هو واحد من الكتاب الايرلنديين العظام الذين اسهموا في بناء الحضارة الانكليزية في العقد الاخير من القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين. وتوسمت فيه طبقة الشباب المثقفين في بريطانيا زعيما فكريا قادرا على اطلاعهم على حياة عقلية جديدة. وقد قرأ مسرحياته الكبار والصغار، وكان لهذه المسرحيات تأثير عميق في عقول الناس, اذ قدمت للقراء والمشاهدين صورة جديدة للقيم التي يجدر بالمجتمع المتمدن ان يتحلى بها.
ولد جورج برنارد شو (1856-1950) في العاصمة الايرلندية دبلن. وكان ابوه تاجر حبوب تعرض لخسارة كبيرة في عمله مما ادى الى ادمانه على الشراب. وكان من المألوف ان يراه المرء مخمورا في السوق، الامر الذي اساء الى زوجته التي كانت من السيدات المحترمات. وشيئا فشيئا اخذت الزوجة تزدري زوجها. واتخذ الصبي جورج الموقف نفسه من ابيه. وقال فيما بعد ان وضع ابيه المزري هو الذي دفعه الى كبت مشاعره والى العزلة الضرورية لكتابة المسرحيات.
ومن الناحية الاخرى ارتبط شو بامه ارتباطا وثيقا. وقد امتازت الام بحبها الكبير للموسيقا. وادى ذلك الى اهمالها لابنها جورج الذي كان يشعر بانه مرفوض وغير محبوب. وبالرغم من ان امه لم تحاول ان تعلمه الموسيقا فانه اكتسب منها حبا عميقا لها. وامتنع كاتبنا عن تعاطي المسكرات طيلة حياته كرد فعل لادمان ابيه على الشراب. كما اصبح نباتيا في مطلع شبابه.
ولم يحب شو المدرسة. ولكنه كان يتمتع بعقل قوي وبقدرة كبيرة على الدرس والبحث بشكل مستقل. وحصل على معظم تعليمه خارج المدرسة. وقال مرة انه درس شكسبير والكتاب المقدس دراسة وافية قبل بلوغه سن العاشرة.
وكان عام 1882 على جانب كبير من الاهمية في حياته الفكرية. ففي سبتمبر من ذلك العام حضر شو محاضرة القاها الاقتصادي الامريكي هنري جورج، وكان لهذه المحاضرة الفضل في اعتناقه الاشتراكية. ففي السابق كان شو مهتما بشكل رئيسي بالصراع بين العلم والدين. ولكن هذه المحاضرة غيرت توجهه الفكري فقرأ ترجمة فرنسية لكتاب (رأس المال) لكارل ماركس، اذ لم يكن هناك ترجمة انكليزية لهذه الكتاب.
وفي عام 1884 انضم شو الى الجمعية الفابية، وما لبث ان اصبح واحدا من ابرز اعضائها. وكانت هذه الجمعية تدعو الى التحول الى الاشتراكية بالتدريج وبشكل دستوري.
وفي عام 1885 اصبح شو ناقدا ادبيا، ثم ناقدا فنيا. وراح يكتب بشكل منتظم في الصحف والمجلات في مجال الموسيقا. ويقول النقاد ان كتابته في الموسيقا ارتقت بالنقد الموسيقي كله في بريطانيا. واهتم شو بالموسيقا طوال حياته. وقال مرة ان معرفة بالموسيقا ضرورية لفهم اكمل لمسرحياته.
ونشر شو عام 1893 اولى مسرحياته وهي مسرحية "منازل الارامل". وكان الكاتب المسرحي النورويجي هنريك ابسن في ذلك الوقت يسلط الضوء في مسرحياته على الامراض الاجتماعية في اوربا. واقتفى شو اثر ابسن فكشف اللثام في مسرحياته عن الرياء والكذب في المجتمع. وفي مسرحية "مهنة المسز وارن" 1898 بحث شو مشكلة الدعارة وشجبها ليس فقط لاسباب اخلاقية وليس فقط لسبب البؤس الذي تورثه هذه المهنة لمن يمارسها ولكن ايضا لسبب الارباح الكبيرة التي يجنيها من يقومون على استمرارها وازدهارها.
لقد فقدت مسرحيات جورج برنارد شو بعضا من شعبيتها بعد عام 1950 بسبب ظهور كتاب جدد وافكار جديدة. واكتسب مسرح العبث الذي يشدد على ان الحياة الانسانية عديمة المعنى وان القيم الانسانية قيم فارغة شعبية واسعة. غير ان افضل مسرحيات شو ستبقى قادرة على طرح اسئلة جديدة. فكثير من النقاد يعتبرونه ثاني اعظم كاتب مسرحي بعد شكسبير.
لندن - بريطانيا
[email protected]
ولد جورج برنارد شو (1856-1950) في العاصمة الايرلندية دبلن. وكان ابوه تاجر حبوب تعرض لخسارة كبيرة في عمله مما ادى الى ادمانه على الشراب. وكان من المألوف ان يراه المرء مخمورا في السوق، الامر الذي اساء الى زوجته التي كانت من السيدات المحترمات. وشيئا فشيئا اخذت الزوجة تزدري زوجها. واتخذ الصبي جورج الموقف نفسه من ابيه. وقال فيما بعد ان وضع ابيه المزري هو الذي دفعه الى كبت مشاعره والى العزلة الضرورية لكتابة المسرحيات.
ومن الناحية الاخرى ارتبط شو بامه ارتباطا وثيقا. وقد امتازت الام بحبها الكبير للموسيقا. وادى ذلك الى اهمالها لابنها جورج الذي كان يشعر بانه مرفوض وغير محبوب. وبالرغم من ان امه لم تحاول ان تعلمه الموسيقا فانه اكتسب منها حبا عميقا لها. وامتنع كاتبنا عن تعاطي المسكرات طيلة حياته كرد فعل لادمان ابيه على الشراب. كما اصبح نباتيا في مطلع شبابه.
ولم يحب شو المدرسة. ولكنه كان يتمتع بعقل قوي وبقدرة كبيرة على الدرس والبحث بشكل مستقل. وحصل على معظم تعليمه خارج المدرسة. وقال مرة انه درس شكسبير والكتاب المقدس دراسة وافية قبل بلوغه سن العاشرة.
وكان عام 1882 على جانب كبير من الاهمية في حياته الفكرية. ففي سبتمبر من ذلك العام حضر شو محاضرة القاها الاقتصادي الامريكي هنري جورج، وكان لهذه المحاضرة الفضل في اعتناقه الاشتراكية. ففي السابق كان شو مهتما بشكل رئيسي بالصراع بين العلم والدين. ولكن هذه المحاضرة غيرت توجهه الفكري فقرأ ترجمة فرنسية لكتاب (رأس المال) لكارل ماركس، اذ لم يكن هناك ترجمة انكليزية لهذه الكتاب.
وفي عام 1884 انضم شو الى الجمعية الفابية، وما لبث ان اصبح واحدا من ابرز اعضائها. وكانت هذه الجمعية تدعو الى التحول الى الاشتراكية بالتدريج وبشكل دستوري.
وفي عام 1885 اصبح شو ناقدا ادبيا، ثم ناقدا فنيا. وراح يكتب بشكل منتظم في الصحف والمجلات في مجال الموسيقا. ويقول النقاد ان كتابته في الموسيقا ارتقت بالنقد الموسيقي كله في بريطانيا. واهتم شو بالموسيقا طوال حياته. وقال مرة ان معرفة بالموسيقا ضرورية لفهم اكمل لمسرحياته.
ونشر شو عام 1893 اولى مسرحياته وهي مسرحية "منازل الارامل". وكان الكاتب المسرحي النورويجي هنريك ابسن في ذلك الوقت يسلط الضوء في مسرحياته على الامراض الاجتماعية في اوربا. واقتفى شو اثر ابسن فكشف اللثام في مسرحياته عن الرياء والكذب في المجتمع. وفي مسرحية "مهنة المسز وارن" 1898 بحث شو مشكلة الدعارة وشجبها ليس فقط لاسباب اخلاقية وليس فقط لسبب البؤس الذي تورثه هذه المهنة لمن يمارسها ولكن ايضا لسبب الارباح الكبيرة التي يجنيها من يقومون على استمرارها وازدهارها.
لقد فقدت مسرحيات جورج برنارد شو بعضا من شعبيتها بعد عام 1950 بسبب ظهور كتاب جدد وافكار جديدة. واكتسب مسرح العبث الذي يشدد على ان الحياة الانسانية عديمة المعنى وان القيم الانسانية قيم فارغة شعبية واسعة. غير ان افضل مسرحيات شو ستبقى قادرة على طرح اسئلة جديدة. فكثير من النقاد يعتبرونه ثاني اعظم كاتب مسرحي بعد شكسبير.
لندن - بريطانيا
[email protected]