ترفض الروائية السعودية زينب حفني، مصادرة استقلالية المرأة بحجة المحافظة على كينونتها، تدخل في تجربة محفوفة بالمخاطر، ومسيرة أدبية مليئة بالدموع، تحتج فيها على "موروثات عقيمة حجمت أدوار المرأة، وجعلتها تعيش في قوقعة عقودا طويلة".
تؤكد حفني في حوارها مع ملحق فضاءات أدبية، أن تطرقها للمسكوت عنه في نتاجها الأدبي لم يكن حشوا، "بل كان أمرا ملزما لإلقاء الضوء على قضايا شائكة، ولخدمة الحبكة الروائية في نصوصي".
* لماذا اخترت البحرين وأسرة الأدباء والكتاب للحديث عن تجربتك السردية؟ ألا تزال البحرين بلد الثقافة والتسامح والانفتاح في نظرك؟
- لقد شاركت في ندوات وملتقيات بأغلبية البلدان العربية، تحدثت فيها عن تجربتي السردية. وقدمت كذلك كثيرا من الشهادات. كل زيارة كان لها رونقها وعبقها الخاص. ومن وجهة نظري، تكمن أهمية هذه المشاركات في أن الأديب يحكي عن تجربته بصدق أمام جمهور الحضور، فيخلق تواصلا مباشرا بينه وبينهم. بجانب أن الفرصة تتاح لها للالتقاء بمبدعين آخرين لم تسنح للكاتب فرصة التعرف إليهم عن قرب، وتبادل وجهات النظر معهم فيما يخص قضايا الوطن العربي.
هذه ليست الزيارة الأولى لي، فقد سبق وأن قدمت محاضرة في نادي الخريجين وجمعية المنتدى. وكذلك تمت دعوتي من قبل الشيخة مي بنت محمد آل خليفة للتحدث عن تجربتي الروائية، في بيت عبد الله الزايد. وبالتأكيد سعدت بالدعوة التي تلقيتها من أسرة الأدباء والكتاب للتحدث عن تجربتي السردية، كون الشعب البحريني معروف بثقافته الواسعة، وبتسامحه الديني، وكان السباق في الانفتاح على العالم مقارنة بدول الخليج الأخرى.
تجربة محفوفة بالمخاطر
* أن تخرج امرأة من الجزيرة العربية لتطرق موضوعا شائكا كالجنس.. مغامرة محفوفة بالمخاطر.. ترى هل حققت ثورتك أهدافها؟
- نعم كانت تجربة محفوفة بالمخاطر، ومسيرة مليئة بالدموع. لكنني لا أسميها ثورة بقدر ما أُسميها وقفة احتجاج على موروثات عقيمة حجمت أدوار المرأة، وجعلتها تعيش في قوقعة عقودا طويلة. الجنس لم يكن هدفا أسعى إليه من أجل إثارة الغرائز، ولم أتعمد إبرازه لاستخدامه في تحريك الزوابع، ولفت الأنظار لأدبي. التطرق للمسكوت عنه في نتاجي الأدبي لم يكن حشوا، بل كان أمرا ملزما لإلقاء الضوء على قضايا شائكة، ولخدمة الحبكة الروائية في نصوصي.
* أيعني هذا أنك ترفضين كل موروث نبت في هذه الأرض؟
- من قال بأنني أريد الانسلاخ عن هويتي الثقافيّة. أنا أحترم منابعي الثقافية، لكن في نفس الوقت أرفض مصادرة استقلالية المرأة بحجة المحافظة على كينونتها. لقد كانت المرأة في عصور الجاهلية، وباكورة عصر الإسلام لها مكانة كبيرة بين أبناء قومها. ليس هذا فحسب، لقد كانت هناك ملكات حكمن بلادهن وعصورهن تعتبر من أبهى العصور، ونجحن في إدارة البلاد. للأسف العقلية الذكورية هي التي قهقرت مكانة المرأة، بالحط من قدراتها، والتشكيك في نصاعة فكرها، وأنها هشة ضعيفة لا بد أن توضع طوال الوقت تحت رقابة المجتمع.
سباقة لقضايا كثيرة
* ما هي ملامح عالمك الإبداعي؟ ما المواضيع والرؤى التي تشغل ذهن حفني وتحاول التعبير عنها؟
- لقد كنت السباقة في التطرق لقضايا كثيرة برواياتي. على سبيل المثال في روايتي (لم أعد أبكي) تطرقت لأزمة المثقف العربي بين الموروث الذي تربى عليه ، وبين الواقع الذي يعيشه. في روايتي (سيقان ملتوية) تحدثت عن الهوية الثقافية الغربية التي يتربى عليها الأبناء الذين يولدون وينشئون خارج أوطانهم الأم، وبين الجنسية التي يحملونها ولا يعرفون شيئا عن موروثاتها، مما يجعلهم يصطدمون معها عند أول موقف يتعرضون له، رافضين الخضوع لهذه الموروثات. في روايتي (وسادة لحبك) تطرقت لأزمة مدينتي جدة مع السيول التي اجتاحتها قبل سنوات عدة، مخلفة عشرات من الضحايا، بجانب تناول القضية المذهبية الطائفية بتوسع فيها. في روايتي (عقل سيء السمعة) تحدثت عن مرض (الاضطراب الوجداني الثنائي القطب) الذي أطلق عليه الأطباء (ذهان الهوس الاكتئابي)، والذي أصبح منتشرا بالسنوات الأخيرة نتيجة ضغوطات الحياة. وهناك العديد من القضايا الأخرى تحدثت عنها برواياتي الأخرى.
* رواياتك وقصصك أثارت جدلا واسعا.. هل لديك مشاريع أخرى تنحو نفس المنحى؟ ما جديدك بهذا الشأن؟
- لا أعرف ماذا تقصد في إذا كان لدي مشاريع تثير جدلا واسعا!. أنا لا أكتب لإثارة القارئ، وإنما أكتب من خلال هموم أثقلت كاهلي وأقوم بسكبها على الورق. أكتب وأنا أضع نصب عيني قضايا مجتمعي بما فيها قضايا المرأة العربية عموما. المجتمعات الخليجية تحديدا قضاياها متقاربة، ولكن هناك تسامح فيما يخص بعض القضايا، وهناك تعسف تجاه قضايا أخرى بمجتمعاتنا. في النهاية كل ما أطمح إليه أن تصل أوطاننا لبر الأمان، وأن تعيش في سلام وتسامح وحب.
تعجبني نوال السعداوي
* كناشطة نسائية وأديبة تكتب القصة والرواية.. هل هناك نساء عربيات تحترمين تجربتهن وتودين لو ان لهن نظير في مجتمعاتنا الخليجية؟
- على سبيل المثال لا الحصر، تعجبني الأديبة المصرية (نوال السعداوي)، أرى بأنها من السيدات اللائي استطعن الصمود والوقوف في وجه التيار الذكوري عقودا طويلة، ولم تأبه بالهجوم الضاري الذي تعرضت له. تبهرني الباحثة المغربية (فاطمة المرنيسي) التي كرست حياتها لإبراز أدوار المرأة العربية والاسلامية، وفضحت من خلال مؤلفاتها الثرية حجم التزوير والتشويه الذي وقع على المرأة على مدار تاريخنا.
تؤكد حفني في حوارها مع ملحق فضاءات أدبية، أن تطرقها للمسكوت عنه في نتاجها الأدبي لم يكن حشوا، "بل كان أمرا ملزما لإلقاء الضوء على قضايا شائكة، ولخدمة الحبكة الروائية في نصوصي".
* لماذا اخترت البحرين وأسرة الأدباء والكتاب للحديث عن تجربتك السردية؟ ألا تزال البحرين بلد الثقافة والتسامح والانفتاح في نظرك؟
- لقد شاركت في ندوات وملتقيات بأغلبية البلدان العربية، تحدثت فيها عن تجربتي السردية. وقدمت كذلك كثيرا من الشهادات. كل زيارة كان لها رونقها وعبقها الخاص. ومن وجهة نظري، تكمن أهمية هذه المشاركات في أن الأديب يحكي عن تجربته بصدق أمام جمهور الحضور، فيخلق تواصلا مباشرا بينه وبينهم. بجانب أن الفرصة تتاح لها للالتقاء بمبدعين آخرين لم تسنح للكاتب فرصة التعرف إليهم عن قرب، وتبادل وجهات النظر معهم فيما يخص قضايا الوطن العربي.
هذه ليست الزيارة الأولى لي، فقد سبق وأن قدمت محاضرة في نادي الخريجين وجمعية المنتدى. وكذلك تمت دعوتي من قبل الشيخة مي بنت محمد آل خليفة للتحدث عن تجربتي الروائية، في بيت عبد الله الزايد. وبالتأكيد سعدت بالدعوة التي تلقيتها من أسرة الأدباء والكتاب للتحدث عن تجربتي السردية، كون الشعب البحريني معروف بثقافته الواسعة، وبتسامحه الديني، وكان السباق في الانفتاح على العالم مقارنة بدول الخليج الأخرى.
تجربة محفوفة بالمخاطر
* أن تخرج امرأة من الجزيرة العربية لتطرق موضوعا شائكا كالجنس.. مغامرة محفوفة بالمخاطر.. ترى هل حققت ثورتك أهدافها؟
- نعم كانت تجربة محفوفة بالمخاطر، ومسيرة مليئة بالدموع. لكنني لا أسميها ثورة بقدر ما أُسميها وقفة احتجاج على موروثات عقيمة حجمت أدوار المرأة، وجعلتها تعيش في قوقعة عقودا طويلة. الجنس لم يكن هدفا أسعى إليه من أجل إثارة الغرائز، ولم أتعمد إبرازه لاستخدامه في تحريك الزوابع، ولفت الأنظار لأدبي. التطرق للمسكوت عنه في نتاجي الأدبي لم يكن حشوا، بل كان أمرا ملزما لإلقاء الضوء على قضايا شائكة، ولخدمة الحبكة الروائية في نصوصي.
* أيعني هذا أنك ترفضين كل موروث نبت في هذه الأرض؟
- من قال بأنني أريد الانسلاخ عن هويتي الثقافيّة. أنا أحترم منابعي الثقافية، لكن في نفس الوقت أرفض مصادرة استقلالية المرأة بحجة المحافظة على كينونتها. لقد كانت المرأة في عصور الجاهلية، وباكورة عصر الإسلام لها مكانة كبيرة بين أبناء قومها. ليس هذا فحسب، لقد كانت هناك ملكات حكمن بلادهن وعصورهن تعتبر من أبهى العصور، ونجحن في إدارة البلاد. للأسف العقلية الذكورية هي التي قهقرت مكانة المرأة، بالحط من قدراتها، والتشكيك في نصاعة فكرها، وأنها هشة ضعيفة لا بد أن توضع طوال الوقت تحت رقابة المجتمع.
سباقة لقضايا كثيرة
* ما هي ملامح عالمك الإبداعي؟ ما المواضيع والرؤى التي تشغل ذهن حفني وتحاول التعبير عنها؟
- لقد كنت السباقة في التطرق لقضايا كثيرة برواياتي. على سبيل المثال في روايتي (لم أعد أبكي) تطرقت لأزمة المثقف العربي بين الموروث الذي تربى عليه ، وبين الواقع الذي يعيشه. في روايتي (سيقان ملتوية) تحدثت عن الهوية الثقافية الغربية التي يتربى عليها الأبناء الذين يولدون وينشئون خارج أوطانهم الأم، وبين الجنسية التي يحملونها ولا يعرفون شيئا عن موروثاتها، مما يجعلهم يصطدمون معها عند أول موقف يتعرضون له، رافضين الخضوع لهذه الموروثات. في روايتي (وسادة لحبك) تطرقت لأزمة مدينتي جدة مع السيول التي اجتاحتها قبل سنوات عدة، مخلفة عشرات من الضحايا، بجانب تناول القضية المذهبية الطائفية بتوسع فيها. في روايتي (عقل سيء السمعة) تحدثت عن مرض (الاضطراب الوجداني الثنائي القطب) الذي أطلق عليه الأطباء (ذهان الهوس الاكتئابي)، والذي أصبح منتشرا بالسنوات الأخيرة نتيجة ضغوطات الحياة. وهناك العديد من القضايا الأخرى تحدثت عنها برواياتي الأخرى.
* رواياتك وقصصك أثارت جدلا واسعا.. هل لديك مشاريع أخرى تنحو نفس المنحى؟ ما جديدك بهذا الشأن؟
- لا أعرف ماذا تقصد في إذا كان لدي مشاريع تثير جدلا واسعا!. أنا لا أكتب لإثارة القارئ، وإنما أكتب من خلال هموم أثقلت كاهلي وأقوم بسكبها على الورق. أكتب وأنا أضع نصب عيني قضايا مجتمعي بما فيها قضايا المرأة العربية عموما. المجتمعات الخليجية تحديدا قضاياها متقاربة، ولكن هناك تسامح فيما يخص بعض القضايا، وهناك تعسف تجاه قضايا أخرى بمجتمعاتنا. في النهاية كل ما أطمح إليه أن تصل أوطاننا لبر الأمان، وأن تعيش في سلام وتسامح وحب.
تعجبني نوال السعداوي
* كناشطة نسائية وأديبة تكتب القصة والرواية.. هل هناك نساء عربيات تحترمين تجربتهن وتودين لو ان لهن نظير في مجتمعاتنا الخليجية؟
- على سبيل المثال لا الحصر، تعجبني الأديبة المصرية (نوال السعداوي)، أرى بأنها من السيدات اللائي استطعن الصمود والوقوف في وجه التيار الذكوري عقودا طويلة، ولم تأبه بالهجوم الضاري الذي تعرضت له. تبهرني الباحثة المغربية (فاطمة المرنيسي) التي كرست حياتها لإبراز أدوار المرأة العربية والاسلامية، وفضحت من خلال مؤلفاتها الثرية حجم التزوير والتشويه الذي وقع على المرأة على مدار تاريخنا.