بعد مرور أكثر من ستة عقود على نشر رواية " لوليتا " للكاتب الروسي- الأميركي فلاديمير نابوكوف (1977-1889) ما يزال الإهتمام كبيراً بهذه الرواية ، حيث تصدر بين حين وآخر طبعات جديدة منها بشتى لغات العالم ، وكأن نابوكوف لم يكتب (16) رواية أخرى ، والعديد من المجاميع القصصية ، والدواوين الشعرية ، والمسرحيات ، والدراسات الأدبية ، فقد كان كاتبا وشاعرا غزير الإنتاج .
كتب نابوكوف رواية ” لوليتا ” في اثناء قيامه برحلات الى بعض انحاء الولايات المتحدة الاميركية ، خلال العطلات في أواخر الأربعينات ، عندما كان استاذا في جامعة هارفارد ، يحاضرعن النماذج العالمية في الأدبين الروسي والأميركي .
و" لوليتا " هي الرواية الثانية عشر لنابوكوف ، والثالثة التي يكتبها بالإنجليزية. وكان حتى ذلك الحين ، كاتبا معروفا في الأوساط الأدبية الروسية في المهجر ، دون أن يحظى بإهتمام كبير من جانب دور النشر والصحافة الأدبية الغربية. وكانت أعماله الأدبية محظورة في الإتحاد السوفيتي ، شأنه في ذلك شأن كل الكتّاب والشعراء الروس المهاجرين الى الدول الغربية هربا من النظام البلشفي .
ولم يتوقع نابوكوف أبداً ، ان ” لوليتا ” ستحتل صدارة لائحة الروايات العالمية الى جانب ” مدام بوفاري ” و ” أوليسيس “، “عشيق الليدي تشاترلي ” و ” مدار السرطان ” . وأن الرواية ستجابه فور نشرها بالشجب والأدانة ، ثم الحظر، الذي سيؤدي الى الرغبة المتزايدة في قراءتها واترجمتها الى اللغات الاخرى وذيوعها في انحاء العالم .
كانت فكرة الحب المحرم بين رجل في منتصف العمر وصبية على مشارف المراهقة ، لا تفارق خيال نابوكوف لسنوات طويلة ، ويعود اليها بين حين وآخر في قصائده ورواياته .
تظهر صورة فتاة جذابة جنسيا لأول مرة في قصيدة نابوكوف ” ليليث ” ، التي كتبها في برلين عام 1928
صبية عارية وقفت بالباب فجأة
مع زنابق نهرية في ضفائرها
لمعت شقرة ابطها
وهي تحجب اشعة الشمس بيدها
رشيقة كإمرأة ، ونهداها يزهران بلطف
وتذكرتُ ربيع الوجود الدنيوي
كما نجد فكرة الرواية في الفصل الثالث من رواية نابوكوف المعنونة ” الهدية” – الصادرة في عام 1937 – ضمن قصة مثيرة يسردها (شيغوليف) أحد ابطال الرواية :
” تخيّل القصة التالية : كلب قديم ، ولكنه لا يزال قويا ، متقد العاطفة ، ويتلهف للسعادة . يتعرّف على أرملة لديها طفلة ، لم تظهر ملامح الأنوثة عليها بعد ، لكنها تمشي بطريقة تصيبك بالجنون . شاحبة الوجه ، خفيفة الحركة ، مع هالات زرقاء تحت عينيها . وهكذا لم يتردد في الزواج من الأرملة . وعاش ثلاثتهم معا . وبطبيعة الحال لم تكن الصبية تعير الرجل أي اهتمام .. ما العمل اذن ؟
هنا يمكنك أن تصف الى ما لا نهاية : الاغواء ، والتعذيب الأبدي ، والحكة ، والأمل المجنون ، وكل هذا سؤ تقدير . الزمن يمر سريعا ، وهو يتقدم في العمر ، وهي تزداد جمالاً . أحيانا تمر بقربه وتلقي عليه نظرة ازدراء . آه ! هل تشمّ هنا رائحة مأساة دوستويفسكي ؟
لم يكن نابوكوف يطيق دوستويفسكي ، وفي كل فرصة سعى إلى وخزه – وخاصة بسبب ” دموع الطفل” و “الجمال الذي سينقذ العالم”. وفعل ذلك عن طريق كتابة قصة حب لرجل في العقد الرابع من عمره وفتاة حديثة السن .
و في عام 1939 كتب قصة “الساحر”، وهي ذات حبكة مماثلة لحبكة رواية ” لوليتا “. ولكن الدافع المباشر لكتابة ” لوليتا”، كانت أعمال الطبيب الإنجليزي(هنري هافلوك اليس) الذي يعد الرائد المؤسس للسيكسولوجيا ( علم الجنس ) حيث نشر موسوعة من سبعة مجلدات عن هذا العلم . ويتضمن المجلد السادس من الطبعة الفرنسية للموسوعة ملحقا عن اعترافات فيكتور ايكس″ وهو رجل من نبلاء اوكرانيا يعيش في الغرب ، ويتحدث بصراحة عن حياته الجنسية ، بما في ذلك مجموعة متنوعة من الممارسات ، بضمنها العلاقة الحميمة مع فتيات يافعات .
ومن المعروف أن نابوكوف عندما كان منهمكا في كتابة ” لوليتا ” في عام 1948 ، طلب من صديقه ، الكاتب الأمريكي إدموند ويلسون ، أن يرسل له كتاب إليس ، واستجاب ويلسون لطلبه ، وارسل الى نابوكوف المجلدات السبعة مع الملحق .
ومن يقارن اعترافات فيكتور مع نص رواية لوليتا سيكتشف تشابها كبيرا بينهما من حيث الحبكة والمضمون .
بعد الانتهاء من كتابة رواية ” لوليتا” انتاب نابوكوف احساس بالرهبة والرعب من احداثها. وظل فترة من الزمن يفكر في ما ينبغي عمله بصدد الرواية . هل يحرق المخطوطة ، أم ينشرها بإسم مستعار ؟. وبعد تردد طويل، كتب رسالة الى مؤسس دار نشر “نيو دايريكشنس″ جيمس لافلين ، يقول فيها : ” هل انت مهتم بالقنبلة الموقوتة التي انتهيت للتو من كتابتها ؟ ولكن الناشر اصيب بصدمة منذ الصفحات الاولى للرواية .ورقض على نحو قاطع نشرها .
كما تم رفض المخطوطة من قبل العديد من دور النشر الأميركية ، االتي اعتبرت ” لوليتا ” رواية إباحية ،. وكما قال صاحب دار نشر ” فايكنغ بريس ” باسكال كوفيشي : ” فإن نشرها سيؤدي بنا جميعا الى السجن .
وعندما يأس نابوكوف من نشر الرواية في امريكا ، قام بإرسالها إلى دار نشر “أوليمبيا بريس” الفرنسية ، التي كانت متخصصة في نشرالكتب الإيروتيكية الخفيفة.
صدر الكتاب في السادس من حزيران عام 1955 في طبعتين منفصلتين – الإنجليزية والفرنسية – في آن واحد . أثارت الرواية ضجة كبيرة ، وقال غراهام غرين في مقابلة صحفية انها أفضل رواية نشرت خلال تلك السنة .
ومع ذلك ، سرعان ما تم حظر الرواية في فرنسا ودول عديدة . ووصل الأمر في النمسا الى حرقها علناً .. ولكن لم يكن ثمة شيء يمكن أن يوقفها عن الانتشار في جميع أنحاء العالم – فالثمرة المحرمة حلوة المذاق .
اثار احد النواب في مجلس العموم البريطاني مسالة حظر الرواية في انجلترا. وعندما كان يتحدث عن هذا الموضوع قال له نائب آخر باستحياء:
– أردنا أن نتحدث عن أزمة السويس
رد النائب الأول بغضب:
-لا تقاطعني من اجل هذا الهراء !
ولم تنشر الرواية في أميركا ، إلّا بعد ثلاث سنوات من نشرها في فرنسا ، حيث قامت دار نشر “بوتنام” الأميركية بطباعة ونشر الدفعة الأولى من الرواية بمائة الف نسخة في 12 حزيران/ يونيو عام 1958 ، وسرعان ما نفد الكتاب من السوق .
وفرك الناشر يديه فرحاً ، ولكن أعضاء المجالس المدرسية والكهنة اصيبوا بالهستريا . وكان العنوان الرئيسي لإحدى المقالات النقدية عن الرواية : ” القارة العجوز الفاجرة تفسد أمريكا الشابة النقية “.
احتلت لوليتا صدارة الكتب الأكثر مبيعا حتى نهاية عام 1958. وازاحت جانبا رواية ” ذهب مع الريح ” التي كانت تتصدر لائحة ” بيست سيليرز ” في ذلك الوقت . وظلت ” لوليتا ” في الصدارة حتى نهاية العام أي لمدة خمس وعشرين اسبوعا .
ومن المفارقات ، أنه تم دفع لوليتا إلى المركز الثاني ، حيث تصدرت رواية بوريس باسترناك ” دكتور زيفاغو ” لائحة الكتب الأكثر رواجاً في الولايات المتحدة الأميركية وفي العديد من دول العالم ، اثر الضجة العالمية التي أثيرت حول قيام النظام السوفيتي بإرغام باسترناك على رفض جائزة نوبل في الآداب لعام 1958.
وبطبيعة الحال كان من العسير ترجمة ونشر الرواية في الإتحاد السوفيتي لسببين :
اولهما : ان نابوكوف كان هاربا من بلاده ولاجئا في المانيا (1922- 1937 ) ، وفي فرنسا ( 1937 – 1940 ) ثمّ في أميركا (1940- 1962) وأخيراً في سويسرا ( 1962 الى وفاته في عام 1977).
وثانيهما : أن النظام السوفيتي كان متزمتا جداً . لم تكن ثمة مشاهد ساخنة في الأفلام ، ولا أي وصف صريح للعلاقات الحميمة بين الجنسين في الروايات ، فكيف برواية عن العلاقة الحميمة بين رجل أربعيني وفتاة صغيرة في بداية سن المراهقة !.
ويبدو ان نابوكوف ادرك بنظرته الثاقبة ، أن الرواية ستترجم الى اللغة الروسية يوماً ما ، وسيتلاعب بها مترجم مطيع حسب تعليمات الرقيب ، لذا فقد احتاط للأمر مسبقا ، وترجم الرواية بنفسه إلى الروسية في منتصف الستينات ، وصدرت عن دار نشر ” فيدرا” في نيويورك في عام 1967 . ولم تكن النسخة الروسية ترجمة للأصل الأنجليزي ، بل صياغة جديدة للرواية ، يبلغ حجمها ضعف حجم النص الأنجليزي . ولم تنشر الرواية في الإتحاد السوفيتي الا في عام 1989 . ويكاد يجمع النقاد والباحثون على ان ” لوليتا ” هي أفضل روايات نابوكوف واحدى الروائع الأدبية في القرن العشرين .
كتب نابوكوف رواية ” لوليتا ” في اثناء قيامه برحلات الى بعض انحاء الولايات المتحدة الاميركية ، خلال العطلات في أواخر الأربعينات ، عندما كان استاذا في جامعة هارفارد ، يحاضرعن النماذج العالمية في الأدبين الروسي والأميركي .
و" لوليتا " هي الرواية الثانية عشر لنابوكوف ، والثالثة التي يكتبها بالإنجليزية. وكان حتى ذلك الحين ، كاتبا معروفا في الأوساط الأدبية الروسية في المهجر ، دون أن يحظى بإهتمام كبير من جانب دور النشر والصحافة الأدبية الغربية. وكانت أعماله الأدبية محظورة في الإتحاد السوفيتي ، شأنه في ذلك شأن كل الكتّاب والشعراء الروس المهاجرين الى الدول الغربية هربا من النظام البلشفي .
ولم يتوقع نابوكوف أبداً ، ان ” لوليتا ” ستحتل صدارة لائحة الروايات العالمية الى جانب ” مدام بوفاري ” و ” أوليسيس “، “عشيق الليدي تشاترلي ” و ” مدار السرطان ” . وأن الرواية ستجابه فور نشرها بالشجب والأدانة ، ثم الحظر، الذي سيؤدي الى الرغبة المتزايدة في قراءتها واترجمتها الى اللغات الاخرى وذيوعها في انحاء العالم .
كانت فكرة الحب المحرم بين رجل في منتصف العمر وصبية على مشارف المراهقة ، لا تفارق خيال نابوكوف لسنوات طويلة ، ويعود اليها بين حين وآخر في قصائده ورواياته .
تظهر صورة فتاة جذابة جنسيا لأول مرة في قصيدة نابوكوف ” ليليث ” ، التي كتبها في برلين عام 1928
صبية عارية وقفت بالباب فجأة
مع زنابق نهرية في ضفائرها
لمعت شقرة ابطها
وهي تحجب اشعة الشمس بيدها
رشيقة كإمرأة ، ونهداها يزهران بلطف
وتذكرتُ ربيع الوجود الدنيوي
كما نجد فكرة الرواية في الفصل الثالث من رواية نابوكوف المعنونة ” الهدية” – الصادرة في عام 1937 – ضمن قصة مثيرة يسردها (شيغوليف) أحد ابطال الرواية :
” تخيّل القصة التالية : كلب قديم ، ولكنه لا يزال قويا ، متقد العاطفة ، ويتلهف للسعادة . يتعرّف على أرملة لديها طفلة ، لم تظهر ملامح الأنوثة عليها بعد ، لكنها تمشي بطريقة تصيبك بالجنون . شاحبة الوجه ، خفيفة الحركة ، مع هالات زرقاء تحت عينيها . وهكذا لم يتردد في الزواج من الأرملة . وعاش ثلاثتهم معا . وبطبيعة الحال لم تكن الصبية تعير الرجل أي اهتمام .. ما العمل اذن ؟
هنا يمكنك أن تصف الى ما لا نهاية : الاغواء ، والتعذيب الأبدي ، والحكة ، والأمل المجنون ، وكل هذا سؤ تقدير . الزمن يمر سريعا ، وهو يتقدم في العمر ، وهي تزداد جمالاً . أحيانا تمر بقربه وتلقي عليه نظرة ازدراء . آه ! هل تشمّ هنا رائحة مأساة دوستويفسكي ؟
لم يكن نابوكوف يطيق دوستويفسكي ، وفي كل فرصة سعى إلى وخزه – وخاصة بسبب ” دموع الطفل” و “الجمال الذي سينقذ العالم”. وفعل ذلك عن طريق كتابة قصة حب لرجل في العقد الرابع من عمره وفتاة حديثة السن .
و في عام 1939 كتب قصة “الساحر”، وهي ذات حبكة مماثلة لحبكة رواية ” لوليتا “. ولكن الدافع المباشر لكتابة ” لوليتا”، كانت أعمال الطبيب الإنجليزي(هنري هافلوك اليس) الذي يعد الرائد المؤسس للسيكسولوجيا ( علم الجنس ) حيث نشر موسوعة من سبعة مجلدات عن هذا العلم . ويتضمن المجلد السادس من الطبعة الفرنسية للموسوعة ملحقا عن اعترافات فيكتور ايكس″ وهو رجل من نبلاء اوكرانيا يعيش في الغرب ، ويتحدث بصراحة عن حياته الجنسية ، بما في ذلك مجموعة متنوعة من الممارسات ، بضمنها العلاقة الحميمة مع فتيات يافعات .
ومن المعروف أن نابوكوف عندما كان منهمكا في كتابة ” لوليتا ” في عام 1948 ، طلب من صديقه ، الكاتب الأمريكي إدموند ويلسون ، أن يرسل له كتاب إليس ، واستجاب ويلسون لطلبه ، وارسل الى نابوكوف المجلدات السبعة مع الملحق .
ومن يقارن اعترافات فيكتور مع نص رواية لوليتا سيكتشف تشابها كبيرا بينهما من حيث الحبكة والمضمون .
بعد الانتهاء من كتابة رواية ” لوليتا” انتاب نابوكوف احساس بالرهبة والرعب من احداثها. وظل فترة من الزمن يفكر في ما ينبغي عمله بصدد الرواية . هل يحرق المخطوطة ، أم ينشرها بإسم مستعار ؟. وبعد تردد طويل، كتب رسالة الى مؤسس دار نشر “نيو دايريكشنس″ جيمس لافلين ، يقول فيها : ” هل انت مهتم بالقنبلة الموقوتة التي انتهيت للتو من كتابتها ؟ ولكن الناشر اصيب بصدمة منذ الصفحات الاولى للرواية .ورقض على نحو قاطع نشرها .
كما تم رفض المخطوطة من قبل العديد من دور النشر الأميركية ، االتي اعتبرت ” لوليتا ” رواية إباحية ،. وكما قال صاحب دار نشر ” فايكنغ بريس ” باسكال كوفيشي : ” فإن نشرها سيؤدي بنا جميعا الى السجن .
وعندما يأس نابوكوف من نشر الرواية في امريكا ، قام بإرسالها إلى دار نشر “أوليمبيا بريس” الفرنسية ، التي كانت متخصصة في نشرالكتب الإيروتيكية الخفيفة.
صدر الكتاب في السادس من حزيران عام 1955 في طبعتين منفصلتين – الإنجليزية والفرنسية – في آن واحد . أثارت الرواية ضجة كبيرة ، وقال غراهام غرين في مقابلة صحفية انها أفضل رواية نشرت خلال تلك السنة .
ومع ذلك ، سرعان ما تم حظر الرواية في فرنسا ودول عديدة . ووصل الأمر في النمسا الى حرقها علناً .. ولكن لم يكن ثمة شيء يمكن أن يوقفها عن الانتشار في جميع أنحاء العالم – فالثمرة المحرمة حلوة المذاق .
اثار احد النواب في مجلس العموم البريطاني مسالة حظر الرواية في انجلترا. وعندما كان يتحدث عن هذا الموضوع قال له نائب آخر باستحياء:
– أردنا أن نتحدث عن أزمة السويس
رد النائب الأول بغضب:
-لا تقاطعني من اجل هذا الهراء !
ولم تنشر الرواية في أميركا ، إلّا بعد ثلاث سنوات من نشرها في فرنسا ، حيث قامت دار نشر “بوتنام” الأميركية بطباعة ونشر الدفعة الأولى من الرواية بمائة الف نسخة في 12 حزيران/ يونيو عام 1958 ، وسرعان ما نفد الكتاب من السوق .
وفرك الناشر يديه فرحاً ، ولكن أعضاء المجالس المدرسية والكهنة اصيبوا بالهستريا . وكان العنوان الرئيسي لإحدى المقالات النقدية عن الرواية : ” القارة العجوز الفاجرة تفسد أمريكا الشابة النقية “.
احتلت لوليتا صدارة الكتب الأكثر مبيعا حتى نهاية عام 1958. وازاحت جانبا رواية ” ذهب مع الريح ” التي كانت تتصدر لائحة ” بيست سيليرز ” في ذلك الوقت . وظلت ” لوليتا ” في الصدارة حتى نهاية العام أي لمدة خمس وعشرين اسبوعا .
ومن المفارقات ، أنه تم دفع لوليتا إلى المركز الثاني ، حيث تصدرت رواية بوريس باسترناك ” دكتور زيفاغو ” لائحة الكتب الأكثر رواجاً في الولايات المتحدة الأميركية وفي العديد من دول العالم ، اثر الضجة العالمية التي أثيرت حول قيام النظام السوفيتي بإرغام باسترناك على رفض جائزة نوبل في الآداب لعام 1958.
وبطبيعة الحال كان من العسير ترجمة ونشر الرواية في الإتحاد السوفيتي لسببين :
اولهما : ان نابوكوف كان هاربا من بلاده ولاجئا في المانيا (1922- 1937 ) ، وفي فرنسا ( 1937 – 1940 ) ثمّ في أميركا (1940- 1962) وأخيراً في سويسرا ( 1962 الى وفاته في عام 1977).
وثانيهما : أن النظام السوفيتي كان متزمتا جداً . لم تكن ثمة مشاهد ساخنة في الأفلام ، ولا أي وصف صريح للعلاقات الحميمة بين الجنسين في الروايات ، فكيف برواية عن العلاقة الحميمة بين رجل أربعيني وفتاة صغيرة في بداية سن المراهقة !.
ويبدو ان نابوكوف ادرك بنظرته الثاقبة ، أن الرواية ستترجم الى اللغة الروسية يوماً ما ، وسيتلاعب بها مترجم مطيع حسب تعليمات الرقيب ، لذا فقد احتاط للأمر مسبقا ، وترجم الرواية بنفسه إلى الروسية في منتصف الستينات ، وصدرت عن دار نشر ” فيدرا” في نيويورك في عام 1967 . ولم تكن النسخة الروسية ترجمة للأصل الأنجليزي ، بل صياغة جديدة للرواية ، يبلغ حجمها ضعف حجم النص الأنجليزي . ولم تنشر الرواية في الإتحاد السوفيتي الا في عام 1989 . ويكاد يجمع النقاد والباحثون على ان ” لوليتا ” هي أفضل روايات نابوكوف واحدى الروائع الأدبية في القرن العشرين .