعد أن اشتد عودنا وأصبحنا قادرين على تحمل ثقل الرطب المجني من النخلة، نذهب لوحدنا، وكم هو رائع وممتع وجودنا في المزرعة، حيث نستغل فترة انتظار موعدنا، لأنّ من يقوم بجني الرطب من النخيل يعتمد الأولوية في الوصول للمزرعة، فنستغل هذه الفترة في التقاط اللوز والرمان أو السباحة في البركة الواسعة، ونذكر أن من يقوم بركوب النخيل وجني الرطب هم من المواطنين البحرينيين أو من الأخوة العرب من سلطنة عمان. وعند حوالي الساعة التاسعة أو أكثر قليلاً نرجع مقفلين لمنازلنا محملين بسلال الرطب، ومن عاداتنا وأعرافنا التي درجنا عليها إننا لا نمر على أي شخص من الرجال دون أن نعرض عليه تناول شيئاً من الرطب ونقول له بلهجتنا (اقدع) يعني تفضل وكل ما تشاء، وأنه من المعيب أن تمر على شخص دون أن تفعل ذلك.
ويقول الوردي: من الطرائف التي حدثت لي في هذا الجانب وأثناء الرجوع إلى المنزل محملاً بسلة الرطب الثقيلة من مزرعة (أم نخيلة)، لمحت من بعيد على ما بدا لي شيخاً وقوراً قادماً من الجهة المعاكسة من الشارع، وعلى الفور توجهت إليه وقطرات الدبس تسيل على القماش الموضوع تحت راسي لتنزل على عيني ووجهي وأحس بطعم الدبس في فمي، كما إن تساقط قطرات الدبس يحجب الرؤية عني بعض الشيء، انحنيت لهذا القادم أمامي حتى تكون سلة الرطب في مستوى بصره ويده، ودون أن أنظر إلى وجهه قلت له تفضل، فأخذ الرجل على ما اعتقدته بعض الرطب، بعدها سمعت صوتاً نسائياً يناديني باسمي ! رفعت عيني وإذا من ظننت أنه رجلاً هو امرأة وقد بادرتني بسؤالها أنت (حسين) بن فلانة ! وذكرت اسم والدتي قلت نعم ! فقالت لي سلم على الوالدة وقل لها إن الشيخة عائشة بنت خليفة تسلم عليها ! طبعاً رجعت إلى المنزل لأقص على والدتي رحمها الله ما حدث وإنّ امرأة تسلم عليها اسمها الشيخة عائشة ! بالطبع فتحت الوالدة الكثير من الحكايات وذكرت لي صداقتها هي وأقرانها مع الشيخة وهنا أحب أن أفرد مساحة بسيطة لصدى صوت الوالدة وهي تحدثني عن بعض المحطات الإنسانية والاجتماعية لهذه المرأة حيث تقول إنها تترك منزلهم في اُم نخيلة، وتأتي للعب مع بنات القرية، وقد تعلّمت القرآن الكريم على يد معلمّة من القرية هي المعلمة (شريفة) رحمها الله، وكانت الشيخة عايشة تقضي معظم النهار وشطر من الليل معنا وقد طاب لها المقام في قريتنا، حيث كانت تلهو مع الأطفال وتشاركهم الأفراح والأحزان، وتدخل جميع الأماكن العامة في القرية، وأصبح لها معارف كثيرين من نساء المنطقة تزورهم في منازلهم ويزورونها، ومازال الكثير من صغار الأمس يتذكرون الآن كيف كانت الشيخة تقدم لهم كميات من البيض المسلوق عندما يزورونها مع أمهاتهم، وكبرت الطفلة لتصبح امرأة يافعة، ويشاء الله أن يتوفى والدها الشيخ خليفة رحمه الله وتنتقل عائلتها من منطقة الدير إلى الرفاع وبالطبع تصحبهم بجسمها إلى هناك، لكن مشاعرها وقلبها معلق بالمكان الذي قضت فيه سنين طفولتها وصباها، لذلك لم يطب لها المقام هناك ولم تستطع أن تنسى ذكرياتها ومرابع طفولتها وأماكن لعبها، فقررت العودة إلى منطقة الدير، حيث شيدت لها بيت حديث في القرية وكانت تتواصل مع عائلتها في الرفاع بزيارتهم يوم الجمعة وفي المناسبات بصحبة سائقها وهو شاب من منطقة الدير، وعاشت معظم حياتها معززة مكرمة لم تسمع أو ترى ما يعكر صفو حياتها، ألفت المكان وألفها الناس وارتاحوا لمعشرها، وقدّموا لها كل ما تحتاجه من خدمة واعتبروها بنت القرية الوفية، وقد ذهبت إلى حج بيت الله مع حملة الحاج عبد الرضا الديري، كما صحبت هذه الحملة أيضاً العام 1972 إلى كل من العراق وسوريا وإيران لزيارة العتبات المقدسة هناك. وقد وافاها الأجل المحتوم في حوالي – 1989 ووارى جثمانها الثرى في مقبرة الرفاع. رحمها الله ورحم أمهاتنا جميعاً.