ماذا لو حكم عليك السجن .. ؟ و بالعيش لسنوات في مكان لا تتاح لك فيه مساحة صغيرة من الزمان او المكان ليكون لك فيها خصوصية ما ، مكان لا تختار فيه الجليس ولا المأكل، ولا حتى الوجهة. تشعر أنك محاط بالمخبرين بالمخاطر والشكوك، وقلما تجد من يشعر بك، أو يربت على كتفك. وتعيش معزولا عن أهلك وأصدقائك.
هل تعلم أن للحزن مدة صلاحية ! ثم بعد ذلك لا تصبح صالحة للاستهلاك والحديث !
تصبح ثقيلة في العمق تعجز عن اجترارها او سحبها وتموت بها !
من الصعب التواجد في السجن ... حيث يكون النهار قصيرا جدا و الليل طويل .. لا تشعر كيف مضى النهار و حل الليل ..لكن ذاك الصباح لا يشرق ، عندما تستلقي على السرير و تبقى بمفردك .. تستدير الى جانب فتفكر بمن تحب .. وتستدير إلى الجانب الآخر فتفكر في آثامك و الندم و الخوف و الغضب و الشوق . عندما يحل الليل تهجم كلها عليك .كأنك لا تستطيع البقاء سالما حتى الصباح و خاصة إذا كان لديك احباء و من تشتاق له .
الحنين مع الحزن مثل قطرات الماء يحفرنا بهدوء ثم يبقى شاهدا في دواخلنا على كل اللحظات التي كانت رمادية .. ولا يتركنا الا ونحن جزء منه .. جزء من طقوسه الرتيبة ..
لماذا يربط لساننا في حالة الحزن و نتكلم ونثرثر كثيرا في الفرح !
هل لان الحزن فاجعة كبرى و اكبر من أن تصفه اللغة... والفرح أقرب الى سذاجة اللغة !
من يدخل إلى السجن يسجن معه من في الخارج أيضا من أهل و أحبة .. لكن اي منها سجين أكثر ؟ و أي منهما أسير اكثر ؟ لا يمكنك أن تفرق بينهما ، خاصة إذا كان لديه أولاد و عائلة .
أبن السجين يكبر بسرعة .. من اللقاء إلى الآخر ينظرالسجين إلى ولده ، إذ أن قامته طالت و صوته أزداد خشونة و نما . و ربما ازداد جمالا.. هو يكبر في الخارج بسرعة و يكبر معه شوقك له أكثر .
لاشيء يعيد إلى السجين طعم الحب في تفتقه واندهاشة اللحظة الدافئة .. لاشيء يعيد عليه زبدة الحياة في فورة الأفكار والأمنيات .. لاشيء يرد على السجين صوت التاريخ الذي يسردونه له كل مساء عن حكايات و حوادث مضت دون ان يسجل فيها حضورا .. مضت بدونه تماماً .. مضت بكل حمولتها وغادرته دون ان تمنحه حقه الطبيعي ان يكون فيها إنسانا !
أحمد صبحي النبعوني - ثنائية السجن و الليل الطويل
هل تعلم أن للحزن مدة صلاحية ! ثم بعد ذلك لا تصبح صالحة للاستهلاك والحديث !
تصبح ثقيلة في العمق تعجز عن اجترارها او سحبها وتموت بها !
من الصعب التواجد في السجن ... حيث يكون النهار قصيرا جدا و الليل طويل .. لا تشعر كيف مضى النهار و حل الليل ..لكن ذاك الصباح لا يشرق ، عندما تستلقي على السرير و تبقى بمفردك .. تستدير الى جانب فتفكر بمن تحب .. وتستدير إلى الجانب الآخر فتفكر في آثامك و الندم و الخوف و الغضب و الشوق . عندما يحل الليل تهجم كلها عليك .كأنك لا تستطيع البقاء سالما حتى الصباح و خاصة إذا كان لديك احباء و من تشتاق له .
الحنين مع الحزن مثل قطرات الماء يحفرنا بهدوء ثم يبقى شاهدا في دواخلنا على كل اللحظات التي كانت رمادية .. ولا يتركنا الا ونحن جزء منه .. جزء من طقوسه الرتيبة ..
لماذا يربط لساننا في حالة الحزن و نتكلم ونثرثر كثيرا في الفرح !
هل لان الحزن فاجعة كبرى و اكبر من أن تصفه اللغة... والفرح أقرب الى سذاجة اللغة !
من يدخل إلى السجن يسجن معه من في الخارج أيضا من أهل و أحبة .. لكن اي منها سجين أكثر ؟ و أي منهما أسير اكثر ؟ لا يمكنك أن تفرق بينهما ، خاصة إذا كان لديه أولاد و عائلة .
أبن السجين يكبر بسرعة .. من اللقاء إلى الآخر ينظرالسجين إلى ولده ، إذ أن قامته طالت و صوته أزداد خشونة و نما . و ربما ازداد جمالا.. هو يكبر في الخارج بسرعة و يكبر معه شوقك له أكثر .
لاشيء يعيد إلى السجين طعم الحب في تفتقه واندهاشة اللحظة الدافئة .. لاشيء يعيد عليه زبدة الحياة في فورة الأفكار والأمنيات .. لاشيء يرد على السجين صوت التاريخ الذي يسردونه له كل مساء عن حكايات و حوادث مضت دون ان يسجل فيها حضورا .. مضت بدونه تماماً .. مضت بكل حمولتها وغادرته دون ان تمنحه حقه الطبيعي ان يكون فيها إنسانا !
أحمد صبحي النبعوني - ثنائية السجن و الليل الطويل