لابد أن جلنا أو معظمنا، عايش ومازال يعايش تسلط فرد ما على على الآخرين. لذلك فنحن أمام ظاهرة إجتماعية صعبة، ترتبط بكل ما هو نفسي و داخلي.
التسلط كمفهوم فلسفي عميق، يهدف إلى استخدام القوة في جميع أشكالها من طرف المتسلط ، لإخضاع الأخر و جعله أداة لتلبية رغباته عن طريق فرض السيطرة، الٱمر الذي يؤكد؛ أننا أمام فرد عنيف يلجأ إلى إستخدام القوة كوسيلة لنيل غاياته المختلفة.
بالتالي فهذا المفهوم المتشعب، يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات، منها :
ما هوية المتسلط ؟ ماهي العوامل التي تحدد سلوكه و تصرفاته؟ ، هل التسلط قوة خارجية مبنية على ضعف داخلي؟ هل يعي الشخص المتسلط ما يصدر منه ؟.
كيفما كانت التصرفات التي تصدر منا ككائنات بشرية واعية، فلا بد من وجود ردة فعل من الطرف الآخر، فهي أحد المحددات القوية، التي تجعلنا نحس أننا إقترفنا خطأ ما في حق الأخرين. وهي الشيء الوحيد الذي يعكس صورتنا الحقيقية، فالأخر مرأة الأنا، و كل العلاقات الإجتماعية قائمة على الفعل و ردة الفعل.
الشخصية المتسلطة مغايرة تماما عن ما سبق ذكره، فهي لا تنتظر ردة الفعل إن قامت بفعل ما ولا يهمها ماهية إحساس الأخرين و أرائهم، فالمتسلط يفرض وجوده بالقوة كيفما كانت النتيجة، أما إن توفر على ميزة إجتماعية يسقط كل مخزونه من التسلط على الفئة التي يمتاز عليها بتلك الميزة.
يغزو معظم الأخصائيين النفسيون سبب حب التسلط الى وجود خلل في التربية الأسرية والتنشئة الإجتماعية، فكل ما عاشه الشخص من مشاكل نفسية وضغوطات في صغره تنعكس عليه بصورة سلبية، من حيث فشله في تكوين علاقات إجتماعية ناجحة و إبتعاد الناس عنه نتيجة لتصرفاته الفظة.
إذن ندرك الأن أن النقص الداخلي، الذي يتكون منذ الصغر إثر الإقصاء و التهميش و عدم إعطاء الشخص فرصة للتعبير عن رغباته، أحد أبرز العوامل التي تصنع متسلطا، فكلما أراد تحقيق غاية ما يلجأ إلى الى فرض السيطرة والقوة لأن عقله اللاواعي خزن كل ما مر به يوما من مشاكل نفسية لتصير بعد ذلك مرضا يستعصي التعامل معه دفعة واحدة.
قد يتعجب البعض وربما ينبهر أحد ما من تصرفات المتسلط، و قد يرى أنه شخصية قوية و مثالية قادرة على فعل أي شيء، لكن ما خفي كان أعظم، فلا شيء في الحياة مجاني، المعادلة أبسط مما يكون، قوة خارجية زائدة و دون قيود تساوي ضعفا داخليا حاد.
إن أخدنا على سبيل المثال، طفل تقاطع منخفضة جدا في الإمتحانات، كلما دخل الى البيت يسمع توبيخ الأبوين، حتى هذه النقطة تبدو المسألة عادية، الأبوين لم يحاولوا معرفة سببه تدني نقاطه و إلتجؤوا إلى الصراخ و الشتم الذي يعد عنفا رمزيا، ليتحول بعد ذلك إلى عنف جسدي، منع الطفل من اللعب كعقاب له وكلما حضر للفصل يكمل معلمه ما تركه أبويه، بعد مدة طويلة صار الطفل منعزلا و لن يعد يبكي حتى و إن ضرب بالحديد، و هنا بالذات بدأت تنمو شخصية أخرى بداخله سترد الصاع صاعين, عن طريق صنع قوة خارجية عنوانها العريض "التسلط".
رغم هذا كله فالمتسلط إنسان أيضا، مر من ظروف قاسية، وجب في التعامل معه أخد الحيطة والحذر، وألا تنخرط معه في شيء دفعة واحدة لكي لا يلقي عليك بتسلطه، لكن الإبتعاد عنه سيزيد من عمق فجوة ضعفه الداخلي، فإن إستطعنا تغيير شيء ما بداخله عن طريق معرفته لذاته الحقيقية فربما نصنع فارقا...
بقلم: رضا المتوكل- المغرب/أسفي
التسلط كمفهوم فلسفي عميق، يهدف إلى استخدام القوة في جميع أشكالها من طرف المتسلط ، لإخضاع الأخر و جعله أداة لتلبية رغباته عن طريق فرض السيطرة، الٱمر الذي يؤكد؛ أننا أمام فرد عنيف يلجأ إلى إستخدام القوة كوسيلة لنيل غاياته المختلفة.
بالتالي فهذا المفهوم المتشعب، يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات، منها :
ما هوية المتسلط ؟ ماهي العوامل التي تحدد سلوكه و تصرفاته؟ ، هل التسلط قوة خارجية مبنية على ضعف داخلي؟ هل يعي الشخص المتسلط ما يصدر منه ؟.
كيفما كانت التصرفات التي تصدر منا ككائنات بشرية واعية، فلا بد من وجود ردة فعل من الطرف الآخر، فهي أحد المحددات القوية، التي تجعلنا نحس أننا إقترفنا خطأ ما في حق الأخرين. وهي الشيء الوحيد الذي يعكس صورتنا الحقيقية، فالأخر مرأة الأنا، و كل العلاقات الإجتماعية قائمة على الفعل و ردة الفعل.
الشخصية المتسلطة مغايرة تماما عن ما سبق ذكره، فهي لا تنتظر ردة الفعل إن قامت بفعل ما ولا يهمها ماهية إحساس الأخرين و أرائهم، فالمتسلط يفرض وجوده بالقوة كيفما كانت النتيجة، أما إن توفر على ميزة إجتماعية يسقط كل مخزونه من التسلط على الفئة التي يمتاز عليها بتلك الميزة.
يغزو معظم الأخصائيين النفسيون سبب حب التسلط الى وجود خلل في التربية الأسرية والتنشئة الإجتماعية، فكل ما عاشه الشخص من مشاكل نفسية وضغوطات في صغره تنعكس عليه بصورة سلبية، من حيث فشله في تكوين علاقات إجتماعية ناجحة و إبتعاد الناس عنه نتيجة لتصرفاته الفظة.
إذن ندرك الأن أن النقص الداخلي، الذي يتكون منذ الصغر إثر الإقصاء و التهميش و عدم إعطاء الشخص فرصة للتعبير عن رغباته، أحد أبرز العوامل التي تصنع متسلطا، فكلما أراد تحقيق غاية ما يلجأ إلى الى فرض السيطرة والقوة لأن عقله اللاواعي خزن كل ما مر به يوما من مشاكل نفسية لتصير بعد ذلك مرضا يستعصي التعامل معه دفعة واحدة.
قد يتعجب البعض وربما ينبهر أحد ما من تصرفات المتسلط، و قد يرى أنه شخصية قوية و مثالية قادرة على فعل أي شيء، لكن ما خفي كان أعظم، فلا شيء في الحياة مجاني، المعادلة أبسط مما يكون، قوة خارجية زائدة و دون قيود تساوي ضعفا داخليا حاد.
إن أخدنا على سبيل المثال، طفل تقاطع منخفضة جدا في الإمتحانات، كلما دخل الى البيت يسمع توبيخ الأبوين، حتى هذه النقطة تبدو المسألة عادية، الأبوين لم يحاولوا معرفة سببه تدني نقاطه و إلتجؤوا إلى الصراخ و الشتم الذي يعد عنفا رمزيا، ليتحول بعد ذلك إلى عنف جسدي، منع الطفل من اللعب كعقاب له وكلما حضر للفصل يكمل معلمه ما تركه أبويه، بعد مدة طويلة صار الطفل منعزلا و لن يعد يبكي حتى و إن ضرب بالحديد، و هنا بالذات بدأت تنمو شخصية أخرى بداخله سترد الصاع صاعين, عن طريق صنع قوة خارجية عنوانها العريض "التسلط".
رغم هذا كله فالمتسلط إنسان أيضا، مر من ظروف قاسية، وجب في التعامل معه أخد الحيطة والحذر، وألا تنخرط معه في شيء دفعة واحدة لكي لا يلقي عليك بتسلطه، لكن الإبتعاد عنه سيزيد من عمق فجوة ضعفه الداخلي، فإن إستطعنا تغيير شيء ما بداخله عن طريق معرفته لذاته الحقيقية فربما نصنع فارقا...
بقلم: رضا المتوكل- المغرب/أسفي