" عش ذاتك "
من أعجب ما يواجهنا أثناء مسيرة حياتنا، أن نكتشف فجأة أرواحنا وهي تسكن أجسادا لا نعرفها، أو نرى أجسادنا قد انتهبتها أرواح لم نخبرها من قبل، أن نرى أنفسنا فجأة بشكل يختلف عما ألفنا أو توهمنا طوال أعوام، نستيقظ من سبات ربما طال أو قصر لنفجع بحقيقتنا، ونظل ندور في فلك أسئلة تبحث عن كشف دون جدوى .
ومن أصعب ما نقتل به أنفسنا، أن نعتنق حلما أو فكرة، ندافع عنها حد الهوس ، ونعيشها فوق الإيمان، مقنعين ذواتنا أن أرواحنا أنبتتها، ثم نفاجأ ونحن نموت دونها أنها لا تنتمي لنا ولم تخصبها أرضنا، ونكتشف في لحظة صدق كذبتنا الكبيرة، ببغاء حناجرنا ما زال يصيح، بينما تستفيق الروح من غفلتها شيئا فشيئا لتجد أنها غرقت في بحر حلم لا يخصها، لا ينتمي لأشواقها، تدور في مدار خارج مجرتها لا يشبع احتياجاتها؛ فيجتاحها هم عظيم .
والأدهى والأمر أن نعطي الآخرين من عمرنا وروحنا وإخلاصنا ما هم ليسوا أهلا له، نعيش لهم تاركين آمالنا نهبة لليباس، معلقين طموحاتنا على رضاهم أو سخطهم، راضين أن يتحكموا بحياتنا، يسيروها كيف شاءوا، موقعين لحون أفراحنا بفرحهم ، وداقين طبول الحزن مع أحزانهم، يثلجنا قربهم ويعتصرنا فراقهم ولا نتغير إلا لهم، غير عابئين بظلمنا أنفسنا وتكليفها مالا تطيق من أجلهم لآن وجودهم بالجوار يكفينا، وما تلبث الأيام أن تكشف لنا نواجزها، وتدير القلوب في دوائرها فينقلب الحبيب مبغضا والصديق عدوا .
أما الأشد قسوة في الأمر، أننا وقت إفاقتنا بعد ذوبان طال أمده، ظانين أننا نلنا الحرية بعد لأي ، نفاجأ أنا عارون من ذواتنا، أصبحنا كائنات رخوة هلامية، تريد أن تجد أصدافا تحميها من هجير الحياة فلا تجد إلى ذلك سبيلا .
ماذا لو أعطينا الأشياء حجومها الحقيقية، وتعاملنا مع أمور الحياة بوسطية، معولين على أن أمور الدنيا كلها إلى تبدل فكلنا أغيار، وما أجمل قول علي كرم الله وجهه : أحبب حبيبا هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما .
ماذا لو تفقدنا ذواتنا وفهمناها جيدا؛ لنعيشها كما هي دون أن ندخلها محراب غيرها فتتمخض عن كائن مشوه لا يمت لنا بصلة فنشقى به طويلا أو يضيعنا ؟!
ماذا لو آمنا أن الله خير ملاذ للنفوس المتعبة، ورحابه يسع الخلق جميعا، بيده مفاتيح أرواحنا به نستظل، وبرضاه نسعد، وبهداه نسير آمنين مطمئنين .
حنان عبد القادر
[email protected]
من أعجب ما يواجهنا أثناء مسيرة حياتنا، أن نكتشف فجأة أرواحنا وهي تسكن أجسادا لا نعرفها، أو نرى أجسادنا قد انتهبتها أرواح لم نخبرها من قبل، أن نرى أنفسنا فجأة بشكل يختلف عما ألفنا أو توهمنا طوال أعوام، نستيقظ من سبات ربما طال أو قصر لنفجع بحقيقتنا، ونظل ندور في فلك أسئلة تبحث عن كشف دون جدوى .
ومن أصعب ما نقتل به أنفسنا، أن نعتنق حلما أو فكرة، ندافع عنها حد الهوس ، ونعيشها فوق الإيمان، مقنعين ذواتنا أن أرواحنا أنبتتها، ثم نفاجأ ونحن نموت دونها أنها لا تنتمي لنا ولم تخصبها أرضنا، ونكتشف في لحظة صدق كذبتنا الكبيرة، ببغاء حناجرنا ما زال يصيح، بينما تستفيق الروح من غفلتها شيئا فشيئا لتجد أنها غرقت في بحر حلم لا يخصها، لا ينتمي لأشواقها، تدور في مدار خارج مجرتها لا يشبع احتياجاتها؛ فيجتاحها هم عظيم .
والأدهى والأمر أن نعطي الآخرين من عمرنا وروحنا وإخلاصنا ما هم ليسوا أهلا له، نعيش لهم تاركين آمالنا نهبة لليباس، معلقين طموحاتنا على رضاهم أو سخطهم، راضين أن يتحكموا بحياتنا، يسيروها كيف شاءوا، موقعين لحون أفراحنا بفرحهم ، وداقين طبول الحزن مع أحزانهم، يثلجنا قربهم ويعتصرنا فراقهم ولا نتغير إلا لهم، غير عابئين بظلمنا أنفسنا وتكليفها مالا تطيق من أجلهم لآن وجودهم بالجوار يكفينا، وما تلبث الأيام أن تكشف لنا نواجزها، وتدير القلوب في دوائرها فينقلب الحبيب مبغضا والصديق عدوا .
أما الأشد قسوة في الأمر، أننا وقت إفاقتنا بعد ذوبان طال أمده، ظانين أننا نلنا الحرية بعد لأي ، نفاجأ أنا عارون من ذواتنا، أصبحنا كائنات رخوة هلامية، تريد أن تجد أصدافا تحميها من هجير الحياة فلا تجد إلى ذلك سبيلا .
ماذا لو أعطينا الأشياء حجومها الحقيقية، وتعاملنا مع أمور الحياة بوسطية، معولين على أن أمور الدنيا كلها إلى تبدل فكلنا أغيار، وما أجمل قول علي كرم الله وجهه : أحبب حبيبا هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما .
ماذا لو تفقدنا ذواتنا وفهمناها جيدا؛ لنعيشها كما هي دون أن ندخلها محراب غيرها فتتمخض عن كائن مشوه لا يمت لنا بصلة فنشقى به طويلا أو يضيعنا ؟!
ماذا لو آمنا أن الله خير ملاذ للنفوس المتعبة، ورحابه يسع الخلق جميعا، بيده مفاتيح أرواحنا به نستظل، وبرضاه نسعد، وبهداه نسير آمنين مطمئنين .
حنان عبد القادر
[email protected]