( 1 )
و يكون السجن عليك وشاحا
أنت بكورية يوم الذبح
تكون الأحلام على كفيك سلاحا.
تكون الصوت الصارخ في تغريبة هذا الصيف
تكون الدهشة فاكهة و العشق مباحا .
أنت الجندي الثاني في جيش الأطفال
تكون جناحا .
( 2 )
تخرج ، لكن أباك يظل هناك و لا يخرج
(كيف أراك ؟)
ما بين السجن و بين السجن مسافة
(من يختصر الصحراء لكي أغسل عينيه بعينيّ؟)
تخـرج ، لكن أباك يظل هناك سؤالاً ( هل تقدر أن تسأل عنه)
صاغك كالشعر و شالته الأصفاد عن الحقل
وحيدا تخرج قبل الوقت (و أنا في السجن وحيد)
لكنك حين تجيء يناغيك الأطفال
(هل أجمل من رفقة أطفال العالم؟)
( 3 )
تدخل في ظلمة هذا العالم كالعنف المترصد في الطرقات
ترتجف الوحشة بين أصابع صوتك ،
فتجس الماء و تهجس بالأخضر
و تصوغ لكل الألوان حلاوتها
تبتكر الصوت السيد للصلوات .
( 4 )
لا تغضض عينيك عن الأخطاء
لا تغفر للعسكر غزوتهم
من يضربك على الخد الأيسر أضربه حتى الموت
لا تستر عورات السلطة و السلطان
لا تدخل أبوابا مشرعة ، افتح آفاق الباب المغلق
لا يشغلك الجرح عن السكين
لا يأخذك؛ النوم عن الحلم
لا يمنعك العرس عن الشمس
يا ولدي ... لا تعتمد الهمس .
( 5 )
أنا نقيضك
خضيني ترين دمي علانية على الأسوار
وردا عاشقا كالنار
أصغي ، إن غناء فمي غريب ، ليس كالأشعار
إذا طالت سنين الجوع في وطني .. أنا جيش من الكفار .
( 6 )
سيسألك السائلون
فقل لهم : كسبت صداقة كل العصافير
بيني و بين الموسيقى صدى لا يقاس
و سيسألك السائلون
فقل لهم : وطني سيد و أنتم عبيد له
كخمر و كاس .
( 7 )
لا تستنجد بالماء سـوى النار
أنت النار و تسأل عن وقت النيران .
( 8 )
طوبى للوطن الناطر فوق شفير الثورة كالوهج
طوبى للواقف بين العنق و بين السكين
طوبى لجميع العشاق المنذورين لعرس البحر
طوبى للحزن الغامر و التنهيد
طوبى للطفلة و الطفل و كل شهيد
طوبى يا جيشا يقرأ آيات لا تقرأ ،
يصوغ الكون .
( 9 )
يبحث عنك جميع العسكر
لكن أين ؟
تبحث عنك جميع عصافير الشمس ، لكي تعطيك قميصا
لكن كيف ؟
فنصعد كل أغانيك المغلولة مشرعة كالله على الأرض
و تصير كماء الشعب الواقف في حلق العسكر .
( 10 )
كن لغة تحاور الآفاق
و كن صديقا صاعقا كالعاشق الحنون
و احلم بأن الوله المجنون .. بيتك
و السجون .. نافذة الشاعر
فالنفاق ، نفق يسقط فيه الحب و العناق.
يا طفلي الغريب
كن نكهة طفلية من كتب الرفاق .
( 11 )
أقول للذين سوف ينهضون
لا تدعو الغامض يبقى غامضا
فالرمز لغم يرصد الجنون
و يستثير الثمر المخيف
أقول للذين سوف يدخلون
أنتم جنود الغامض الأليف
و أنتم الخنجر و النزيف .
سجن جده - البحرين-نوفمبر 1975
* * * *
الـوصيـة- 2
كنت كئيبا
فخلعت بنفسج هذا الحزن لأغسله لكن الصدر الواسع ضيعني
كئيبا كنت
أود لو أن الرقص يخاصرني
فسألت النورس و البحار عن الرقص
و سألت الليل عن الفجر
و سألت الماء عن الألوان
سألت
سألت
سألت
فما جاوبني
فرأيت الرقص يغادرني
و الصدر الواسع يفهمني
أشتاق و شوقي يغلبني
و حديد القيد يداعبني
و دماء المذبوحين بجسر الشمس أكاتبها و تكاتبني
فلتعذر هذا الحزن الجارح يا وطن الماء الأزرق
يا وطني
فالحلم سلاح ألبسه
و الحزن وشاح يلبسني
فلتعذرني
فكئيبا كنت
و يقطر من كلماتي الأمل المشتاق
و كنت صديقا للعشاق
و كانت أحداق الوهم تراقبني
و كل قواقع هذا الليل الموحش ترصد أشعاري .. ترصدني
و هوىً في القلب يعذبني
لكن ..
من غير الصدر الواسع يفهمني
آه ..
فتنهد في قلبي ألم لا يقتلني
و تململ في صدري ماء تغرق فيه الأسماء
ففتحت له نافذة الحلم
و نافذة لحريق الماء
و اتسع الأفق
و ضجت أمواج الأزرق تغرقني
كئيبا كنت
فمن يعرف كيف يكون الطفل كئيبا
سآلت بكاء الأطفال لكي يقبلني
سآلت دموع الأمطار لكي تغسلني
و كنت غريبا .. كنت
و سآلت
و عذب عذب عذب
لو أن الصدر الواسع يسمع آخر أشعاري
و يعاتبني
ها أني أبحث عن لغة تستوعبني
أبحث عن ماء أحرقه
أبحث عن نار تطفئني
فأنا رمز
أدخل في تكوين الماء
أعرف كل جراح الماء و تعرفني
فالموت صديق أعرفه
و السجن صديق يجهلني .
أبحرت بأحلامي
و كنت كئيبا
لم تكن الريح مواتية
و الصدر الواسع ضيعني .
بكيت ، فقد كنت كئيبا
فاتسع الكون
اتسع ، اتسع ، اتسع الكون
و لامست حدود القلب
عرفت بأن الشمس قبيل الموت ترافقني
و سمعت العزف على قتلي ...من يقتلني
فالشمس صديقة أحزاني
اتسع الكون
و ضاقت كل لغات الحب بأحزاني
فأنا لغة ..
أحمل كل حنان النار
و أبحث عمن يقرأني . *
سجن معسكر سافرة - البحرين ديسمبر 1977
***
يا سيدتي نشتاق
نسمع صوتك سيدتي
فيصير الوقت طراوة
و تأتي رائحة الحب إلينا فيزيد السجن حلاوة
لكأن عذاب السجن شهيق الصدر الناهد وقت الحب
لكأنك رعش يدفئنا في برد الليل
لكأنك وهج يغمرنا في صمت العتمة .
نشتاق و أنت في دمنا
هل طال الدرب بنا
أم عذبنا حتى الأعماق ؟
و ليس غريبا أن نشتاق
فأنت أغاني العرس
و أنت الخمرة في الكأس
و أنت
أنت
أنت النجمة وقت اليأس
فهاتي الرايات نعمّدها بدم الشهداء و نمشي
فالحلم الشاهق سيدنا
هاتي فالشوق يبرّحنا
و الوحشة عبر سجون الأرض تحاصرنا .
أخذونا من سجن البحر إلى سجن الصحراء بلا زاد أو ماء
نتلفت نحوك سيدتي
فيلاحقنا القمع و تغادرنا الأسماء
نعوا العشق عن العاشق
و الحلم عن الحالم
و الشعر عن الشاعر
لكن سيدتي هل يمكن غسل يد القاتل ؟
أخذونا من موت البحر إلى موت الصحراء
بلا كفن أو ماء
لكن جناحك سيدتي يدفئنا رغم شتاء الليل
و لان الأحلام سيدتي لا تمنعها الجدران من التحليق
و لنا أحداق سيدتي لا تمنعها الأبواب من التحديق
و ليس غريبا أن نشتاق
فأنت الموت لهم حين ترجين الصمت
و أنت الصوت لنا يوم تقولين لكل رفاق العالم :
هذي واحات الوطن النازف في الصحراء موزعة كطيور المـاء .
سجن معسكر سافرة - البحرين مارس 1977
و يكون السجن عليك وشاحا
أنت بكورية يوم الذبح
تكون الأحلام على كفيك سلاحا.
تكون الصوت الصارخ في تغريبة هذا الصيف
تكون الدهشة فاكهة و العشق مباحا .
أنت الجندي الثاني في جيش الأطفال
تكون جناحا .
( 2 )
تخرج ، لكن أباك يظل هناك و لا يخرج
(كيف أراك ؟)
ما بين السجن و بين السجن مسافة
(من يختصر الصحراء لكي أغسل عينيه بعينيّ؟)
تخـرج ، لكن أباك يظل هناك سؤالاً ( هل تقدر أن تسأل عنه)
صاغك كالشعر و شالته الأصفاد عن الحقل
وحيدا تخرج قبل الوقت (و أنا في السجن وحيد)
لكنك حين تجيء يناغيك الأطفال
(هل أجمل من رفقة أطفال العالم؟)
( 3 )
تدخل في ظلمة هذا العالم كالعنف المترصد في الطرقات
ترتجف الوحشة بين أصابع صوتك ،
فتجس الماء و تهجس بالأخضر
و تصوغ لكل الألوان حلاوتها
تبتكر الصوت السيد للصلوات .
( 4 )
لا تغضض عينيك عن الأخطاء
لا تغفر للعسكر غزوتهم
من يضربك على الخد الأيسر أضربه حتى الموت
لا تستر عورات السلطة و السلطان
لا تدخل أبوابا مشرعة ، افتح آفاق الباب المغلق
لا يشغلك الجرح عن السكين
لا يأخذك؛ النوم عن الحلم
لا يمنعك العرس عن الشمس
يا ولدي ... لا تعتمد الهمس .
( 5 )
أنا نقيضك
خضيني ترين دمي علانية على الأسوار
وردا عاشقا كالنار
أصغي ، إن غناء فمي غريب ، ليس كالأشعار
إذا طالت سنين الجوع في وطني .. أنا جيش من الكفار .
( 6 )
سيسألك السائلون
فقل لهم : كسبت صداقة كل العصافير
بيني و بين الموسيقى صدى لا يقاس
و سيسألك السائلون
فقل لهم : وطني سيد و أنتم عبيد له
كخمر و كاس .
( 7 )
لا تستنجد بالماء سـوى النار
أنت النار و تسأل عن وقت النيران .
( 8 )
طوبى للوطن الناطر فوق شفير الثورة كالوهج
طوبى للواقف بين العنق و بين السكين
طوبى لجميع العشاق المنذورين لعرس البحر
طوبى للحزن الغامر و التنهيد
طوبى للطفلة و الطفل و كل شهيد
طوبى يا جيشا يقرأ آيات لا تقرأ ،
يصوغ الكون .
( 9 )
يبحث عنك جميع العسكر
لكن أين ؟
تبحث عنك جميع عصافير الشمس ، لكي تعطيك قميصا
لكن كيف ؟
فنصعد كل أغانيك المغلولة مشرعة كالله على الأرض
و تصير كماء الشعب الواقف في حلق العسكر .
( 10 )
كن لغة تحاور الآفاق
و كن صديقا صاعقا كالعاشق الحنون
و احلم بأن الوله المجنون .. بيتك
و السجون .. نافذة الشاعر
فالنفاق ، نفق يسقط فيه الحب و العناق.
يا طفلي الغريب
كن نكهة طفلية من كتب الرفاق .
( 11 )
أقول للذين سوف ينهضون
لا تدعو الغامض يبقى غامضا
فالرمز لغم يرصد الجنون
و يستثير الثمر المخيف
أقول للذين سوف يدخلون
أنتم جنود الغامض الأليف
و أنتم الخنجر و النزيف .
سجن جده - البحرين-نوفمبر 1975
* * * *
الـوصيـة- 2
كنت كئيبا
فخلعت بنفسج هذا الحزن لأغسله لكن الصدر الواسع ضيعني
كئيبا كنت
أود لو أن الرقص يخاصرني
فسألت النورس و البحار عن الرقص
و سألت الليل عن الفجر
و سألت الماء عن الألوان
سألت
سألت
سألت
فما جاوبني
فرأيت الرقص يغادرني
و الصدر الواسع يفهمني
أشتاق و شوقي يغلبني
و حديد القيد يداعبني
و دماء المذبوحين بجسر الشمس أكاتبها و تكاتبني
فلتعذر هذا الحزن الجارح يا وطن الماء الأزرق
يا وطني
فالحلم سلاح ألبسه
و الحزن وشاح يلبسني
فلتعذرني
فكئيبا كنت
و يقطر من كلماتي الأمل المشتاق
و كنت صديقا للعشاق
و كانت أحداق الوهم تراقبني
و كل قواقع هذا الليل الموحش ترصد أشعاري .. ترصدني
و هوىً في القلب يعذبني
لكن ..
من غير الصدر الواسع يفهمني
آه ..
فتنهد في قلبي ألم لا يقتلني
و تململ في صدري ماء تغرق فيه الأسماء
ففتحت له نافذة الحلم
و نافذة لحريق الماء
و اتسع الأفق
و ضجت أمواج الأزرق تغرقني
كئيبا كنت
فمن يعرف كيف يكون الطفل كئيبا
سآلت بكاء الأطفال لكي يقبلني
سآلت دموع الأمطار لكي تغسلني
و كنت غريبا .. كنت
و سآلت
و عذب عذب عذب
لو أن الصدر الواسع يسمع آخر أشعاري
و يعاتبني
ها أني أبحث عن لغة تستوعبني
أبحث عن ماء أحرقه
أبحث عن نار تطفئني
فأنا رمز
أدخل في تكوين الماء
أعرف كل جراح الماء و تعرفني
فالموت صديق أعرفه
و السجن صديق يجهلني .
أبحرت بأحلامي
و كنت كئيبا
لم تكن الريح مواتية
و الصدر الواسع ضيعني .
بكيت ، فقد كنت كئيبا
فاتسع الكون
اتسع ، اتسع ، اتسع الكون
و لامست حدود القلب
عرفت بأن الشمس قبيل الموت ترافقني
و سمعت العزف على قتلي ...من يقتلني
فالشمس صديقة أحزاني
اتسع الكون
و ضاقت كل لغات الحب بأحزاني
فأنا لغة ..
أحمل كل حنان النار
و أبحث عمن يقرأني . *
سجن معسكر سافرة - البحرين ديسمبر 1977
***
يا سيدتي نشتاق
نسمع صوتك سيدتي
فيصير الوقت طراوة
و تأتي رائحة الحب إلينا فيزيد السجن حلاوة
لكأن عذاب السجن شهيق الصدر الناهد وقت الحب
لكأنك رعش يدفئنا في برد الليل
لكأنك وهج يغمرنا في صمت العتمة .
نشتاق و أنت في دمنا
هل طال الدرب بنا
أم عذبنا حتى الأعماق ؟
و ليس غريبا أن نشتاق
فأنت أغاني العرس
و أنت الخمرة في الكأس
و أنت
أنت
أنت النجمة وقت اليأس
فهاتي الرايات نعمّدها بدم الشهداء و نمشي
فالحلم الشاهق سيدنا
هاتي فالشوق يبرّحنا
و الوحشة عبر سجون الأرض تحاصرنا .
أخذونا من سجن البحر إلى سجن الصحراء بلا زاد أو ماء
نتلفت نحوك سيدتي
فيلاحقنا القمع و تغادرنا الأسماء
نعوا العشق عن العاشق
و الحلم عن الحالم
و الشعر عن الشاعر
لكن سيدتي هل يمكن غسل يد القاتل ؟
أخذونا من موت البحر إلى موت الصحراء
بلا كفن أو ماء
لكن جناحك سيدتي يدفئنا رغم شتاء الليل
و لان الأحلام سيدتي لا تمنعها الجدران من التحليق
و لنا أحداق سيدتي لا تمنعها الأبواب من التحديق
و ليس غريبا أن نشتاق
فأنت الموت لهم حين ترجين الصمت
و أنت الصوت لنا يوم تقولين لكل رفاق العالم :
هذي واحات الوطن النازف في الصحراء موزعة كطيور المـاء .
سجن معسكر سافرة - البحرين مارس 1977