قد اجتزت أمورا هائلة في حياتك، ولكنك لا تدري.
عندما كنت تبلغ خمس سنوات من عمرك، جريت علي والدك لتستقبله وهو عائد من عمله، ودون أن تنتبه وأنت تجري تعثرت وسقطت علي وجهك، ولكنك لم تُجرح. لم تدر حينها، أن في نفس المكان الذي وقعت فيه، علي بعد اثنين سنتي متر بالتحديد، كان هناك مسمارا صغير إلي يسارك، وكان من الممكن أن تفقد عينك اليسري.
وأنت في العاشرة من عمرك، كنت تمكث وحدك في المنزل تستعد لإعداد مكرونة سريعة التحضير، عندما وضعت البراد علي البوتاجاز، اتصلت بك أمك وطلبت منك أن تذهب إلي بيت جدتك، فأغلقت الباب وخرجت علي الفور، ونسيت تمامًا أنك قد تركت البوتاجاز مفتوحًا. من حسن حظك أن الغاز كان قد نفد، بمجرد أن تبخرت الماء من البراد؛ مما منع نشوب حريق.
كنت في الخامسة عشرة من عمرك، عندما انتهيت من الدراسة ذات ليلة، وسلكت طريقك المعتاد للعودة إلي منزلك، لم تكن متوقعًا أن يدبر لك مجموعة من البلطجية الصغار مكيدة ويعترضون طريقك، ولكن من حسن حظك أنهم خافوا وتركوك عندما مر زوجان بالشارع.
أُصُبتِ بالانفلونزا عندما كُنتِ حامل، وأنتِ في الخامسة والعشرين من عمرك، وعندما ذهبتي إلي المستشفي لتأخذي حقنة، كتب لكِ الدكتور سهوًا علاج خاطيء. عندما كانت الممرضة علي وشك أن تعطيكي حقنة مضاد حيوي، قد تتسبب في تشوه جنينك، لمحتها ممرضة أخري بالصدفة وهي مارة، ونبهتها أن هذه الحقنة لا تعطي إلي حوامل. من يعرف النتيجة التي كانت ستترتب علي أخذك لهذه الحقنة، فمن حسن طالعك أنكي نجوتي من مصيبة ما كانت ستلحق بكِ.
كم من مرة، كنت علي وشك السقوط في هاوية الأحزان، ولكن من حسن حظك فررت منها. كم من مرة أنقذتك رحمة الله من الغرق في بحور الهلاك.
إذا عرفت مدي هول هذه المصائب، هل ستظل تشكو من الآلام والفشل، أو حتي الصعوبات الصغيرة التي تواجهك؟، هل ستشكو من درجة الامتحان السيئة التي حصلت عليها، أو من خداع حبيبك لك، أو من مرضك…. ماذا تكون هذه الأشياء مقارنة بالأخري التي نجوت منها؟؛ لذلك عزيزي، عندما تواجه صعوبات يجب عليك أن تكون واثقًا، أن الحياة رءوفة بكَ حقًا.
حتمًا إن حياتك مازال بها أمور أخري، لا تعرفها.
عندما كنت تَبلغ من العمر ست سنوات، كان والدك يريد أن يرسلك إلي مدرسة لتتعلم الرسم؛ ولكن بسبب مرض جدتك المفاجيء، لم يصبح لديه متسع من الوقت؛ وبالتالي صرف نظر عن الأمر. لا أحد يعلم، فربما كان الرسم اتسق مع ميولك، وكنت تفوقت وتميزت فيه؛ إذا كنت ذهبت إلي تلك المدرسة وتلقيت تعليمًا متخصصًا في هذا المجال.
عندما كُنتِ في الثامنة عشرة من عمرك، أحببكِ شاب لوقت طويل دون أن يصارحك، ثم قرر أن يعترف لكي بحبه عبر جواب كتبه إليكِ. ركض إلي صندوق البريد الموجود تحت بيتكِ ووضعه بحذر، ولكنه اختلط عليه رقم منزلك؛ فكانت النتيجة أن الجواب أُرسل إلي جيرانك بدلاً منكِ، ومن المؤسف أنه ضاع بعد وقت طويل. هذا الشاب، كان أجمل حب في شبابكِ، ولكنه هكذا مر مرور الكرام في حياتكِ.
عندما كنت في الرابعة والعشرين من عمرك، ذهبت للتقدم لوظيفة في شركة كبيرة، وبعد جهد شديد وصلت إلي التصفيات الأخيرة، ولكنك لم تحصل عليها في النهاية. فأنت لم تعرف يومًا، أن اسمك كان بين قائمة المرشحين للوظيفة، ولكن في اجتماع تحديد المقبولين بالوظيفة، خَلط أحد الموظفين المهمين بينك وبين شخص آخر كان أداؤه سيئا في مقابلة العمل؛ لذلك استبعدك بشكل قاطع. هكذا كان الأمر، خسرت الوظيفة، بسبب خطأ متعلق بشخص آخر.
مازال هناك العديد مثل هذه الأمور. كم مرة كانت حياتك علي وشك التغير، ولكن انحرف مسارها كليًا في آخر لحظة؛ بسبب خطأ مفاجيء غير مفسر، أو ربما بسبب أنه لم يحالفك الحظ حينها.
لذلك عزيزي، عندما تربح ورقة يانصيب، أو يرتفع شأنك، أو عندما تنجح في امتحان القبول بالجامعات أو الدراسات العليا، أو عندما تصبح أصغر مدير في عملك….. لا داعي أن تفرد جناحيك محلقًا في السماء، ولا تعتقد بسهولة أن حظك وقوتك رائعتان؛ عليك أن تدرك جيدًا، أن هذه الأشياء هي جزء من الأمور الجميلة التي حدثت لك في حياتك، ولكن مازال هناك جزء آخر لم تصل إليه.
في الحقيقة أن الحياة ليست تمامًا كما تراها، فقد مررت بهول من الأمور، دون أن تدري. وإن علمت بها سيشيب لها رأسك، ولن تهتم بما جنيته أو خسرته اليوم.
إن الحياة لا تدلل أحدا، فكل شخص يمكنه أن يتعرض لنكسات ويمر بصعوبات.
عندما تنظر إلي هذه الأمور، وتجد نفسك قد مررت بمنعطفات الحياة بهدوء ورسوخ، فثق أنك حتمًا ستحيا حياة أفضل.
نشر في أخبار الأدب: 21/03/2015
ترجمة: مي عاشور
Tumblr
عندما كنت تبلغ خمس سنوات من عمرك، جريت علي والدك لتستقبله وهو عائد من عمله، ودون أن تنتبه وأنت تجري تعثرت وسقطت علي وجهك، ولكنك لم تُجرح. لم تدر حينها، أن في نفس المكان الذي وقعت فيه، علي بعد اثنين سنتي متر بالتحديد، كان هناك مسمارا صغير إلي يسارك، وكان من الممكن أن تفقد عينك اليسري.
وأنت في العاشرة من عمرك، كنت تمكث وحدك في المنزل تستعد لإعداد مكرونة سريعة التحضير، عندما وضعت البراد علي البوتاجاز، اتصلت بك أمك وطلبت منك أن تذهب إلي بيت جدتك، فأغلقت الباب وخرجت علي الفور، ونسيت تمامًا أنك قد تركت البوتاجاز مفتوحًا. من حسن حظك أن الغاز كان قد نفد، بمجرد أن تبخرت الماء من البراد؛ مما منع نشوب حريق.
كنت في الخامسة عشرة من عمرك، عندما انتهيت من الدراسة ذات ليلة، وسلكت طريقك المعتاد للعودة إلي منزلك، لم تكن متوقعًا أن يدبر لك مجموعة من البلطجية الصغار مكيدة ويعترضون طريقك، ولكن من حسن حظك أنهم خافوا وتركوك عندما مر زوجان بالشارع.
أُصُبتِ بالانفلونزا عندما كُنتِ حامل، وأنتِ في الخامسة والعشرين من عمرك، وعندما ذهبتي إلي المستشفي لتأخذي حقنة، كتب لكِ الدكتور سهوًا علاج خاطيء. عندما كانت الممرضة علي وشك أن تعطيكي حقنة مضاد حيوي، قد تتسبب في تشوه جنينك، لمحتها ممرضة أخري بالصدفة وهي مارة، ونبهتها أن هذه الحقنة لا تعطي إلي حوامل. من يعرف النتيجة التي كانت ستترتب علي أخذك لهذه الحقنة، فمن حسن طالعك أنكي نجوتي من مصيبة ما كانت ستلحق بكِ.
كم من مرة، كنت علي وشك السقوط في هاوية الأحزان، ولكن من حسن حظك فررت منها. كم من مرة أنقذتك رحمة الله من الغرق في بحور الهلاك.
إذا عرفت مدي هول هذه المصائب، هل ستظل تشكو من الآلام والفشل، أو حتي الصعوبات الصغيرة التي تواجهك؟، هل ستشكو من درجة الامتحان السيئة التي حصلت عليها، أو من خداع حبيبك لك، أو من مرضك…. ماذا تكون هذه الأشياء مقارنة بالأخري التي نجوت منها؟؛ لذلك عزيزي، عندما تواجه صعوبات يجب عليك أن تكون واثقًا، أن الحياة رءوفة بكَ حقًا.
حتمًا إن حياتك مازال بها أمور أخري، لا تعرفها.
عندما كنت تَبلغ من العمر ست سنوات، كان والدك يريد أن يرسلك إلي مدرسة لتتعلم الرسم؛ ولكن بسبب مرض جدتك المفاجيء، لم يصبح لديه متسع من الوقت؛ وبالتالي صرف نظر عن الأمر. لا أحد يعلم، فربما كان الرسم اتسق مع ميولك، وكنت تفوقت وتميزت فيه؛ إذا كنت ذهبت إلي تلك المدرسة وتلقيت تعليمًا متخصصًا في هذا المجال.
عندما كُنتِ في الثامنة عشرة من عمرك، أحببكِ شاب لوقت طويل دون أن يصارحك، ثم قرر أن يعترف لكي بحبه عبر جواب كتبه إليكِ. ركض إلي صندوق البريد الموجود تحت بيتكِ ووضعه بحذر، ولكنه اختلط عليه رقم منزلك؛ فكانت النتيجة أن الجواب أُرسل إلي جيرانك بدلاً منكِ، ومن المؤسف أنه ضاع بعد وقت طويل. هذا الشاب، كان أجمل حب في شبابكِ، ولكنه هكذا مر مرور الكرام في حياتكِ.
عندما كنت في الرابعة والعشرين من عمرك، ذهبت للتقدم لوظيفة في شركة كبيرة، وبعد جهد شديد وصلت إلي التصفيات الأخيرة، ولكنك لم تحصل عليها في النهاية. فأنت لم تعرف يومًا، أن اسمك كان بين قائمة المرشحين للوظيفة، ولكن في اجتماع تحديد المقبولين بالوظيفة، خَلط أحد الموظفين المهمين بينك وبين شخص آخر كان أداؤه سيئا في مقابلة العمل؛ لذلك استبعدك بشكل قاطع. هكذا كان الأمر، خسرت الوظيفة، بسبب خطأ متعلق بشخص آخر.
مازال هناك العديد مثل هذه الأمور. كم مرة كانت حياتك علي وشك التغير، ولكن انحرف مسارها كليًا في آخر لحظة؛ بسبب خطأ مفاجيء غير مفسر، أو ربما بسبب أنه لم يحالفك الحظ حينها.
لذلك عزيزي، عندما تربح ورقة يانصيب، أو يرتفع شأنك، أو عندما تنجح في امتحان القبول بالجامعات أو الدراسات العليا، أو عندما تصبح أصغر مدير في عملك….. لا داعي أن تفرد جناحيك محلقًا في السماء، ولا تعتقد بسهولة أن حظك وقوتك رائعتان؛ عليك أن تدرك جيدًا، أن هذه الأشياء هي جزء من الأمور الجميلة التي حدثت لك في حياتك، ولكن مازال هناك جزء آخر لم تصل إليه.
في الحقيقة أن الحياة ليست تمامًا كما تراها، فقد مررت بهول من الأمور، دون أن تدري. وإن علمت بها سيشيب لها رأسك، ولن تهتم بما جنيته أو خسرته اليوم.
إن الحياة لا تدلل أحدا، فكل شخص يمكنه أن يتعرض لنكسات ويمر بصعوبات.
عندما تنظر إلي هذه الأمور، وتجد نفسك قد مررت بمنعطفات الحياة بهدوء ورسوخ، فثق أنك حتمًا ستحيا حياة أفضل.
نشر في أخبار الأدب: 21/03/2015
ترجمة: مي عاشور
Tumblr