يضم هذا الكتاب (الذي صدر في سلسلة «كتابي»، العدد (68)، في 162 صفحة من القطع الصغير) خمساً من قصص التراث الأدبي الهندي، هي: «الملك والشيطان»، و«الحب والمال»، و«حكمة ماهوداسا»، و«زهرة العفة»، و«مدينة الذهب». وهي من التراث الشعبي الذي ظلت الألسنة تتناقله منذ أجيال كثيرة، حتى تنبّه بعض الأدباء الهنود في القرن العاشر الميلادي إلى قيمتها الأدبية، من حيث أنه تراث أدبي له قيمته، وينبغي أن يحفظوه من الضياع؛ فبدأوا في جمعها وتنقيحها، ولم يلبثوا أن أطلقوا عليها «محيطات من الغرام الأعظم».
غير أنهم احتفظوا بهذه المجموعة في لغتها الأصلية (اللغة السنسكريتية)، فظلت مئات السنين مجهولة لغير العارفين بهذه اللغة، حتى قيّض الله لها المستشرق الألماني ج. أ. بيوتينين الذي ترجمها إلى اللغة الألمانية، ومنها ترجمت إلى عدد من اللغات الحية.
وكما تقول المقدمة فقد تأثر بهذه القصص مجموعة من الكتاب العالميين، مثل هانز كريستيان أندرسن في قصته «الأميرة النائمة»، وتوماس مان الكاتب الألماني العملاق الذي فاز بجائزة نوبل عام 1929م في قصته «الزوجة الحائرة»، والكاتب الإيطالي جيوفاني بوكاشيو في كتابه «ديكاميرون»، والكاتب الشامخ بلزاك في كتابه «قصص ماجنة».
ومن المعروف أن الأدب الهندي من أقدم الآداب التي عرفت بعد الأدب الفرعوني والإغريقي، وكان له أثره البارز في جميع الآداب التي انبعثت في الألف سنة الأخيرة، ولا سيما الآداب الفارسية والعربية.
وأقدم نموذجاً للقراء من «ألف ليلة وليلة الهندية»، وهي «حكاية ماهوداسا»:
اختطفت غولة ابناً لامرأة كانت تستحم، وادّعت الغولة أنه ابنها، وتشاجرت مع أمه الحقيقية. وأصرت كل منهما أنها أم الطفل، وبينما كانت تتناقشان بصوت مرتفع مرتا بجانب الحكيم «ماهوداسا»، الذي خرج من بيته يتبيّن جلية الأمر، وسأل المرأتين:
ـ لماذا تتشاجران؟
فراحت كل واحدة تُدلي بقصتها، بيْد أن الحكيم سرعان ما اكتشف حقيقة «الغولة»، من احمرار عينيها، وثبات مقلتيها في محجريهما.
وسألهما:
ـ أتراكما ستخضعان لقضائي؟
فأجابتاه: نعم سنخضع.
ورسم الحكيم خطا بعصاه فوق الأرض ووضع الطفل فوقه، ثم طلب من «الغولة» أن تُمسك ذراعيه، ومن الأم أن تُمسك ساقيْه، وأن تجذبه كل منهما إلى ناحيتها، وتكون الفائزة هي الأم الحقيقية التي تنتزعه. وبدأت كل منهما تجذب الطفل بكل قوتها، فندت من الطفل صرخة حادة من فرط الألم، وعندئذ أفلتته الأم على الفور، وكأن قلبها انشطر نصفين، ووقفت مكانها تبكي بحرقة.
عندئذ عرف الناس من هي الأم الحقيقية، وأعطى الحكيمُ الطفل للمرأة، ووبّخ «الغولة» قائلاً:
ـ أيتها الحمقاء الرعناء، لقد وُلِدت غولة بسبب الشر الذي ارتكبتِه في حق الآلهة والبشر في حياتك السابقة، وهاأنت تعودين إلى اقتراف الشر .. حقا إنك لغبية حمقاء!
وفقرة الحوار السابقة تُرينا كيف يكون القصص الشعبي معبراً عن ثقافة شعبه، فمن العقائد الفاسدة عندهم تناسخ الأرواح، ورجعتها إلى الحياة الدنيا في صور حية، وفي شكل جديد.
ولعل القارئ الكريم قد لاحظ تشابهاً بينها وبين قصة «سليمان الحكيم» عندما جاءته امرأتان تتنازعان طفلاً، فقضى أن يُشطر الطفل بالسيف نصفين، وأن تأخذ كل امرأة قسماً منه؛ فآثرت الأم الحقيقية أن تتنازل عن الطفل لغريمتها، على أن تتسبّب في موته!
وهكذا تتلاقى مفردات التراث العالمي، وتكون مجالاً خصباً للدراسة في «الأدب المُقارن».
غير أنهم احتفظوا بهذه المجموعة في لغتها الأصلية (اللغة السنسكريتية)، فظلت مئات السنين مجهولة لغير العارفين بهذه اللغة، حتى قيّض الله لها المستشرق الألماني ج. أ. بيوتينين الذي ترجمها إلى اللغة الألمانية، ومنها ترجمت إلى عدد من اللغات الحية.
وكما تقول المقدمة فقد تأثر بهذه القصص مجموعة من الكتاب العالميين، مثل هانز كريستيان أندرسن في قصته «الأميرة النائمة»، وتوماس مان الكاتب الألماني العملاق الذي فاز بجائزة نوبل عام 1929م في قصته «الزوجة الحائرة»، والكاتب الإيطالي جيوفاني بوكاشيو في كتابه «ديكاميرون»، والكاتب الشامخ بلزاك في كتابه «قصص ماجنة».
ومن المعروف أن الأدب الهندي من أقدم الآداب التي عرفت بعد الأدب الفرعوني والإغريقي، وكان له أثره البارز في جميع الآداب التي انبعثت في الألف سنة الأخيرة، ولا سيما الآداب الفارسية والعربية.
وأقدم نموذجاً للقراء من «ألف ليلة وليلة الهندية»، وهي «حكاية ماهوداسا»:
اختطفت غولة ابناً لامرأة كانت تستحم، وادّعت الغولة أنه ابنها، وتشاجرت مع أمه الحقيقية. وأصرت كل منهما أنها أم الطفل، وبينما كانت تتناقشان بصوت مرتفع مرتا بجانب الحكيم «ماهوداسا»، الذي خرج من بيته يتبيّن جلية الأمر، وسأل المرأتين:
ـ لماذا تتشاجران؟
فراحت كل واحدة تُدلي بقصتها، بيْد أن الحكيم سرعان ما اكتشف حقيقة «الغولة»، من احمرار عينيها، وثبات مقلتيها في محجريهما.
وسألهما:
ـ أتراكما ستخضعان لقضائي؟
فأجابتاه: نعم سنخضع.
ورسم الحكيم خطا بعصاه فوق الأرض ووضع الطفل فوقه، ثم طلب من «الغولة» أن تُمسك ذراعيه، ومن الأم أن تُمسك ساقيْه، وأن تجذبه كل منهما إلى ناحيتها، وتكون الفائزة هي الأم الحقيقية التي تنتزعه. وبدأت كل منهما تجذب الطفل بكل قوتها، فندت من الطفل صرخة حادة من فرط الألم، وعندئذ أفلتته الأم على الفور، وكأن قلبها انشطر نصفين، ووقفت مكانها تبكي بحرقة.
عندئذ عرف الناس من هي الأم الحقيقية، وأعطى الحكيمُ الطفل للمرأة، ووبّخ «الغولة» قائلاً:
ـ أيتها الحمقاء الرعناء، لقد وُلِدت غولة بسبب الشر الذي ارتكبتِه في حق الآلهة والبشر في حياتك السابقة، وهاأنت تعودين إلى اقتراف الشر .. حقا إنك لغبية حمقاء!
وفقرة الحوار السابقة تُرينا كيف يكون القصص الشعبي معبراً عن ثقافة شعبه، فمن العقائد الفاسدة عندهم تناسخ الأرواح، ورجعتها إلى الحياة الدنيا في صور حية، وفي شكل جديد.
ولعل القارئ الكريم قد لاحظ تشابهاً بينها وبين قصة «سليمان الحكيم» عندما جاءته امرأتان تتنازعان طفلاً، فقضى أن يُشطر الطفل بالسيف نصفين، وأن تأخذ كل امرأة قسماً منه؛ فآثرت الأم الحقيقية أن تتنازل عن الطفل لغريمتها، على أن تتسبّب في موته!
وهكذا تتلاقى مفردات التراث العالمي، وتكون مجالاً خصباً للدراسة في «الأدب المُقارن».