خالد الأمين
ولد لعائلة كردية في مدينة الناصرية جنوبي العراق عام 1945، وكان أبوه من أثرياء المدينة القلائل، وقد أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس الناصرية، ثمَّ نال شهادة البكالوريوس بالاقتصاد من جامعة بغداد عام 1967.
انتمى خالد الأمين إلى «الحزب الشيوعي»، وكان محظورًا حينها بعد سيطرة «حزب البعث» على السلطة، وعن هذا يقول الشاعر حسين الهنداوي الذي كان رفيقًا لخالد الأمين في تلك الفترة:
«لا أذكر أننا تحدثنا بمفردات الأيديولوجيا اليابسة أو بالشعارات. وضع تنظيمنا الطلابي ورفده بالأعضاء الجدد كان موضوعنا الأساسي في لقاءاتنا السرية العديدة التي لم تكن تدوم غير ساعة واحدة في الغالب، وكان هو مسؤول الحزبي خلالها، وكان اللقاء في درابين الباب الشرقي عادة، فالحذر من بطش الأجهزة البعثية صار شاغلنا الأكبر في تلك الأيام».
تأثر خالد الأمين بالشعر الفرنسي، وقرأ رامبو وبودلير ومالارميه وسان جون بيرس واراغون، كما كتب مقدمات لقصائد فرنسية مختارة ترجمها الكاتب أحمد الباقري في كتاب حمل عنوان «رصيف سوق الأزهار». ويقول المترجم إن مقدمات خالد الأمين بلغت مستوى رفيعًا ضاهت فيه القصائد المترجمة.
أتلفت قصائد خالد الأمين بعد إعدامه، وكانت هذه عادة عوائل الشعراء أو الكتاب الذين تعدمهم السلطة، يتخلصون من نتاجهم الأدبي مخافة أن تلاحق السلطة بقية أفراد العائلة. ولا تتوفر للشاعر خالد الأمين سوى ثلاث قصائد هي «القلب البديع»، و«منفضة الأصابع المحشوة بالأصوات»، و«الغرف».
أعدم الشاعر خالد الأمين في سجن قصر النهاية ببغداد عام 1972، وتُرجِّح الروايات أنَّه أُلقي في حوض من «حامض النتريك (HNO3)»، وهذه الطريقة في الإعدامات كانت شائعة حينذاك عندما كان ناظم كزار مديرًا للأمن العامة.
* القلب البديع
لبعض السفر أحتاجك
لكنما ما فعل طيش الذاكرة
وأيّ زنخ يُثيره الليل بهذا النهار البتول
بل ويا للصراخ الكالح المقوّس
لربما الملائكة... لولب الآونة
والسير دون رجعة...
هو أصعب الملاحظات
لأني أعلم...
كيف تجرَّدت من الأعضاء التي شغلتها
لكنما أيّ جزع يصنعه الطقس الأبيض
بسلّة من دخان
وودت لو أثقب غرفتي
لأسيل نحو الشجر، حزيناً، وبغبرة خفيفة
لأني أعلم اليوم
ليس ثمة بلل في هذه الساقية
بل ولا حتى نافذة تشرق منها زهرة الليل
فما نفع الديوك المعطرة
وما نفع البحر بالزوارق التي تكفّر عن نفسها
نحو الوراء... يتقدم الآتي،
هذا نصيب الكل
وولّى الفجر الذي نصعد إليه
وها هو الانتظار يبدأ نقطة... نقطة
وبَجَلَبَةٍ واحدة.
إلى أيّ الغرف ذات الويل... يقودني
بعنق غيرك لاحقت أرياف الإعدام
عزلة مغطاة بأفخم الانكسارات
تجري دون توقف ضد حافة الفضاء
هي مياه الحديقة
وهي هذا المساء ذو العضلات والأكفان الزرق
بينما زجاج الفاقة وحده
الذي يصنع محطةً لعشب مثير.
- منشورة في مجلة «العاملون في النفط عام 1968»
***
ولد لعائلة كردية في مدينة الناصرية جنوبي العراق عام 1945، وكان أبوه من أثرياء المدينة القلائل، وقد أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس الناصرية، ثمَّ نال شهادة البكالوريوس بالاقتصاد من جامعة بغداد عام 1967.
انتمى خالد الأمين إلى «الحزب الشيوعي»، وكان محظورًا حينها بعد سيطرة «حزب البعث» على السلطة، وعن هذا يقول الشاعر حسين الهنداوي الذي كان رفيقًا لخالد الأمين في تلك الفترة:
«لا أذكر أننا تحدثنا بمفردات الأيديولوجيا اليابسة أو بالشعارات. وضع تنظيمنا الطلابي ورفده بالأعضاء الجدد كان موضوعنا الأساسي في لقاءاتنا السرية العديدة التي لم تكن تدوم غير ساعة واحدة في الغالب، وكان هو مسؤول الحزبي خلالها، وكان اللقاء في درابين الباب الشرقي عادة، فالحذر من بطش الأجهزة البعثية صار شاغلنا الأكبر في تلك الأيام».
تأثر خالد الأمين بالشعر الفرنسي، وقرأ رامبو وبودلير ومالارميه وسان جون بيرس واراغون، كما كتب مقدمات لقصائد فرنسية مختارة ترجمها الكاتب أحمد الباقري في كتاب حمل عنوان «رصيف سوق الأزهار». ويقول المترجم إن مقدمات خالد الأمين بلغت مستوى رفيعًا ضاهت فيه القصائد المترجمة.
أتلفت قصائد خالد الأمين بعد إعدامه، وكانت هذه عادة عوائل الشعراء أو الكتاب الذين تعدمهم السلطة، يتخلصون من نتاجهم الأدبي مخافة أن تلاحق السلطة بقية أفراد العائلة. ولا تتوفر للشاعر خالد الأمين سوى ثلاث قصائد هي «القلب البديع»، و«منفضة الأصابع المحشوة بالأصوات»، و«الغرف».
أعدم الشاعر خالد الأمين في سجن قصر النهاية ببغداد عام 1972، وتُرجِّح الروايات أنَّه أُلقي في حوض من «حامض النتريك (HNO3)»، وهذه الطريقة في الإعدامات كانت شائعة حينذاك عندما كان ناظم كزار مديرًا للأمن العامة.
* القلب البديع
لبعض السفر أحتاجك
لكنما ما فعل طيش الذاكرة
وأيّ زنخ يُثيره الليل بهذا النهار البتول
بل ويا للصراخ الكالح المقوّس
لربما الملائكة... لولب الآونة
والسير دون رجعة...
هو أصعب الملاحظات
لأني أعلم...
كيف تجرَّدت من الأعضاء التي شغلتها
لكنما أيّ جزع يصنعه الطقس الأبيض
بسلّة من دخان
وودت لو أثقب غرفتي
لأسيل نحو الشجر، حزيناً، وبغبرة خفيفة
لأني أعلم اليوم
ليس ثمة بلل في هذه الساقية
بل ولا حتى نافذة تشرق منها زهرة الليل
فما نفع الديوك المعطرة
وما نفع البحر بالزوارق التي تكفّر عن نفسها
نحو الوراء... يتقدم الآتي،
هذا نصيب الكل
وولّى الفجر الذي نصعد إليه
وها هو الانتظار يبدأ نقطة... نقطة
وبَجَلَبَةٍ واحدة.
إلى أيّ الغرف ذات الويل... يقودني
بعنق غيرك لاحقت أرياف الإعدام
عزلة مغطاة بأفخم الانكسارات
تجري دون توقف ضد حافة الفضاء
هي مياه الحديقة
وهي هذا المساء ذو العضلات والأكفان الزرق
بينما زجاج الفاقة وحده
الذي يصنع محطةً لعشب مثير.
- منشورة في مجلة «العاملون في النفط عام 1968»
***