جعفر الديري - كتَّاب: تجربة الكتاب المترجم قصيرة في البحرين

هل يختلف حال الكتاب المترجم من حيث عدد الكتب التي تترجم سنويا في البحرين والعالم العربي، ومن حيث الاقبال والاهتمام، ومن حيث نوعية الكتاب المترجم عن نظيره في البلدان غير العربية؟! ان الاحصاءات تشير الى أن هناك بونا شاسعا بين الطرفين انعكس على الحياة الفكرية والثقافية والابداعية وخلق مسافة زمنية شاسعة كانت مسئولة عن تأخر هذه الثقافة عن اللحاق بنظيراتها في العالم وهو الأمر الذي يؤكده أن الكتاب يصدر في الغرب ويقطع أكثر من عام حتى يصل الى البلدان العربية! ثم ما شأن الترجمة العكسية اي ترجمة الكتاب العربي الى اللغات الأخرى؟! نحن في هذا التحقيق الذي نجريه مع عينة مختارة من المهتمين والمترجمين يهمنا هنا الاطلاع على وجهة نظرهم وكيف أن واقع الكتاب المترجم سواء للعربية أو من العربية يحمل الكثير من الهموم التي تستحق الوقوف عندها.

واقع ضعيف

يقول الروائي فريد رمضان: ان واقع الكتاب المترجم في البحرين لا يختلف عن واقع هذا الكتاب في الوطن العربي اذ إن واقع الترجمة ضعيف ولم يلق حتى اليوم الاهتمام الرسمي أو المؤسساتي الذي يليق به. فاليابان مثلا تنشر في شهر واحد ما ينشره في الوطن العربي طوال عام كامل.
وهذا يعني أن هناك مراكز متقدمة لديها في الوقت الذي نفتقر فيه نحن لذلك. اذ إن ما لدينا لا يتجاوز مشروع المسرح العالمي في الكويت الذي تحول الآن الى جوانب أخرى للترجمة غير المسرحيات كالرواية والكتابات الفكرية وما يساعد على ذلك أن حقوق المؤلف لدينا غير محفوظة بدليل أن هناك الكثير من الكتابات ترجمة من دون أخذ الاذن من قبل المؤلف. وأنا شخصيا وبحكم اهتمامي بالرواية أتابع الكثير مما ينشر باللغة الانجليزية وفي تواصل مع النتاج الروائي لأنه لا مندوحة عن ذلك فالرواية لا تترجم لدينا الا بعد مرور عام على اصدارها. فأنا مثلا أقرأ حاليا رواية (احدى عشرة دقيقة) وهي رواية صادرة قبل عام من الآن بينما هي توزع في هذا العام وهو 2004.
والحق يقال إن ترجمة الابداع العربي الى اللغة الأخرى يكاد يكون معدوما وهو قائم على اجتهادات شخصية وليس من قبل مؤسسات ثقافية. وقد كان هناك مشروع من قبل ادارة الثقافة في ترجمة بعض المختارات الى اللغة الانجليزية وقد ارسلنا المواد ولا نعلم ماذا حدث بشأنها. اذ إن الواقع يقول إن هناك بعض الأسماء التي يترجم لها بدوافع من العلاقات بينما تظل هناك أسماء كبيرة لا تحظى بالترجمة عدا ذلك فان هناك بعض الأسماء لا تلتفت اليها المؤسسات الثقافية في المراكز العربية وأكبر دليل على ذلك التكريم الأخير لقاسم حداد والذي تأخر كثيرا.

حال الكتاب المؤلف

من جانبه يقول الروائي أمين صالح: حال الكتاب المترجم لدينا كحال الكتاب المؤلف من حيث استقبال الكتاب على المستوى الثقافي فيما عدا أن هناك محاولات بسيطة وهي محاولات فردية. واذا قمنا بعقد مقارنة بين حصيلة البحرين أمام حصيلة الوطن العربي فليس هناك مقارنة البتة فالكتب المترجمة ترد الينا أساسا من القاهرة ومن بيروت، فالمشكلة هنا تتعلق بحقوق المؤلف فالمسألة ليست اعتباطية فالمؤلف الأصلي حقوق يجب مراعاتها، وهذا لا يعني أنه لا يوجد هناك اهتمام بالكتاب المترجم بل أن هناك اهتماماً وتنوعاً ملحوظاً في مجال القصة والسينما والمسرح.
لكن الشيء المؤسف بهذا الخصوص أن الصحف لا تقوم لدينا بدور في هذا المجال وفي توصيل الكتاب للقارئ كما هو حاصل مثلا في صحيفة «الحياة» اذ يوجد بها اهتمام بتوفير نتاجات الأدب العربي كذلك الأمر مع الكويت ولكننا في البحرين لا يوجد لدينا كتاب يهتمون بالكتاب البحريني وترجمته الى اللغات الأخرى الا جهود محدودة ولكن هناك من الشعراء والكتاب من يقوم بالترجمة لنفسه مثلا عبدالحميد القائد اذ يقوم بترجمة قصائده الى اللغة الانجليزية ولكن ليس كل شاعر يقوم بترجمة قصائده. وكمثال على ذلك قامت مؤسسة سلمى الخضراء الجيوسي بترجمة مجموعة من القصائد والقصص لشعراء وكتاب من البحرين ولكنها لا تكفي، اذ إننا محتاجون الى مترجمين في حركة ترجمة كبيرة وليس أمرا قائما على جهود فردية تعتمد على مزاجية المترجم ثم لا تجد دار نشر تقوم بطباعة ترجمتها وانما الى مؤسسات تعنى بهذا الشأن.

أسماء حظيت بالاهتمام

ومن جهته يقول الشاعر علي عبدالله خليفة: ان بعض الأسماء البحرينية المعروفة في مجال الشعر حظيت باهتمام المترجمين كبعض قصائد قاسم حداد، علوي الهاشمي وعلي عبدالله خليفة الى اللغة الانجليزية، اذ إن هناك مترجمين عرباً قاموا بترجمة بعض الأعمال، أذكر منهم مهدي عبدالله، لكن اهتمام المترجم اليوم لا يتركز على الأدب ولكن على الكتب التاريخية. فواقع الترجمة اليومية يحتاج الى تشجيع ودعم مع وجود توجه لدى الشعراء الى ترجمة نتاجاتهم مع اتساع رقعة القراءة عبر الانترنت ونحن بحاجة الى أن نوصل ثقافتنا. ونحن في الملتقى الثقافي الأهلي كانت لدينا محاولة لاصدار كتاب شعراء البحرين المحدثين باللغة الانجليزية وكان هناك مشروع بخصوصه في طريقه الى التنفيذ.
ويضيف خليفة: تجربة الكتاب المترجم تجربة قصيرة لأن ثقافة البحرين بحسب الاطلاع على الآخر محدودة فبالتالي كانت الترجمات محدودة. وكانت هناك طلائع مثل حسن الجشي كانوا يتكلمون اللغات الأخرى ولكن لم يقوموا بالترجمة وكانت الصحف والمجلات وقتها من الرعيل الأول كـ «الخميلة» و«صوت البحرين» فيها ترجمات ولكنها ترجمات لم تكن مقصودة فكانت هناك ترجمات لابسن وتشيكوف مأخوذة من الأدب الغربي، والآن تغير الأمر قليلا فوجدنا أن هناك عبدالقادر عقيل، أمين صالح، مهدي عبدالله وآخرين ولكنها ترجمات اتجهت الى اللغة الانجليزية فلم يكن هناك اهتمام مثلا بالترجمة للفارسية وقد كانت لعقيل محاولة في ترجمته للسمكة الصغيرة السوداء عن الفارسية فالجيل الجديد تواصل مع اللغة الانجليزية بتركيز لكن باهتمام بالكتابات الأدبية والتاريخية لان المدى السياسي محدود ولا يستطيعون تجاوزه فبدلا من أن يقوموا مثلا بالاهتمام بترجمة تاريخ الفكر السياسي في المنطقة تتركز ترجماتهم على حضارة دلمون اذ توجد عشرات الكتب عن دلمون وأساطيرها ولا نجد ترجمة لكتب عن تاريخ البحرين في العصر الاسلامي أو في الفترة القرمطية.
وترجمة أدب كالأدب الفارسي في العصر الحديث محدود في ترجمة رباعيات الخيام مع ان هناك الكثير مما يستحق ترجمته من الأدب الفارسي والمترجمين اللاحقين لم يقوموا بذلك مع أن الأدب الفارسي أدب قريب من المنطقة وهناك بلدان عربية أخرى تقوم بترجمة عيون الأدب الفارسي القديم والحديث. أما بشأن الحديث عن ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى فذلك أمر أصعب وهو جانب محدود مع أن هناك الكثير من الناطقين بالعربية بحاجة الى ترجمة نتاجاتهم فنجد مثلا في مصر هناك اهتمام بالترجمة نتيجة لتوافر الدعم الحكومي لأن هناك من يريد أن يكوّن سمعة لمصر فهي تسعى لاستقطاب الكثير من المبدعين ولكننا هنا لا نهتم بهذا الأمر بينما يوجد في بعض البلاد العربية من يلجأ الى العلاقات لترجمة أدبهم حتى لو كانوا من المعارضين وذلك من أجل شهرة البلد فكون هذا البلد يخترم الثقافة فهو بلد متحضر.
واقع الكتاب المترجم... تأخر ومساحة زمنية مهملة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى