ألشهيد الشاب أليافع حسين هو الأبن البكر للشقيق الأصغر للشهيد حسين محمد الشبيبي (صارم) عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ألذي أعدم في العهد الملكي. قضى والد الشهيد الراحل محمد علي (الأسم مركب) أكثر من عشرة سنوات في سجون العهد الملكي، متنقلا فيها بين سجون نقرة السلمان، بعقوبة، بغداد والكوت، وعانى وعاش مجازر السجون التي كانت تشنها سلطات العهد الملكي، بأشراف مدير السجون عبد الجبار أيوب، ضد السجناء الشيوعيين العزل لكسر أرادتهم. وبعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 أُفرج عن جميع السجناء السياسيين وكان الراحل محمد علي من بين السجناء الذين منحتهم ثورة 14 تموز المجيدة الحرية. خرج ألراحل وهو متعب ويعاني من أمراض شتى بسبب الظروف القاسية في سجون ألعهد الملكي، فكان يعاني من إلتهابات مزمنه في الرئة وخلل في عضلة القلب، وكسور في الأضلاع، وضعف عام في بنيته.
بعد خروجه من السجن قرر الزواج من السيدة ناجحة شقيقة خطيبة شقيقه الشهيد صارم، وأنجب منها ستة أبناء أكبرهم حسين، وقد سماه حسيناً حباً بأخيه الشهيد وتجديداً لذكراه الطاهرة. لم تنتهي رحلة العذاب التي عاشها الراحل في العهد الملكي، فما أن جاء البرابرة في أنقلابهم الدموي يوم 8 شباط 1963 حتى كان من بين الآلآف من المعتقلين الذي زج بهم ألأنقلابيون الفاشست. ومرة أخرى وبحقد أعمى يتعرض الراحل محمد علي الى التعذيب الجسدي والنفسي في معتقلات أوباش الحرس القومي. ويخرج من المعتقل وقد أنهكت قواه وتدهورت صحته وتضاعفت أمراضه وهو المسؤول الوحيد عن إعالة زوجته وطفليه، وقد فصل من وظيفته مصدر عيش العائلة الوحيد. ورغم أمراضه القاسية لم يستكن وجاهد من أجل أن يقوم بواجبه الأنساني أتجاه عائلته، فأفتتح محلا للعطارة متواضعا في أحد أزقة الرصافة بالقرب من شارع المتنبي. كان مثابراً ومكابراً على آلآمه وأمراضه ومضحيا ولم يتوانى ويتقاعس رغم كل مايعانيه من العمل في محله لأعانة عائلته. كان الوضع الأقتصادي الذي عاناه الراحل قاسياً. وفي أحد المرات أخبرني بأضطراره لبيع ثلاجة التبريد الخشبية (عبارة عن دولاب خشبي يتم التبريد فيه عن طريق قوالب الثلج المصنع)، ولما سألته مستغرباً عن سبب ذلك، فثمنها لايغني! أجاب أن وجودها يكلفني، فعلي أن أشتري يومياً ربع قالب من الثلج لغرض التبريد وهذا مكلف للجيب! لقد جاهد الراحل من أجل أن يوفر لعائلته وأبنائه الصغار المأوى ولقمة العيش، ورغم ظروفه الصحية والمالية نجح الراحل في تأمين بيت لعائلته، لكنه لم يفلح في أن يرى أكبر أبنائه (حسين) وقد أنهى ولو ألأبتدائية، فقد رحل بعد أن تنقل بين البيت والعمل والمستشفيات تاركا ستة أبناء أكبرهم حسين عن عمر لآيتجاوز أحد عشر عاما.
كافحت أم حسين كفاحا بطولياً كي تربي أبناؤها الستة تربية تليق بالعائلة وأمجادها النضالية. وكانت تراقب أبنها البكر حسين وهو يكبر أمامها بأمل أن يكون رباً للعائلة ليساهم معها في تربية أشقائه وتحمل جزء من المسؤولية. وعاش هذا الطفل اليتيم ردحاً من الزمن في بيت عمه علي الشبيبي ولما كبر كان يتردد على عمه ويستمع لنصائحه وتوجيهاته، وكان عمه يرى فيه صورة شقيقه الراحل محمد علي وأسمه يذكره بالشهيد الخالد حسين (صارم)، وكان تأثير أفكار عمه وتأريخ العائلة النضالي قوياً على تكوين شخصية هذا الطفل الذي شب وهو مؤمنا بالمباديء التي أستشهد من أجلها عمه حسين الشبيبي.
وبعد الهجمة الشرسة عام 1979 من قبل نظام البعث على الحزب الشيوعي وجماهيره تعرض الشاب حسين الى المضايقات والتهديدات من قبل مايسمى بمنظمة الأتحاد الوطني في مدرسته الثانوية. ووقف بشجاعة ضد ممارسات المنظمة الطلابية الفاشية ورفض الأنتماء للأتحاد الوطني. وأضطر الى التخفي والهرب، وألتجأ الى كربلاء لبيت عمه الراحل علي الشبيبي طيب الله ثراه، مصطحباً أحد رفاقه. ولما وجد بيت عمه مرصوداً من قبل الأمن وخوفاً من الوقوع في أيدي جلاوزة النظام الصدامي، أضطر لمغادرة كربلاء باحثاً عن مأوى أكثر أمناً. فالتجأ الى بيت أبنة عمه (علي الشبيبي) الكبرى أحلام، وبمساعدة زوجها المهندس حسين عبود حصل على عمل في شركة مقاولات أنشائية. وهكذا تمكن هذا الشاب العصامي وفي أحلك وأخطر الظروف أن يعمل ليساهم مع والدته في تدبير لقمة عيش أشقائه الصغار. وكان الشوق لأمه وأشقائه وحاجته لحنان أمه وبراءته الطفوليه يدفعه للتنقل من بيت أبنة عمه وبيته متخفياً عن أعين جلاوزة البعث، متجاوزاً ومستهيناً بكل المخاطر التي تحيق به. لكن عيون البعث الفاشي كانت له بالمرصاد وأفلحت في أكتشاف تحركاته وألقت عليه القبض مع بدايات عام 1981. وكانت الأم وأبنة عمه، كل واحدة منهن تعتقد أنه موجود عند الأخرى حتى طال غيابه عن الأثنتين وساورهما الشك والخوف على مصير الشاب حسين، في زمن أصبح فيه الجميع مشروع أعتقال وتصفية جسدية لمجرد الشك بمعارضتهم للنظام البعثي. وأنكشفت لهن الحقيقة القاسية بعد أتصال الأم بأبنة عمه لتبث ولدها شوقها وقلقها عليه وأشواق أشقائه الصغار، وتفاجأت عندما سبقتها أبنة عمه لتسأل عنه لأنقطاعه عن العمل وعدم القدوم اليها.
وبدأت رحلة الأم الأرملة بالبحث عن أبنها البكر، وأملها الوحيد في الوقوف الى جانبها في تربية أشقائه الخمسة الصغار. وأخذت تجوب مدريات أمن بغداد، تاركة في البيت خمسة أطفال لا يتجاوز عمر أكبرهم 16 عاما، متحدية المخاطر وأهانات وتهديدات جلاوزة الأمن بحثاً عن حبيبها وفلذة كبدها حسين علها تجد له أثراً في أحد المواقف أو المعتقلات. لكن أملها ضاع بين تهديدات أجهزة الأمن الصدامي المبطنة ومحاولات الأبتزاز، وشمَت منهم رائحة الخسة والدناءة والتجبر وهم لايتورعون في توجيه التهديد لها شخصيا حيناً او التهديد ببقية أشقائه الصغار، فالأجهزة الأمنية البعثية تعرف المكانة النضالية للعائلة وهذا مايرهبها ويفقدها البصيرة بحيث لا تتورع حتى في تعريض الأطفال للأعتقال والتصفية الجسدية. فقررت الأم أن تكرس حياتها لتربية بقية أطفالها متجاوزة على مرضها الذي أصابها بسبب أختطاف ولدها حسين وأنقطاع أخباره عنها، فهي تعلم أنها تعيش في ظل نظام فاشي لامثيل له. وظلت الأم المنكوبة تبحث بهدوء وتتابع الأخبار عن أبنها الشاب حسين، حتى وصلها خبر بأن أبنها حسين من ضمن المحكومين بالخاصة الثقيلة، وهذه الأحكام تخص الشخصيات الخطرة التي تهدد أمن المجرم المقبور صدام حسين! وبعد سقوط النظام الصدامي كانت الأم على أمل عودة أبنها مثل بقية ألأمهات والأخوات والزوجات، ولكن نظام البعث قد قام بتصفية السجون موكلا هذه المهمة القذرة لأبنائه المجرمين قصي وعدي، حيث تم تصفية جميع المعتقلين السياسيين في السجون. وهكذا قضى الشاب حسين في سجون النظام الصدامي وكأن أسمه يريد أن يعيد ذكرى العائلة ببطولة عمه الشهيد حسين (صارم). المجد والخلود للشاب الطاهر حسين محمد علي الشبيبي والخزي والعار لنظام البعث الصدامي.
* - للأسف لا تتوفر عندي صورة للشهيد قبل أعتقاله، لذلك أرجو من أشقائه أن يرسلوا آخر صوره أو أية معلومات يمكن أضافتها على أختفائه لنشرها.
بعد خروجه من السجن قرر الزواج من السيدة ناجحة شقيقة خطيبة شقيقه الشهيد صارم، وأنجب منها ستة أبناء أكبرهم حسين، وقد سماه حسيناً حباً بأخيه الشهيد وتجديداً لذكراه الطاهرة. لم تنتهي رحلة العذاب التي عاشها الراحل في العهد الملكي، فما أن جاء البرابرة في أنقلابهم الدموي يوم 8 شباط 1963 حتى كان من بين الآلآف من المعتقلين الذي زج بهم ألأنقلابيون الفاشست. ومرة أخرى وبحقد أعمى يتعرض الراحل محمد علي الى التعذيب الجسدي والنفسي في معتقلات أوباش الحرس القومي. ويخرج من المعتقل وقد أنهكت قواه وتدهورت صحته وتضاعفت أمراضه وهو المسؤول الوحيد عن إعالة زوجته وطفليه، وقد فصل من وظيفته مصدر عيش العائلة الوحيد. ورغم أمراضه القاسية لم يستكن وجاهد من أجل أن يقوم بواجبه الأنساني أتجاه عائلته، فأفتتح محلا للعطارة متواضعا في أحد أزقة الرصافة بالقرب من شارع المتنبي. كان مثابراً ومكابراً على آلآمه وأمراضه ومضحيا ولم يتوانى ويتقاعس رغم كل مايعانيه من العمل في محله لأعانة عائلته. كان الوضع الأقتصادي الذي عاناه الراحل قاسياً. وفي أحد المرات أخبرني بأضطراره لبيع ثلاجة التبريد الخشبية (عبارة عن دولاب خشبي يتم التبريد فيه عن طريق قوالب الثلج المصنع)، ولما سألته مستغرباً عن سبب ذلك، فثمنها لايغني! أجاب أن وجودها يكلفني، فعلي أن أشتري يومياً ربع قالب من الثلج لغرض التبريد وهذا مكلف للجيب! لقد جاهد الراحل من أجل أن يوفر لعائلته وأبنائه الصغار المأوى ولقمة العيش، ورغم ظروفه الصحية والمالية نجح الراحل في تأمين بيت لعائلته، لكنه لم يفلح في أن يرى أكبر أبنائه (حسين) وقد أنهى ولو ألأبتدائية، فقد رحل بعد أن تنقل بين البيت والعمل والمستشفيات تاركا ستة أبناء أكبرهم حسين عن عمر لآيتجاوز أحد عشر عاما.
كافحت أم حسين كفاحا بطولياً كي تربي أبناؤها الستة تربية تليق بالعائلة وأمجادها النضالية. وكانت تراقب أبنها البكر حسين وهو يكبر أمامها بأمل أن يكون رباً للعائلة ليساهم معها في تربية أشقائه وتحمل جزء من المسؤولية. وعاش هذا الطفل اليتيم ردحاً من الزمن في بيت عمه علي الشبيبي ولما كبر كان يتردد على عمه ويستمع لنصائحه وتوجيهاته، وكان عمه يرى فيه صورة شقيقه الراحل محمد علي وأسمه يذكره بالشهيد الخالد حسين (صارم)، وكان تأثير أفكار عمه وتأريخ العائلة النضالي قوياً على تكوين شخصية هذا الطفل الذي شب وهو مؤمنا بالمباديء التي أستشهد من أجلها عمه حسين الشبيبي.
وبعد الهجمة الشرسة عام 1979 من قبل نظام البعث على الحزب الشيوعي وجماهيره تعرض الشاب حسين الى المضايقات والتهديدات من قبل مايسمى بمنظمة الأتحاد الوطني في مدرسته الثانوية. ووقف بشجاعة ضد ممارسات المنظمة الطلابية الفاشية ورفض الأنتماء للأتحاد الوطني. وأضطر الى التخفي والهرب، وألتجأ الى كربلاء لبيت عمه الراحل علي الشبيبي طيب الله ثراه، مصطحباً أحد رفاقه. ولما وجد بيت عمه مرصوداً من قبل الأمن وخوفاً من الوقوع في أيدي جلاوزة النظام الصدامي، أضطر لمغادرة كربلاء باحثاً عن مأوى أكثر أمناً. فالتجأ الى بيت أبنة عمه (علي الشبيبي) الكبرى أحلام، وبمساعدة زوجها المهندس حسين عبود حصل على عمل في شركة مقاولات أنشائية. وهكذا تمكن هذا الشاب العصامي وفي أحلك وأخطر الظروف أن يعمل ليساهم مع والدته في تدبير لقمة عيش أشقائه الصغار. وكان الشوق لأمه وأشقائه وحاجته لحنان أمه وبراءته الطفوليه يدفعه للتنقل من بيت أبنة عمه وبيته متخفياً عن أعين جلاوزة البعث، متجاوزاً ومستهيناً بكل المخاطر التي تحيق به. لكن عيون البعث الفاشي كانت له بالمرصاد وأفلحت في أكتشاف تحركاته وألقت عليه القبض مع بدايات عام 1981. وكانت الأم وأبنة عمه، كل واحدة منهن تعتقد أنه موجود عند الأخرى حتى طال غيابه عن الأثنتين وساورهما الشك والخوف على مصير الشاب حسين، في زمن أصبح فيه الجميع مشروع أعتقال وتصفية جسدية لمجرد الشك بمعارضتهم للنظام البعثي. وأنكشفت لهن الحقيقة القاسية بعد أتصال الأم بأبنة عمه لتبث ولدها شوقها وقلقها عليه وأشواق أشقائه الصغار، وتفاجأت عندما سبقتها أبنة عمه لتسأل عنه لأنقطاعه عن العمل وعدم القدوم اليها.
وبدأت رحلة الأم الأرملة بالبحث عن أبنها البكر، وأملها الوحيد في الوقوف الى جانبها في تربية أشقائه الخمسة الصغار. وأخذت تجوب مدريات أمن بغداد، تاركة في البيت خمسة أطفال لا يتجاوز عمر أكبرهم 16 عاما، متحدية المخاطر وأهانات وتهديدات جلاوزة الأمن بحثاً عن حبيبها وفلذة كبدها حسين علها تجد له أثراً في أحد المواقف أو المعتقلات. لكن أملها ضاع بين تهديدات أجهزة الأمن الصدامي المبطنة ومحاولات الأبتزاز، وشمَت منهم رائحة الخسة والدناءة والتجبر وهم لايتورعون في توجيه التهديد لها شخصيا حيناً او التهديد ببقية أشقائه الصغار، فالأجهزة الأمنية البعثية تعرف المكانة النضالية للعائلة وهذا مايرهبها ويفقدها البصيرة بحيث لا تتورع حتى في تعريض الأطفال للأعتقال والتصفية الجسدية. فقررت الأم أن تكرس حياتها لتربية بقية أطفالها متجاوزة على مرضها الذي أصابها بسبب أختطاف ولدها حسين وأنقطاع أخباره عنها، فهي تعلم أنها تعيش في ظل نظام فاشي لامثيل له. وظلت الأم المنكوبة تبحث بهدوء وتتابع الأخبار عن أبنها الشاب حسين، حتى وصلها خبر بأن أبنها حسين من ضمن المحكومين بالخاصة الثقيلة، وهذه الأحكام تخص الشخصيات الخطرة التي تهدد أمن المجرم المقبور صدام حسين! وبعد سقوط النظام الصدامي كانت الأم على أمل عودة أبنها مثل بقية ألأمهات والأخوات والزوجات، ولكن نظام البعث قد قام بتصفية السجون موكلا هذه المهمة القذرة لأبنائه المجرمين قصي وعدي، حيث تم تصفية جميع المعتقلين السياسيين في السجون. وهكذا قضى الشاب حسين في سجون النظام الصدامي وكأن أسمه يريد أن يعيد ذكرى العائلة ببطولة عمه الشهيد حسين (صارم). المجد والخلود للشاب الطاهر حسين محمد علي الشبيبي والخزي والعار لنظام البعث الصدامي.
* - للأسف لا تتوفر عندي صورة للشهيد قبل أعتقاله، لذلك أرجو من أشقائه أن يرسلوا آخر صوره أو أية معلومات يمكن أضافتها على أختفائه لنشرها.