جعفر الديري - نقاد: «شفرة دافنشي» إثارة لرؤى فكرية مغايرة

«شفرة دافنشي» رواية صدرت في العام 2005 للكاتب الأميركي دان بروان. وحظيت باهتمام عالمي واعلامي كبير وترجمت الى 50 لغة عالمية ووزعت الطبعة الانجليزية منها لوحدها حتى العام 2005 أكثر من 10 ملايين نسخة.
أثارت الرواية ولاتزال مجموعة من الاشكالات وهي تلك المتعلقة بحرية الكاتب في التعبير والتخيل وحق المجتمع في الاحتفاظ بثوابته الدينية التي نشأ عليها والتي اصبحت جزءاً من تكوينه كما أنها تثير الانتباه الى مدى حرية القارئ عند قراءة العمل الأدبي في الركون الى الفن أو الدين. والواقع أن تلك الرواية ليست تبشيرية بقدر ما هي رواية قادرة على اثارة رؤى فكرية مغايرة لما هو سائد في تاريخ المسيحية وتاريخ المسيح.
وأثارت الرواية جدلا واسعا في الغرب كان ذلك الجدل حاضرا في العالم العربي بعد أن قامت دور نشر عربية بترجمتها. وما قيام بعض الدول العربية كلبنان والأردن بمنع توزيع الرواية الا دليل على حيوية ما طرحته الرواية وما أثارته من أسئلة، يجدها المثقفون في البحرين حالاً صحية تقوم على طرح الآراء المختلف عليها. فالرواية كما يرون تدل على مدى النضج والفهم اللذين يتمتع بهما المجتمع الغربي في مقابل مجتمع عربي لا يقبل بوجهات نظر مختلفة.
يرى الروائي والسينمائي أمين صالح أن الدول الغربية التي استطاعت أن تؤسس لها دعائم قوية قائمة على حرية التعبير هي نفسها التي تثير تقبل بوجهات النظر المختلفة في هذا الموضوع.
يقول صالح :«لا أعتقد بوجود مشكلة فيما يتعلق بحرية التعبير في الغرب فلا يمكن لأوروبا أن ترجع الى عصور محاكم التفتيش. فما أراه أن هناك مبالغات كبيرة في ردود الفعل تجاه هذه الرواية. ففي فيلم آلام المسيح مثلا لم يكن جميع المسيحيين تظاهروا ضد الفيلم وانما كانت هناك كنيسة صغيرة أبدت احتجاجها ولكن ما جعلها تحظى بذلك الحضور هو قيام صحيفة أو مجلة بالمبالغة بشأنها فمجرد احتجاج صغير يروج خلال 24 ساعة ويصبح ملء أسماع العالم. ففيلم آلام المسيح عرض في الصالات وحصل على مليارات الدولارات ولم يقم أحد بحرق صالات ولا اعدام فنانين وانما مجرد متشددين مسيحيين قاموا بذلك ولم يكونوا من القوة والنفوذ بحيث يمارسون كل ذلك القمع».
ويضيف «أما الانتقاد فهو حق مكفول لكل شخص ولكل فئة لكنه لم يصل أبدا الى مسألة القمع وفيلم (شفرة دافنشي) سيعرض في صالات السينما وسيشاهد وسيثير الكثير من الضجة التي لن تصل أبدا الى حد أن تصدر كنيسة ما فتوى تحرم الزوج من زوجته مثلا فهذا هو الفرق بيننا وبينهم فلن تكون هناك سوى قضية ترفع والقانون يأخذ مجراه».

حرية الكاتب في التخيل

ويرى الناقد والمسرحي يوسف الحمدان أن هذا الموضوع يثير بالدرجة الأولى السؤال عن حق المبدع في التخيل وقراءة التاريخ بالصورة التي يراها.
يوضح الحمدان: «أعتقد أن الموضوع هو موضوع حريات فللمبدع حق التخيل وحق قراءة تاريخه من الزاوية التي يراها وليس من زاوية مسيحية. والاثارة الأجمل في الرواية انها لم تتطور الى صراع وشن هجوم كما حدث مع رواية وليمة لأعشاب البحر إذ تدخل الأزهر والرموز الدينية. فهنا موضوع حوار لم يصل الى حد التطرف. فهناك اطراف تقف باقتناع مع الكاتب ومع الرواية وهناك أطراف لا تقف مع الكاتب ولا مع الرواية التي أجدها جديرة بالقراءة فالمشكلة أن الدين عند معظم الناس لا يقبل المتخيل. لذلك أتصور أننا لو كنا أكثر هدوءاً في العالم الاسلامي لما كانت هناك مشكلة فالرواية صدرت ووزعت بالملايين في العالم كما سيشاهد الفيلم وسيظل الكتاب ساري المفعول».

حركة تشكيك في الحضارة الغربية

ويرجع الكاتب عبدالله جناحي تلك الضجة المثارة بشأن الكتاب والفيلم المزمع عرضه الى ان الحضارة الغربية تعيش اليوم حركة تشكيك في تاريخها.
يقول جناحي: «لو تأملنا قليلا في الموضوع لوجدنا أن هناك حركة تشكيك في التاريخ في الحضارة الغربية فدائما ينظر الى التاريخ بشك وعدم يقين. فمثلا اكتشفت في أديرة مصر نصوص قديمة اعتبرها البعض الانجيل الخامس وهذا الانجيل هو الذي كتبه يهوذا الذي خان المسيح وفي هذا الانجيل اتهام خطير يذكر أنه تم الاتفاق بين المسيح ويهوذا على ان يقوم يهوذا بدور المسيح ليعود المسيح الى الجماعة. وهذا كلام يقلب أمورا كثيرة تتعلق بالمسيح ومع ذلك كان موضوع حوار في الفضائيات ومناقشة مدى صدقيته او عدم صدقيته. واعتقد أن رواية شفرة دافنشي تأتي ضمن هذا الاطار كذلك أمر الفيلم الذي هو ليس بأول فيلم فهناك فيلم اقدم وهو أيضا يدور حول الجوانب الانسانية للمسيح وأنه يخاف ويعيش حياة انسانية في حضارة غربية معروفة بتعدديتها، وآلياتها تواجه وتناقش كل الأفكار».
مثقفون: «شفرة دافنشي» إثارة لرؤى فكرية مغايرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى